حليمة السعدية فاكول

طالبة باحثة

جامعة محمد الخامس، السويسي الرباط،

كلية الحقوق سلا

ارتبط تطور مفهوم المرفق العمومي بتطور الدولة عموما، وبتغير الحياة الإدارية على الخصوص، حيث كان لأدوار الدولة في المجتمع اثر كبير على فكرة المرفق العمومي الذي انتقل من مجرد مرفق لإشباع حاجيات إدارية إلى مرفق ذو طبيعة اقتصادية، تجارية كانت أو صناعية، وبالتالي إحداث تحول في القواعد المؤطرة للمرفق العمومي[1].

وقد ساهمت سياسة الخوصصة بشكل كبير في هذا التحول ، حيث تم إدخال القطاع الخاص في تدبير المرافق العمومية إلى جانب القطاع العام، فأصبح  من حق الإدارة أن تعهد للأفراد أو الشركات بإدارة المرفق العام[2]، وذلك تحت مسميات وأساليب متعددة[3].

أما في المغرب فقد عرفت سنوات التسعينات تحولات كبيرة خاصة بعد تطبيق سياسة التقويم الهيكلي ودخول الدولة في سياسة الخوصصة التي عملت على إدخال أساليب جديدة في تدبير المرافق العمومية خاصة المحلية منها، كان آخرها أسلوب التدبير المفوض[4].

وإذا كان المرفق العمومي يعرف على أنه الجهاز الذي يعمل على أداء خدمات وإشباع الحاجيات العامة بناء على المعيار الموضوعي، فإن أسلوب التدبير المفوض هو: ” عقد يفوض بموجبه شخص معنوي خاضع للقانون العام يسمى “المفوض” لمدة محددة، تدبير مرفق عام يتولى مسؤوليته إلى شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص يسمى “المفوض إليه” يخول له حق تحصيل أجرة من المرتفقين أو تحقيق أرباح من التدبير[5]. ولهذا تم اللجوء للتدبير المفوض كأسلوب جديد لتدبير عدة مرافق عمومية من قبيل النقل، الماء والتطهير والكهرباء…

ويكتسي موضوع تدبير مرفق النقل الحضري بالمغرب، كأحد مواضيع التدبير المفوض أهمية بالغة نظرا لارتباطه بسياسة المدينة وبالتدبير المحلي، وله علاقة حاسمة بالمواطن، وبالتالي فإن تدبيره يقتضي نوع من المساواة والإنصاف في الولوج والاستمرارية في الخدمات([6]). وقد أناط القانون المنظم للجماعات الحضرية و القروية لهذه الأخيرة الاختصاص في تدبير النقل الحضري حيث أصبح لزاما على المجلس أن يضمن للمواطن التنقل في ظروف طبيعية ومريحة وآمنة وأن تكون وسائل النقل متوفرة بشكل عادي ومتوازن بين مختلف أحياء المدينة([7]).

غير أنه بالنظر إلى التجربة المغربية في مجال التدبير المفوض بصفة عامة وتدبير النقل الحضري بصفة خاصة يجعلنا نبدي جملة من الملاحظات حول الإشكالات التي يعرفها تدبير هذا المرفق على مستوى مدينة الرباط، حيث ازداد الوضع تأزما بالرغم من المجهودات المبذولة في هذا المجال مما حول هذا القطاع إلى أزمة تعيق تنمية العاصمة الإدارية. وهذا يدفعنا إلى التساؤل عن وضعية النقل الحضري بالرباط والعوامل المفسرة لهذه الأزمة ومدى نجاعة التدابير المتخدة لتجاوزها. فإلى أي حد كانت اختيارات الدولة في مجال تدبير النقل الحضري في مستوى تطلعات المواطن المغربي؟ وهل حقق التدبير المفوض ما لم يستطع أن تحققه أساليب التدبير المعتمدة سابقا؟

المحور الأول:قطاع النقل للقطب الحضري سلا- الرباط- تمارة(2002/2013) محاولة تشخيص

إن الحديث عن تدبير مرفق النقل الحضري بالعاصمة الإدارية يستدعي التطرق إلى ثلاث محطات أساسية في تدبير هذا المرفق:

  • 2002-2009
  • 2009-2012
  • ثم مرحلة ما بعد 2012، والتي سنتطرق لها في المحور الثاني

أولا: 2002-2009: مرحلة التدبير بعقد الامتياز

عرف الطلب على خدمات النقل الحضري في بداية 2000 تزايدا كبيرا، الأمر الذي ترتب عنه عجز الوكالات الجماعية المستقلة للنقل الحضري عن تلبية حاجيات السكان فيما يخص النقل. بما حدا بالجماعات المعنية (سلا- الرباط- تمارة) اللجوء إلى أساليب تدبيرية جديدة لمرفق النقل الحضري قصد تغطية الحاجيات المتزايدة عليه، ومن بين هذه الأساليب، طريقة منح رخص الامتياز للخواص[8].

بالمقابل فإن العجز المالي الذي عرفته الوكالات المستقلة، وضعف التجهيزات والأسطول من الحافلات وتقلص الخدمات المستمر، وهيمنة الظواهر السلبية في تدبير القطاع، جعل من الضروري القيام بإصلاح جدري يرتكز على التدبير بواسطة عقد الامتياز، والذي بناءا عليه تم منح شركات بعينها امتياز تدبير خط معين، وبذلك قامت عدة شركات بتدبير النقل الحضري بالرباط منها: شركة بوزيد، شركة الراحة ثم شركة النقل الممتاز وشركات أخرى.

إلا أن هذا النوع من التدبير لم ينجح في تجاوز الإختلالات التي عرفها تدبير النقل الحضري، ولم يستجيب لحاجيات المواطنين، وعدم تحسينه لمستوى وجودة الخدمات المقدمة للجمهور في سياق يتسم بعجز الوكالات عن تدبير المرفق وعدم قدرتها على تحقيق التوازن المالي. أمام هذه الوضعية التي عرفها النقل الحضري وجدت الجماعات الحضرية الرباط- سلا- تمارة انه أصبح من المستعجل تبني أسلوب التدبير المفوض من أجل تحسين مستوى تدبير النقل الحضري بالقطب.

ثانيا: 2009-2012: مرحلة التدبير المفوض: السياق

انسجاما مع التوجه السياسي والاقتصادي، الذي يهدف إلى تحقيق المردودية والتنافسية والخوصصة وتبني الشراكة بين القطاعين العام والخاص، تم اعتماد التدبير المفوض في قطاع النقل الحضري كغيره من المرافق

العمومية الأخرى.[9]

هذا الأسلوب الذي يعتبر من أساليب تسيير المرافق العامة المحلية و البنيات التحتية الأساسية، اتخذ مكانته داخل التدبير الإداري كنتيجة منطقية لمجموع التغيرات التي عرفتها جل المرافق العامة و المحلية على وجه الخصوص.[10]

بناءا على ذلك وبمبادرة من الجماعات الحضرية تم إعلان الاهتمام وبعده إعلان طلب العروض بشأن تدبير مرفق النقل الحضري، ومن خلاله تم اختيار المجموعة المكونة من: فيوليا ترونسبور شركة النقل بوزيد، شركة النقل الهناء، النقل الممتاز، حافلة الكرامة، ثم شركة النقل أحسن حافلة كمفوض له لتدبير النقل الحضري بالرباط وسلا[11]، وتم عقد اتفاقية التدبير المفوض مع هذه المجموعة.

وبناءا على اتفاقية التدبير المفوض للنقل الحضري التي تحدد التزامات وواجبات كل من المفوض والمفوض له، تعهدت شركة ستاريو بمجموعة من الالتزامات، كتامين استغلال المرفق العمومي للنقل الحضري في أحسن شروط السلامة والراحة والولوجيات والانتظام والسرعة ودقة المواعيد، وتعهدت الشركة تبعا للشروط المنصوص عليها في الاتفاقية باستعمال أسطول يتكون من حافلات جديدة منها 400 حافلة يجب استخدامها في السنة الأولى من التدبير. وتنص الاتفاقية كذلك على التزام الشركة بالفحص التقني طبقا للأنظمة الجاري بها العمل وجهاز للحراسة عليه تأمين سلامة المستعملين. كما تعهد المفوض له بوضع نظام عصري لآلات وتجهيزات صرف التذاكر، يساعد السلطة المفوضة في مسألة التتبع والمراقبة. وبالإضافة إلى التجهيزات الأساسية تلتزم الشركة بإنجاز بنيات تحتية ووسائل للاستغلال بما في ذلك المخابئ والمستودعات والمآرب والورشات[12].

المحور الثاني:محاولة في تقييم مرحلة التدبير المفوض، ومتطلبات إصلاح القطاع

خلق عقد التدبير المفوض المبرم بين وزارة الداخلية الممثلة في جهة الرباط وبين شركة ستاريو لتدبير النقل الحضري بالعاصمة نقاشات وتصادمات وشكاوى المواطنين، وذلك إثر المشاكل التي عرفا هذا القطاع، مما جعل الوزارة الوصية على القطاع اللجوء إلى مجموعة التجمعات الحضرية لحل مشكل النقل الحضري بالعاصمة.

أولا: مشاكل التدبير المفوض للنقل الحضري بالعاصمة:

أ- على المستوى القانوني:

عرف التدبير المفوض للنقل الحضري العاصمة عدة مشاكل تتعلق بالإخلال  ببنود الاتفاقية كعدم توفير الشركة للأسطول المتفق عليه -400 حافلة خلال السنة الأولى من التدبير- ولجأت مقابل ذلك إلى جلب حافلات متهالكة من الخارج والاكتفاء بالحافلات المتواجدة من قبل ، وكذا عدم القيام بالفحص التقني وجهاز للحراسة مما نتج عنه حرائق واعتداءات داخل الحافلات، مما يترجم غياب أي مجهود للشركة في الاستثمار أو بنيات تحتية بل اكتشفت بكراء . والملاحظ خلال السنة الثانية للاستغلال أن الشركة لم تقتن أي تجهيزات أو بنيات تحتية بل اكتفت بكراء المستودعات والورشات وكذلك مبنى الإدارة، وهذا فوت على السلطة المفوضة امتلاك هذه الوسائل عن طريق نظام ممتلكات التدبير المفوض[13].

كل هذه الالتزامات لم تطبق على أرض الواقع، بالإضافة إلى عدم توصل السلطة المفوضة بالوثائق والمعلومات التي تهم تدبير مرفق النقل الحضري من طرف الشركة.ولعل هذا ناتج عن عدم الخضوع لمقتضيات القانون 05-54 الذي يضمن رقابة خارجية تمارس بشكل أوسع من خلال تتبع مراحل العقد، من مختلف المناحي الاقتصادية، المالية، الاجتماعية والتدبيرية. بحيث يكون للجهة المفوضة السلطة الكاملة للمراقبة والتأكد من خلال المستندات، وبعين المكان من حسن سير المرفق وحسن تنفيذ العقد. إضافة إلى إمكانية القيام بإجراء المراقبة والتدقيقات المحاسبية اللازمة، وإن تطلب الأمر الاستعانة بخبراء متخصصين[14]. ذلك لأن التدبير المفوض لا يعني الخوصصة النهائية، بقدر ما يعني التدبير فقط دون التنازل عن القطاع، الذي يظل خاضعا لملكية الجهة المفوضة، التي تبقى لها سلطة التوجيه والمراقبة قصد تحقيق المصلحة العامة. 

كل هده الأسباب السالفة الذكر عجلت بانسحاب شركة ستاريو من تدبير مرفق النقل الحضري بالعاصمة لصالح نظام مجموعة التجمعات الحضرية.

ب- على المستوى التدبيري:

يلاحظ تهميش المنتخبين بالنسبة لتدبير القطاع، ذلك أن لجنة التتبع كان يرأسها الوالي منفردا في غياب تام للمنتخبين ورؤساء الجماعات أيضا، وهي طريقة لسحب صلاحيات هؤلاء،  وبالتالي الوالي يتخذ القرارات بشكل انفرادي باسم السلطة المفوضة. بالإضافة إلى ضعف تكوين وتأهيل العنصر البشري التابع للمفوض وبعد مسافته عن الواقع لمسايرة وتتبع التنفيذ اليومي والمتواصل لأهداف عقد التدبير مما شكل عائقا أمام ممارسة الرقابة ومتابعة تنفيذ التزامات الشركة المفوض إليها [15].

ت- على المستوى الاجتماعي:

إن الهدف من اعتماد التدبير المفوض في قطاع النقل الحضري كما هو معتمد في دفتر التحملات ،هو استغلال هذا المرفق في أحسن شروط السلامة والراحة والولوجيات والانتظام والسرعة ودقة المواعيد[16]، إلا أن الشركة لم تلتزم بهذا الاتفاق، ذلك أن معظم الخطوط كانت غير مغطاة وكان المواطنون ينتظرون لساعات بل أحيانا يلجئون إلى وسائل بديلة فرضها عليهم الواقع، والذي أثر سلبا على صورة العاصمة الإدارية وشوه سمعة النقل الحضري. يبقى المواطن في هذا كله هو المتضرر من سوء هذا التدبير، ولعل أفضل مثال لهذه المعانات هي تلك الطوابير في ساحة باب شالة وباب الحد التي تعكس المعانات اليومية للمواطن مع وسائل نقل العاصمة.[17]

ثانيا: مجموعة التجمعات الحضرية لحل مشكل تدبير النقل الحضري العاصمة:

في إطار تدبير أزمة النقل بالقطب الحضري الرباط – سلا – تمارة ونظرا لأن شركة ستاريو لم تتمكن من احتواء مشاكلها ومن تم وضعت طلب اللجوء إلى مسطرة التسوية القضائية بالمحكمة التجارية بالرباط ،فان السلطة المفوضة بتنسيق مع السلطة الوصية  اتخذت عدة تدابير  كاللجوء إلى حل خارج التسوية القضائية لضمان استمرارية المرفق ([18])، تم توقيع بروتوكول اتفاقية التدبير المفوض متعلق بتفويت أسهم الشركة المفوض إليها لمجموعة التجمعات الحضرية، وعهد لهذه الأخيرة اختصاصات الجماعات المكونة لها فيما يخص النقل الحضري على صعيد المجال الترابي لهذه الجماعات، وذلك بناءا على القانون 78.00المتعلق بالميثاق الجماعي كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 01.03 والقانون رقم 17.08 الصادر بتاريخ 18 فبراير2009 خاصة المواد من 83-1 الى 83-13 منه، وعلى الفصل 34 من عقد التدبير المفوض. وبهذا الاتفاق تم وضع حد بصفة توافقية لمساهمة فيوليا ترونسبور في رأسمال الشركة المفوض إليها وتفادي كل متابعة قضائية التي يمكن أن تترتب عليه([19]).

وتفويت أسهم فيوليا ترونسبور لا يعني حل شركة ستاريو أو فسخ عقد التدبير المفوض، وهكذا فإن العقد يبقى ساري المفعول وجميع الالتزامات المضمنة في العقد يتم تحويلها للمساهمين الجدد.

وبناءا عليه يكون هذا الاتفاق استمرارية المساهمين الجدد في عقد التدبير المفوض في جميع الحقوق والالتزامات، الأمر الذي يتنافى مع قانون التدبير المفوض بحيث أن مجموعة التجمعات المكونة من الجماعات الثلاث هي في نفس الوقت المفوض والمفوض له، باعتبار أنه تم تفويت أسهم فيوليا ترونسبور لمجموعة التجمعات الحضرية والتي تتكون من ([20]):

  • الجماعة الحضرية لسلا 8 مقاعد.
  • الجماعة الحضرية الرباط 6 مقاعد.
  • الجماعة الحضرية تمارة 2 مقاعد.

فيما يخص القرار القاضي بتحديد كل من الجماعة الحضرية للرباط وسلا وتمارة في مجموعة التجمعات الحضرية، يعتبر إقصاء للجماعات الأخرى، مع العلم أنها تستفيد من خدمات النقل الحضري بناءا على اتفاقية التدبير المفوض.

كما نجد في هذه الحالة أن تدبير النقل الحضري يتم من خلال طريقتين:

  • مجموعة التجمعات الحضرية فيما يخص الجماعات الحضرية الرباط وسلا وتمارة.
  • صيغة التدبير المفوض فيما يتعلق بباقي الجماعات الأخرى.

وتجدر الإشارة إلى أنه في إطار تدبير مرفق النقل الحضري من خلال طريقة مجموعة التجمعات الحضرية، يتم إنشاء لجنة تتبع يفترض أن تتكون من أطر وتقنيي الجماعات المكونة لمجموعة التجمعات – تتكلف هذه اللجنة بتتبع مسار تدبير مرفق النقل الحضري- غير أن الملاحظ هو احتكار وزارة الداخلية لهذه اللجنة من خلال ممثل عنها هو من يتولى اختصاص هذه اللجنة.

ثالثا : الحاجات الأساسية لتجاوز أزمة تدبير القطاع

من خلال ما سبق وعلى ضوء مختلف النقاشات المنصبة على هذا الموضوع، والمشاكل التي يعرفها القطاع على المستوى الوطني كغياب الإطار القانوني المنظم لقطاع النقل غياب مخطط التنقل الحضري وعدم كفاية الإطار المؤسساتي[21]، يمكن الإدلاء بمجموعة من المقترحات كمداخل لتجاوز هذه الأزمة، والتي يمكن تقسيمها إلى ما هو تدبيري وما هو قانوني:

  1. المدخل التدبيري:
  • إعداد مخطط شامل وإستراتجية متكاملة للنقل الحضري بالقطب الحضري سلا- الرباط – تمارة.
  • ضرورة إخضاع شركة المفوض لها تدبير المرفق للمراقبة والافتحاص المالي قصد تحسين وتطوير التدبير، وعقلنة عملية الاقتراض لدى صندوق التجهيز الجماعي.
  • تفعيل الدور الرقابي الذي يلعبه المناديب أعضاء مجموعة التجمعات الحضرية العاصمة، ودور مجلس الرقابة في إطار الصلاحيات المخولة لهما من اجل الإشراف الأمثل على تدبير النقل الحضري.
  • التفكير في صيغة تشاركية بين الدولة والقطاعات الحكومية المعنية من أجل توسيع الأسطول والرفع من عدد الحافلات.
  1. المدخل القانوني:
  • ضرورة استحضار إشكالية النقل عند مناقشة واعتماد التصاميم التهيئة الموحدة بالشكل الذي يغطي كافة أحياء القطب.
  • الحرص على التطبيق السليم لشركة ستاريو لمقتضيات دفتر الشروط والتحملات، خاصة في الشطر المتعلق بتطوير وتجديد وصيانة الأسطول.
  • ضرورة الحسم في وضعية هيئة السلطة المفوضة، التي تشرف على تدبير القطاع والتي أصبحت متجاوزة من الناحية القانونية بعد تأسيس مجموعة التجمعات الحضرية.

من خلال تتبع هذا الملف والمشاكل التي يعرفها يتضح ويتأكد أن سياسة المدينة في شقها المتعلق بتدبير مرفق النقل الحضري يغلب عليها الطابع الترقيعي وعدم استقرار أنماط وأساليب تدبير المدينة، ولعل السبب في ذلك –ربما- يرجع إلى استيراد الأنظمة المقارنة دون دراسة مدى قابليتها للتطبيق على أرض الواقع وحسب الظروف التي يعرفها المحيط الاجتماعي المغربي، لأن الإمكانيات ليست هي الإمكانيات والعقليات ليست هي العقليات. زد على ذلك أن صفقات التدبير المفوض تدار أحيانا في إطار خارج قانون التدبير المفوض وبعيدا عن شروط دفتر التحملات الموقعة على أساسها الاتفاقية، الشيء الذي يصعب من إمكانية إخضاعها للمراقبة، ولهذا فغالبا ما لا تثار مسطرة المراقبة حتى في حالات عدم احترام بنود العقد، الأمر الذي يمس بمبدأ الشفافية ويسيء إلى مفهوم حكامة المدن وسياسة المدينة.


[1]1- للمزيد من المعلومات حول فكرة المرفق العام العمومي راجع: محمد الأعرج: “القانون الإداري المغربي، الجزء الأول ” المجلة المغربية الإدارة المحلية والتنمية، مواضيع الساعة، العدد 61، 2009.

[2] Mohamed Amin Benabdellah : «  La Gestion déléguée du  service public au Maroc », Revue REMALD n° 92,mai-juin  2010 , page 9 .

[3]– سيتم التطرق لهذه الأساليب في محاور المقال، وهي الوكالة المستقلة،الامتياز ، التدبير المفوض.

[4]– سعيد نكاوي:” التدبير المفوض على ضوء القانون 05_54″ دار الآفاق المغربية للنشر،مطبعة الأمنية، الرباط،2010، ص 11.

[5]– القانون رقم 54-05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة، والصادر بشأنه تنفيذه الظهير الشريف رقم 5.06.1 الصادر في 15 من محرم 1427 (14 فبراير 2006) في الجريد الرسمية عدد 5404 ص744.

[6] – الفصل 154 من دستور المملكة المغربي الصادر سنة 2011.

[7] – المادة 39 من القانون رقم 78.00 المتعلق بالميثاق الجماعي كما وقع تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 17.08 الصادر في 18 فبراير 2009.

[8] – المهدي بنمير: “اللامركزية والشأن العام المحلي” المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش،2000،  93 ص.

[9]– الشريف الغيوبي: “تفويض تدبير المرافق العمومية نحو شراكة متينة مع الخواص” المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج87_88، يوليوز_ أكتوبر2009.

[10]– محمد اليعكوبي : “تأملات حول الديمقراطية المحلية بالمغرب” الطبعة الثانية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2008، ص 90  

[11] – مذكرة عن وزارة الداخلية، حول التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري العمومي عبر الحافلات                                                    

[12] – البند 19و 20 الباب الخامس من اتفاقية التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري بواسطة الحافلات بالرباط- سلا- الصخرات- تمارة،   الموقعة بتاريخ 26 فبراير 2009.

[13]_ البند.18 من اتفاقية التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري بواسطة الحافلات، مرجع سابق الذكر.

[14]المواد من 17-18-19-20 من القانون رقم 54-05 المتعلق بالتدبير المفوض، مرجع سابق الذكر                                                      

[15].www.marocdroit.com_  مصطفى يخلف: “الرقابة القضائية لعقود التدبير المفوض عقدي النقل الحضري بأكادير نموذجا” ،

[16]_ البند 18 الباب الرابع من اتفاقية التدبير المفوض لمرفق النقل الحضري بواسطة الحافلات، مرجع سابق.

[17]–  محمد لغروس “النقل بين الرباط  وسلا.. أزمة طال عمرها”، جريدة التجديد ، عدد 3065، الأربعاء 16 يناير 2012، الصفحة 06.

[18]– مذكرة صادرة عن وزير الداخلية.

[19]– ملحق لاتفاقية التدبير المفوض لمرفق  النقل الجماعي الحضري بواسطة الحافلات بالرباط-سلا-الصخيرات تمارة، ص3.

[20]– قرار وزير الداخلية رقم 10 الصادر بتاريخ 6 يونيو 2011 والقاضي بتحديد الجماعات المنتمية لمجموعة التجمعات الحضرية “العاصمة”.

[21] – «  Nouvelle politique du maroc pour de developpement du transport urbain » Abdellatif Chadali, Directeur de la planification et de l’équipement, Ministère de l’intérieur, 11 décembre 2008.

الأكثر رواجًا