محمد المنصوري

باحث في سلك الدكتوراه

جامعة محمد الخامس الرباط

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا

مــقـــدمــــــة:

إن الخوض في مجال الشرطة الإدارية الجماعية يعتريه مجموعة من المخاطر لعلى أبرزها هو غموض المفهوم-الشرطة الإدارية الجماعية- وعدم و جود تعريف دقيق و محدد له,غير أن الأصل في هذا المجال هو خدمة المصلحة العامة و الحفاظ على النظام العام المحلي[1], بمدلولاته الثلاث الأمن العام,الصحة العامة و السكينة العامة.

غير أن هناك العديد من المحاولات الفقهية و القضائية لتعريف الشرطة الإدارية الجماعية,إذ اعتبرها البعض عبارة عن “سلطة تمكن الهيئات المنتخبة من اتخاذ إجراءات عامة أو فردية,قصد المحافظة على النظام و الأمن و الصحة و السكينة العامة داخل الجماعة الترابية….”  مؤكدة في نفس الوقت على الخصائص التي تتميز بها , و من جملتها أنها تبقى سلطة خاصة برئيس المجلس الجماعي و يمارسها باسم الجماعة و تحت مراقبة سلطة الوصاية,  انطلاقا من أن الشرطة الإدارية الجماعية هي بالأساس شكل من أشكال ممارسة سلطات الشرطة الإدارية العامة, و تجسد الجهاز المكلف باتخاذ الإجراءات اللازمة,قصد إيجاد و خلق الشروط و الظروف المطلوبة لحماية النظام العام المحلي أو التكييف الإجراءات العامة التي تتخذها السلطات المركزية مع الظروف المحلية[2].

و يتم تدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية بصفة عامة بواسطة القرارات الإدارية و العقود الإدارية, مع العلم أن القرارات الإدارية كانت تعتبر الوسيلة القانونية المفضلة لتدبير هذا المجال,باعتبارها-القرارات الإدارية- تعبر عن الإرادة المنفردة و عن تصور للإدارة  في إشباع الحاجات العامة.

لكن و مع تطور الحياة الاقتصادية و تطور مفهوم الدولة الذي أدى إلى تطور أدوارها و تشعب اختصاصاتها ,حيث انتقلت من الدور المتحكم في دواليب الاقتصاد إلى دور أقل حيث ترك الفرصة للقطاع الخاص للمساهمة بدوره في المجال الاقتصادي , و قد تم تكريس هذا التوجه من خلال تبني مجموعة من المدخلات لعلى أبرزها هي العقود الإدارية كآلية قانونية لإشراك القطاع الخاص في تدبير مجموعة من المرافق الوطنية و المحلية و التي تم استنباط أسسها من قواعد القانون المدني باعتباره الشريعة العامة للقانون, و مرافق الشرطة الإدارية الجماعية جزء من هذه المرافق التي تعد موضوعا للعقود الإدارية.

هذا التحول له أهمية و وقع كبير  كونه يساهم في تطوير أداء هذه المرافق-مرافق الشرطة الإدارية الجماعية- و نقل التكنولوجيا المتطورة لها, مما يؤدي إلى تعزيز دورها على المستوى المحلي العامة المحلية في تحقيق التنمية المستدامة و خدمة للمصلحة العامة.

و قد تعامل القضاء الإداري بنوع من المرونة في مجال إبرام العقود الإدارية لتسيير المرافق الإدارية الوطنية و الجماعية و قد حاول أن يقوم بالتمييز بين المرافق التي يمكن أن تكون موضوعا للعقود الإدارية و بين التي تتميز بخصوصيات كبيرة و بالتالي يجب أن لا تكون موضوعا للعقود الإدارية و من هذه المرافق مرافق الشرطة الإدارية الجماعية.

غير أن هذا التوجه القضائي تم تجاوزه بشكل كبير و أصبح القاضي الإداري ينظر إلى مدى فعالية إبرام العقود الإدارية لتسيير مرافق الشرطة الإدارية الجماعية, في هذا الاتجاه فقد قام بوضع مجموعة من القيود التي تحمي هذا المجال -الشرطة الإدارية الجماعية-  من الإخلال بدوره التقليدي في حماية النظام العام المحلي.

إذن فالقرارات الإدارية و العقود الإدارية جميعها تعتبر آليات قانونية لتدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية , غير أن الإشكالية الجوهرية ترتبط بالحديث عن ماهية المرحلة الانتقالية التي أدت إلى إدارة مرافق الشرطة الإدارية الجماعية عن طريق العقود الإدارية بدل القرارات الإدارية  علما أن هذه الأخيرة تحمي امتيازات  السلطة العامة عن طريق صفتها الانفرادية.

ومن كل هذا يكمن أن نطرح التساؤلات التالية و التي تتمحور بالأساس حول ما هي الأسباب الرئيسية لتبني آلية العقود الإدارية بدل آلية القرارات الإدارية لتدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية؟ و كيف تعامل القضاء الإداري مع  آلية العقود الإدارية في مجال تدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية؟

انطلاقا مما سبق سيتم معالجة هذه التساؤلات من خلال مبحثين:

  • المبحث الأول: الشرطة الإدارية الجماعية بين انفرادية القرارات الإدارية و  رضائية العقود الإدارية.
  • المبحث الثاني: تكييف القاضي الإداري لعقود الشرطة الإدارية الجماعية.

المبحث الأول: الشرطة الإدارية الجماعية بين انفرادية القرارات الإدارية و رضائية العقود الإدارية.

تقتضي دراسة آليات تدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية ، البحث في الوسائل القانونية التي يتم عن طريقها تسيير هذا المجال ، الذي يعد من الاختصاصات المنوطة برؤساء المجالس الجماعية وكذا بالسلطات الإدارية كل فيما يخصه[3].

وتتمثل الوسائل القانونية لتدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية في القرارات الإدارية والعقود الإدارية.

فالأصل أن مجال الشرطة الإدارية الجماعية كان يتم تدبيره عم طريق القرارات الإدارية ، لكونها تجسد إرادة الإدارة المنفردة، وهي تصرفات قانونية تصدرها السلطات الإدارية للقيام بالمهام المنوطة بها بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية سواء في مجال تنظيم هياكلها أو في مجال علاقاتها بالعاملين فيها أو المتعاملين معا[4] .

فالقرار الإداري يعد وسيلة مفضلة للإدارة في القيام بوظيفتها لما يحققه من سرعة وفاعلية العمل الإداري[5].

حيث يتيح القرار الإداري للإدارة إمكانية البث من جانب واحد في أي أمر من الأمور، دون حاجة إلى الحصول على رضى الأفراد أو حتى بالرغم من معارضتهم. أما بالنسبة للعقود الإدارية فهي من قبيل الأعمال القانونية التي تصدر من جانبين هما الإدارة والمتعاقد معها، بحيث يتولد عن اتفاقهما عقود تحدد حقوقهما والتزاماتهما.

فالعقود الإدارية هي تعبير عن تلاقي إرادتين حيث لا تعتبر من صنع الإدارة وحدها ، بل مصدرها إرادة الإدارة وإرادة شخص آخر متعاقد معها هذا الطرف الآخر قد يكون سلطة إدارية أخرى أو يكون فردا عاديا ، فالأصل في العقود الإدارية شأنها شأن العقود العادية أن حرية الإرادة أو حرية التعاقد هو أساسها[6].

وسواء تعلق الأمر بالقرارات الإدارية أو العقود الإدارية باعتبارهما من الوسائل القانونية لتدبير مجال الشرطة الإدارية الهدف منهما تحقيق المصلحة العامة وحماية النظام العام بمدلولاتها الثلاث:

الأمن العام [7]، الصحة العامة،[8] والسكينة العامة[9].

انطلاقا مما سيق سيتم التطرق لهذا المبحث من خلال معالجة القرارات الإدارية (المطلب الأول) وذلك بالرجوع إلى مميزات وسلبيات القرارات الإدارية في مجال تدبير اختصاصات الشرطة الإدارية الجماعية، كما سيتم التطرق إلى العقود الإدارية في المطلب الثاني ). حيث سيتم معالجة كيفية الانتقال من القرارات الإدارية إلى العقود الإدارية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية، هذا مع الإشارة إلى الصفات الديمقراطية للعقد الإداري مقارنة مع القرار الإداري في تدبير مثل هذا المجال الحساس.

المطلب الأول : القرارات الإدارية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية .

يمكن تعريف القرار الإداري بكونه إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح وذلك بقصد إحداث مركز قانوني معين ، متى كان ممكننا وجائزا قانونا ، وكان الباعث عليه ابتغاء المصلحة العامة[10].

فالقرار الإداري إذن هو عمل قانوني يصدر عن سلطة إدارية وطنية ، حيث  تكمن أهميته في كونه يتضمن إرادة تغير وضعية قانونية عن طريق الإرادة المنفردة وهو مالا نجد له نظير في القانون الخاص ، حيث لا يستطيع الخواص فرض التزامات على غيرهم بإراداتهم المنفردة، إلا عن طريق التراضي والقبول أي عن طريق الإرادة المشتركة والعقد.

فممارسة اختصاصات الشرطة الإدارية الجماعية من طرف السلطات المحلية أو السلطات الجماعية يتم عن طريق القرارات التنظيمية والقرارات الفردية.

+القرارات التنظيمية: هي عبارة عن القواعد العامة المجردة التي تختص السلطة التنفيذية بإصدارها طبقا لأحكام الدستور وتنطبق على عدد غير محدود من الأفراد الذين تتوافر فيهم الصفات المحددة بها، وعلى شتى الحالات التي تتضمن الشروط الواردة بها ولا يهم ذلك عدد من تنطبق عليهم تلك القرارات ،حيث أن كثرة أو قلة الحالات لا تغير من طبيعتها ، طالما أنها تشمل قواعد عامة وموضوعية ، تنطبق على أشخاص معينين  بأوصافهم لا بذواتهم[11] .

وتتميز القرارات بكوتها:

-صادرة عن سلطة إدارية.

-تتضمن قواعد عامة ومجردة

-أن يكون العمل ملزما : يشترك في القرار التنظيمي أن يكون ملزما وذلك باعتباره عملا قانونيا يعبر عن إرادة الإدارة في إحداث اثر قانوني أو تعديل في المراكز القانونية[12].

وتتمثل صور صدور القرارات التنظيمية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية في:

*الحظر أو المنع: تعتبر القاعدة التي تقتضي بأن الحرية هي الأصل والمنع هو الاستثناء وهي أساس هذه الوسيلة من وسائل ممارسة اختصاصات الشرطة الإدارية استثناء أساسه متطلبات المحافظة على النظام العام بجميع عناصره ومفاهيمه لأنه ليس من المعقول  أن يترك لأي شخص حرية التصرف كما يشاء، لما لذلك من آثار على المجتمع من حيث التأثير على أمنه القانوني[13].

والمنع كيفما كانت طبيعته سواء كان شفويا أو مكتوبا ، يجب أن لا يكون تاما ومطلقا وإلا كان غير مشروع[14].

*الترخيص أو التصريح المسبق: فالنسبة للترخيص المسبق فهو قرار تتخذه الإدارة بناء على طلب مسبق من المعني بالأمر يعبر فيه عن رغبته في القيام بنشاط معين وبعد دراسة الطلب والتحقق من توفره على الشروط القانونية يصدر القرار بالترخيص.

أما التصريح المسبق فهو الإجراء المتبع في تنظيم المظاهرات والمسيرات وتأسيس الجمعيات ، فلا يمكن للسلطة الإدارية اتخاذ قرار بالترخيص إلا إذا تم سابق تصريح من طرف المسؤولين على تنظيم المظاهرات والمسيرات وتأسيس الجمعيات[15].

+القرارات الفردية:أو أوامر الضبط الإداري تتمثل في القرارات الصادرة عن السلطة المختصة لكي تطبق على فرد معين أو أفراد محددين بذواتهم، وبمعنى آخر أن القرارات الفردية هي التي تخص شخصا واحدا معينا بذاته أو مجموعة من الأشخاص معينة، وتستهلك بتطبيقها مرة واحدة[16].

فمجال الشرطة الإدارية الجماعية يعتمد بشكل كبير على القرارات الإدارية الفردية حيث أصبحت القرارات الفردية تشكل بصفة عامة وسيلة تطبيق للأنظمة العامة على الأفراد ، وبالتالي يجوز لسلطات الشرطة الإدارية الجماعية أن تصدر قرارات فردية لا تستند إلى قاعدة تنظيمية سواء في القانون أو في الأنظمة العامة مادام أن الباعث هو الحفاظ على النظام العام بمدلولته لذلك يرى الأستاذ البعدوي محمد في كتابه الشرطة الإدارية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وهناك الحريات ، أن هناك مجموعة من الشروط الواجب توفرها في القرارات الفردية التي تهم مجال الشرطة الإدارية وهي كالتالي:

-يجب أن يتم اتخاذ القرار الفردي في نطاق الشرعية القانونية.

-يجب أن يكون موضوع القرار الفردي محددا.

-يجب أن تكون للقرار الفردي غاية محددة.

-يجب أن يصدر القرار الفردي من سلطة الشرطة الإدارية المختصة.

-يجب أن يكون القرار الفردي ضروريا ولازما.

وبصفة عامة فالقرارات الإدارية التنظيمية أو الفردية تتميز بالطابع الانفرادي وهي الصفة التي تميز القرار الإداري عن العقد الإداري.

فالأصل هو أن القرارات الإدارية هي تعبير عن إرادة منفردة أي إرادة الإدارة وحدها، فطبيعة الانفرادية تعني أن هذا القرارات تصدر دون إرادة أو خلاف لإرادة المخاطبين به، أي بدون رضاهم[17].

فالصفة الانفرادية للقرار الإداري هي العنصر الأساسي الذي تتمتع به الإدارة في إصدار القرارات الإدارية بغية تعديل المراكز القانونية عبر الموجبات والحقوق التي يفرضها ويمنحها[18].

هذه الصفة الانفرادية للقرارات الإدارية تعطيها وجوبا الصفة الضبطية كونها تتوفر على مجموعة من الأوامر والنواهي والتراخيص أو حسب العبارات الشائعة  انه ينشئ حقوقا ويترتب التزامات [19].

ولعل عنصر الانفرادية في القرارات الإدارية يجعلنا  نعتبرها شكل غير ديمقراطي في تدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية و لا يلاءم الدور الجديد للدولة و الجماعات الترابية الأمر الذي أدى إلى تبني آلية جديدة لتدبير هذا المجال وذلك بغية عصرنته.

المطلب الثاني: العقود الإدارية ميكانيزمات لدمقرطة مجال الشرطة الإدارية الجماعية.

ظهور العقود الإدارية قد بدأ في مرحلة تراجع مفهوم الدولة الحارسة، حيث كانت وظائفها تقتصر على الحفاظ على الأمن الخارجي والداخلي وإقامة العدل بين الناس. لذلك كان النشاط الفردي هو المسيطر على مختلف مجالات النشاط الاقتصادي والاجتماعي والمالي[20].

غير أنه ومع تطور مفهوم الدولة و الانتقال من منطق الدولة الحارسة إلى الدولة المتدخلة, حيث أصبح هذا الكيان-الدولة- ينافس الأفراد في كافة مناحي الحياة الاقتصادية بل أصبح هو المتحكم في الحياة الاقتصادية, لكن ومع ظهور العولمة كمنهج للتحكم في الاقتصاد العالمي وتوجيهه، بدأ دور الدولة في المجال الاقتصادي يتراجع بشكل كبير لصالح المبادرة الخاصة وظهور مفاهيم جديدة من قبيل الخوصصة التي تعني تفويت القطاعات العامة[21],لصالح القطاع الخاص[22].

فمفهوم العقد الإداري استمد من مفهوم العقد المدني[23]، وان كانت العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بتوفر ثلاث شروط جوهرية تتمثل في :

-أحد طرفيه شخص من أشخاص القانون العام.

-يهدف إلى إدارة مرفق عام.

-وجود شروط غير مألوفة في القانون الخاص .

إلا أنه وحسب الفقيه “DUGUIT”  «لا تختلف العقود الإدارية في جوهرها عن العقود المدنية ، لأن العقد له دائما نفس الخصائص والآثار[24]»، ويعتبر الأستاذ ” Richer ”  أن هناك تشابها بين القواعد المطبقة في القانون العام والقانون الخاص بالنسبة للعقود الإدارية والمدنية على حد سواء ، وأرجح ذلك إلى وحدة المفهوم القانوني للعقد[25].

لذلك فالعقود الإدارية تتميز بديمقراطية اكبر بالمقارنة مع القرارات الإدارية ، رغم وجود شروط استثنائية – حيث أن التراضي يشكل جوهر العملية التعاقدية التي تميز العقود الإدارية عن القرارات الإدارية التي تصدر عن الإدارة بشكل انفرادي، إذن فالعقد لا يسرى آثره إلا بتراضي الطرفين طبقا للمادة الثانية من قانون الالتزامات والعقود المغربي، فالقاضي الإداري المغربي يلجأ إلى قواعد القانون المدني فيما يتعلق بأركان العقد الإداري[26]،حيث ذهب المجلس الأعلى في قرار صادر عنه بتاريخ14دجنبر1995.” …أنه مادام لا يوجد ما يثبت أنه وقع التراضي بين الطرفين على تسليم العقار إلى الجماعة المستأنف عليها قبل صدور مرسوم المصادقة من طرف سلطة الوصاية فإن تصرف الإدارة في العقار المبيع قبل ذلك يدخل في أعمال ونشاطات الإدارة التي تستوجب التعويض”[27].

فالمبدأ في العقود الإدارية أنها تقوم على توافق إرادتين بقصد إنشاء أثار قانونية فركنه الأساسي هو الرضى. و الآثار المتولدة عن العقد ترتب موجبات في ذمة كل من طرفيه، لأن إرادة كل منهما قد اتجهت إلى قبول تلك الآثار وبما أن العقد شريعة المتعاقدين اللذين أنشاه بإرادتهما الحرة ، فلا يجوز لأحدهما نقض العقد ، أو تعديله أو إنهاؤه ، إلا باتفاق ملاحق بين هاتين الإرادتين ، ولا يجوز من حيث المبدأ للمحكمة تعديل ما تم الاتفاق عليه بين المتعاقدين ،أو تفسيره إلا في حدود اتجاه إرادة الطرفيين[28].

إن العقد الإداري يستمد قوته الملزمة في الأصل من الإرادة الحرة لطرفيه والملفت للنظر إن السلطة المختصة بالتعاقد لا تتمتع بحرية التعاقد نفسها التي يتمتع بها الأفراد فيما بينهم، سواء الجهة واختيار الفريق الآخر في العقد ، أم لجهة الشكليات والأصول المفروضة لإبرامه ، وهذا ليس محصورا في عقودها الإدارية ، بل هو كذلك في عقودها المدنية ، وتعليل ذلك هو الحرص على صون مصالح الإدارة لاسيما المالية منها وتأمين الحد الأقصى من الضمانات حماية للمصلحة العامة.فحتى يكون العقد سليما يجب أن يتم التعبير عن إرادة الإدارة وفق عملية تمر بمراحل ثلاث: هي أهلية الموظف المتعاقد وإبرام العقد والتصديق عليه[29].

إن الإرادة هي الأساس المباشر لهذه القوة، والعقد الإداري كما كل عقد ينشئ الحقوق ويرتب الموجبات , شأنه في ذلك شأن القانون ، وقد أقر الفقه والقضاء في كل من فرنسا [30] ومصر[31]هذه القاعدة.

لذلك نقول أن انتقال مفهوم العقد من المجال المدني إلى المجال الإداري جاء لإخراج الدولة من فلسفة التسيير التقليدي إلى فلسفة الإشراك وفق منهج الديمقراطية التشاركية سواء للدولة ككيان يمثل الجماعة أو للأفراد انطلاقا من مبادراتهم الخاصة واشتراكهم في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي.

فالعقود الإدارية إذن تعتبر من آليات القانون لاشتراك القطاع الخاص في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي الذي يستند على مفاهيم التدبير المقاولتي التي تهدف إلى تكريس نوع من الشراكة بين القطاع العام والخاص بغية تحقيق تنمية شاملة.

ففي المغرب لعل أول إرهاصات التدبير المقاولاتي جاءت متضمنة للشأن الجماعي كانت سنة1976،والتي تم تعزيزها في الميثاق الجماعي لسنة 2002 و التعديلات التي لحقته-قانون17-08- و الذي جعل الجماعات المحلية إطار وخلية للتنمية المحلية.

فالمرافق العمومية المحلية تعتبر إحدى الوسائل القانونية التي يمكن للمجالس الجماعية أن تتدخل بواسطتها لتلبية الحاجيات العامة وهذا ما كرسه قانون 17-08حيث منح المجالس الجماعية حرية التقرير في إحداث المرافق العمومية داخل دائرة اختصاصها الترابي في مجموعة من القطاعات الحيوية ، وترك لها أيضا حرية التقرير في طرق تدبيرها[32].

فمجموعة من اختصاصات الشرطة الإدارية الجماعية أصبحت موضوع للعقود الإدارية ، حيث بعدما كان هذا المجال مقتصرا على التسيير الأحادي من جانب الإداري وبالتالي كان يتم تدبيره عن طريق القرارات الإدارية مما نتج عنه مجموعة من النقائص في تسيير هذا المجال السيادي على المستوى المحلي ، الأمر الذي حدا بضرورة تبني العقود الإدارية وعبرها مجموعة من التقنيات التي تعتبر من أساليب إدارة المرافق العمومية كأسلوب الامتياز[33] والتدبير المفوض[34].

ويرجع اعتماد هذه العقود الإدارية من طرف الدولة في مجال الشرطة الإدارية الجماعية لما توفره من مرونة وخبرة في تطوير أداء المرافق العامة المحلية حيث تصبح هذه المرافق أكثر فعالية وإنتاجية في نشاطها ، كما أنها تساهم في تطوير التقنيات المعتمدة في إدارة هذه المرافق.

إلا أن إدخال العقود الإدارية في تدبير مجموع المرافق التابعة لمجال الشرطة الإدارية الجماعية لا يعني بالضرورة التخلي الجماعات الترابية عن هذا الاختصاص بل الهدف منه  فقط إشراك القطاع الخاص في تدبير الشأن العام وهذا ما يبدو جليا من خلال أحكام القاضي الإداري في هذا المجال.

المبحث الثاني: تكييف القاضي الإداري  للعقود الإدارية في مجال الشرطة  الإدارية الجماعية.

لعل اللجوء إلى العقود الإدارية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية كما تم بيانه في المبحث الأول هو محاولة السيطرة على متطلبات الشأن المحلي والبحث عن الفعالية في التسيير، وإن كان السبب الرئيسي هو تقليص العبء المالي للتسيير المباشر على ميزانيات الجماعات الترابية[35].

وتكمن أهم أسباب اللجوء للعقود الإدارية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية في :

  • الحاجة الماسة لتطوير نوعية الخدمات التي تقدمها الشرطة الإدارية الجماعية.
  • حاجة الجماعات الترابية إلى تجهيزات ضخمة، والتي تكلف ميزانية الجماعات الترابية أكثر مما تتحمل، لذلك يتم اللجوء إلى العقود الإدارية لتجاوز ذلك العجز.
  • التطور التكنولوجي وعدم مواكبة الجماعات الترابية لهذا التطور .
  • البحث عن الفعالية الاقتصادية ، والجمع بين مزايا القطاع العام والخاص.

ولعل الربط بين مفهومين- مفهوم العقود الإدارية- و-الشرطة الإدارية الجماعية- جاء كنتيجة لتطبيق عقود الامتياز وعقود التدبير المفوض على مجموعة من المرافق الخاضعة لاختصاص الشرطة الإدارية الجماعية.

وتسمح هذه العقود الإدارية – عقود الامتياز وعقود التدبير المفوض- بتوكيل تسيير واستغلال مرفق عام هو من اختصاص الشرطة الإدارية الجماعية لأحد أشخاص القانون العام أو الخاص، حيث يكون الاستغلال لمدة معينة.

غير أن النقاش في بادئ الأمر كان ينصب حول مدى إمكانية خضوع مجموع المرافق التي تدخل في اختصاص الشرطة الإدارية الجماعية لعقود الامتياز والتدبير المفوض ، لكن وبعد نقاش فقهي حول طبيعة هذه المرافق وحول إمكانية أن تكون موضوع للعقود الإدارية أعقبه تواتر للاجتهاد القضائي خصوصا في فرنسا من خلال قرارات مجلس الدولة الفرنسي[36],الذي ساير النقاش الفقهي في التمييز أولا بين الطبيعة مرافق الشرطة الجماعية أو كما تسمى في فرنسا-الجماعة العامة-[37] ,ثم حول مدى قابليتها لأن تكون موضوعا للعقود الإدارية خصوصا عقد التدبير المفوض وعقد الامتياز.

لكن وبعد تطور مفهوم الدولة و الجماعات الترابية وتشبع أدوارهما أصبح النقاش حول مرافق الشرطة الإدارية الجماعية ومدى قابليتها لأن تكون موضوعا للعقود الإدارية نقاشا متجاوزا على اعتبار إن النقاش الفعلي انحصر حول ما مدى فعالية هذه العقود الإدارية في مجال كان إلى عهد قريب اختصاصا سياديا للدولة على المستوى المحلي يتم تدبيره بشكل انفرادي عن طريق أجهزة الجماعات الترابية بواسطة القرارات الإدارية.

لذلك فالقاصي الإداري الفرنسي والمغربي حاولا معالجة هذه الإشكالية بفلسفة جديدة تحاول التوفيق بين المنظور الجديد للدولة الحديثة وحماية الحقوق والحريات الفردية والجماعية للأفراد.

وانطلاقا مما سبق سيتم معالجة هذا المبحث من خلال مطلبين سنحاول في(المطلب الأول)التطرف لعصرنة تدبير مجال الشرطة الإدارية الجماعية،على أن نتطرق في (المطلب الثاني)الحدود التي وضعها القاضي الإداري أثناء إبرام العقود الإدارية في مجال الشرطة الإدارية الجماعية.

المطلب الأول:العقد الإداري آلية لعصرنة أداء مرافق الشرطة الإدارية الجماعية.

تعتبر مرافق الشرطة الإدارية الجماعية مرافق عامة ينصرف نشاطها ومضمونها إلى تحقيق المصلحة العامة على غرار باقي المرافق العمومية الوطنية والمحلية.فهي إذن تنطبق عليها القواعد الناظمة للمرافق العامة من حيث مبدأ دوام سير واضطراب المرفق العام[38],ومبدأ المساواة أمام المرفق  العامة.[39]،ثم مبدأ قابلية المرافق العامة للتغير والتكييف[40].

وانطلاقا من هذه المبادئ ونظرا لتطور الحياة العامة من داخل الدولة وتشعبها أصبح من الصعب إدارة المرافق العامة بشكل مباشر من طرف أجهزة الدولة والجماعات الترابية.لذلك تم الاعتماد على مجموعة من الوسائل والأساليب القانونية  بغيت تحقيق تدبير فعال وناجح الهدف منه إشباع الحاجات العامة والمحافظة على النظام العام بمدلولاته الثلاث الأمن العام الصحة العامة والسكينة العامة.

وبالرجوع إلى الميثاق الجماعي[41]من خلال المادة 39 التي تنص “…..يقرر المجلس الجماعي إحداث وتدبير المرافق العمومية الجماعية….

ويقرر المجلس في طرق تدبير المرافق العمومية الجماعية عن طريق الوكالة المباشرة والوكالة المستقلة والامتياز وكل طريقة أخرى من طرف التدبير المفوض للمرافق العمومية طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها…..”

فالمشرع المغربي إذن استشعر الدور الكبير للمرافق العمومية المحلية وما يمكن أن تقوم به خدمة للمصلحة العامة وأعطى بذلك حرية للجماعات الترابية بإنشاء مرافق عمومية كما أعطاها الحرية في اختيار طرق تدبيرها.فالتأثيرات السياسية لدور الدولة في الاقتصاد كان له الأثر المباشر على تبني الجماعات الترابية لمقاربة جديدة لتدبير مرافقيها لعل أبرزها هو تأثرها بسياسة الخوصصة، حيث إن إشراك القطاع الخاص عن طريق العقود الإدارية في تدبير المرافق العمومية المحلية له مزايا اقتصادية وفي مقدمتها الاستفادة من الرساميل العالمية ، وتحريك الدورة الاقتصادية المحلية ، وتجهيز البنيات التحتية ، كما أن  البحث عن الجودة بمعايير ومواصفات عالمية للخدمات العمومية المحلية دفعت بالجماعات الترابية إلى البحث عن أسلوب جديد يزيد من إنتاجية المرافق العامة المحلية ، وتحديثها انطلاقا من أسلوب التدبير المفوض[42]باعتباره عقدا إداريا.

وقد تعامل القاضي الإداري المغربي مع العقود الإدارية لتدبير مرافق الشرطة الإدارية الجماعية بنوع من السلاسة والمرونة في جعل مجموعة المرافق -الشرطة الإدارية الجماعية- الخاضعة لها قابلة لأن تكون موضوع عقودا إدارية -عقود التدبير المفوض وعقود الامتياز- وهذا  ما تبين من خلال مجموعة من أحكام وقرارات القاضي الإداري المغربي ففي حكم إدارية الرباط الذي جاء فيه ” وحيث أنه لئن كان يترتب عن إبرام عقود الامتياز (وعقود التدبير المفوض بصفة عامة ).التي تندرج في إطار تشكيل الآليات القانونية التي من شأنها الإسهام في تمويل الاستثمارات اللازمة لتدبير مجموعة من الأنشطة المتعلقة بالمرافق الجماعية .مما ينتفي معه ما آثاره المدعى من كون عقد الامتياز يتضمن تفويتا للملك العام الجماعي.

يترتب عن ذلك تخلي شخص من أشخاص القانون العام ( مع محافظته على سلطة الرقابة) عن تدبير مرفق عمومي لفائدة شخص من أشخاص القانون العام أو الخاص مقابل ، تخويل الحاصل على امتياز تدبير المرفق حق تحصيل أجرة من المترفقين وتحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا”[43].

إذن فالقاضي  الإداري المغربي يعتبر عقود التدبير المفوض تدخل في إطار الآليات  القانونية التي تهدف إلى استثمار المرفق العام ، أي أن يعطي الضوء الأخضر  أمام الجماعات الترابية لتطبق تقنية العقود الإدارية من أجل تطوير أداء مرافقها لكي تنتقل من منطق التسيير والتدبير إلى منطق الجماعة المقاولة ،حيث سيمكنها هذا المنطق من الاعتماد على أنماط التدبير المقاولاتي[44],من خلال عملية تتبع و مراقبة طريقة عمل مرافقيها التي أصبحت موضوعا لعقود التدبير المفوض أو عقود الامتياز,غير أنه-القاضي الإداري- وضع مجموعة من القيود على تطبيق تقنية التعاقد و خصوصا في مجال مرافق الشرطة الإدارية الجماعية التي تتميز بخصوصية كبيرة.

المطلب الثاني:حدود إبرام العقد الإداري في مجال الشرطة الإدارية الجماعية.

إن القاضي الإداري لما أجاز الاستعانة بالعقود الإدارية كوسيلة من الوسائل القانونية لإدارة المرافق العمومية المحلية,كان يهدف بالضرورة إلى استثمار هذه المرافق و تطوير خدماتها بما يتلاءم و الدور الجديد للدولة و الجماعات الترابية.

غير أن الاعتماد على التعاقد يجب أن يحترم مجموعة من خصوصيات المرافق العمومية المحلية من بينهما مرافق التي تدخل ضمن اختصاص الشرطة الإدارية الجماعية.

وهذا ما تبين من خلال حكم المحكمة الإدارية بالرباط التي حاولت التمييز بين طبيعة المرافق ومدى خضوعها لتقنية التعاقد:”….إلا إن الطابع الإداري لمرفق عمومي قد يحول دون منح امتياز تدبيره إلى شخص من أشخاص القانون الخاص أو قد يسمح بمنح امتياز تدبيره في حدود خاصة ، وذلك في حالة ما إذا كان  المرفق العمومي ، بطبيعته أو بإرادة المشرع ، من قبيل المرافق الإدارية التي لا يمكن تدبيرها إلا من طرف الشخص العام المختص نفسه …”[45].

فالقاضي الإداري إذن وضع تمييزا بين المرافق العمومية القابلة لأن تكون موضوع عقود إدارية وبين التي لا يمكن أن تكون موضوعا لها، حيث أنه اعتبر أن المرافق التي تتميز بطابع إداري يمكن أن يحول هذه الصفة دون أن تكون موضوع عقود الامتياز أو التدبير المفوض وقد قيد هذه الإمكانية في حدود خاصة.

هذه الفكرة تقتضي كون المرافق والصناعية والتجارية هي الوحيدة التي يمكن أن تكون موضوعا للعقود إدارية-عقود الامتياز وعقود التدبير المفوض- غير أن هذا التمييز لم يعترف به بعض الفقه بحيث قالوا بعدم وجود تمييز بين مرافق عامة إدارية ومرافق عامة صناعية وتجارية حيث اعتبروه نشاط مرفقيا دون تحديد طبيعته[46].

كما كرس الاجتهاد القضائي لمجلس الدولة الفرنسي هذا الرأي وذلك في قضية terrier حين وصف القضاء مهمة المتعاقد مع الجماعة العامة في التخلص من الأفاعي القاتلة بأنها امتياز لمرفق عام إداري[47] .

لذلك فطبيعة المرفق العام سواء كان إداريا أو صناعيا وتجاريا لم يعد هو المحدد الرئيسي للقول  بمدى قابليته لأن يكون موضوعا للعقود الإدارية من عدمها،لذلك ذهب القاضي الإداري للقول بأنه “لئن  كان من حق المجلس الجماعي تفويض تدبير مرفق عمومي جماعي إلى شخص معنوي خاضع للقانون الخاص،إما عن طريق عقد الامتياز أو الوكالة المستقلة أو المباشر وغيرها من طرق التدبير المفوض،فإن هذا التفويض يجب أن ينصب على خدمة هذا المرفق الجماعي لما فيه مصلحة المرتفقين وإرضاء لحاجياتهم،لا على ما يمكن الإضرار بحقوقهم…”[48]

يتضح من خلال هذا القرار أن القاضي الإداري تجنب الحديث والتطرق لطبيعة مرفق موضوع العقود الإدارية ليناقش مدى ناجعة هذه العقود الإدارية في تدبير هذه المرافق ومدى تحقيقها للمصلحة العامة وعدم الإضرار بحقوق المرتفقين.

لذلك نقول أن خضوع المرافق الإدارية للعقود الإدارية وإن كان من شأنه أن يؤدي إلى تقارب مع المرافق الصناعية والتجارية ،يجب أن لا يفسر باقتناء التمييز بين مرافق عامة إدارية ومرافق عامة صناعية وتجارية.

وقد قام القاضي الإداري بوضع قيد الهدف منه خدمة المرافق العمومية الإدارية المحلية التي تكون موضوعا للعقود الإدارية وكذا حماية الاختصاص الأصيل للشرطة الإدارية الجماعية من أن لا يتم تمكينه لأشخاص القانون الخاص وهذا ما يبدو جليا من خلال معالجة لإشكالية وضع الأفخاخ من قبل الشركة صاحبة الامتياز حيث جاء في أحد قرارات محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط ” إن عقل السيارات بأفخاخ من قبل الشركة صاحبة الامتياز وفرض مبلغ مالي لقاء رفع هذا العقل أو الحجز يشكل عملا غير مشروع من جانبها  ،ولو استندت فيه إلى بند من عقد الامتياز المدني يسمح لها بذلك ، مادام هذا البند مخالفا للقواعد القانونية وللنظام الذي لا يجبر تفويض السلطة  (وعمل الشرطة الإدارية من ضمنها)، ولا التنازل عنها للغير وبالتالي فهي تتحمل مسؤولية الضرر اللاحق بالشخص الذي تعرضت سيارته للعقل بواسطة الفخ الذي وضع عليها”[49].

إذن فالقاضي الإداري ركز وبشكل كبير على أنه إذا كان من حق الجماعات الترابية إبرام عقود إدارية تدبير مرافق الشرطة الإدارية الجماعية فعليها أن تتقيد بأن لا تحتوي هذه العقود على شروط تنظيمية تتضمن تفويضا لصلاحيات الشرطة الإدارية الجماعية لفائدة أشخاص القانون الخاص ،على اعتبار أن هذه الاختصاصات تعتبر اختصاصات  سيادية على المستوى المحلي لا يجوز بأي حال من الأحوال ممارستها من قبل أشخاص معنوية خاصة .

وقد ذهب جانب من الفقه  إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر أن : كل اتفاق أو عقد يمنح لطرفيه التزامات متبادلة ، لا يمكن أن ينتج أية حقوق فيما يخص النظام العام ، وأن الطريقة التعاقدية يجب حذفها من طرف ممارسة اختصاصات الشرطة الإدارية الجماعية “[50].

خـــــــاتـــــمــــــة:

لعل الخوض في إشكالية عصرنة مجال الشرطة الإدارية الجماعية بواسطة تقنيات قانونية أبرزها الاعتماد على العقود الإدارية التي تمكن من إشراك القطاع الخاص في تدبير هذا المجال ,مما سينتج عنه نقل لوسائل التدبير الحديثة و إدخال أدوات تكنولوجيا جديدة تجعل من المرافق العمومية المحلية الخاضعة للشرطة الإدارية الجماعة تقوم بدورها في إشباع الحاجات العامة و المساهمة في التنمية الاقتصادية المحلية.

وقد انخرط القضاء الإداري في هذه الصيرورة محاولا إيجاد شروط للملائمة بين مجال الشرطة الإدارية الجماعية ,و ما يتميز به من خصوصية سيادية على المستوى المحلي, إضافة إلى ارتباطه بالنظام العام المحلي و العقود الإدارية باعتبارها آلية قانونية تنبي على توافق إرادتين و بالتالي حاول القاضي الإداري خلق مكنزمات للتوفيق بين هاتين الخصوصتين.

وفي هذا السياق اعتبر القاضي الإداري العقود الإدارية تدخل في إطار تشكيل الآليات القانونية التي من شأنها الإسهام في الاستثمارات اللازمة لتدبير مجموعة من الأنشطة المتعلقة بالمرافق العامة الجماعية,غير أنه و لحماية مجال الشرطة الإدارية من الاعتداء على خصوصيته فقد اشترطت أن لا تتضمن تلك العقود الإدارية شروط تنظيمية تتضمن تفويضا لاختصاصات الشرطة الإدارية الجماعية.


[1] – النظام العام المحلي:أحد المرتكزات الأساسية التي تسعى سلطات الشرطة الإدارية الجماعية إلى المحافظة عليها, و هو مفهوم فضفاض وواسع , مفهوم معقد و متغير و غير مستقر في معناه و مضمونه بل يمكن أن نعتبره بأنه غير مفهوم في بعض الأحيان و من الصعب تعريفه و حصره في معنى واحد, و قد عرفه الفقيه “Rivero” « النظام المحلي يتحدد بطابعه المادي أساسا, من خلال تجنب الاضطرابات الظاهرة و الخارجية, في معناه المعنوي,بحيث لا تشكل الأخلاق و الآداب العامة موضوعا لهذا النظام « . أورده شقروني أنوار الشرطة الإدارية الجماعية في القانون المغربي, أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام,جامعة سيدس محمد بن عبد الله,كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بفاس السنة الجامعية 2006-2007,ص:135.

[2]  الأعرج محمد, قانون منازعات الجماعات الترابية, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية,سلسلة مواضيع الساعة عدد58, 2008, ص:111.

[3] -المادتين 49 و المادة 50 من القانون المتعلق بالميثاق الجماعي 00-78 المتعلق بالميثاق الجماعي وفق ما تم تغييره و تتميمه بالقانون 08-17 الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 153-08-1 بتاريخ 22 صفر 1430 الموافق ل 18 فبراير2008.

[4] -المكي السراجي ، نجاة خلدون : معيار القرار الإداري ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة دراسات عدد71.نونبردجنبر2006ص41.

[5]-الأعرج محمد ، القانون الإداري المغربي .الجزء الأول ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد74 ، 2011، ص199.

[6] – عصام نعمة إسماعيل ، الطبيعة القانونية  للقرار الإداري .دراسة تأصيلية  مقارنة في ضوء الفقه والاجتهاد ، منشورات الحلبي الحقوقية, الطبعة الأولى 2009, ص:149.

[7] – الأمن العام : ويقصد به انعدام الحوادث والكوارث التي من شانها أن تسبب أضرار الأشخاص والممتلكات ، التي قد يكون مصدرها أعمال فردية أو كوارث طبيعية كما يعرفه البعض بأنه حماية الأشخاص والجماعات من جميع ما من شانه أن يهدد سلامة الأشخاص والممتلكات انه الشرط الأساسي والأول لوجود النظام العام ، أورده شقروني أنوار ، الشرطة الإدارية الجماعية في القانون المغربي ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام ، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية قاس2006-2007ص138.

[8] – الصحة العامة ، يقصد بها حماية الأشخاص من الأخطار التي تهدد صحتهم من الأوبئة وأخطار العدوى والأخطار الناجمة عن غياب الصحة وهو التعريف الذي اجمعت عليه جميع الاتجاهات الفقهية كالفقيهborard ;picard ;castagné, teitgenوغيرهم .أورده شقروني أنوار ، نفس المرجع ، ص139.

[9] – السكينة العامة : ويقصد بها منع جميع أشكال مصادر الإزعاج التي تتجاوز الحد العادي كالضوضاء ، والتجمعات الليلية في الشوارع والأماكن العامة التي من شانها ان تقلق راحة الجوار ، أورده شقروني أنوار في نفس المرجع ص 140.

[10]– ايت المكي محمد ، محاضرات في القانون الإداري ، مطبعة ووراقة الليدو 2000-2001 فاس ص 132.

[11]– مصطفى قلوش :”الإطار القانوني والفقهي للقوانين التنظيمية ” المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة دراسات،عدد 47،2002ص11اورده، الأعرج محمد، القانون الإداري المغربي ، الجزء الأول ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مواضيع الساعة عدد 74-2011-ص226.

[12] -البعدوي محمد.. الشرطة الإدارية وإشكالية الموازنة بين الحفاظ على النظام العام وضمان الحريات ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد94، 2013، ص117.

[13] – الأمن القانوني:فله معنيين معنى ضيق و يقصد به:الإجراءات الخاصة بتأمين الفرد داخل الدولة ضد الأخطار التي تمس نفسه و ماله, ووضع التشريعات التي تحقق حمايته و الحفاظ على مقدساته,من خلال أجهزة الأمن الداخلي لمنع وقوع الجرائم, و إنشاء الأجهزة القضائية,لتوقيع العقاب على الخارجين على القانون.أما المعنى الواسع:فهي الإجراءات التي تتخذ لمواجهة الأخطار من الناحية الخارجية,ليست العسكرية فقط,بل الاقتصادية و الاجتماعية.أورده الحنودي علي:الأمن القانوني:مفهومه و أبعاده, المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية ، سلسلة دراسات عدد96، 2011، ص118.

[14] – شقروني أنوار ، الشرطة الإدارية الجبائية في القانون المغربي ، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام.بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية .فاس السنة الجامعية 2006-2007 ص97.

[15] -إدريسي عبد الله ، محاضرات في القانون الإداري المغربي-الجزء الثاني، النشاط الإداري ، دار النشر الجسور ، وجدة ،الطبعة الأولى 1995  ص309.

[16]-مرغيني محمد ، المبادئ العامة للقانون الإداري المغربي ، الطبعة 3 مطبعة الساحل ، الرباط 1984ص280، أورده البعدوي محمد ، مرجع سابق ص133.

[17]-عصام نعمة إسماعيل مرجع سابق ، ص151.

[18] -Hauriou Maurice- précis de droit administratif droit public général ;librairie de la société du recueil général des lois et des arrêts -4 éditions 1900p270.

[19] -المكي السراجي ، نجاة خلدون ، مرجع سابق ص59.

[20] -العيوني ثوريا ، نظرية المرافق العامة ، الطبعة الأولى مطبعة الجسور 2005ص1.

[21] -القطاع العام: ويستخدم للدلالة على النشاطات الاقتصادية القائمة على أساس ملكية الدولة لرأسمال  والمنتجات.

[22] -القطاع الخاص: وهي مجموع المؤسسات التي تكون خاضعة لرأسمال الأفراد أو الشركات.

[23] العقد المدني:توافق إرادتين على إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه ، وبصورة أدق تعبير عن توافق إرادتين على إحداث اثر قانوني، مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي ، الجزء الأول ،مصادر الالتزامات ، مطبعة النجاح الجديدة ، الدار البيضاء 1972ص30.

[24] -André de Laubadére ;jean claude venezia et yves gudemet ;droit administratif Général ;15édition ;LGDJ ;1999 ;p594.

[25] -Laurent richer.le marché public ; problèmes actuels de définition CJEG ;1986 ;p37.

[26] -أوردهما المشيشي أناس ، وحدة المفهوم القانوني للعقد في القانون الإداري والقانون الخاص ، المجلة للإدارة المحلية والتنمية سلسلة دراسات عدد 101،201ص156.

[27] -قرار المجلس الأعلى رقم 537/95الصادر في 14 دجنبر1995، ملف إداري عدد 134/95قرارات المجلس الأعلى من أهم القرارات الصادرة في المادة الإدارية ،، منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الأربعين ، مطبعة المعارف الجديدة 1997 ص -359-361اورده المشيشي أناس ، مرجع سابق ص157.

[28] -Laurent richer ; les contrats administratifs ;LGDJ 7 édition 2010 p.61

[29] -قبلان علي عبد الأمير، اثر القانون الخاص على العقد الإداري ،الجزء الأول مكتبة زين الحقوقية  والأدبية، بيروت – لبنان 2011ص96.

[30] – Jéze gaston  ;les principes généraux de droit administratif ;DLLOZ ; paris 2005 ;p1.

-Waline marcel ; traité élémentaire de droit administratif ; SIREY ; paris 1950 ;p359.

-L’huillier ; les contrats administratifs tiennent ; lieu de loi administration ; paris 1958 CHRON ;p87.

-Bénoit francis-paul ; droit administratif français DALOZ ; paris 1968 p : 616. قرار مجلس الدولة الفرنسي – CE ; 14/19/1923société des grands moulis de corbeile. Rec. ; p844.”إن العقد الإداري كما العقود المدنية تقوم أساسا على قاعدة  العقد شريعة المتعاقدين و لا يمكن لأطراف العقد أن يعدلوه أو يفسخوه إلا بإرادتهم المشتركة” أورده قبلان علي عبد الأمير ، مرجع سابق ص98.

-قرار مجلس الدولة الفرنسي – CE ; 14/19/1923société des grands moulis de corbeile. Rec ; p844.”ان العقد الإداري كما العقود المدنية تقوم أساسا على قاعدة  العقد شريعة المتعاقدين و لا يمكن لأطراف العقد أن يعدلوه أو يفسخوه إلا بإرادتهم المشتركة” أورده قبلان علي الأمير ، مرجع سابق ص98.

[31] -سليما محمد الطماوي الأسس العامة للعقود الإدارية ، دراسة مقارنة ، دار الفكر العربي ، مطبعة جامعة عين شمس ، القاهرة الطبعة 5، القاهرة ،مصر1991ص410.

– فؤاد العطار ، القانون الإداري ، دار النهضة العربية ، طبعة 3 ، القاهرة 19763ص576.

كما أفتت الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع في مصر” طالما كان الأصل في العقود الإدارية إن العقد شريعة المتعاقدين، شانها شان العقود المدنية ، فيجب تنفيذها بما اشتملت عليه من حيث حقوق والتزامات المتعاقد مع الإدارة إنما يحددها العقد المبرم بينهما ، كان نص العقد هو الواجب التطبيق احتراما لقاعدة العقد شريعة المتعاقدين ” فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع ملف 78/02/16جلسة 09/02/1987 مجموعة المبادئ القانونية التي تضمنتها فتاوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع السنتان 41 و 42 ص 598، والفتوى رقم 28 بتاريخ 11/01/1998 جلسة 10/12/1997ملف رقم 54/01/343 انظر المستشار عليوة فتح الباب ، الموسوعة العلمية في المناقصات والمزايدات ، مكتبة كوميت، القاهرة ، مصر 1999،ص706،أورده قبلان علي عبد الأمير ، مرجع سابق ص 101.

[32] -هسكر بهيجة ، الجماعة المقاولة بالمغرب (الأسس، المقومات والرهانات) سلسلة اللامركزية والإدارية ، المحلية عدد 5 الطبعة الأولى طوب بريس الرباط 2010ص41.

[33] -يعتبر أسلوب الامتياز من العقود الإدارية ، ويتضمن عقد الامتياز بنودا تعاقدية تقتضي بالتزامات متبادلة بين طرفي العقد ، الا انه يتضمن أيضا بنودا تملك الإدارة تعديلها بإرادتها المنفردة نظرا لطبيعتها التنظيمية.

[34] -التدبير المفوض حسب المادة 4 من قانون 54-05″ يعتبر التدبير المفوض عقدا يفرض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى”المفوض” لمدة محددة ، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام او الخاص يسمى “المفوض إليه” يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير المذكور أو هما معا.

يمكن  أن يتعلق التدبير المفوض كذلك انجاز أو تدبير منشاة عمومية أو هما معا تساهم في مزاولة نشاط المرفق العام المفوض ” ظهير شريف رقم 15-06-1 صادرة في 15 من محرم 1447(14 فبراير2006)صادر في الجريدة الرسمية عدد 5405 بتاريخ 2006/03/16ص744.

[35] -الفصل 135 من الدستور المغربي الصادر في 29 يوليوز 2011 بالجريدة الرسمية رقم 5966مكرر الصادرة بتاريخ 30 يوليوز 2011،الظهير الشريف رقم 91-11-1 الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2011 بتنفيذ نص الدستور.

[36] -Auby Jean-François :la délégation  de service public. Guide pratique. Dalloz paris 1997.p10.

– Delvolvé Pierre : les contradictions de la délégation de service public AJDA ;1996 p 675.

[37]-CE13Janvier1961.RDP1961conclusion-j.fourmier p155 ;234أورده وليد حيدر جابر،مرجع سابق

[38]مبدأ استمرارية المرفق العام.يعني هذا المبدأ ضرورة سير المرفق العام بانتظام ودون انقطاع لأن الإخلال بسيره يخل بالمصلحة العامة وهذا المبدأ اقره النص الدستوري من خلال الفصل 154 من دستور المغربي سنة 2011.

[39] مبدأ المساواة أمام المرافق العامة.مبدأ المساواة هو المبدأ الأساسي الذي يحكم دولة القانون  ولهذا فالمساواة أمام المرفق العام ليس إلا نتيجة للقاعدة الدستورية التي تنص في الفصل السادس من دستور المملكة المغربية ل2011على أن “القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع،أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين بما فيهم السلطات العمومية متساوون أمامه وملزمون بالامتثال له”وهو المبدأ الذي نص عليه الفصل 154من الدستور 2011 وتعني انه هناك مساواة في الحقوق والالتزامات والأعباء اتجاه المرفق العام.

[40] مبدأ قابلية المرافق العامة للتغير والتكييف.يعني هدا المبدأ أن يكون للجهة الإدارية القائمة بإدارة المرفق العام او المشرفة  الحق دائما ومن خلال سلطتها التي خولها القانون ممارستها أن تدخل على تنظيم المرفق العام وقواعد تشغيله وعلى علاقته بالمنتفعين بخدماته من التعديلات والتغييرات ما تراه ضروريا حتى يتحقق الهدف منه على أكمل وجه.

[41] القانون رقم 78-00 المتعلق بالميثاق الجماعي وفق ما ثم تغييره وتتميمه بالقانون 17-08 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 153-08-1 بتاريخ 22 صفر 1430(18فبراير2008)

[42] -بهيجة هسكر، مرجع سابق ص49.

[43] -حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 1418 بتاريخ 20/11/2006.أورده محمد الأعرج، مسؤولية الدولة والجماعات الترابية في تطبيقات القضاء الإداري المغربي ، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية عدد 99 ، 2013، ص278.

[44] -بهيجة مسكر ، الجماعة المقاولة بالمغرب ( الأسس، المقومات والرهانات)، الطبعة الأولى 2010،  مصطلح الجماعة المقاولة هو مستمد من عنوان او مضامين كتاب هذه المؤلفة.

[45] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 1418 بتاريخ 20/11/2006.نفس المرجع ص:278.

[46] – Bénoit jean- paul :le droit administratif français ; DALLOZ paris 1968 p803

– Delvolvé Pierre : les contradictions de la délégation de service public AJDA ;1996 p 675.

[47] وليد حيدر جابر ص234

[48] قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1209 بتاريخ 21/06/2010 ملف عدد 77/09/06 غير منشور بتاريخ 1/06/2009 ملف عدد 134/09/06 غير منشور.

[49] – قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1208 بتاريخ 212010/06/, ملف عدد 76 6/09/غير منشور.

[50] – Moreau jaques :Droit administratif ;presses universitaires de France(PUF)1989 p :30

الأكثر رواجًا