ودور الجهاز القضائي في مكافحتها

أحلام ترة

طالبة باحثة كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية

جامعة محمد الخامس السويسي  سلا

 

تقديم

تعتبر الجريمة المنظمة صورة من صور الإجرام الخطرة، وقد تطورت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا وتحولت في كثير من صورها إلى ظاهرة عالمية، وتزايدت المخاطر والأضرار التي تحدثها بالمجتمع ومن صور الجريمة المنظمة ([1]) جريمة غسل الأموال والتي يقصد بها وكما هو مبين من تسميتها أنها عملية تطهر من خلالها أموال لم يكن بالإمكان التعامل فيها إلا من خلال إضفاء صفة المشروعية عليها، لأنها ناتجة عن أعمال غير مشروعة ومخالفة للقانون، ولا شك أن طريقة شرعنتها هاته تستوجب القيام بعمليات اقتصادية ومالية تهدف إلى تسييل الأموال بصورة مشروعة ومرنة.

وقد عرفت هذه الظاهرة تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة بفعل التطور الكبير في الوسائل التكنولوجية الحديثة، والذي يعد أحد المظاهر الأساسية لمظاهر العولمة، وما أدى إليه من ظهور العديد من الوسائل الفنية والإلكترونية الحديثة لنقل الأموال وتداولها، والتي تسمح بالتعامل مع الأوراق النقدية وانتقال الأرصدة المالية من شخص لآخر عبر الحدود الجغرافية والإقليمية على مستوى العالم من خلال شبكات الإنترنت المنتشرة في أرجاء العالم، دون الحاجة إلى المرور عبر القنوات المصرفية التقليدية فضلا عن انتشار أنظمة الدفع الحديثة المصاحبة لعمليات التجارة الإلكترونية، وقد أدت كل هذه التطورات التكنولوجية الحديثة وغيرها فرصة أمام غاسلي الأموال لاستغلال هذه التطورات والخدمات الحديثة التي تقدمها البنوك للقيام بعمليات غسل الأموال على نطاق أوسع.

وهناك اتفاق وإجماع عام أن ظاهرة غسل الأموال قد استفحل أمرها وبلغت حجما لم يعد من الجائز التهاون بشأنها نظرا لما أصبحت تشكله هذه الظاهرة من مخاطر على جميع المستويات والأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بحيث صار من الضروري بذل الجهود لمكافحتها، وتم دوليا إصدار العديد من الاتفاقيات وعقد مجموعة من المؤتمرات التي عززت الإجراءات والتدابير لتجريم هذه الظاهرة، والعائدات المتحصل منها، إذ تكاد عمليات غسل الأموال تشكل موضوعا دائما على مائدة المؤتمرات الدولية، وعلى حد تعبير أحد رجال القانون، فإن الدول والقوانين في كل مكان من العالم، تبقى دائما متأخرة مقدار خطوة واحدة عن تقدم الجريمة، وكذلك الحال فإن الجهود الدولية لمكافحة تبييض الأموال قد جاءت متأخرة على هذا الصعيد ([2]) .

وفي هذا الإطار فالمغرب لم يكن بعيد عن هذه الظاهرة، ولهذا شارك في مجموعة من الندوات والمؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، والتي تخص معالجة موضوع جرائم الفساد وغسل الأموال، كبرنامج الأمم المتحدة الائتماني في إطار تعزيز حكم القانون في الدول العربية، بالإضافة إلى عقد مجموعة من الندوات بتنسيق مع الوزارات والمؤسسات المعنية.

ولعل من الوسائل التي تعتمدها الدول لمكافحة جريمة غسل الأموال ومنها المغرب، إقرار برامج تشريعية وتنظيمية للدولة من خلال سن قانونا يجرم هذه الظاهرة، تماشيا واستجابة للاتفاقيات الدولية الموقعة عليها الدولة، وكذا تظافر الجهود داخل الدولة من خلال تلاحم واتحاد المؤسسات المالية والقضائية، وما لهذه الأخيرة من دور فعال في مجال القضاء أو الحد من هذه الظاهرة.

إذ يقع على عاتق الاجتهاد القضائي مسؤولية إحداث التوازن بين مجال الحريات والحفاظ على قيم المجتمع، سد الثغرات التشريعية التي يلجأ إليها الجناة لإبعاد التهم عنهم، إذ إن ندرة الأحكام القضائية القاضية بالإدانة في هذا المجال يدل على أن التطبيق العملي يواجه صعوبة.

والواقع أن تعزيز التعاون الدولي بين السلطات القضائية وأجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة المنظمة وتمويلها يجد صداه في مجال قانون المسطرة الجنائية وقانون مكافحة غسل الأموال رقم 13.10، والتي من بين فرضت إلزام رقابة قبلية صارمة على تحركات الأموال المشبوهة وما أتت به مقتضيات هذا القانون تتمة للقانون الذي سبقه رقم 43/ 05.

المبحث الأول: الدلالة القانونية لجريمة غسل الأموال

على الرغم من أن جريمة غسل الأموال قديمة قدم التاريخ، إلا أن مفهومها اكتسب طابعا مراوغا، وخصائص وصفات ملتبسة وغامضة مما يحتاج الأمر إلى توضيح المفاهيم، وهي من الجرائم التي تحتاج في صياغة مفهومها إلى مراجعة مستمرة من حين لآخر، وذلك راجع للتزايد الإلكتروني والعلمي وإلى ما يبتكره غاسلي الأموال من أساليب وطرق للتخلص من تبعات الجريمة.

المطلب الأول: المفاهيم الدالة على جريمة غسل الأموال

على الرغم من نمو ظاهرة غسل الأموال وانتشارها في الآونة الأخيرة، حتى أصبحت مشكلة عالمية ([3]) ، فإنه لا يوجد تعريف قانوني متفق عليه دوليا لعمليات غسل الأموال والتي أصبحت الشغل الشاغل لكل من صانعي السياسات الاقتصادية ولاسيما القائمين على السياسات النقدية والمصرفية سواء محليا أو إقليميا أو عالميا، غير أن هناك من التعريفات الإجرائية والوظيفية التي يعد وجودها أمرا ضروريا لتحديد مفهوم هذه العمليات.

الفقرة الأولى: تعريف جريمة غسل الأموال

يتطلب تحديد معنى مصطلح غسل الأموال التعرف على معناه اللغوي الاصطلاحي فلفظة غسل مشتقة من فعل غسل أي طهر ومن هنا ندرك وجه التسمية، لأن المال الآتي من مصدر خبيث وقذر، إذا أدخل في عمل يقره القانون الوضعي ويأذن به تحول من مال خبيث وقذر إلى مال نظيف.

وقد يثار التساؤل حول المصطلح الأصح لهذه الظاهرة، هل تبييض الأموال أو غسل الأموال، إلا أن كلا المصطلحين صحيح، فتبييض الأموال هو ترجمة لـ Le blanchimet de l’argent، أما غسل الأموال فهو ترجمة لـ Money Laundering، ويفضل استعمال مصطلح غسل الأموال تماشيا مع المشرع المغربي الذي أورد مصطلح غسل الأموال لا تبييض الأموال في القانون رقم 05.43 أو 13.10 والمتعلق بمكافحة غسل الأموال.

ولئن تعددت التسميات من غسل أو تنظيف أو تبييض أو تطهير الأموال واختلفت المعاني اللغوية لتلك المصطلحات، فإن المدلول القانوني يظل واحدا طالما أن العملية تكمن في شرعنة المال غير المشروع.

وقد تعددت التعاريف الخاصة بمفهوم غسل الأموال من دولة لأخرى أو من خلال بعض التعاريف التي تضعها الاتفاقيات أو الفقهاء أو بعض المؤسسات الدولية التي كان لها النصيب في وضع تعاريف لهذه الظاهرة ([4]) ، إذ فالمشرع المغربي لم يعط تعريفا لغسل الأموال – على اعتبار أن التعاريف تكون من اختصاص الفقه – بل اقتصر فقط على الأفعال المكونة لها، والتي وسع من نطاقها في القانون رقم 13.10 حيث أضاف مجموعة من الأفعال لم يكن منصوص عليها في القانون رقم 43.05.

الفقرة الثانية: مراحل غسل الأموال

الجدير بالذكر أن عمليات غسل الأموال تمر عادة بمراحل ثلاث رئيسية ([5]) والمتمثلة في مرحلة الإيداع أو التوظيف، مرحلة التغطية أو الترقيد ثم مرحلة الدمج أو التكامل، وقد تتداخل تتشابك هذه المراحل الثلاث في أحيان كثيرة، بحيث يصعب الفصل بينها على نحو قاطع ([6]) .

  • مرحلة الإيداع أو التوظيف:

ويمكن تعريف هذه المرحلة بكونها “دخول العائدات النقدية في نظام مالي يقوم على الأعمال” ([7])، ويعبر عنها بالمرحلة التمهيدية أو التحضيرية للغسل، وهي المرحلة الأكثر صعوبة، بحيث يقوم غاسلوا الأموال في هذه المرحلة بالتخلص من النقود السائلة، وذلك إما بإيداعها في مؤسسات مالية سواء في الداخل أو الخارج، أو عن طريق استثمارها في قطاعات المضاربة ذات السيولة النقدية الضخمة كالمطاعم، تجارة المجوهرات وغيرها.

وتجدر الإشارة إلى أنه حينما يختار الراغب في الغسل تقنية إيداعها لدى مؤسسات بنكية غالبا ما يقوم بتجزئتها إلى مبالغ صغيرة تقل عن الحد الأدنى الموجب التبليغ عنه، وقد فطنت العديد من الدول لهذه الحيلة مما جعلها تجرم عمليات التجزئة، كما هو الحال للتشريع الأمريكي.

  • مرحلة التغطية أو الترقيد:

ويطلق عليها كذلك الفصل أو التعتيم أو التمويه L’emilage ويراد به فصل الأموال غير المشروعة عن مصدرها، وفي هذه المرحلة تواجه الأجهزة القائمة على تعقب نشاط غسل الأموال صعوبة كبيرة في ملاحقة التحويلات الإلكترونية والبرقية، حيث تنتقل الأموال بواسطتها بسرعة فائقة في البنوك خارج البلاد، ولذلك تعتبر الأكثر تعقيدا وأكثرها اتصافا بالطبيعة الدولية([8])، والهدف من هذه المرحلة هو تضليل الجهات الرقابية والأمنية والقضائية عن معرفة المصدر غير المشروع للأموال القذرة.

  • مرحلة الدمج أو التكامل:

وكما هو واضح من تسميتها يقوم غاسلوا الأموال في مرحلة الدمج بدمج أو مزج الأموال القذرة وغير المشروعة في الاقتصاد وجعلها تبدو كأنها أموال مستمدة من مصادر مشروعة وذلك بهدف تغطية الجريمة بشكل عام.

وبعد وصول الأموال إلى هذه المرحلة تكون قد بلغت مرحلة الأمان، بحيث يصبح من الصعب التفريق بين الأموال المشروعة والأخرى غير المشروعة، كما يصعب في هذه المرحلة على الأجهزة المختصة بمكافحة غسل الأموال كشف العملية لصعوبة التمييز والتفريق بين هذه الأموال، نظرا لأنها خضعت لعدة عمليات متتالية من الممكن أن تكون قد استمرت لعدة سنوات، ولتوضيح مراحل غسل الأموال نقترح الرسم التالي:

المطلب الثاني: خصائص جرائم غسل الأموال وانعكاساتها

تعد عمليات غسل الأموال أنشطة مكملة لنشاط رئيسي سابق أسفر عنه تحصيل كمية من الأموال غير المشروعة، فغالبا ما يتحصل على الأموال المراد غسلها من أنشطة غير مشروعة مثل أنشطة المخدرات، الفساد المالي وغيرها.

الفقرة الأولى: خصائص جريمة غسل الأموال

  • ارتباطها بالمخدرات والأموال غير المشروعة والفساد المالي

تعتبر جرائم الاتجار في المخدرات في مقدمة الأنشطة غير المشروعة التي ترتكبها التنظيمات الإجرامية بسبب الأرباح الطائلة والسريعة التي تنتج عن تلك الجرائم، واستنادا للتقرير السنوي لبرنامج الأمم المتحدة للرقابة الدولية على المخدرات لعام 1997، فحجم الأموال الناتجة عن الاتجار في المخدرات وحدها يقدر بحوالي 400 مليار دولار سنويا أي ما يعادل 8 بالمئة من إجمالي الصادرات العالمية.

وتبرز خطورة هذه الأموال بالإضافة إلى أنها تستخدم في الرشوة وإفساد بعض الموظفين لتسهيل أنشطة التنظيمات الإجرامية أي أنه يتم غسلها واستثمارها في الاقتصاد المشروع، ونصف الأموال التي يتم غسلها على مستوى العالم باق من تجارة المخدرات.

  • ارتباط غسل الأموال بالفساد الإداري والمالي

يعتبر الفساد ظاهرة اجتماعية قديمة، انتشر حديثا ولاسيما في الوطن العربي بفعل عدم خضوع السلطات السياسية والإدارية لقوانين واضحة، وضوابط معلنة تمكن من ممارسة الرقابة عليها، أو بسبب جهل المواطن وخوفه، أو بسبب انعدام حرية التعبير ولأسباب أخرى ([9]) ، وتصنف المنظمات الدولية المغرب في مرتبة متقدمة من حيث تفشي آفة الرشوة في إدارته ومؤسساته.

بالإضافة إلى جريمة الرشوة هناك جريمة اختلاس الأموال العامة التي تعتبر هي الأخرى مظهرا من مظاهر الفساد، والتي كان قد عهد النظر فيها لمحكمة العدل الخاصة والتي أصبحت الآن جزءا من تراثنا القضائي.

وهذه الجرائم المتمثلة في كل من جرائم الاختلاس والتبديد واستغلال النفوذ (والتي هي صورة من صور الفساد الإداري والمالي)، لا تتحقق إلا بتحقق القصد الجنائي الذي يعتبر ركنا معنويا في هذه الجرائم، إذ لا بد من إرادة حرة نابعة من طرف الموظف المتهم بإحدى هذه الجرائم، والمعيار السليم للتجريم في هذه الجرائم يمكن في العلم والإدراك القائمين لدى الجاني بأن الأذى والضرر محتمل الحدوث وراجع الوقوع عن فعله بحيث يقوم التجريم على تعمده.

ويعد الفساد من أكثر الجرائم التي تهدد الاقتصاد الوطني، وقد ظل المغرب واعيا بخطورة هذه الآفة، إلى درجة أن عددا من الخطب الملكية أثارت القضية باعتبارها قضية تخليق الحياة العامة، ورد في خطاب الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة القضائية بأكادير سنة 2002، “وتظل غايتنا إيجاد قضاء مختص يضمن الحق في المحاكمة العادلة… حريص على تخليق الحياة العامة وحماية المال العام من كل أشكال الفساد وترسيخ ثقافة وأخلاقيات المسؤولية”.

  • عالمية جريمة غسل الأموال

أصبحت عمليات غسل الأموال تمتد أفقيا عبر حدود الدول النامية، وساعد على ذلك مناخ التحرر الاقتصادي والمالي، ومن ثم فإن هذه العمليات لم تعد أحادية الجانب في تحركاتها، بل أصبحت تعمل في الاتجاهين في آن واحد، مع الاختلاف في الأهمية النسبية لهذه التحركات التي تتطور مع الزمن، ومعنى ذلك أن عمليات غسل الأموال التي كانت بدايتها محليا، امتدت وأصبحت تكتسب أبعادا دولية وعالمية، مما يزيد المشكلة تعقيدا وصعوبات كبيرة ولاسيما عدد محاولة تعقبها ومواجهتها ([10]) .

ويزداد الاتجاه نحو عمليات غسل الأموال دوليا مع ازدياد الاتجاه لتحرير التجارة العالمية، حيث يستغل محترفوا عمليات غسل الأموال فتح الحدود وإزالة القيود في نقل الأموال غير المشروعة عبر الحدود لتكون أكثر أمانا في دول أخرى، غير تلك التي تمت على أراضيها الأنشطة غير المشروعة.

وقد أبدت بعض وسائل الإعلام الغربية تخوفها من انتشار جرائم غسل الأموال مع قيام الاتحاد الأوروبي، وإقامة النافتا، وتزايد عمليات تحرير التجارة السلعية، وتحرير تجارة الخدمات المصرفية والمالية.

إذ يمكن تفسير عالمية الجريمة المنظمة بوجه عام، استنادا إلى التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم في نهاية القرن العشرين، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، إلى جانب التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصال الذي تحقق في هذا العصر، مما أدى بهذه التحولات إلى اتساع نطاق حرية انتقال الأشخاص وحرية نقل الأموال عبر الدول، وحرية التجارة الدولية، وشيوع استعمال الوسائل الإلكترونية في إجراء المعاملات التجارية والمالية.

الفقرة الثانية:انعكاسات جريمة غسل الأموال

رغم الاهتمام الكبير الذي توليه الأسرة الدولية لخطورة تفاقم مشكلة تجارة المخدرات بصفة خاصة وعلى الأموال بصفة عامة، بغية الحد منها بشتى الوسائل العلمية والعملية والقانونية، إلا أنها ما تزال في تفاقم مستمر، وما زال تأثيرها السلبي يتزايد يوما بعد يوم ملقية بظلالها على تنمية وتقدم الكثير من دول العالم، وهذا التأثير يؤثر بالأساس في كل من المجال الاقتصادي، الاجتماعي والسياسي ([11]) .

الآثار الاقتصادية

تشكل جرائم غسل الأموال خطرا كبيرا على الاقتصاد العالمي، وهي ظاهرة تعتبر بمثابة التهديد المباشر للمؤسسات المالية والوطنية، بل والمالية العالمية Finance Mondiale، ويؤدي تأثيرها بالأساس إلى التأثير غير العادل للثروة، حيث توزع ثروات بدون عمل أو مجهود.

  • آثار عمليات غسل الأموال على الدخول القومي

يؤدي خروج الأموال المراد غسلها بطرق غير مشروعة إلى خارج الدولة، إلى حرمان الدولة المعنية من العوائد الإيجابية، التي يمكن أن يحصل عليها المجتمع، والتي من المفروض أن تشكل قيمة مضافة إلى الدخل القومي، بحيث تؤدي إلى اختلالات في العرض داخل الأسواق، وفي قيمة الأسعار المحلية، وغسل الأموال يؤدي أيضا إلى الزيادة في معدلات الاستهلاك بشكل يفوق الدخل القومي، ويساهم في حدوث خلل اقتصادي هيكلي حسب انخفاض المدخرات والزيادة في الاستهلاك دون حدوث نمو مماثل في الناتج المحلي الإجمالي، ناهيك عما يترتب عن غسل الأموال من انخفاض في الدخل المسجل في الحسابات القومية، مما يضطر ببعض الحكومات إلى اللجوء إلى فرض ضرائب جديدة أو زيادة في أسعار الضرائب القائمة، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء الضريبية على عاتق أفراد المجتمع ([12]) .

وفي الولايات المتحدة الأمريكية، أكدت الإحصائيات أن الدخول غير المشروعة تؤثر سلبا على الاقتصاد القومي بنسبة 27 بالمئة، وفي أغلب الدول المتقدمة بسبب الدخول غير المشروعة، ظهر قطاع اقتصادي غير رسمي، يتجاوز بمعدلات مرتفعة قطاعات الاقتصاد الرسمي ([13]) .

  • آثار عمليات غسل الأموال على معدل التضخم

تؤثر عمليات غسل الأموال على معدلات التضخم، سواء أتمت هذه العمليات بصورة نقدية عبر البنوك والقنوات المعرفية، أو في صورة عينية عن طريق شراء الذهب والعقارات، فهي تؤدي في جميع الحالات إلى رفع معدلات التضخم في الاقتصادات التي تنتشر فيها، ويرجع ذلك إلى أنها تغرق السوق بكميات كبيرة من الأموال التي تجد طريقها إلى تيار الإنفاق الاستهلاكي من خلال شراء السلع المعمرة والعقارات، ويؤدي ذلك إلى الضغط على المعروض السلعي بواسطة أصحاب الأموال المغسولة، وهي فئات تتسم في الغالب بعدم الرشد والعشوائية في الإنفاق، ولا تقيم وزنا للمنفعة الجدية للنقود، بمعنى أنها لا تقارن بينها وبين المنفعة الجدية للسلع والخدمات التي تقوم بالإنفاق عليها، ويؤدي ذلك إلى زيادة المستوى العام للأسعار عن طريق زيادة جانب الطلب الكلي في المجتمع، ومن تم تدهور القوة الشرائية للنقود ([14]) .

  • آثار عمليات غسل الأموال على الادخار المحلي والاستثمار

فمن جهة تؤدي عمليات غسل الأموال إلى هروب رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج عن طريق التحويلات النقدية بين البنوك المحلية والخارجية، حيث يتم إيداع رؤوس الأموال الوطنية في البنوك الأجنبية، بدلا من أن تأخذ طريقها إلى مجالات الاستثمار المختلفة داخل البلد.

من ناحية ثانية، فهذه العمليات تؤدي إلى منافسة غير متكافئة مع المستثمرين الجادين في المجتمع، مما يؤثر على طبقة المنظمين، حيث يسبب لهم إحباطا، كما قد يدفعهم إلى توظيف أموالهم في الخارج.

  • آثار عمليات غسل الأموال على العملة الوطنية

وذلك من نظرا للارتباط الوثيق بين ظاهرة غسل الأموال، وتهريب الأموال إلى الخارج، حيث يؤدي ذلك إلى زيادة عرض العملة الوطنية مع زيادة الطلب على العملات الأجنبية التي يتم تحويل الأموال المهربة إليها، بقصد الإيداع في الخارج في البنوك أو بغرض الاستثمار في الخارج، والنتيجة الحتمية تبقى هي انخفاض قيمة العملة الوطنية.

  • آثار عمليات غسل الأموال على البورصة

يؤكد أغلب المختصين أن غسل الأموال في البورصة يعتبر أرقى الدرجات المتطورة في التمويه، لاسيما أن البورصة موقع عمومي يمكن الدخول إليه من أبوابه الكبيرة بكل حرية ومجانية، فغسل الأموال في البورصة أداة جوهرية للأزمات للبورصات العالمية حيث تختار المنظمات الإجرامية سبل الاقتصاد القانوني والمشروع لإضفاء صفة المشروعية على أموالها ([15]) .

ومما يسهل غسل الأموال بالبورصة كون هذه الأخيرة مؤسسة العاملين فيها ملزمون بالسر المهني، إذ هؤلاء لا يواجهون الهيئات القضائية كجهة مختصة لمكافحة غسل الأموال بهذا السر، وكذا لجنة مراقبة عمليات البورصة، فعدم التبليغ وفق القانون الفرنسي يشكل جريمة توسط ([16]) . ولا يمكن مؤاخذتهم إلا إذا كان الوسيط عالما بالأمر.

  • آثار عمليات غسل الأموال على البنوك

تلحق عمليات غسل الأموال بالبنوك الأضرار التالية:

  • السحب المفاجئ للأموال والذي يؤدي في الغالب إلى إحداث فجوة في النقد المتوفر في البنك:
  • العقوبات التي قد تفرض على البنك بسبب استخدامه في عمليات غسل الأموال:
  • تشويه سمعة البنك وعدم الثقة فيه، لأن مبدأ الثقة في البنوك أساسه نظافة الأموال التي يديرها البنك:
  • زعزعة الثقة في الكوادر المصرفية العاملة في البنوك نتيجة سمعة المصرف السيئة؛
  • وقد يؤدي غسل الأموال إلى انهيار البنك تماما كما حدث في بنك الاعتماد والتجارة الدولي ([17]) .

الآثار الاجتماعية والسياسية

تؤثر عمليات غسل الأموال على أفراد المجتمع من ناحية ارتباطها بالجرائم الاجتماعية والاقتصادية، حيث توجد تغذية مرتجعة Feed Back أو علاقة دائرية تعمل في الاتجاهين على نحو متضاعف، فالأنشطة الإجرامية، كالاتجار في المخدرات والرشوة والتهرب وغيرها، تمثل المصدر الأساسي للأموال والدخول غير المشروعة التي تخضع للغسل والتي تجد طريقها للاستثمار والتوظيف في الاقتصاد الرسمي، وقد تعرف هذه الأموال والدخول المغسولة مرة أخرى لتمويل أنشطة إجرامية جديدة، وهكذا تنتشر الجريمة ويتوغل الفساد في المجتمع.

بالإضافة لتأثير غسل الأموال سلبا على أنماط الاستهلاك السائدة في المجتمع، فتؤدي إلى شيوع وانتشار تصرفات استهلاكية تتسم بعدم المنطقية، والتبذير والترف، كما تؤدي هذه الأنماط غير الرشيدة إلى حدوث خلل جوهري في القيم الاجتماعية، وإعلاء قيمة المال بصرف النظر عن مشروعيته، في تحديد المركز الاجتماعي للفرد، ومن ثم إهدار القيمة الاجتماعية للعمل المنتج، وسيطرة الجهل على العقول، والتصرفات بدلا من التعليم والخبرة ([18]) .

ناهيك عن انتشار البطالة بين الشعوب، لأن غاسلي الأموال يقومون بتهريب الأموال وما ينتج عنه نقص الاستثمارات والحد من إقامة المشاريع، ومن ثم نقل فرص العمل وانتشار البطالة، التي تؤدي بدورها إلى قلة الدخول وانتشار الفقر.

بالإضافة إلى ذلك تؤدي عمليات غسل الأموال إلى تهديد الاستقرار السياسي من خلال استعمال الأموال المغسولة لتمويل انقلابات عسكرية أو تزوير الانتخابات من خلال قيام هؤلاء الذين تمكنوا من غسل أموالهم غير المشروعة بترشيح أنفسهم في الانتخابات.

كما تؤثر الأموال المغسولة بصفة خاصة على وسائل الإعلام المختلفة سواء أكانت محلية أو دولية، فيمكن شراء الصحف والقنوات التلفزيونية والفضائية مع ما لهذه الوسائل من تأثير بالغ الأهمية على وعي الشعوب ومستقبل الجماعات ([19]) .

وتمويل بعض النزاعات الدينية والعرقية، حيث يقوم غاسلوا الأموال ببث الخلافات الداخلية وإشعال الفتن الدينية والعرقية، ثم يعمدون إلى تمويلها بالسلاح والمساعدات وغيرها من الوسائل بواسطة الأموال القذرة ([20]) .

المبحث الثاني: دور الجهاز القضائي في مكافحة جرائم غسل الأموال

للقضاء دور فعال في مجال مكافحة غسل الأموال، سواء من خلال الدور الوقائي والذي يعتبر قبلي أي قبل حدوث الجريمة، أو الدور الإجرائي والمتمثل في الإجراءات المادية والإجراءات القانونية، مساعدا بذلك من خلال لجوء الدول إلى إصدار القوانين لمساعدة القضاء في مكافحة جرائم غسل الأموال، حيث يعد آلية تفعيل التعاون الدولي على المستوى التشريعي والقضائي أمر لا مناص منه، ويتعين تجريم غسيل الأموال باعتباره جريمة مستقلة تقتضي إبراز كافة أركانها وعناصرها بدقة، حتى يتمكن القضاء من القيام بواجبه لمواجهة هذه الظاهرة وغيرها، بما يلزم قانونا، ويعد لجوء الدول لسن قوانين لمكافحة ظاهرة غسل الأموال خطوة مهمة وجريئة في سبيل مكافحة غسل الأموال باعتباره من الأنشطة ذات الآثار السلبية الخطيرة والمدمرة للاقتصادات الوطنية والمجتمع الدولي.

المطلب الأول: الدور الوقائي

تعتبر آلية الاستباق الوقائي في جرائم غسل الأموال المرحلة الحاسمة في ترسانة آليات التصدي لهذه العينة من الجرائم، فتعتبر هي حائط الصد الأول لتداعياتها والعوامل المعول عليه للحيلولة دون وصول انعكاساتها، وتحققها على أرض الواقع العملي.

فالخصوصية الاستثنائية لجرائم غسل الأموال تستلزم استراتيجية تصدي ومواجهة تزاوج بين المقاربة الأمنية والمصرفية.

وتكتسي آلية السبق الوقائي في جرائم غسل الأموال أهمية خاصة واستثنائية في مجال تطويق التراكمات السلبية لهذه الظاهرة، كما تلعب دورا أساسيا ومحوريا في جعل هذه الجرائم موؤودة في مهدها قبل أن تمس بشظاياها التدميرية أفراد المجتمع وبنيته الاقتصادية.

وتلقى على عاتق الأشخاص المنوط بهم تنفيذ ميكانيزمات هذه الآلية مسؤولية جسيمة في مراقبة وتتبع التحركات المالية المشبوهة، واتخاذ التدابير الاحتياطية اللازمة للتأكد من صحتها كيفما كانت طبيعتها أو الجهة أو المصدر المسؤول عنها ([21]) .

الفقرة الأولى: التعامل مع البنك

الأصل أن عمليات غسل الأموال لا تكتمل إلا بالمرور بالأنشطة والأعمال والخدمات المصرفية، بحيث يمكن لهذه المصارف أن تقوم بدور أساسي في مكافحة غسل الأموال، باعتبارها القناة الرئيسية والأهم التي لا بد أن تمر من خلالها في مرحلة من المراحل، وتحويلها من أموال غير مشروعة إلى أموال مشروعة ونظيفة.

ولقد كان للقانون الأساسي لبنك المغرب السبق في مكافحة هذه الظاهرة، قبل ميلاد قانون مكافحة غسل الأموال رقم 43.05 من خلال إصداره لبعض الدوريات والتي تتضمن بعض الالتزامات للمؤسسات البنكية، وحتى بعد صدور هذا القانون، والمعدل بقانون رقم 13.10، فقد عمل البنك المركزي على عقد العديد من الندوات التحسيسية للتحسيس بأهمية هذا القانون، وتبسيط إجراءاته بغية تفعيله على أرض الواقع حماية للاقتصاد الوطني.

وقد حدد الفصل الخامس من القانون الأساسي اختصاصات البنك المركزي، ووسع من اختصاصات بنك المغرب في مجال الرقابة والمراجعة، بحيث أصبح كل ما يتعلق بالمؤسسات تأسيسا ونشاطا ورقابة من الاختصاص المطلق لوالي بنك المغرب ([22]) .

وفي هذا الإطار فقد أصدر بنك المغرب مجموعة من الدوريات إلى المؤسسات المالية وخاصة مؤسسة الائتمان على قواعد الحيطة والحذر وتعزيز المراقبة الداخلية.

وكذلك أصدر بنك المغرب الدورية رقم 6 ([23]) والمتعلقة بالمراقبة الداخلية لمؤسسات الائتمان، وفي نفس المجال فقد تناولت الدورية رقم 36 ([24]) واجب الحيطة والحذر المفروض على مؤسسات الائتمان استجابة لمقتضيات لجنة “بال” فيما يتعلق بهذا الجانب، وتماشيا كذلك وتوصيات مجموعة العمل المالي الدولي.

بالإضافة إلى ذلك فقد أصدر بنك المغرب في سنة 2007 الدورية رقم 41 ([25]) ، والتي سطرت نفس الإجراءات ومقتضيات الحيطة والحذر موجهة لمؤسسات الائتمان، وفي هذا الإطار لا يفوتنا الإشارة للدور الذي يلعبه بنك المغرب من تقديم مساعدة للهيئة القضائية بناء على طلب منها، عند قيام هذه الأخيرة بالأمر بتجميد أو حجز الأموال.

ومكامن هذا التعاون الدولي بين السلطات القضائية، وأجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة المنظمة وتمويلها، يظهر أيضا في قانون المسطرة الجنائية والتي فرضت رقابة قبلية صارمة على تحركات الأموال المشبوهة.

ونجد القانون المغربي لمكافحة غسل الأموال حرص على وضع لائحة بالأنشطة والمهن المرتبطة بعالمي التجارة والأعمال وأخضعها للالتزامات محددة ترمي إلى وقايتها من التوظيف في عمليات غسل الأموال، ودعوتها لبذل مجهود إضافي للرفع من مستوى فعالية مكافحة هذه الظاهرة، وكذا تنسيق أعمالها ببعض الجهات المختصة.

وتتمثل التزامات الأشخاص الخاضعين لهذا القانون في التزامات اليقظة، التصريح بالاشتباه والالتزام بالمراقبة الداخلية ([26]) .

كما يلزم القانون أيضا الأشخاص الخاضعين باطلاع الوحدة وسلطات الإشراف والمراقبة بطلب منها، وداخل الآجال التي تحددها على جميع الوثائق والمعلومات الضرورية لإنجازها، إذ لا يمكن لهؤلاء الاعتراض على عمليات البحث أو التفتيش التي تأمر بها الوحدة، كما لا يمكن الاحتجاج بالسر المهني أمام الوحدة أو أمام سلطات الإشراف والمراقبة أو الوحدة، ولهذه الأخيرة وبمجرد أن تتوصل بمعلومات من شأنها أن تكون جريمة غسل الأموال، أن تحيل الأمر على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط، مبينة إذا اقتضى الحال مصالح البحث أو التفتيش أو مصالح الإشراف ومن أجل القيام بالتحريات، كما يبلغ وكيل الملك الوحدة بالقرارات النهائية الصادرة في القضايا التي أحيلت عليها.

كما يجوز للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالرباط، بناء على طلب من الوحدة، وبعد تقديم الوكيل العام للملك لدى هذه المحكمة لمستنتجاته، أن يمدد الأجل المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 33 من القانون رقم 13.10 والمتمثل في يومين، لمدة لا تتجاوز خمسة عشر (15) يوما من تاريخ انتهاء هذا الأجل، ويكون الأمر الصادر بالاستجابة لهذا الطلب قابلا للتنفيذ على الأصل، كما يمكن للشخص الخاضع الذي قدم التصريح بالاشتباه تنفيذ العملية إذا لم يقدم أي اعتراض أو لم يتم إبلاغه بأي مقرر للرئيس الأول للمحكمة بعد انتهاء الأجل المحدد في حالة الاعتراض.

نجد نفس الاتجاه الذي ذهب فيه المشرع الفرنسي في الفصل 2 من قانون 12 يوليوز 1990، يلزم جميع الأشخاص الذين يقومون أثناء مزاولتهم لمهامهم بتحقيق أو مراقبة أو استشارات في عمليات تتعلق بتداول الأموال بإخبار وكيل الجمهورية بالعمليات المالية المتعلقة بالأموال العائدة من تجارة المخدرات أو منظمات إجرامية.

الفقرة الثانية: القضاء على مظاهر الفساد

بدأت بعض الجهات ذات الصبغة العالمية مثل منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، بالتعاون في هذا المجال مع منظمات غير حكومية للعمل ضد جرائم الفساد والرشوة على نطاق العالم، كما صار صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وغيرهما من الجهات المانحة للقروض لدول العالم.

وقد عرف المغرب خلال العقود الماضية الأخيرة نماذج عدة للجرائم المالية، غير أنه ومنذ نهاية التسعينيات بدأ ملف الفساد يطفو على السطح، وانطلقت العديد من المتابعات القضائية في حق أفراد وجماعات كانت وراء فضائح مالية كلفت بلدنا الكثير.

وفي المجال نفسه فالمنظومة التشريعية لبلادنا، والمتعلقة بمكافحة الجرائم المالية، قد تعززت في الآونة الأخيرة بعدة نصوص جديدة تعتبر أداة حادة في يد القضاء، للقضاء على شتى مظاهر الفساد.

فبعد إلغاء محكمة العدل الخاصة، حلت محلها غرف الجنايات التابعة لمحاكم الاستئناف التسعة ([27]) ، وقد بلغ عدد القضايا التي عرضت على القضاء في موضع تبديد المال العام خلال سنة ونصف (2005 / 2006)، 139 قضية، كما تمكنت النيابات العامة من متابعة 12754 منهما بجريمة الرشوة خلال السنوات 2003، 2004، 2005 ([28]) .

وفي مجال القضاء على مظاهر الفساد، نجد اختصاص قضائي آخر غير القضاء الجنائي، وهو القضاء الإداري، والذي يلعب هو الآخر دور في القضاء على مظاهر الفساد من خلال النظر في المنازعات المتعلقة بالتهرب الضريبي باعتبارها ظاهرة تؤدي حتما إلى إنقاص حصيلة واردات الخزينة العامة، وأمام استفحال هذه الظاهرة فقد تدخل المشرع المغربي لمحاولة وضع حد لها من خلال قانون المالية لسنة 1997، حيث نص على تجريم التهرب الضريبي، وذهب القضاء الإداري بإدارية وجدة ([29]) إلى رفض طلب المدعي على أساس أن الفواتير التي أدلى بها من أجل إثبات أدائه للضريبة على القيمة المضافة، لا تتوفر فيها الشروط القانونية المتطلبة لاعتبارها.

ويستشف من خلال هذا الحكم أن للقاضي الإداري دور هام في حماية المال العام من خلال بته في المنازعات المتعلقة بحماية المال العام، وللحفاظ عليه يجب تظافر الجهود بين كل الفاعلين في الميدان، من إداريين ومحاسبين، وكذلك قضاة كل في مجال اختصاصه، ويتعين الحرص على تأهيل الموارد البشرية بالإدارات وتأطيرها مع تفعيل الرقابة الإدارية والقضائية فضلا عن المسألة الجنائية الشخصية في حالة وجود أي إخلالات أو تلاعبات سواء في تدبير أو صرف تلك الأموال لما لها من أهمية في بناء وتحقيق التنمية الشاملة لهذا البلد.

وفي نفس النطاق نجد بعض الهيئات التي تهتم بالقضاء على جريمة الفساد بكل أشكالها، من خلال تعاملها مع السلطة القضائية، ونذكر من ذلك الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، والتي من بين المهام المنوطة بها إخبار السلطة القضائية المختصة بجميع الأفعال التي تبلغ إلى علمها بمناسبة مزاولة مهامها والتي تعتبر أفعالا من شأنها أن تشكل رشوة يعاقب عليها القانون.

كما يناط بها كذلك تلقي المعلومات المتعلقة بالرشوة التي تصل إلى عمل الهيئة المركزية، وتبليغها إلى السلطات القضائية، كما تضع قاعدة معطيات تتعلق بالرشوة إضافة إلى تنمية أعمال التنسيق والتشاور بين الإدارات المهنية للوقاية من الرشوة، وتضع استراتيجيات التواصل وتنظيم حملات للإعلام وتحسيس الرأي العام فيما يخص الوقاية من هذه الآفة.

بالإضافة إلى ذلك نجد منظمة الشفافية المغربية، والتي جعلت من الرشوة قضيتها الأولى والأساسية، ونظرا لوعي هذه المنظمة بجسامة هذه الظاهرة، تقترح هذه المنظمة 15 إجراء لمحاربة الرشوة، ومن بين الإجراءات التي دعت إليها في المجال القضائي، هو إلزام النيابة العامة بتحريك المعلومات القضائية والمتابعات المتعلقة بالرشوة والاختلاس التي تصل إلى علمها.

المطلب الثاني: الدور الإجرائي

باتت عمليات غسل الأموال من المشكلات المستحدثة التي اهتمت بها الاتفاقيات الدولية، إذ أصبح العالم يتحدث عن تدويل ظاهرة غسل الأموال التي تتطلب تحركا على المستوى الدولي، أو بمعنى آخر، يجب أن تتخذ مكافحة غسل الأموال مقاربة دولية، فتعاون الدول فيما بينها أو بالأحرى تعاون المؤسسة القضائية مع المحيط الخارجي والمحيط الدولي أصبح أولى الضروريات.

الفقرة الأولى: الإجراءات المادية

لما كان غاسلوا الأموال يقومون بأنشطتهم على مستوى دولي، مستغلين في ذلك تحقيق مآربهم من خلال اختلاف الاختصاصات الوطنية ووجود الحدود الدولية، فإنه بات من الضروري وفي سبيل ملاحقة هؤلاء أن يكون هناك تعاون دولي بين هيئات تنفيذ القانون، لتقليل إمكانية حدوث غسيل الأموال المتصلة بالمخدرات، وجهود أخرى لمنع وحظر أنشطة التجارة غير المشروعة، وهذا ما دعت إليه مجموعة من الاتفاقيات الدولية، فيما تضمنته من أحكام إجرائية منها ما يتعلق بالاختصاص القضائي، ومنها ما يعلق بتسليم المجرمين والتسليم المراقب.

  • الاختصاص القضائي:

الأصل أن المشرع الجنائي الوطني يحرص دائما على ألا يدع أي نشاط يفلت من سلطاته بسبب عالميته، وقد يثور التنازع في حالة الجرائم عبر الوطنية ومنها غسل الأموال، والتي يتوزع فيها السلوك المادي للجريمة على أقاليم عدة دول، ومن المتصور أن تحتج كل دولة باختصاصاتها في ملاحقة الجريمة، الأمر الذي يتطلب حلولا مستحدثة، دونما إخلال بمبدأ قانونية الجرائم والعقوبات، وقد أقرت اتفاقية فيينا بمثل هذه الحلول.

ونصت الاتفاقية على ضرورة الأخذ بمبدأ الإقليمية كمعيار لانعقاد الاختصاص القضائي بشأن ملاحقة غسيل الأموال، عندما أوجبت على كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من تدابير لتقرير اختصاصه القضائي في الجرائم التي يكون قد قررها وفقا للفقرة الأولى من المادة الثالثة وهي تشمل جريمة غسل الأموال عندما ترتكب الجريمة في إقليم أو على متن سفينة ترفع علمه أو طائرة مسجلة بمقتضى قوانينه وقت ارتكاب الجريمة.

كما تبنت كذلك هذه الاتفاقية مبدأ الشخصية، إذ أجازت أن ينعقد الاختصاص للدولة التي ينتسب إليها مرتكب الجريمة، كما أقرت مبدأ العالمية عندما خولت انعقاد الاختصاص للدولة التي يقع في إقليمها محل الإقامة المعتاد للشخص مرتكب الجريمة.

كما خولت الاتفاقية كل طرف فيها أن يقرر اختصاصه القضائي عندما ترتكب الجريمة على متن سفينة تلقى الطرف إذنا باتخاذ الإجراءات الملائمة بشأنها عملا بأحكام المادة 17 منها، شريطة ألا يمارس هذا الاختصاص القضائي إلا على أساس الاتفاقيات والترتيبات المشار إليها في الفقرتين الرابعة والتاسعة، ولعل الحكمة من ذلك تكمن في الرغبة في تفادي إفلات مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في الاتفاقية من العقاب لسبب آخر ([30]) .

أما بالنسبة للقانون المغربي في هذا المجال، فقد مدد المشرع اختصاص القضاء الوطني إلى أفعال جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم أصلية ارتكبت خارج التراب الوطني بعدما وسع من وعاء هذه الجرائم.

  • تسليم المجرمين والتسليم المراقب:

يعتبر نظام تسليم المجرمين من المظاهر المهمة في تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجرائم ذات الصفة الدولية، فقد نصت اتفاقية فيينا في المادة السادسة منها أنه إذا تلقى طرف يخضع فيه تسليم المجرمين لوجود معاهدة، طلب تسليم من رف آخر لا يرتبط معه بمعاهدة تسليم، جاز له أن يعتبر هذه الاتفاقية هي الأساس القانوني للتسليم.

ومراعاة لشروط التسليم في القانون الوطني، لم تغفل اتفاقية فيينا اعترافها بالسيادة التشريعية والسيادة القضائية لكل دولة في معاقبة وملاحقة هذه الجرائم وفقا لقوانينها الوطنية ونظمها الإجرائية الخاصة.

ويجوز للدولة التي تتلقى الطلب أن ترفض الاستجابة لمثل هذه الطلبات عند وجود دواع كافية، كما سعت الاتفاقية إلى تفادي الآثار الناشئة عن عدم إمكان حصول التسليم إذا كان الشخص المطلوب تسليمه قد ارتكب جريمة على إقليم الدولة متلقية الطلب، إذ أجازت في هذه الحالة للطرف متلقي الطلب أن يعرض القضية على سلطاته المختصة بغرض ملاحقة الشخص المتهم ما لم يتفق على خلاف ذلك مع الطرف الطالب.

وزيادة في ضمان فعالية تسليم المجرمين، أجازت الاتفاقية للطرف متلقي طلب التسليم أن يحتجز الشخص المطلوب تسليمه والموجود في إقليمه أو أن يتخذ التدابير الملائمة لضمان حضور ذلك الشخص عند التسليم، ولكن هذا مشروط بمراعاة أحكام القانون الداخلي للطرف متلقي الطلب وما تلزمه معاهدات تسليم المجرمين.

ولم تختلف الأحكام التي جاءت بها التوصيات الأربعون فيما يتعلق بتسليم المجرمين عن تلك التي جاءت بها اتفاقية فيينا، حيث أكدت على ضرورة أن تقوم الدولة باتخاذ الإجراءات لتسليم الأشخاص المتهمين بجريمة غسل الأموال، كما يجب على كل دولة أن تعترف أن غسل الأموال هي من الجرائم التي يجوز فيها التسليم، ويجوز للدول وفقا لقوانينها أن تقوم بتبسيط مسألة تسليم المجرمين بأن تسمح بإرسال طلبات التسليم مباشرة بين وزاراتها المختصة ([31]) .

كما أشارت كذلك التوصية السادسة والثلاثون، إلى أنه يجب تشجيع التعاون في التحقيقات بين الدول والسلطات المختصة في تلك الدول وبالذات فيما يتعلق بإجراءات التسليم المراقب، هاته الأخيرة التي تعتبر من المستجدات التي نص عليها القانون رقم 13 / 10 باعتبارها آلية جديدة من آليات التعاون الدولي في مجال مكافحة غسل الأموال إذ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف هو من يمنح الإذن بالتسليم المراقب، وتتولى الشرطة القضائية تنفيذ هذا الإذن وتخبر الوكيل العام للملك بكل إجراء تقوم به، وبعد انتهاء عملية التسليم المراقب، يحرر ضباط الشرطة القضائية محضر أو محاضر بالإجراءات المنجزة، وتوجه إلى النيابة العامة التي منحت الإذن، مع التزام ضباط وأعوان الشرطة القضائية بالحفاظ على سرية الإجراءات المنصوص عليها.


الفقرة الثانية: الإجراءات القانونية

بالإضافة إلى الإجراءات المادية السالفة الذكر، فثمة إجراءات قانونية أخرى تقوم بها الهيئة القضائية لمكافحة جريمة غسل الأموال، وتتمثل في تسليط عقوبات وجزاءات على الجناة جراء القيام أو محاولة القيام بعمليات غسل الأموال، مراعية في ذلك جسامة هذه الجرائم كالسجن، أو غيره من العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية والمصادرة، مع تشجيع الجناة على التبليغ.

العقوبات الأصلية:

تتمثل عقوبة جريمة غسل الأموال في القانون المغربي فيما يخص الأشخاص الطبيعيين بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 20.000 إلى 100.000 درهم بالنسبة للأشخاص الطبيعية، وبغرامة من 500.000 إلى 3.000.000 درهم بالنسبة للأشخاص المعنوية، دون الإخلال بالعقوبات التي يمكن إصدارها على مسيريها أو المستخدمين العاملين بها المتورطين في الجرائم ([32]) .

العقوبات الإضافية:

ومن بين العقوبات الإضافية التي نصت عليها معظم التشريعات ومنها التشريع المغربي نجد: المصادرة الكلية للأشياء والأدوات والممتلكات التي استعملت أو كانت ستستعمل في ارتكاب الجريمة والعائدات المتحصلة منها، أو القيمة المعادلة لتلك الأشياء والأدوات والممتلكات والعائدات مع حفظ حق الغير حسن النية، والمصادرة كعقوبة لا يجوز توقيعها على أموال مملوكة للدولة أو للأشخاص الإدارية العامة حتى لو استخدمها الجناة في ارتكاب الجريمة، كما أن طبيعة هذه الجريمة تقضي بإضافة الشيء المضبوط إلى ملكية الدولة جبرا عن مالكها أو حائزها ([33]) .

وفي هذا المجال نصت اتفاقية فيينا في مادتها الأولى على توضيح القصد من تعبير المصادرة بأنه الحرمان الدائم من الأموال بأمر من المحكمة أو سلطة مختصة، إذ أولت هذه الاتفاقية اهتماما خاصا بعقوبة المصادرة والتي تعد في كثير من المجالات أنجع الوسائل وأمثلها في مكافحة غسل الأموال، لأن فيها يمكن تفويت الفرصة الحقيقية من وراء هذا النشاط، وهو الحصول على عائدات طائلة وغير مشروعة، كما نصت هذه الاتفاقية أن كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من تدابير للتمكن من مصادرة الأموال المتحصلة من الجرائم المنصوص عليها، كما ألزمت كذلك الاتفاقية كل طرف فيها أن يتخذ ما يلزم من التدابير الملائمة لتمكين سلطاته المختصة من تحديد المتحصلات أو الأموال أو الوسائط أو أي أشياء أخرى.

  • حل الشخص المعنوي.
  • نشر المقررات المكتسبة لقوة الشيء المقضي به الصادرة بالإدانة بواسطة جميع الوسائل الملائمة على نفقة المحكوم عليه؛
  • المنع المؤقت أو النهائي من أن يزاول بصفة مباشرة أو غير مباشرة واحدة أو أكثر من المهن أو الأنشطة أو الفنون التي ارتكبت الجريمة أثناء مزاولتها.

من خلال ما سبق يتبين أن ظاهرة غسل الأموال من بين الظواهر التي أقلقت المجتمع الدولي، وأخذت حيزا من اهتماماته، نظرا لما تخلفه هذه الظاهرة من نتائج وآثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وخصوصا مع تفاقم وكثرة الوسائل التي يستحدثها غاسلوا الأموال لإضفاء صفة الشرعية على أموالهم القذرة، مما اقتضى مواجهتها، وذلك تفاديا لإفلات الجناة بجرائمهم من يد العدالة، والتمتع بما تحصلوا عليه من أرباح طائلة وغير مشروعة.

وفي هذا الإطار فقد لجأت معظم الدول لمواجهة هذه الظاهرة ومكافحتها، وذلك من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات الهادفة لمكافحة جريمة غسل الأموال، بالإضافة إلى إصدار قوانين خاصة بكل دولة، وذلك استجابة لمقتضيات الاتفاقيات الموقع عليها من قبل كل دولة على حدة.

كما يتبين أن للهيئة القضائية في الدولة دورا هاما وفعالا في مجال مكافحة عمليات غسل الأموال، وذلك من خلال تعزيز التعاون الدولي بين السلطات القضائية، وأجهزة الرقابة المالية في ميدان قمع الجريمة، بالإضافة إلى تعاون السلطات القضائية مع المحيط الخارجي والهيئات الأخرى الأجنبية في مجال تسليم المجرمين، تفاديا لإفلات الجناة، على اعتبار أن جريمة غسل الأموال جريمة عبر وطنية.


[1] من صور الجريمة المنظمة كذلك الاتجار في المخدرات، تهريب الأسلحة، الاتجار في الأشخاص، الدعارة…

[2] خالد سليمان، “تبييض الأموال، جريمة بلا حدود”، دراسة مقارنة، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس لبنان 2006، ص 95.

[3] يقدر حجم الأموال غير النظيفة التي تغسل بنحو 800 مليار دولار إلى تريليون ونصف التريليون دولار سنوياً.

[4] عرفها صندوق النقد الدولي IMF في أحد تقاريره “إعادة ضخ أو تدوير أموال غير مشروعة في الاقتصاد وفي المشروعات المالية والقانونية”.

كما عرفها برنامج الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات UNDCP بأنها “كل عملية يلجأ إليها من يعمل في تجارة المخدرات لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل أو المورد غير المشروع، والقيام بأعمال أخرى للتمويه، لكي يبدو الدخل وكأنه تحقق من مصدر مشروع”.

وعرفها إعلان Basle بأنه “جميع العمليات المصرفية التي تهدف إلى إخفاء المصدر الجرمي للأموال”.

[5] وقد لاحظ جانب من الفقه أن أغلب عمليات غسل الأموال لا تقتضي بالضرورة أن تمر بالمراحل الثلاث إذ يمكن أن يتم غسل الأموال بعملية واحدة تجمع بين المراحل الثلاث، مثال ذلك شراء الذهب بالنقود المتحصلة من الجرائم، فهذه العملية تشمل توظيف للأموال القذرة أو تغيير شكلها أو إخفاء مصدرها الإجرامي.

[6] انظر صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد الثاني، يونيو 2005، ص 43.

[7] راجع عبد الله الكرجي، مكافحة تبييض الأموال، مقال منشور الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، الذكرى الخمسين لتأسيس المجلس الأعلى، الندوة الجهوية السابعة، دار الطالبة، وجدة 31 ماي، فاتح يونيو 2007، ص 202.

[8] راجع خالد كردودي، جريمة غسل الأموال على ضوء التشريع المغربي والقانون المقارن، الطبعة الأولي 2008، ص 25.

[9] للاطلاع أكثر راجع منظمة الشفافية، الدولية، نظام النزاهة العربي في محاربة الفساد، كتاب المرجعية، ص 13.

[10] راجع صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 24.

[11] راجع أحمد بن محمد العمري، جريمة غسل الأموال، نظرة دولية لجوانبها الاجتماعية والنظامية والاقتصادية، نشر مكتبة العبيكان، الرياض، الطبعة الأولى 2000، ص 73.

[12] انظر بهذا الصدد صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 78.

[13] راجع محمد يحيا، قانون مكافحة غسل الأموال رقم 43 / 05 وآثاره الاقتصادية الأبعاد والمضامين: محاولة تقييمية – المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 74، 2007، ص 74 و 75.

[14] صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 81.

[15] وكنموذج على ذلك بورصة طوكيو والتي عرفت في العقد الثامن من القرن العشرين عجزاً قدر بـ 300 مليار دولار، بقيه المنظمات الإجرامية دوراً حاسماً قدر بـ 30 في المئة من العجز، وللاطلاع أكثر راجع CF . F . Trichet. (Un monde sous la coupe des blanchisseurs) Mémoire 3eme cycle. Paris 1. 2001.

[16] Article 1 – 321. Droit Pénal Francais.

[17] عبد الفتاح سليمان، مكافحة غسل الأموال في دولة قطر، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، الدوحة، ص 29.

[18] صفوت عبد السلام عوض الله، الآثار الاقتصادية لعمليات غسل الأموال، ودور البنوك في مكافحة هذه العمليات، مرجع سابق، ص 90.

[19] محمد عبد الله أبو بكر سلامة، الكيان القانوني لغسل الأموال، منشأة المعارف الإسكندرية 2005، ص 22.

[20] بشرى الزعيم، دور الحكامة الجيدة في مجال مكافحة غسل الأموال بدول المغرب العربي حالة: المغرب، الجزائر، تونس، بحث لنيل دبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، السويسي الرباط، 2008، ص 83.

[21] يوسف بنباصر، آليات مواجهة جرائم غسل الأموال، مقال منشور بجريدة الصباح، بتاريخ 19 – 20 / 04 / 2008، العدد 2497، ص 14.

[22] عائشة الشرقاوي المالقي، الوجيز في القانون البنكي المغربي، الطبعة الثانية، 2007، دار أبي رقراق للطباعة ووالنشر ص 76.

[23] بتاريخ 19 فبراير 2001.

[24] بتاريخ 24 دجنبر 2003.

[25] بتاريخ 02 غشت 2007.

[26] راجع من المادة 6 إلى المادة 12 من القانون رقم 13.10 المتعلق بمكافحة غسل الأموال.

[27] وهي الدار البيضاء، الرباط، فاس، مكناس، مراكش، أكادير، طنجة، وجدة، العيون.

[28] إدريس الحوات، مخاطر الجرائم المالية وآثارها على الاقتصاد وبرامج التنمية، مقال منشور بسلسلة الجرائم المالية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى خمسون سنة من العمل القضائي، مرجع سابق، ص 186.

[29] حكم تحت عدد 76 بتاريخ 27 / 03 / 2007، صادر عن المحكمة الإدارية بوجدة.

[30] مفيد نايف الدليمي، غسيل الأموال في القانون الجنائي دراسة مقارنة، دار الثقافة، الطبعة الأولى، 2006، ص 183، 184.

[31] مفيد نايف الدليمي، غسيل الأموال في القانون الجنائي، دراسة مقارنة، مرجع سابق، ص 148 وما يليها.

[32] انظر المادة الثلاثة من القانون رقم 13.10.

[33] نعيم مغبغب، تهريب وتبييض الأموال دراسة في القانون المقارن، الطبعة الأولي، 2005، ص 402.

الأكثر رواجًا