سي محمد الحيان

طالب باحث في مركز الدكتوراه بكلية الحقوق بسلا

مقدمة:

إن التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع في الدولة الحديثة أدى إلى تزايد أهمية دور العقار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية باعتباره الأرضية الأساسية للإنشاء أي مشروع تنموي لذلك تعمل الدولة باستمرار إلى تنمية رصيدها العقاري وذلك باعتماد مجموعة من الآليات القانونية على رأسها مسطرة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة إذ تعتبر هذه المسطرة آلية قانونية لحماية حق الملكية المنصوص على حمايته في المواثيق الدولية حيث جاءت المادة 17 من التصريح العالمي لحقوق الإنسان والمواطن الصادر سنة 1789على أن حق الملكية مقدس ولا يمكن أن يحرم أي أحد منه إلا إذا فرضت ذلك قطعاً الضرورة العامة وشرط تعويض عادل و مسبق ، كما نص الدستور المغربي لسنة 2011 في فصله الخامس والثلاثون على أن القانون يضمن “حق الملكية ويمكن الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون ، إذا اقتضت  ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد ولا يمكن نزع الملكية إلا في الحالات ووفق الإجراءات التي ينص عليها القانون …” ويعتبر نزع الملكية عملية إدارية بواسطتها تقوم الإدارة بإلزام أحد الخواص على التخلي عن ملكيته العقارية، التي تكون في حاجة إليها لتحقيق هدف يرتبط بالمصلحة العامة([182]) كما يمكن تعريفها كامتياز يسمح للدولة ،عن طريق مبادرة شخص عام أو خاص استعمال سلطته لكي يتخلى شخص عام أو شخص خاص ، وذلك بهدف تحقيق منفعة عامة ([183]) وتحقيق احترام مجموعة ضمانات ذات طابع إجرائي وموضوعي ([184]) .

وتمتد فكرة نزع الملكية إلى ما قبل الحماية لاسيما من خلال الفصلين 113 و114 من اتفاقية الجزيرة الخضراء ثم تلاه مجموعة من القوانين المنظمة لهذه المسطرة ([185])توجت بالقانون ([186]) رقم 7.89 الصادر بتاريخ 6 مايو 1982 والمرسوم التطبيقي ([187]) له الصادر بتاريخ 16 أبريل 1983 . ويؤدي خروج الإدارة عن تطبيق هذه المسطرة والاستيلاء على ملكية الغير اعتداء مادياً على حق أجمعت جميع المواثيق الدولية والقوانين بمستوياتها المتعدد على ضرورة حفظها وحمايتها.

ويعد القضاء الإداري الحامي الطبيعي لهذا الحق وبالتبعية القضاء الاستعجالي الإداري حيث اكتسب هذا الأخير أهمية كبيرة في العصر الحديث، بعد أن صار اللجوء إليه في كثير من الحالات طلباً للفصل في أحوال طارئة تتطلب اتخاذ تدابير مستعجلة و مؤقتة ريثما يفصل في أصل الحق، إذ يهدف القضاء المستعجل بصفة عامة إلى اتخاذ تدابير عاجلة ووقتية تقتضيها الضرورة لدفع ضرر وشيك أو محتمل الوقوع على حقوق المدعي أو لإزالة تعد حاصل على حقوق أو أوضاع مشروعة ظاهرة له . وقد حتم إنشاء هذا القضاء حاجة الخروج من إتباع الإجراءات العادية في لمحاكمة التي قد تكون طويلة الأمد، ثقيلة الوقع ، بطيئة الحركة مما يجعل الضرر يتفاقم . فإلى أي حد يمكن القول إن القاضي الإداري الاستعجالي يلعب دوراً في حماية الملكية العقارية الخاصة وما هي حدود هذه الحماية؟ لمعالجة هذه الإشكالية سنعتمد تقسيم هذه الدراسة إلى محورين وهما على الشكل التالي:

المبحث الأول: دور القاضي الاستعجالي الإداري في مادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة

المبحث الثاني: اختصاص القاضي الاستعجالي الإداري في رفع الاعتداء المادي

المبحث الأول: دور القاضي الاستعجالي الإداري في مادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة

يستمد القاضي الإداري الاستعجالي تدخله في مجال نزع الملكية من القانون وقد حدد هذا الأخير مجال تدخله وشكل هذا التدخل (المطلب الأول) كما حدد القانون والاجتهاد القضائي الجوانب الإجرائية والمسطرة الإدارية المتبعة في نزع الملكية والخاضعة لرقابة القاضي الإداري الاستعجالي (المطلب الثاني)

المطلب الأول: مجال تدخل القاضي الإداري الاستعجالي

قبل التطرق إلى الإطار المسطري لتدخل القاضي الإداري الاستعجالي (الفرع الثاني) كان لابد من التعرف أولاً عل العقارات والأملاك القابلة للنزع الملكية (الفرع الأول).

الفرع الأول: العقارات محل الحماية القضائية المستعجلة

العقار لغة المنزل والضيعة يقال أيضاً أن العقار هو الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك وعقار البيت ومتاعه ([188]). أما اصطلاحاً فالعقارات إما عقارات بطبيعتها أو عقارات بالتخصيص ([189]) وقد أجمع الفقه أن العقارات القابلة للنزع الملكية هي العقارات بطبيعتها ([190]) إلا أنهم اختلفوا على قابلية العقارات بالتخصيص ([191]) لتكون موضوعاً للنزع الملكية إذ يرى جانب منهم أنه لا يمكن نزع ملكيتها إلا إذا شكلت جزءاً متكاملاً من العقار الأصلي ([192]) وقد أجاز بعض الفقه نزع ملكية العقارات بالتخصيص متى أمكن إزالتها بدون تلف العقار المتصل به ([193]) وذهب الأستاذ مأمون الكزبري إلى أنه يمكن تقرير نزع ملكية العقار بالتخصيص بشرط أن يتم ذكره صارحه وإلا أمكن لمالكها فصلها عن العقار الذي ترتبط به والاحتفاظ بها ([194]) كما يرى الأستاذ أحمد أجعون أن هذه العقارات هي في الأصل منقولات رصدت لخدمة العقار وبالتالي لا يشملها نزع الملكية إلا إذا تعلق الأمر بأشياء ملتصقة بصفة أبدية وتمثل جزءاً من العقار وتعتبر تابعة له وتبقى سلطة الفصل للقضاء في كل حالة على حدة ([195])  . وقد نص الفصل الأول من قانون نزع الملكية أن نزع الملكية تنصب على العقارات والحقوق العينية ([196])  الأصيلة ([197]) كحق الانتفاع أو السطحية والحقوق المستمدة من الفقه الإسلامي أما الحقوق العينية التبعية ([198]) فلا يمكن نزع ملكيتها  إلا مع العقار المترتبة عليه ولا يجوز نزع ملكية المباني ذات الصبغة الدينية المعدة لإقامة مختلف الشعائر وكذا المقابر ([199]) والعقارات التابعة للملك العام والمنشآت العسكرية ([200]) . ويمكن نزع بالإضافة إلى العقارات اللازمة لإنجاز المنشآت أو العمليات المعلن أنها ذات منفعة عامة على الجزء الباقي من هذه العقارات وعلى العقارات المجاورة لها إذا تبين أن نزع ملكيتها ضروري لتحقيق هدف المنفعة العامة المنشود أو إذا كان إنجاز الأشغال يؤدي إلى زيادة ملحوظة في قيمة العقارات المذكورة ([201]) وتجدر الإشارة أن دعاوي الفسخ أو الاستحقاق وجميع الدعاوي العينية الأخرى لا يمكن لها أن توقف نزع الملكية أو تحول دون إنتاج آثاره . وتحول حقوق المطالبين إلى حقوق في التعويض ويبقى العقار خالصاً منه ([202]).

الفرع الثاني: دعوى الإذن بالحيازة

تعد هذه الدعوى الإطار المسطري لتدخل القاضي الإداري الاستعجالي في مادة نزع الملكية وتتميز عن باقي الدعاوي الإدارية الاستعجالية كونها أولاً تكون فيها الإدارة هي المدعية والمنزوع ملكيته هو المدعي عليه وهذا على خلاف القاعدة العامة المقررة أمام القضاء الإداري الاستعجالي ([203]) .

وهذا ما أكده قرار للمحكمة الإدارية الاستئنافية بمراكش والذي جاء فيه وحيث لئن كان المكتب الوطني للكهرباء يتكفل بالمصلحة العمومية ….. لا يخول له حق اللجوء إلى المحكمة الإدارية في شخص رئيسها للمطالبة بوضع حل لعرقلة مرور الخط الذي يعتزم إقامته مادام أن الإجراء المطلوب القيام به يهم أشخاصاً ذاتيين وهو ما يخرج عن اختصاص المحكمة المذكورة كما هو محدد بموجب المادة 8 من ق 41/90 المحدث لها وبالتبعية عن اختصاص رئيسها وذلك في ظل غياب أي نص قانوني خاص يجيز له ذلك وهو ما ذهب إليه المجلس الأعلى – الغرفة الإدارية-في القرار عدد 496 بتاريخ 5/5/2004 ملف إداري عدد 848-4-1-2004 ([204]) .

كما أن خصوصية دعوى الإذن بالحيازة تتجلى في تميز قواعدها الشكلية والموضوعية عن الدعوى الاستعجالية الأخرى إذ يشترط القانون في المنازعات الإدارية الاستعجالية توفر شروط موضوعية وأخرى شكلية. إلا أن دعوى  الحيازة تستغني عن بعض هذه الشروط بحكم القانون فهي لا تشترط توفر عنصر الاستعجال لقيام اختصاص قاضي المستعجلات فهي دعوى استعجالية بحكم القانون إذ يكون القاضي في حالتها في غنى عن البحث عن عنصر الاستعجال  ([205]) . فاختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالنظر في هذه الدعوى يكون بمقتضى نص صريح في القانون حيث نصت المادة 19 من قانون نزع الملكية على أنه يختص قاضي المستعجلات وحده للإذن بواسطة أمر في الحيازة مقابل دفع أو إيداع تعويض احتياطي…. وعليه لا يمكن للأشخاص المنزوعة ملكيتهم التمسك بانتفاء هذا العنصر وانعدامه ([206]) .

وأنه لا يمكن مطالبة نازع الملكية بإثباته ولا للمدعي عليه الحق في التمسك بانعدامه ([207]) فالمشرع جرد قاضي المستعجلات من سلطته التقديرية في إقرار عنصر الاستعجال كما هو الحال في الدعوى الاستعجالية الأخرى . وألزمه بقبول الدعوى والإذن بالحيازة إلا في حالة بطلان المسطرة.

ويرى بعض الفقه ([208]) أن الحكمة وراء تقرير هذا الاستثناء يكمن في أن هذه القضايا تتميز باستعجال واضح وبين حيث لا يمكن للإدارة نازعة الملكية أن تنتظر الحكم القاضي بنقل الملكية للبدء في الأشغال التي تقررت من أجلها مسطرة نزع الملكية خاصة وأن بعض المشاريع تتميز بأهمية قصوى كبناء المستشفيات والمدارس وبعض السدود وطرق لفك العزلة عن بعض القرى والمداشر.

وقد تطرق المشرع الجزائري من خلال قانون رقم 91/11 المؤرخ في 27 أبريل 1991 المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة من المادة 28 منه ” أن السلطة الإدارية المخولة أن تطلب عند الضرورة من الجهة القضائية المختصة الإشهاد باستلام الأموال. ويصدر القرار القضائي حينئذ إجراء استعجاليا” ولا يقتصر دور القاضي الإداري الاستعجالي على مجرد الإشهاد للإدارة بحيازتها أو وضع يدها على الأموال المنزوعة للمنفعة العامة، بل هو الذي يرخص لها ذلك لكونه يتمتع بسلطة تقديرية لفحص حالة الضرورة من عدمه ([209]) .

والملاحظ أن النص العربي للمادة 28 من القانون الجزائري تتحدث عن الإشهاد في حين يتحدث النص الفرنسي للمادة نفسها عن الترخيص بالدخول في الحيازة للأموال. وهو الأقرب إلى الصواب حيث أن دور القاضي الإداري ليس مجرد الإشهاد للإدارة بحيازة بل هو الذي يرخص لها بذلك لكونه يتمتع بسلطة تقديرية لفحص مدى وجود حالة الضرورة من عدمه فالقاضي يبقى مؤهلاً لإصدار قرار بعد التحقق من مقتضيات الضرورة وبإمكانه ان يرفض ترخيص الإدارة إلى وضع اليد الفوري حتى يفصل النزاع إن وجهت له دعوى من طرف المالك المعني بمسألة تحديد مبلغ التعويض ([210]) . وهذا على خلاف المشرع المغربي حيث لا يملك القاضي الاستعجالي في إطار الأذن بالحيازة رفض الطلب إلا عند بطلان المسطرة أما مسألة التعويض وتحديده فهي تقام بدعوى مستقلة تدخل في اختصاص القضاء الموضوعي. أما المشرع المصري فلم يتطرق لهذا النوع من الدعوى. إذ تقوم الإدارة نازعة للملكية دون الحاجة إلى استصدار أمر استعجالي لكن القانون المصري اعتمد بدوره دعوى التعويض ([211]).

وإذا كان المشرع المغربي قد ميز دعوى الحيازة واعتبرها دعوى استعجاليه حكما فهل جاء بالجديد بخصوص شرط عدم المساس بالجوهر الذي يعتبر بدوره شرطاً أساسياً للقيام اختصاص القضاء الاستعجالي.

لقد اختلف الفقه في هذا الشأن حيث اعتبر فريق منه أن دعوى الإذن بالحيازة كباقي الدعوى الاستعجالية لا يحق للقاضي أن يمس بالجوهر وذلك راجع لغياب مجموعة من الضمانات عن المسطرة الاستعجالية ولطابع السرعة الذي يميز هذه المنازعات عموماً ([212]) . أما الاتجاه الأخر فيرى أن القضاء الاستعجالي في مادة نزع الملكية يدخل إطار القضاء الاستعجالي الموضوعي نسبة إلى أن القاضي يبت ولو تعلق الأمر بموضوع الحق ([213]) . ونحن نتفق مع هذا الرأي إذا أن شرط عدم مساس بجوهر الحق المدعي فيه متوافر في هاته الدعوى على الاعتبار أن قاضي المستعجلات يبت في الحيازة وليس في نقل الملكية إلا أن الإذن بالحيازة يعتبر في الحقيقة الأمر إجراء لنقل الملكية فبمجرد صدور الحكم الاستعجالي في دعوى الحيازي بفقد الملاك الأرض نهائياً إذ لا يحق لهم حتى الطعن في هذا الحكم كما سنرى لاحقا بتالي فقد مس هذا الحكم بحقهم في تملك العقار موضوع النزع وهذا دليل على مساس هذا الأمر الاستعجالي بأصل الحق وقد دهب الأستاذان محمد الأعرج وسمير أحيذار إلى القول أن ” قاضي المستعجلات لا يأمر بإجراء وقتي يمكن العدول عنه ، وإنما في الحقيقة هو قاضي الموضوع ينظر على وجه السرعة في طلب موضوعي هو نقل الحيازة عقار إلى من لم يسبق له أن كان حائز له. ([214]

وإذا كان تميز دعوى الإذن بالحيازة عن باقي الدعوى الاستعجالية الأخرى واضح على مستوى الشروط الموضوعية فإن تميزها يظهر كذلك على مستوى بعض الشروط الشكلية. فرقابة قاضي المستعجلات لا تحتمل التعقب أو الاستدراك باللجوء إلى طرق الطعن العادية فدعوى الإذن بالحيازة غير قابلة للاستئناف ولا للتعرض وهذا ما نصت عليه الفقرة 2 من الفصل 31 من قانون نزع الملكية كما أنها غير قابلة للطعن بالطرق غير العادية كإعادة النظر أو التعرض الخارج عن الخصومة التي سلم القضاء بقبولها في أحكام القضاء الاستعجالي ([215]) .

ومن الاستثناءات المميزة لدعوى الإذن بالحيازة ما نصت عليه الفقرة 3 من الفصل 18 من قانون نزع الملكية والذي جاء فيها “استثناءاً من أحكام الفصل 32 من ق م م تقبل الطلبات ولو لم ينص فيها على أحد البيانات المقررة في الفصل السابق إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء بها “. وقد ورد في حيثيات أمر استعجالي صادر عن المحكمة الابتدائية بالرباط ما يؤكد ذلك حيث جاء فيه ” إن ما تدرع به أحد المدعي عليهم من أن المقال غير مقبول شكلاً دفع مردود لأن فصل 18 إذ يبيح للدولة عدم التقيد بمقتضيات الفصل 32 من م.م ” ([216])  وهذا ما أكدته كذلك نفس المحكمة في إحدى أحكامها الاستعجالية بخصوص الدفع المتعلق بعدم التنصيص المدعي في المقال على مهن الأطراف وأهليتهم حيث أجابت أن ” البيانات الأخرى الناقصة فإن الفقرة الثالثة من الفصل 18 من قانون نزع الملكية تسمح بقبول طلبات نزع الملكية سواء تعلق الأمر بطلب الحيازة أو بنقل الملكية  ولو لم ينص فيها على أحد البيانات المقررة في الفصل المذكور إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء بها ” ([217]) هذا الإجراء أصبح يعفى نازع الملكية من إصلاح مسطرة نزع الملكية وذلك من  اجل إدخال البيانات الخاصة بالملاك الجدد للعقار إذا تعذر عليه معرفة ذلك وإجراء كذلك مكن الإدارة من ربح الوقت والجهد والإسراع في إنجاز الأشغال وتبسيط المسطرة ([218]) وذلك من أجل المصلحة العامة. ويرى بعض الفقه أن خضوع دعوى الحيازة إلى قانون نزع الملكية الذي تختلط فيه قواعد الموضوع بقواعد الشكل وخضوعها كذلك للقانون المحدث للمحاكم الإدارية الذي يعتبر قانوناً شكلياً يضفي على هذا النوع من الدعوى طبيعة خاصة ومتميزة ([219]).

المطلب الثاني: مراقبة القضاء الاستعجالي للمسطرة الإدارية وحدود اختصاصه

الفرع الأول: دور القاضي الاستعجالي في مراقبة المسطرة الإدارية

تعتبر مراقبة القاضي الاستعجالي للمسطرة الإدارية من أهم مظاهر الحماية المؤقت لحق الملكية التي أقرها القانون وتبدأ هذه الرقابة بالتأكد من تقديم الطلب داخل الأجل القانوني. فالإدارة ملزمة بأن تقديم طلب نقل الملكية خلال أجل السنتين من تاريخ نشر مقرر التخلي بالجريدة الرسمية وفي الحالة عدم احترام هذا المقتضى فلا يمكن للقاضي الإداري الاستعجالي الحكم بالحيازة إلا بموجب إعلان جديد للمنفعية العامة وقد اعتبرت المحكمة الإدارية بالرباط هذا المقتضى سبباً لسقوط حق نقل الملكية. إذا جاء في أحد أحكامها أن مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 17 من ق ن.م تشترط صراحة لأجل نقل الملكية بإيداع المقال من طرف نازع الملكية داخل أجل السنتين ابتداء من تاريخ نشر المقرر بالجريدة الرسمية وأنه بالرجوع إلى أوراق الملف يتبين أن مقال المدعي مسجل بتاريخ 29 نونبر 1994 في حين أن المرسوم رقم 2-90-541 المتعلق بإعلان المنفعة العامة صادر في 29 نونبر 1990 أي خارج أجل السنتين المنصوص عليها قانوناً وبما أن آجال تنفيذ الدعوى تعتبر من النظام العام وبالتالي فإن المحكمة تعمل على مراقبتها تلقائياً لذا يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً ([220]) وفي حكم آخر جاء فيه ” عدم تقديم دعوى نقل الملكية داخل أجل سنتين من تاريخ نشر المرسوم وفق الكيفية المحددة أعلاه . يجعل الطلب غير مؤسس وبالتالي غير مقبول ([221]) إلا انه في بعض الحالات الخاصة والتي يكتفي فيها بالتبليغ فيتم احتساب هذا الأجل ابتداء من تاريخ التبليغ ([222]) .

وإذا كان يعتبر الخوض في جوهر النزع ممنوع على القاضي الاستعجالي فإن المشرع أعطى للقاضي الاستعجالي الاختصاص بمراقبة الإجراءات الجوهرية المسطرية والسهر على عدم التهاون أو تغافل الإدارة عن القيام بها. حيث تطرقت المادة 24 من قانون نزع الملكية أنه ” لا يجوز لقاضي المستعجلات رفض الإذن في ذلك إلا بسبب بطلان المسطرة ” وتتجسد صحة المسطرة في توفر الملف على الوثائق التالية:

  • وصل إيداع مبلغ احتياطي يعادل قيمة التعويض الذي اقترحته اللجنة الإدارية مع صورة من محضر اللجنة.
  • نسخة من الجريدة الرسمية التي تم بها المرسوم القاضي بإعلان المنفعة العامة وصورة لإعلان نفس المرسوم بإحدى الجرائد الوطنية المتخصصة في الإعلانات القانونية، وصورة التصميم التجزيئي للعقارات المستهدفة بالنزاع ([223]).
  • شهادة من المحافظ على الأملاك العقارية تتضمن قائمة أصحاب الحقوق العينية المثقلة للعقار المستهدف بالنزع إذا كان محفظاً ([224]).
  • شهادة من المحافظ على الأملاك العقارية بتقييد مشروع مقرر التخلي بالرسم أو بالرسوم العقارية العنيه بنزع الملكية. أو بتقييده بسجل التعرضات مع الإفادة عند الاقتضاء عن أسماء المتعرضين ونوع الحقوق المتعرض بشأنها بالنسبة للعقارات الموجودة في طور التحفيظ ([225]) .
  • شهادة من المحكمة الإدارية المختصة بتقييد مشرع النزع بالسجل المنصوص عليه في الفصل 455 من ق.م .م بالنسبة للعقارات التي لم يتم تحفيظها أو وضعها في طور التحفيظ.
  • شهادة مسلمة من إدارة الجماعة المحلية تثبت إشهار مشروع نزع الملكية عن طريق وضعه رهن إشارة العموم مرفقاً بالتصميم التجزيئي طيلة مدة شهرين ([226]) .
  • سجل التصريحات والملاحظات والتعرضات المحتملة المعبر عنها فترة الإشهار.

  وبالتالي فإن رقابة قاضي المستعجلات رهينة بمدى توفر طلب الإذن بالحيازة على الوثائق المشار إليها سابقاً فهذه الرقابة كما يرى الباحثين ” تقتصر على التأكد من المطابقة بين الإجراءات الإدارية ومعيارها القانوني ” وتعتبر هذه الرقابة من النظام العام أي أنها رقابة تلقائي ([227]) يمارسها قاضي المستعجلات وإذ لم يثرها أصحاب المصلحة .

في حين يرى فريق آخر من الفقه أن هذه المراقبة تنصب بالأساس على عدم احترام الفصول المتعلقة بالإعلان والنشر والإيداع والبحث ([228]) من طرف الأشخاص المذكورين في الفصل 3 إذ أن أهم ما أتى به قانون نزع الملكية هو إلغاء التبليغ إلى الملاك وذوي الحقوق العينية كما كان معمولاً به في القوانين السابقة وحرصاً من المشرع على تعويض هذا الفراغ فأنه أحاط عملية نزع الملكية بإشهار واسع النطاق حيث عدد إجراءات النشر والتعليق وذلك لخلق نوع من التوازن بين متطلبات السرعة وضرورة الحفاظ على حقوق الملاك وقد نصت الماد 8 على وجوب نشر المقرر المذكور بكامله في الجريدة الرسمية النشرة العامة كما يجب نشر نفس المقرر في جريدة وطنية أو أكثر مأذون لها بنشر الإعلانات القانونية كما أكدت المادة 8 من ق.ن.م على تعليق النص كامل بمكاتب الجماعة التي تقع فيها المنطقة المقرر نزع ملكيتها كما أعطى القانون إمكانية اللجوء إلى وسائل الإشهار الأخرى كالمناداة في الأسواق مراعاة للمستوى الثقافي والاجتماعي لبعض الملاك.  

كما تكون المسطرة باطلة إذا لم يصدر مقرراً إدارياً بتعيين المنطقة التي يمكن نزع ملكيتها أو صدر ولم يتخذ بشأنه تدابير الإشهار المنصوص عليها في الفصول 8-9-10-11- 12 ([229]) .

وهذا ما أكدته بعض الاجتهادات القضائية حيث أن ” المقصود ببطلان المسطرة حسب الفصل 24 من قانون نزع الملكية هو تخلف إحدى الإجراءات المنصوص عليها في فصل 8 وما يليه من ذات القانون ” ([230]) إلا أن الملاحظ أن قاضي المستعجلات الإداري يبسط رقابته على مدى احترام إجراءات أخرى غير مسطرة النشر والتبليغ إذ جاء في إحدى اجتهاداته” حيث إنه بموجب الفصل 7 من القانون 81-7 يمكن للمقرر المعلن المنفعة العامة أن يحدد مباشرة الأملاك التي يشملها نزع الملكية . وفي هاته الحالة لا داعي لإصدار مقرر بالتخلي بالجريدة الرسمية أو تبليغه طبقاً للفصل 9 من القانون أعلاه .

وحيث تبين من دراسة أوراق الملف أن المرسوم القاضي بإعلان المنفعة العامة أعلاه عين مباشرة الأملاك التي تم نزع ملكيتها، فلم يكن بالتالي مجال لإصدار مقرر بالتخلي في هاته الحالة طبقاً لمقتضيات الفصول 7 و9 و 17 من القانون 81-7 أعلاه وهذا ما استقر عليه قضاء المجلس الأعلى في قراره عدد 28 بتاريخ 13/1/2000 بالملف الإداري 908 /61 قضية الدهالي ضد المكتب الوطني للماء الصالح للشرب ([231]) إلا أن هذه الرقابة وعلى أهميتها تبقى جد محدودة . فما هي إذن مظاهر هذه المحدودية ؟

الفرع الثاني: حدود اختصاص القاضي الإداري الاستعجالي في مراقبة مسطرة نزع الملكية

تظهر محدودية تدخل القاضي المستعجلات في الإجابة عن التساؤل التالي، هل تقتصر مراقبته على الإجراءات المسطرية أم تمتد إلى غيرها كمراقبة الأموال القابلة للنزع أو الأشخاص المخول لهم حق النزع أو مراقبة شرط المنفعة العامة؟

لقد أجابت المحكمة الإدارية في بالرباط عن هذا التساؤلات من خلال أحد أحكامها حيث جاء فيه ” وحيث أنه استناداً لأحكام المادة 24 من القانون رقم 81/7 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة فإن قاضي المستعجلات يمكن له الإذن في الحيازة لنازع الملكية متى تبين له بأن المسطرة المنصوص عليها في فصول 8،9،10،12 من القانون أعلاه قد تمت بصورة صحيحة وحيث أنه وبعد الاطلاع على الوثائق المعززة للطلب تبين لنا أن المدعية قد سلكت جميع الإجراءات الإدارية المنصوص عليها في الفصول المشار إليها أعلاه والمتمثلة في التعليق والإيداع والنشر وباقي الإجراءات الأخرى وحيث إن قاضي المستعجلات تحدد مهمته في إصدار الأذن بالحيازة ولا يمكنه أن يتطرق لمسألة البحث حول مالك العقار المراد نزع ملكيته بعد إثارة هذه النقطة من طرف الأطراف المدعي عليهم في نازلة الحال وإن ذلك يعود إلى اختصاص قاضي الموضوع …..” ([232])

ومن خلال مقتضيات هذا الحكم يتضح لنا محدودية دور قاضي المستعجلات في مجال نزع الملكية حيث يقتصر دوره على مراقبة الإجراءات المسطرية لنزع الملكية ([233]) فالقاضي الاستعجالي لا تمتد رقابته على الأسباب القانونية التي تحدد الحقوق والالتزامات الأطراف حيث يبحث في ظاهر مستندات الدعوى بحثاً عرضياً وسطحياً وبالقدر الذي يوصله إلى الإجراء الوقائي المرغوب فيه ودون أن يخوض في أصل الحق الذي يتركه سليماً ليفصل فيه قاضي الموضوع ([234]) .

ومن مظاهر محدودية مراقبة القاضي الإداري الاستعجالي لمسطرة نزع الملكية عدم اختصاصه في رقابة شرط المنفعة العامة من خلال مراقبة الموازنة بين منافعها وأضرارها إذ يرى بعض الفقه أنه “لا يمكن قانوناً اعتبار عملية نزع الملكية محققة للمنفعة العامة إلا إذا كانت الأضرار التي تلحق الملكية الخاصة من جرائها وما تتطلبه من تكاليف مالية وكذلك ما يحتمل أن ينتج عنها من مضار اجتماعية لا تتجاوز بشكل مبالغ فيه المزايا والمنافع التي يمكن أن تترتب عليها ([235]) .

وإذا كان الاجتهاد القضائي أقر سابقاً أحقية تدخل قاضي الموضوع في مراقبة الموازنة بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة من خلال ما أبدعه مجلس الدولة الفرنسي في القضية الشهيرة ( المدنية الشرقية الجديدة) بتاريخ 28 مايو 1971 حيث أتى  بقاعدة “أن أي مشروع لا يمكن الاعتراف له قانون بتوافر شرط المنفعة العامة إلا إذا كانت الأضرار التي يلحقها بمنفعة عامة أخرى ليست باهظة بالنظر باهظة بالنظر إلى المنفعة التي تحققها ([236]) وقد دهب المجلس الأعلى المغربي في نفس الاتجاه وتبنى نظرية الموازنة في قضايا نزع الملكية من خلال قراره في القضية الشركة العقارية ميموزة ا والذي جاء فيه ” إذا كانت الإدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص المنفعة العامة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية ، فإن ذلك لا يمنع القضاء الإداري من مراقبة مضمون أغراض المنفعة العامة المذكورة وما إذا كان المنزوع ملكيته كما هو الحال في النازلة يسعى إلى تحقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة لإنجاز هذا المشروع مما يعني أن الإدارة التي رخصت للطاعنة لتحقيق هذا المشروع وتركتها تحقق جزءاً منه وتنفق مبالغ مالية هامة لا يمكنها أن تسعى  إلى نزع هذه الملكية المنفعة العامة لتحقيق نفس الأغراض وإلا فأنها تكون مشتطة في استعمال سلطتها إن المنفعة العامة التي تتدرع بها الإدارة لإصدار المرسوم المطعون فيه تحققت بالفعل غير أن المشروع الذي أنجزت الطاعنة طرفاً مهما منه باعتراف الإدارة وبموافقتها الواضحة والصريحة مما يجب إلغاء المقرر المطعون فيه ([237]) .

وإذا كان القاضي الإداري الموضوعي تمكن من فرض رقابته على شرط المنفعة العامة فإن القاضي الإداري الاستعجالي مقيد بمجوعة من القيود تحول بينه وبين فرض هذه الرقابة ومنها أن شرط المنفعة العامة يأتي في شكل قرار إداري وبالتالي فإن الطعن فيه هو من اختصاص قاضي الإلغاء. أما القيد الثاني فهو نابع من طبيعة القضاء الاستعجالي نفسه إذ يفرض القانون لتدخل القاضي الاستعجالي عدم مساسه بجوهر الحق ويعتبر الخوض في شرط المنفعة العامة تدخل في محل قرار إداري وبالتالي تدخل في جوهر الحق.

إلا أن تدخل القاضي الاستعجالي يبقى في صالح أطراف الدعوى فالإدارة لا تنتظر الحكم القضائي لتنتقل إليها الملكية والتي غالباً يتطلب هذا الحكم وقت كثيراً مما قد يعرقل عمل الإدارات العمومية وبالتالي المصلحة العامة ونفس الوقت فهو في صالح المنزوع ملكيته إذ على أقل فهو يستفيد من المبلغ التعويض المؤقت في انتظار الحكم له بالتعويض النهائي ([238]) .

المبحث الثاني: دور القاضي الاستعجالي الإداري في رفع الاعتداء المادي:

إن الحديث عن مضمون سلطات القاضي الإداري الاستعجالي في رفع الاعتداء المادي (المطلب الثاني) يستلزم منا التعرف على محدداته وأشكاله أولاً (المطلب الأول).

المطلب الأول: محددات الاعتداء المادي

سنتطرق في هذا المطلب إلى مفهوم الاعتداء المادي عند الفقه والاجتهاد القضائي (الفرع الأول) كما سنتطرق إلى طبيعة الأعمال المادية التي تشكل فعل التعدي (الفرع الثاني).

الفرع الأول: مفهوم الاعتداء المادي

يعد الفقيه “لافيير” أول من وضح فكرة الاعتداء المادي ووضع تعريفاً له وذلك في تقريره الذي قدمه كمفوض للحكومة إلى محكمة التنازع في قضية Leu Monnier بتاريخ 5/5/1878 . حيث ربط الاعتداء المادي بفكرة اغتصاب السلطة، فدهب في هذا التقرير إلى أن الخطأ الفاحش، والاغتصاب الواضح، والاعتداء غير مبرر على الحقوق الخاصة بجرد القرار من صفته الإدارية ويصبح مجرد عمل من الأعمال الاعتداء المادي وانتهى في تقريره إلى تعريف الاعتداء المادي بأنه خروج الإدارة عن سلطتها وعن اختصاصاتها

“il ya voie de fait au cas ou l’administration sortait non seulement de ses propres attributions mais des attribution meme de l’autorite administrative “([239])

الاعتداء المادي هو ذلك الصنف من الأعمال التي تخرج من خلاله الإدارة عن إطار مبدأ الشرعية بشكل سافر مما يجعله منقطع الصلة بأي نص تشريعي أو تنظيمي ([240])

ويتحقق الاعتداء المادي في مجال حق الملكية عند قيام الإدارة بتصرف يمس حرية التملك دون أن يكون لها بأي شكل من الأشكال صلة بالممارسة المشروعة للامتيازات القانونية الممنوحة لها كسلطة إدارية ([241]) .

كما عرف بعض الفقه “الاعتداء المادي” بأنه ارتكاب الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي عدم مشروعية جسيم ظاهر من شأنه أن يتضمن اعتداء على حق الملكية أو مساساً بحرية من الحريات العامة ([242]) ” . وانطلاقاً من هذا التعريف يتضح لنا أن الاعتداء المادي عنصران أساسيان : العنصر الأول يتمثل في التنفيذ المادي بمعنى أنه يجب أن يكون هناك عمل تنفيذي مادي مباشر يرى القاضي أنه يكفي أن يكون تهديداً لحق الملكية .

كالقيام بعملية بناء أو إقامة سياج أو هدم محل أو اقتحامه بالقوة بدون الاستناد في ذلك إلى القانون وقد استقر الاجتهاد القضائي في تعريف الاعتداء المادي حول فكرة مفادها أنه خرق فادح لحق الملكية ترتكبه الإدارة ضدا على كل الضمانات الأساسية التي نص عليها القانون ([243]) وقد اعتبر المجلس الأعلى ” احتلال الإدارة لملك الغير قبل أن تتخذ القرار بالاحتلال المؤقت هو عمل يكتسي صبغة اعتداء وقت إنجازه ” ([244])

وقد استقر القضاء الإداري على تحديد مفهوم الاعتداء المادي على أنه كل نشاط يستعص إدخاله ضمن ممارسة السلطة الإدارية ([245]) ، عرفته المحكمة الإدارية بالرباط بقولها “إن الإدارة حينما تقوم بارتكاب الاعتداء سواء في صورة قرار إداري صارخ في عدم مشروعيته أو في تنفيذ عمل مشروع الذي يصبح بعد هذا التنفيذ قراراً معدوماً – كما في نازلة الحال – فإنها تكو في الحالتين معاً قد ارتكبت اعتداء مادياً خرجها عن مبدأ الشرعية ويجرد عملها من صفته الإدارية ، وحيث إذا حصل أن الإدارة أثناء مباشرتها لوظائفها الإدارية خرجت عن الحدود المقررة لها في القانون خروجاً بشكل اعتداء صارخاً وجسيماً على مبدأ الشرعية فإن العمل الإداري يفقد في هذه الحالة طبيعته الإدارية وتنقطع الصلة بينه وبين القانون ويصبح مجرد عمل مادي يشبه عمل الأفراد العاديين ([246]) “.

الفرع الثاني: طبيعة الأعمال الإدارية التي تشكل فعل التعدي

انطلاقاً مما سبق يتضح لنا أن الاعتداء المادي يتأسس على عنصران أساسيان:

العنصر الأول يتمثل في التنفيذ المادي بمعنى أنه يجب أن يكون هناك عمل تنفيذي مادي مباشر يرى القاضي أنه يكفي أن يكون تهديداً لحق الملكية ، كالقيام بعملية بناء أو إقامة سياج أو هدم محل أو اقتحامه بالقوة بدون الاستناد في ذلك إلى القانون .

إلا أن بعض الفقه يرى” أن الأساس القانوني للغصب و الاعتداء ليس العمل المادي التنفيذي الذي تقوم به الإدارة على العقار المستولى عليه لأن ذلك إنما هو مظهر واقعي خارجي له فقط ، وإنما أساسه اعتماد الإدارة في القيام به على قرار إداري معدوم مادامت مرجعية هذا القرار لا تستند على أي مقتضى قانوني” ([247]) بحيث تستند الإدارة في هذه الحالة إلى قرار أصدرته من أجل الاستيلاء على ملكية خاصة بدون أن يكون بهذا القرار أي سند قانوني ، فهو معدوم لأنه ينطوي على مخالفة صارخة لمبدأ المشروعية وبالتالي لا يمكن أن يرتب أي أثر قانوني ([248])  

أما العنصر الثاني يتجلى في عدم مشروعية جسيم وظاهر للعمل الإدارة وهذا يعني أن عدم مشروعية بسيط لا يكون في حد ذاته اعتداء ماديا بل يشترط أن يكون هناك عدم مشروعية جسيم ([249]) . كما عرفه بعض الفقه أنه تصرف يصدر عن الإدارة أثناء قيامها بنشاط مادي تنفيذي يتسم بعدم المشروعية الجسيم والظاهر لاعتدائه على حق الملكية الخاص أو مساسه بحرية من الحريات العامة المصونة بالدستور فالاعتداء المادي هو كل عمل لا صلة له مطلقاً بتطبيق نص قانوني أو تنظيمي أو حتى بإحدى الصلاحيات المسندة للإدارة فهو العمل الذي لا يمكن اعتباره عملاً ذي طبيعة إدارية يمكن إدراجه ضمن ممارسة السلطة الإدارية.

وتجدر الإشارة أن الاعتداء المادي قد تنصب على حق الملكية لذاته كما أنه قد ينصب على حق من الحقوق العينية والارتفاقات الأخرى التي هي في خدمة العقار كما هو الشأن بالنسبة للأشغال التي تقوم بها الإدارة خارج العقار .

ويأخذ الاعتداء المادي عدة أشكال منها إقامة إدارات عمومية أو بناء مدارس فوق ملك الخواص دون موافقتهم ([250]) أو بناء مشاريع سكنية اجتماعية ([251]) أو تمرير ومد الأسلاك الكهربائية عالية التوتر أو مد قنوات الصرف الصحي أو تشييد مستشفيات أو مساكن وظيفية ([252]) كما نجد بعض الجماعات الترابية تقوم بالاستيلاء على عقارات الخواص لاستعمالها كأسواق أسبوعية أو مستودعات للسيارات  أو المحجوزات …

المطلب الثاني : مضمون سلطات القضاء الاستعجالي في دعوى الاعتداء المادي

إن الحديث عن مضمون سلطات القاضي الإداري الاستعجالي في رفع الاعتداء المادي (الفرع الثاني ) يستدعي منا الحديث أولاً عن الإطار القانوني لاختصاصه في هذا المجال (الفرع الثاني)

الفرع الأول : تأسيس الاختصاص للقضاء الإداري الاستعجالي في رفع الاعتداء المادي

يعتبر القضاء الإداري هو الحامي الطبيعي لحق الملكية من الاعتداء المادي للإدارة عليه رغم أنه عرف في بداية أحداث المحاكم الإدارية ([253]) اضطراباً من حيث إسناد الاختصاص إليه في هذا النوع من القضايا متأثراً في ذلك على ما يبدو بالاجتهاد القضائي الفرنسي ([254]) إذ يعتبر هذا الأخير أن المحاكم العادية هي المختصة بنظر الدعاوى الناتجة عن الاعتداء المادي مستند في ذلك إلى التبريرات التالية :

  • كون المحاكم العادية هي الحامي الطبيعي للملكية الخاصة
  • كون القاضي العادي يملك سلطة قوية واستثنائية لا يملكها القاضي العادي للوقاية من الاعتداء المادي أو إيقافه
  • كون الاعتداء المادي وطبيعته والشكل الذي صدر عليه أو الطريقة التي نفذ بها هو الذي انزل الإدارة منزلة الأفراد العاديين وافقدها ميزة التقاضي أمام القضاء العادي ([255]).

وقد سار المجلس الأعلى في نفس الاتجاه إذ كان يعتبر هذه القضايا من اختصاص المحاكم العادية حيث كان يعلل موقفه بكون الفصل 8 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية قد عدد اختصاص المحاكم الإدارية عل سبيل الحصر ولم يمنحها الولاية للبت في جميع المنازعات الإدارية وانه لم يرد فيه على أن المحاكم مختصة في إزالة التعدي الناتج عن أعمال ونشاطات الإدارة وما دام الأمر كذلك فإن أي موضوع  لم يتم التنصيص عليه في تلك المادة فهو يعود لاختصاص القاضي العادي ([256]) . وقد انقسمت المحاكم الإدارية في البداية بين مؤيد لهذا الاتجاه مبررين أن ما ورد في المادة 8 من القانون 4/90 جاء على سبيل الحصر ولا يمكن تجاوزه ([257]) وقد أسس هذا الاتجاه موقفه على اعتبار أن المادة 19 من قانون رقم 41/ 90 التي تؤسس اختصاص رئيس المحكمة الإدارية بصفته قاضي المستعجلات لم تشر صراحة إلى اختصاصه لوقف أعمال التعدي ([258]) الصادرة عن الإدارة نظر للطبيعة الخاصة بحالة الاعتداء المادي التي تتخلى فيه الإدارة عن امتيازاتها وتنزل منزلة الخواص وبالتالي فإن رئيس المحكمة الابتدائية هو المختص لوقف أعمال التعدي ويرى الأستاذ مصطفى التراب أن تبني هذا الموقف يرجع إلى تأثر القضاء المغربي بالقضاء الفرنسي والذي يعتبر القاضي العادي هو الحامي الطبيعي لحق الملكية وهو مبرر خاص بفرنسا وبماضيها التاريخي ([259]) وبما أن المغرب لم يعرف مثل هذه المعطيات التاريخية فإنه ليس هناك ما يدعو قانوناً وواقعاً إلى التشبث بهذا الموقف وما دامت المادة 8 من قانون رقم 41/90 لم تستثني صراحة قضايا الاعتداء المادي من دائرة اختصاصها النوعي فإنها مبدئياً هي المختصة ([260]) وقد ذهب بعض الفقه إلى تبرير هذا الموقف بأن المحاكم الإدارية كانت حريصة على ألا تفاجئ بالتسرع في التجديد وقطع الصلة مع الماضي فجاء موقفها متميز بالتريث والتأني وعملت في الفترة الأولى على الحفاظ على النهج السابق وعدم الخروج عما هو مستقر ومتواتر ولم تسع إلى تطوير وتغيير هذا القطاع ([261]) وسرعان ما استقر القضاء المغربي على اعتبار المحاكم الإدارية هي الجهة المختصة ([262]) للبث في طلبات رفع الاعتداء المادي وإيقاف إشغاله وكانت المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في قضية ” كدليا غاشيل KADALIA RACHALL” أول محكمة أقرت هذا المبدأ في أمر استعجالي بتاريخ 26 إبريل 1994 وقد بنت هذه المحكمة موقفها على تفسير منطقي حيث اعتبرت أن الفصل 19 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية أعطى لرئيس المحكمة اختصاصات قاضي الاستعجالات ومن بينها النظر في دعوى الاعتداء المادي خاصة انه ليس هناك نص قانوني يمنع قاضي المستعجلات الإداري من مزاولة هذا الاختصاص ([263]) . وقد استقر القضاء الإداري على اعتباره مختصا في طلبات رفع الاعتداء المادي وإيقاف إشغاله منذ أن أقرت الغرفة الإدارية هذا الاتجاه بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 20/6/1996 في الملف الإداري رقم 150 ، 96 الذي أقر اختصاص المحاكم الإدارية تم كرس المجلس الأعلى نفس الموقف في قراره عدد 658 الصادر بتاريخ 19/9/1996 والذي جاء فيه ” حيث انه إذا كان الاجتهاد القضائي السابق للغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قد سار على أن المحاكم الإدارية تقتصر على الاختصاص  بالنظر في دعاوي التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام ومنها دعاوي التعويض عن احتلال الإدارة غير المشروع لأراضي الخواص كما يفهم من الفصل 8 من قانون 41،90 المنشئ للمحاكم الإدارية دون النظر في رفع الاعتداء المادي على أساس أنه من اختصاص المحاكم العادية . فإن الاتجاه الجديد للغرفة الإدارية كما ترجمه القرار الصادر بتاريخ 20/6/1996 في الملف 150/96 هو اختصاص المحكمة الإدارية وهي بصدد البت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن نشاطات أشخاص القانون العام في مجال الاعتداء المادي تكون ملزمة لا محالة بالبت والتأكد من قيام عنصر الاعتداء المادي والمبررات التي تتذرع بها الإدارة من جهة ومن جهة أخرى فإنها في هذه الحالة ستنظر في شقين متلازمين لدعوى واحدة تجمعها رابطة واحد و ولا يمكن فصل أحدهما عن الآخر وإلا فما هي المحكمة المتوخاة من إسناد الاختصاص بالبت في طلبات التعويض عن الاعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانوناً أن يكون الاختصاص في المجالين معاً موكولاً لجهة قضائية واحدة .

وحيث أن الفصلين 79 و88 من قانون العقود والالتزامات اللذين تمسك بهما المستأنف لتأكيد اختصاص المحاكم العادية للبت في النزاع الحالي المتعلق برفع الاعتداء المادي للإدارة و لا مجال لهما في النازلة  الحالية إذ الفصل 79 المذكور يتعلق بترتيب مسؤولية الدولة والبلديات عن الأضرار الناتجة مباشرة عن تسيير إدارتها وعن الأخطاء المصلحية لمستخدميها . بينما الفصل 88 المذكور يتعلق بالمسؤولية الشخصية لمستخدمي الدولة والبلديات ([264]) .

حيث تقدم المدعي بعدة طلبات من بينها الحكم بطرد المدعي عليه من أرضه وحيث أنه بخصوص هذا الطلب فإن الأمر يتعلق باعتداء مادي لإدارة على ملكية الخاصة للمدعي. وان هذه المحكمة دأبت سابقاً على اعتبار القاضي العادي هو الحامي للحريات العامة وبالتالي للملكيات الخاصة حيث كانت تصرح بعدم اختصاصها بالبت في مثل هذه الطلبات مسايرة للقضاء الفرنسي…وتماشياً مع مقاصد المشرع يكون القاضي الإداري هو القاضي الطبيعي للبت في طلب رفع الاعتداء المادي ([265]) .

وإذا كان القضاء الإداري والموضوعي من خلال ما سبق مختص بالبت في قضايا الاعتداء المادي فإنه بالتبعية يحق للقاضي الاستعجالي الأمر برفع الاعتداء المادي ووضع حد له سواء بطرد الإدارة أو إيقاف الأشغال التي تمارسها على العقار ([266])  باعتبار أن القضاء الاستعجالي الإداري يستمد اختصاصه من اختصاص المحكمة الإدارية نفسها ويعتبر قرار الغرفة الإدارية عدد 474 الصادر بتاريخ 20 سبتمبر 1996 من أولى القرارات التي أعطت تأويلاً واسعاً لمقتضيات الفصل 19 رقم 41/90 والذي جاء فيه : والحالة كذلك أن المحاكم الإدارية إذا كانت مقيدة من حيث الاختصاص النوعي بنص الفصل 8 من قانون 90/41 المنشئ لها فإن هذا الفصل عندما خول البت في طلبات التعويض عن الأضرار الناتجة عن أعمال الإدارة المادية فإنها تكون من باب أولى وأخرى مؤهلة للبت كذلك في طلبات رفع الاعتداء المادي ، مما يخول المحكمة الإدارية  النظر في شقين متلازمين لدعوى واحدة تجمعهما رابطة واحدة ولا يمكن فصل إحداهما عن الأخر ، وإلا فما هي المحكمة المتوخاة من إسناد الاختصاص بالبت في التعويض عن الاعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم الإدارية وإسناد الاختصاص فيما يخص رفع الاعتداء المادي للإدارة إلى المحاكم العادية في الوقت الذي كان من المفروض قانوناً أن يكون الاختصاص في المجالين معاً موكولاً لجهة قضائية واحدة….

وحيث إنه من جهة أخرى ، فإذا كان الاختصاص من قبل إحداث المحاكم الإدارية منعقداً للمحاكم الابتدائية كدرجة أولى ولمحاكم الاستئناف كدرجة ثانية للنظر في دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام وكانت هذه المحاكم تنظر في دعاوى التعويض عن الاعتداء المادي في هذا الإطار ، وتقضي تبعاً لذلك إذا طلب منها برفع حالة الاعتداء المادي وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه كطلب تابع أو بأمر استعجالي وقتي من قاضي المستعجلات أو بحكم قطعي بناء على طلب منفرد بذلك فإن المشرع عندما نقل اختصاص النظر في دعاوي التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام ، ومنها دعاوي التعويض عن الاعتداء المادي على المحاكم الإدارية ونقل اختصاص قاضي المستعجلات الوقتية المرتبط من رئيس المحكمة الابتدائية إلى رئيس المحكمة الإدارية يكون بذلك قد نقل على المحاكم وإلى رئيسها اختصاص في النظر في الطلبات التبعية . وأصبح اختصاصها بالتتبع إذا طلب منها ذلك النظر في رفع الاعتداء المادي الممارس من طرف الإدارة ([267]).

وخلاصة القول إن الاجتهاد القضائي مستقر في الوقت الراهن على الرأي القائل باختصاص المحاكم الإدارية بالطلبات الوقتية والرامية إلى رفع حالة الاعتداء المادي وجبر الضرر الناجم عنه مما يؤشر على تقوية الحماية القضائية لحق الملكية ([268]).

الفرع الثاني: مظاهر الحماية المؤقت لحق الملكية من الاعتداء المادي

من صور الاعتداء المادي على الملكية الخاصة والتي يتدخل القضاء الاستعجالي لحمايتها . إقدام الدولة على إقامة مدرسة على ملك الغير الخاص ([269]) . أو مد قنوات الصرف الصحي بأرض الخواص أو احتلال ملك الغير والبناء فيه بنايات تجارية إلى غيرها من أشكال التعدي وقد تصدى القضاء الاستعجالي للاعتداء المادي على أملاك الغير حيث اعتبر ” إن احتلال ملك الغير بدون حق ولا سند من طرف الجماعة المحلية بنائها فيه بناءات تجارية واجتماعية يشكل وضعا غير قانوني . تقتضي المصلحة العامة وكذلك مصلحة المالك وضع حد له في أقرب وقت الأمر الذي يعطي لدعوى الإفراغ صبغة استعجال يختص قاضي المستعجلات بالنظر فيها ([270]).

قد اعتبر القاضي الإداري الاستعجالي خروج الإدارة عن قواعد قانون نزع الملكية اعتداء مادي يستوجب إيقافه باعتبار حق الملك مضمون دستورياً ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا وفق الإجراءات المقررة لقانون نزع الملكية المتمثلة في استصدار مرسوم نزع الملكية واستئذان القضاء الاستعجالي في حيازة العقار موضوع نزع الملكية والمطالبة بنقل ملكية مقابل التعويض المحدد قضاء ، وأن كل إخلال لهاته المقتضيات القانونية وحيازة العقار حياداً عليها يضفي صبغة الغصب والتعدي على تلك الحيازة التي لا ترتب عنها أي آثار قانونية ولو بطول أمدها سواء فيما يخص سقوط الحق بالتقادم أو اكتساب الملكية ويملك القضاء الاستعجالي حق التصدي لذلك الاعتداء المادي عن طريق إيقافه أو رفعه بحسب الأحوال حيث يؤخذ من ظاهر أوراق الملف ومستنداته أن الطالب هو مالك العقار موضوع الطلب وان الإدارة المطلوب ضدها بصدد القيام بأشغال به حيادا على الإجراءات المقررة لنزع الملكية مما تبقى معه تلك الأشغال جارية على وجه التعدي ، والطلب حول إيقافها مؤسس . لهذه الأسباب نأمر علنياً ابتدائياً غيابياً بإيقاف أشغال بناء السور الجارية بالقطعة الأرضية

موضوع الطلب, مع النفاذ المعجل وإرجاء البت في الصائر ([271]) . وثم تأكيد نفس الأمر في حكم أخر جاء فيه ” وحيث يؤخذ من ظاهر أوراق الملف ومستنداته أن الطالبين هم مالكو العقار موضوع الطلب وأن المطلوب ضده لا ينازع في ذلك ولا في الأشغال الجارية به بقدر ما يدفع بالمساهمة المجانية المنصوص عليها في الفصل 37 من قانون التعمير، علماً بأن المساهمة المجانية ولو في حالة ما إذا كان المالك العقار المجاور للطريق ملزماً بها فإن تطبيقها على أرض الواقع تستدعي سلوك المسطرة القانونية لوضع اليد على العقار المعني بها ما تبقى معه الأشغال الجارية بالملك موضوع الطلب حياداً على قانون نزع الملكية وعلى وجه التعدي والغصب والطلب حول إيقافها مؤسس ، سيما وأن حالة الاستعجال قائمة بالنظر عن ما يترتب عن إتمامها من تعذر إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه ([272]) . نستنج من هذا الحكم أن القاضي الاستعجالي لا يكتفي بالحكم برفع الاعتداء المادي بل يذهب بالحكم بإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه وهو أمر إيجابي حيث أن بعض الأشغال المقامة على العقار المسلوب قد يصعب على المتضرر إزالة مخلفاتها أو إعادتها لما كانت عليه سابقاً .

ومن مظاهر الحماية التي يوفرها القاضي الإداري الاستعجالي لحق الملكية في مجال الاعتداء المادي هو فرض الغرامة التهديدية على الإدارة في حالة عدم تنفيذ الأوامر القضائية الصادرة عنه خاصة وأنها مشمولة بالنفاذ المعجل حيث أكد القاضي الاستعجالي الإداري أن ” طلب تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة المدعي عليها باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام مؤسسا ، طبقاً لمقتضيات الفصل 448 من ق.م .م  المحال عليه بموجب المادة 7 والقانون 90-41 مادام أن تنفيذ الأمر لصيق شخص المنفذ عليه وتلزم إدارته في تنفيذه دونها إمكانية للتنفيذ الجبري وبما لنا من سلطة تقديرية  في تحديدها أخذا بعين الاعتبار طبيعة الأمر المعني بالتنفيذ نرى تحديدها في ضوء الطلب في مبلغ 500 درهم يومياً عن كل تأخير عن التنفيذ ([273]) .

وهذا أمر إيجابي كذلك إذ يعتبر عدم تنفيذ الأوامر القضائية ضرباً لحرمة وهيبة وقدسية القضاء كما أنه يزرع الشك حول فعالية وجدوى القضاء الإداري وترجع إشكالية تنفيذ الأحكام الإدارية إلى غياب مسطرة فعالة وناجحة لإجبار الإدارة على التنفيذ. فقانون المحاكم الإدارية وكذلك قانون المسطرة المدنية لا يتضمنان الوسائل اللازمة لجبر الإدارة على تنفيذ الأحكام القضائية الحائزة لقوة الشئ المقضي به . لذلك استنبطا القاضي الإداري  بعض الآليات القانونية المعمول بها أمام المحاكم العادية لحل هذه الإشكالية ومنها الغرامة التهديدية وهي وسيلة قانونية منحها المشرع بمقتضى المادة 448 من قانون المسطرة المدنية للدائن لتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني متى كان الأمر يتعلق بالقيام بعمل أو بالامتناع عنه لصيق بشخص  المنفذ عليه . ممكن وجائز قانوناً وتلزم إرادته في تنفيذه ولا تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري ومن خصائص الغرامة التهديدية أنا تهديديه وتحذيرية وتحكمية ولا يقضي بها إلا بناء على طلب.

لكن رغم كان هذه يبقى دور القاضي الاستعجالي الإداري محدوداً إذ لا يمكن له إزالة الأشغال التي ترتبط بالمنفعة العامة والتي ستؤدي إزالتها إلى أضرار بهذه المنفعة تفوق الضرر الناتج للمتعدي عليه وهذا ما أكده حكم للمحكمة الإدارية بالرباط والذي جاء فيه : وحيث يهدف الطلب إلى استصدار أمر بإفراغ وزارة التعليم من العقار موضوع الطلب لاحتلال بدون سند ولا قانون.

وحيث أنه إذا كان من المقرر دستوراً أن حق الملك مضمون دستورياً ولا يجوز نزعه من يد صاحبه إلا في إطار الإجراءات المقررة بقانون نزع الملكية 81-7 أو الفصل 15 من دستور المملكة . وأن القضاء الاستعجالي يملك حق رفع كل اعتداء مادي واقع على العقار المغصوب . فإنه من المقرر كذلك أنه لا يجوز تعطيل المرفق العام المنشأ على وجه غير صحيح لانتفاع  جمهور الناس بخدماته ، وأن قاضي المستعجلات يملك سلطة الموازنة بين الصالح العام والصالح الخاص مع ترجيع المصلحة العامة على كل مصلحة خاصة متى كان لذلك مبرر.

وحيث إنه إذا كان ذلك يشكل غصباً واعتداء مادياً على العقار المذكور. فقد تم صرف أموال عمومية على إنشاء المرفق التعليمي أعلاه وأضحى مشغلاً ومنتفعاً بخدماته من طرف المواطنين لذلك فالموازنة بين المصلحة الخاصة للطالب المتمثلة في رفع الاعتداء المادي على ملكه والمصلحة العامة المتمثلة في انتفاع المواطنين من خدمات المرفق العمومي والمحافظة على المال العام تقتضي ترجيح المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ، وبالتالي عدم الاستجابة لطلب الإفراغ أعلاه ، سيما وأن حقوق الطالب محفوظة في مقاضاة الإدارة بالتعويض عن فقدان الملك والحرمان من الاستغلال لغاية إنشاء المرفق العمومي . خصوصاً وأنه لم يتقدم بطلب بإيقاف الأشغال في الإبان وقبل صيرورة العقار مرفقاً عمومياً ([274])

وباستقراء للإحكام السابقة يتبين أن دور القاضي الاستعجالي في مجال حماية العقار من الاعتداء المادي تحده نظرية الموازنة بين المنفعة العامة والمنفعة الخاصة حيث تعطي الأسبقية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة في رفع الاعتداء المادي ومن الأشياء الأخرى التي تحد من دور القاضي الإداري الاستعجالي الالتزام بالقواعد العامة للقضاء الاستعجالي خاصة شرط عدم المساس بجوهر الحق حيث أكدت مجموعة من الأحكام التزام القاضي بهذا الشرط  ومنها حكم للمحكمة الإدارية بالرباط الذي جاء فيه ” وحيث في نازلة الحال ، فإن الإدارة المدعي عليها استظهرت بقرار للاحتلال المؤقت مؤرخ في 19/2/2008 يعطيها الحق في احتلال القطعة الأرضية موضوع النزاع لمدة سنة قابلة للتجديد قصد إقامة ممرات لآليات الورش وإنجاز الأشغال التحضيرية اللازمة لإنجاز أشغال بناء مدخل مدينة الفنيدق انطلاقاً من الطريق السيار الرابط بين تطوان والفنيدق، في حين أن محضر المعاينة وتقرير الخبرة المدلى بهما من طرف المدعية لا يفيدان بأن المدعي عليها تجاوزت ما هو مسموح لها بموجب قرار الاحتلال المذكور، الأمر الذي تكون معه واقعة الاعتداء المادي موضوع منازعة جدية ، وبالتالي يبقى الإجراء المطلوب فيه مساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر ، ويتعين بالتالي التصريح برفع النظر لعدم الاختصاص ([275]) وفي حكم أخر عمل القاضي إلى توضيح الالتزام بهذا الشرط معلل ذلك بأنه ” لئن كان من المقرر فقها وقضاء انه يرجع لقاضي الأمور المستعجلة الاختصاص بجعل حد لكل اعتداء مادي او غصب أو قطع تعسفي لوضعية قانونية أو تعاقدية ،ذلك بإرجاع الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل حدوث الغضب حماية منه للمراكز القانونية الواضحة وضرورة صيرورة وترتيب آثارها القانونية فإن اختصاصه بالبت في مثل الطلب بالاستجابة إليه مشروط بمقتضى الفصلين 149 و152 من قانون المسطرة المدنية بتوافر حالة الاستعجال وعدم المساس بأصل الحق وهما شرطان متلازماً. إذا انعدم احدهما زال اختصاص قاضي الأمور المستعجلة لفائدة قضاء الموضوع . وأن المقصود بأصل الحق الممنوع على القضاء المستعجل المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق كل من الطرفين والتزاماته قبل الأخر إذ يحظر عليه تناوله بالتفسير والتأويل وتأسيس قضاءه بذلك على أسباب تمس أصل الحق أو تعرض لقيمة المستندات المدلى بها أو تأمر باتخاذ إجراء تمهيدي بإثبات أصل الحق المقصود بالحماية من خلال الإجراء المطلوب .غير أن شرط عدم المساس بأصل الحق هذا لا يمنع قاضي الأمور المستعجلة من البحث في المستندات المقدمة إليه بحثاً عرضياً يلتمس من ظاهره في ضوء سلطته التقديرية من جهة اي الطرفين أجدر بالحماية ومن جهة أخرى مبلغ الجد في المنازعة على ضوء أوجه الدفاع الموضوعية القانونية المثارة فإذا استبان له أن المنازعة جدية وان أصل الحق والمركز القانوني للطالب ـ سند الطلب ـ لم يعد واضحاً وضوحاً يستوجب الحماية من طرف القضاء المستعجل بالإجراء المطلوب وان البت فيه من شانه المساس بأصل الحق حكم بعدم اختصاصه بالبت في الطلب ومتى إذا كانت المنازعة حوله مفتعلة والغاية منها إبعاد اختصاص القضاء الاستعجالي من البت في الطلب حكم باختصاصه وبالإجراء المطلوب حماية للأوضاع   القانونية القائمة.

وحيث أنه إعمالاً للقواعد سالفة الذكر التي تحكم وتنظم اختصاص القضاء الاستعجالي وتطبيقها على ظاهر واقع النزاع ومستنداته ، ولما كانت المطالبة باتخاذ الإجراء المطلوب تنطوي على استجلاء عناصر الاعتداء المادي مما يفضي ذلك إلى المساس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر ، وهو أمر محضور على قاضي المستعجلات مما يقضي إلى التصريح برفع النظر لعدم الاختصاص ([276]) .

كما ان القاضي الإداري الاستعجالي لا يتدخل إلا عند قيام اعتداء مادي على أرض الواقع وان مجرد مبادرة الإدارة من الوجهة القانونية للقيام به لا يملك معها الحق في التدخل وهذا ما أكده حكم للمحكمة الإدارة بالرباط إذ جاء في حيثياته ” لئن كان قاضي المستعجلات بالمحكمة الإدارية يختص بإيقاف الاعتداء المادي وبرفعه متى كان في بدايته ولم يكن هناك أي نزاع حول قيامه ، فإنه في نازلة الحال لا خلاف بين الطرفين أن الجزء غير المشمول بالتعويض بموجب الحكم عدد 709 الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 28/4/2008 في الملف عدد 645/7/05 لازال عاريا ولم تضع الإدارة يدها عليه واقعياً وإنما بادرت إلى تخصيصه من الوجهة القانونية لمنطقة خضراء تحمل علامة v 186 بموجب تصميم التهيئة الجديد لمقاطعة بني مكادة المصادق عليه بموجب المرسوم عدد 1595 ، 2.05 بتاريخ 9/1/2006 والصادر بالجريدة الرسمية عدد 5391 بتاريخ  30/1/2006 مما حاصلة أن ذلك التخصيص يدخله تحت الأثر الملزم لوثائق التعمير، وان القول بموجود الاعتداء المادي واقعياً في غياب وضع الإدارة يدها على العقار يقتضي فحصاً موضوعياً للنزاع مما يخرج عن اختصاص قاضي المستعجلات ([277]) .

خاتمة:

يتأسس تدخل القاضي الإداري الاستعجالي في مادة نزاع الملكية على الفصل 24 من قانون نزع الملكية وينحصر دوره كما رأينا سابقاً في مراقبة سلامة الإجراءات الإدارية المسطرية ولا يملك فحص شرعية القرارات الصادرة في هذا المجال او مناقشة الأسباب القانونية أو موازنة بين شرط المنفعة العامة والمصلحة الخاصة . إلا أن دوره في مجال حماية العقارات الخاصة لا يقف عند مراقبة مسطرة نزع الملكية بل ينتقل إلى حماية العقارات الخاصة في حالة الاعتداء المادي للإدارة على هاته الأخيرة وإن كانت تعوقه بعض المعيقات القانونية المسطرية من ممارسة رقابة فعالة ، فهل تطور النظام القانوني المغربي وخطط الحكومة لتطوير منظومة العدالة قد تعطي مجالاً أوسع لمؤسسة قاضي المستعجلات الإداري في فرض رقابة واسعة على الإدارة في مجال حماية الحقوق والحريات بصفة عامة وحق الملكية العقارية بصفة خاصة ؟


[182] – Gustave pesier :droit adminstratif; Dollaz; 1er édition ; 1993 p50

[183] مفهوم فضفاض يصعب تحديده نظراً لارتباطه الوثيق بتدخل الدولة المتزايد في شتى المجالات وقد احجم المشرع عن تحديده فاسحاً المجال إلى الفقه والقضاء لهذه المهمة راجع  A.Homont : l’expropriation pour cause d’ utité publique ; LITEC; 1ER edition 1957 p18 

[184] Auby (JM) et Bon (p) : Driot administrative des bines ; Dalloz –paris 1991 p 310 .

[185] منشور فاتح نوفمبر 1912 الجريدة الرسمية لسنة 1912 وظهير 26 مارس 1914 الجريدة الرسمية عدد 48 بتاريخ 3 ابريل 1914 المتعلق بنزع الملكية بعوض واستغلالها مؤقتاً للمصلحة العمومية المعدل بظهير 3 أبريل 1953 الجريدة الرسمية عدد 2011 بتاريخ 11 مايو 1951 ص 1033 وظهير 25 يونيو 1927 المتعلق بتحفيظ العقارات المنزوعة ملكيتها بسبب المنفعة العامة، والظهير الصادر بتاريخ 15 مايو 1925 المتعلق بنظام نزع الملكية في منطقة طنجة الدولية.

[186] قانون رقم 7 -89 بتاريخ 6 مايو 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180.

[187] مرسوم تطبيقي رقم 2.82.382 بتاريخ 13 ابريل 1987 الجريدة الرسمية عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1983 ص 988.

[188] ابن منظور: لسان العرب، دار المعرفة باب العين الجزء 34 ص 3037

[189] المادة 5 من القانون رقم 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق

[190] تنص المادة 6 القانون رقم 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق بأن العقار بطبيعته هو كل شيء مستقر بحيزه فيه لا يمكن نقله من دون تلف أو تغيير في هيئته.

[191] تنص المادة 7 من القانون 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق أن العقار بالتخصص هو المنقول الذي يضعه مالكه في عقار يملكه رصداً لخدمة هذا العقار واستغلاله أو يلحقه به صفة دائمة.

[192] Charles Debbach ; JM Poutier et JC Ricci : Institutions et droit adminstratif biens expropriation , Travaux publiques ‘ PUF paris 1978 p 229

[193] Jacques Ferbos et Georges Salles :” Expropriation et evaluation des biens “ 4 éme edition mise á jour et augmentée – edition du moniteur 1979 (Collection actualité juriique) p51 .

[194] مأمون الكزبري : التحفيظ العقاري والحقوق العينية الأصيلة والتبعية في ضوء التشريع المغربي ،  الجزء الأول ، طبعة 1987 ص 233.

[195] أحمد أجعون : أحمد أجعون : اختصاصات المحاكم الإدارية في مجال نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام ، كلية الحقوق اكدال الرباط ، السنة الجامعية 1999-2000 ص 68 .

[196] تنص المادة 8 من القانون 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق أن ” الحق العيني العقاري هو سلطة مباشرة يخولها القانون لشخص معين على عقار معين ويكون الحق العيني أصلياً أو تبعياً “.

[197] المادة 9 من القانون 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق تنص أن ” الحق العيني الأصلي هو الحق الذي  يقوم بذاته من غير حاجة إلى حق أخر يستند إليه.

[198] تنص المادة 10 من القانون 32-09 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق أن ” الحق العيني التبعي هو الحق الذي لا يقوم بذاته ، وإنما يستند في قيامه على وجود حق شخصي ويكون ضماناً للوفاء به والحقوق العينية التبعية هي : الامتيازات – الرهن الحيازي – الرهون الرسمية .

[199] لا تعتبر الأرض العارية ذات صبغة دينية ولو أن ملكيتها ترجع إلى نظارة الاحباس راجع الأمر عدد 154/95 بتاريخ 28 يونيو 1996 الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء.

[200] المادة 4 من قانون 7-89 بتاريخ 6 مايو 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، الجريدة الرسمية، عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180.

[201] المادة 6 من قانون 7-89 بتاريخ 6 مايو 1982 المتعلق بنزع الملكية لأجل المنفعة العامة والاحتلال المؤقت، الجريدة الرسمية، عدد 3685 بتاريخ 15 يونيو 1985 ص 180.

[202] المادة 38 من قانون نزع الملكية.

[203] قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 1/7/1958 مجموع قرارات المجلس الأعلى 57-56 ص 159 محمد أجعون، المجلة المغربية للإدارة والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، عدد 50 سنة 2005 ص 92.

[204] – المحكمة الإدارية الاستئنافية قرار رقم 37 صادر بتاريخ 27/3/2007 في الملف رقم 05/02/2007 مجلة الحقوق المغربية عدد 17 السنة 4 أبريل 2009 ص 255.

[205] إبراهيم زعيم: مسطرة وقف التنفيذ ومسطرة الاستعجال في المادة الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، السلسلة العادية، يوليو – سبتمبر 1995 ص 71.

[206] محمد الكشبور: نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، الطبعة الأولى سنة 1989 ص 134.

[207] أمر استعجالي عدد 6 بتاريخ 14/2/1995 ملف رقم 32/94 س ذكره محمد أجعون ص 28 م.س أطروحة.

[208] محمد أجعون : م.س.ص 28.

[209] أحمد رحماني: نزع الملكية من أجل المنفعة العامة، مجلة الإدارة، المجلد 4، العدد 2، 1994 ص 13.

[210] مسعود سيمو: المبادئ العامة للمنازعات الإدارية نظرية الاختصاص الجز 3 الطبعة 4 سنة 2005 ص 60.

[211] أحمد أجعون: م.س، ص 25.

[212] محمد أجعون: م.س، ص 30.

[213] محمد النجاري: في تعليق على الأمر الاستعجالي عدد 127/27 المتعلق بالذن لنازع الملكية بالحيازة الفورية، مجلة المحامي عدد سنة 1988 ص 66.

[214] – محمد الأعرج وسمير أحيذار: اختصاص القضاء الإداري الشامل في م.م.إ.م.ت عدد 71 نوفمبر – دجنير 2006 ص 20.

[215] – موسى عبود ومحمد السامحي: المختصر في المسطرة المدنية والسلم القضائي، مطبعة الصومعة 1994 ص 170.

[216] – المحكمة الابتدائية بالرباط، أمر عدد 2533 في الملف الاستعجالي عدد 6/86922 بتاريخ 23 دجنير 1986 (غير منشور).

[217] – المحكمة الإدارية بالرباط الأمر رقم 21 بتاريخ 06/02/1995 ذكره أحمد أجعون أطروحة لنيل شهتدو الدكتوراه المرجع السابق ص 34.

[218] –  جيلالي امزيد : م س ص 112.

[219] محمد الكشبور : نظام المحاكم الإدارية وقانون نزع الملكية ، المجلة المغربية الاقتصاد والقانون المقارن ع 21-1994 ص 123.

[220] المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 46 بتاريخ 09/07/1997 ملف إداري 202/95 أشار إليه محمد الأعرج وسمير احيذار : المرجع السابق ص 17 .

[221] المحكمة الإدارية بالرباط الأمر رقم 1014 ملف رقم 699/06 س بتاريخ 15/11/05 بين الوكالة الخاصة طنجة البحر الأبيض المتوسط ضد الرابط عبد الحنين.

[222] محمد الأعرج وسمير احيذار: المرجع السابق، ص 17.

[223] تنص م 8 من قانون نزع الملكية ” تتخذ بشأن المقرر القاضي بإعلان المنفعة العامة تدابير الإشهار الآتية: نشر المقرر بكامله في الجريدة الرسمية 0( الجزء الأول) ونشر إعلان بشأنه في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الإعلانات القانونية مع الإشارة إلى الجريدة الرسمية التي وقع نشره بها.

[224] المادة 11 من قانون نزع الملكية ” …يتعين على نازع الملكية أن يطلب من المحافظ على الأملاك العقارية تسليمه شهادة تتضمن قائمة تتضمن الأشخاص الموجودة بأيديهم حقوق عينية مقيدة في السجلات العقارية، ويمكن أن تكون هذه الشهادة جماعية “

[225] م 12 من قانون نزع الملكية

[226] م 8 من ق نزع الملكية.

[227]   المحكمة الإدارية للرباط حكم عدد 74 بتاريخ 27/4/1995 ملف إداري عدد 57/94 (غير منشور)

[228] حسن صحيب: القضاء الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 80 الطبعة الأولى، 2008، ص 188.

[229] محمد النجاري في تعليقه على الأمر الاستعجالي رقم 127/97 مجلة المحامي عدد 12/88 ص 68.

[230] المحكمة الإدارية بالبيضاء الأمر عدد 6 الصادر بتاريخ 14/02/1995 في الملف 32/94 من أوردة محمد أجعون أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه  ص 64 .

[231] المحكمة الإدارية بالرباط الأمر رقم 1012 في الملف 697/ 6 س  بتاريخ 15/11/2006  بين الوكالة الخاصة طنجة البحر الأبيض المتوسط ضد الأزرق عبد السلام (غير منشور).

[232] المحكمة الإدارية بالرباط ، الأمر رقم 565 الصادر بتاريخ 27/07/2005 في الملف عدد 524/05 س منشور في موقع وزارة العدل.

[233] التوسع أكثر راجع أطروحة الأستاذ محمد أجعون م.س.

[234] إبراهيم زعيم م. س ص 72

[235]– Gustave pesier :droit adminstratif; Dollaz; 1er édition ; 1993 p52

[236] C E – 28/05/1971 ministre d’équipement et du logement /c/ federation de defense de personnes concernées par le projet Dénomé “ Ville nouvelle est “ REC 409 Coucl braibout

[237]  قرار المجلس الأعلى رقم 378 الصادر بتاريخ 10/02/1992 ملف رقم 10023 الشركة العقارية ميموزة وضد وزير الأول ومن معه ذكره (أحمد أجعون : تطور رقابة المجلس الأعلى على شرط المنفعة العامة في موضوع نزع الملكية م.م.إ.م.ت سلسلة العادية عدد مزدوج 38-39 مايو غشت 2001 ص 139 ).

[238] أحمد أجعون : اختصاص القاضي الإداري الاستعجالي في المادة نزع الملكية من أجل المنفعة العامة م.م.ا.ت سلسلة المواضيع الساعة ع 50 ، 2005 ص 88.

[239] مصطفى التراب: استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع مشروعية وسيادة القانون م.م.إ.م.ت سلسلة عادية ، ع 75 يوليو غشت 2007 ص 15

[240] عبد الكريم حيضرة : إشكالية الاختصاص القضائي في دعوى الاعتداء المادي بالمغرب RAMALD مواضيع الساعة عدد 47 سنة 2004 ص 45 .

[241] جيلالي امزيد :  مباحث في مستجدات القضاء الإداري م س ص 104.

[242] J.Waline : Droit administrative; paris , Dalloz, 21 eme edition, 2006 p 502.

[243] جيلالي امزيد : م س ص 105.

[244] قرار المجلس الأعلى عدد 345 بتاريخ 4/08/1978 في الملف الإداري رقم 54269 منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 26 س 1980 ص 173.

[245] C.s arrête n°27 du 4 decembre 1958 ; consorts felix ; c. etat cherifien .Rec / p 164

دكره اربيعي خديجة امعيزة : الاعتداء المادي وحدود اختصاص قاضي المستعجلات : تعليق على الأمر الاستعجالي رقم 25 الصادر عن إدارية وجدة بتاريخ 5 يونيو 2006 المجلة المغربية للمنازعات القانونية عدد 4 سنة 2007 ص 127 .

[246] م. إدا بالرباط حكم عدد 96 بتاريخ 13/04/1995 ، شركة بروموبوعا ضد المجلس البلدي مجلة المعيار عدد 21 يناير 1996 ص 226

[247] عبد الحميد الحمداني : العمل القضائي في مجال الغصب ونقل الملكية ، رسالة المحاماة عدد 27 ص 2.

[248] مصطفى التراب : استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع المشروعية وسيادة القانون م.م.إ.م.ت سلسلة عادية – يوليو – غشت ، عدد 75 ، 2007 ص 13.

[249] الحسن الوزاني شاهدي : الاعتداء المادي الإداري واختصاص قاضي المستعجلات ، المجلة المغربية للقانون عدد 3 سنة 1985 ، ص 160 .

[250] المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 65 بتاريخ 23 فبراير  1995 العناية بنداود ومن معه ضد الجماعة القروية لعين السبت ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 13 أكتوبر – دجنبر السلسلة العادية 1995 ص 66.

[251] المجلس الأعلى، الغرف الإدارية ، قرار عدد 393 بتاريخ 12 أكتوبر 1995 ، ما يوحل الحاج بلقاسم ضد الدولة المغربية المجلة المغربية للإدارة المحلية للتنمية عدد 14-15 السلسلة العادية 1996 ص 162.

[252] المجلس الأعلى، الغرفة الإدارية، قرار عدد 296 بتاريخ 2 أبريل 1998، الوكيل القضائي ضد الحاج عبد الرازق، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية السلسة العادية عدد 44- 45 غشت 2002 ص 166.

[253] الملاحظ أن المشرع المغربي عندما تعرض لاختصاصات المحاكم الإدارية الجديدة سيما في المواد 8-9-11-44 من قانون 90/41 لم يشر إلى دعاوى الاعتداء المادي

[254] لقد حسم القانون رقم 112 لسنة 1946 المنشئ لمجلس الدولة المصري المعدل بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ان الاختصاص دعوى الاعتداء المادي من اختصاص القضاء الإداري.

[255] الحسن سيمو : قضاء الإلغاء والأعمال المادية للإدارة ، مجلة الإشعاع ، عدد 13 لسنة 7 دجنبر 1995 ص 12 .

[256] المجلس الأعلى، قرار عدد 393 منشور المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد مزدوج 14-15 سنة 1996 ص 159.

[257] المحكمة الإدارية بمكناس ، نالملف الاستعجالي رقم 1 س / 94 بتاريخ 14/06/1994 ، منشور المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية –  السلسلة العادية عدد 1 لسنة 1995

[258] M A Benabdallah : competence administrative et voie de fait ; REMALD ;N°13 p 83

[259] مصطفى التراب : استيلاء الإدارة على الملكية الخاصة ومدى تعارضه مع المشروعية وسيادة القانون م.م.إ.م.ت سلسلة عادية – يوليو – غشت ، عدد 75 ، 2007 ص 17.

[260] J.Hassoun << Apropos de la voe de fait >> REMALD N° 16 p 70

[261] أمال المشرفي : م س ص 17

[262] للتوسع اكثر راجع عبد الكريم حيضرة م.س ص 46 وما يليها .

[263] T.A Casablanca; 26 avril 1994 ; Rachelle et consorts, note Michal Rousset << le juge adminstratif et la voie de fait au Maroc>> In l’administration marocaine, son juge; PUMAG 1995 p 407. 

[264]   المجلس الأعلى، قرار عدد 658 بتاريخ 19/09/1996 ، اينوس عبد الغني ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد  22  ص 165.

[265] المحكمة الإدارية بالرباط حكم عدد 87 بتاريخ 09/05/1996،  قضية عمر اكوح ضد  الوكالة الوطنية لمحاربة السكن غير اللائق ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية السلسلة العادية سنة 1996 ص 149 .

[266] عبد الحميد حمداني: م. س.ص 3 .

[267] ذكره عبد الحميد حمداني: م. س.ص 3 .

[268] الجيلالي أمزيد : مباحث في مستجدات القضاء الإداري ، م.س ص 110.

[269] المحكمة الإدارية بالرباط ، أمر عدد 09 الصادر بتاريخ 18/01/2006 بين حروش زهرة الدولة المغربية حكم غيلر منشور .

[270] المجلس الأعلى قرار رقم 155 الصادر بتاريخ 01/07/1983 في الملف المدني عدد 85764 ذكره حميد حمداني ، م.س ص 4 .

[271] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 688 بتاريخ 10/06/2009 في الملف رقم 261/1/09 بين المدعي : السيد محمد تملو كاتان ضد رئيس المجلس القروي لجماعة باب برد (حكم غير منشور).

[272] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 631 بتاريخ 27/05/2009 في الملف رقم 368/ 1/09 بين المدعي : ورثة عبد السلام البارودي ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور).

[273] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 850 بتاريخ 1/11/2006 في الملف رقم 485/06  بين المدعي : السيد ناصر الحسين ضد رئيس المجلس البلدي للعرائش (حكم غير منشور).

[274] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 09 بتاريخ 18/01/2006 في الملف رقم  1419/ 05 بين المدعي : السيدة حروش زهرة ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور).

[275]  المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم: 329 بتاريخ 25/06/2008 في الملف رقم211/8 بين المدعي : السيدة فاطمة يونس ضد الدولة المغربية (حكم غير منشور).

[276] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم :272 بتاريخ 28/05/2008 في الملف رقم 255/س 08 بين المدعي : شركة حافلات الكرامة للنقل العمومي ، ش . ذ. م.م  Ste KARAMA BUS sarl ضد السيد والي جهة الرباط سلا زمور زعبر  (حكم غير منشور).

[277] المحكمة الإدارية بالرباط أمر رقم : 523 بتاريخ 29/04/2009  في الملف رقم 129/01/09 بين المدعية : السيدة لطيفة العربي الغرناط  ضد رئيس المجلس الحضري لطنجة  (حكم غير منشور).

الأكثر رواجًا