إبراهيم الزيتوني

بين الجمود التشريعي وديناميكية القاضي الإداري

الطالب الباحث بسلك الدكتوراه

جامعة محمد الخامس –الرباط-

 

لا يعد التنفيذ الجبري عملا من أعمال الوظيفة التنفيذية للدولة، بقدر ما هو عملا من أعمال الوظيفة القضائية، فالحاجة إلى التنفيذ الجبري تنشأ نتيجة اعتداء على الحقوق والمراكز القانونية، وهو الاعتداء الدال على وجود تعارض داخل النظام القانوني والواقع العملي والذي يحتاج دائما لإعادة المطابقة بين الواقع والقانون .

لدى فقد عرفه التشريع المصري من خلال المادة 314من قانون المرافعات (التنفيذ الجبري هو ما تقوم به المحكمة التنفيذ من إجراءات لإجبار المدين أو المحكوم عليهبالوفاءبما يضمنهالسند التنفيذيليؤكد حق طالب التنفيذ منهوفق لشرع و القانون).

لهذا تقتضي المنازعة سواء تعلق الأمر بنزاع بين الأشخاص القانون الخاص أو العام أوهما معا، الخضوع لأحكام القضاءوتنفيذ أحكامه، لكن عندما يصطدم الأمر بامتناعإحدى الأشخاص العامة بالخضوع لأحكام القضاء الإداري فان القاضي الإداري لم يتوانى عن استخدام جل الوسائلالقانونية والقضائيةفي دفع هذه الأشخاص عن تنفيذ أحكامه، ومن ذلك التنفيذ الجبري، ضمانا منه لحفظالحقوقالأفراد و حرياتهم .

وتعد إمكانية جواز تطبيق القواعد الغرامة التهديدية ضد الأشخاص العامة من بين الإمكانيات القانونية التي مافتئ مجلس الدولة تطبيقها في مجموعة من أحكامه، وذلك من خلالحكم fabrégue الصادر سنة 1909 والمتعلق بامتناع عمدة عن تنفيذ حكم الإلغاء قرار العزل السيد fabrégue من وظيفته، ليعتنقها القاضي الإداري المغربي أمام الفراغ التشريعي في مدى تطبيقها على أشخاص القانون العام، وعمومية نصوص القواعدالقانون المسطرة المدنية.

فماهي أهم وسائل التنفيذ الجبري المعمول بها أمام القضاء الإداري؟ وما هو موقف القضاء من تطبيق قواعد التنفيذ الجبري على الأشخاص القانون العام ؟

المطلب الأول :الغرامة التهديدية

إن وضع إطار عملي لمؤسسة الغرامة التهديديةباعتبارها وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري المنصوص عليها في قواعد المسطرة المدنية ،من شأنهمن جهة أولى الوقوف على قواعدتطبيق الغرامة التهديدية أمام القضاء الإداري( الفرع الأول )، ثم التعرض إلى نطاق فرضها وموقف القضاء من إعمالها على الإدارة الجماعية باعتبارها شخص من أشخاص القانون العام(الفرع الثاني).

الفرع الأول: قواعد تطبيق الغرامة التهديدية أمام القضاء الإداري.

تعتد الغرامة التهديدية وسيلة غير مباشرة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية الحائزة لقوة الشيء المقضي به، وتدخل القاضي الإداري في فرضه لهذه الوسيلة الإكراهية على أشخاص القانون العام لا يعد من قبيل توجيه الأوامر أو الحلول محلها في التنفيذ أو مسا بمبدأ فصل السلط[1]، بقدر ما هو الدافع بالضرورة إلى احترام هذه الأشخاص لالتزاماتها وتحسسيها بواجبها في تنفيذ أحكامه. فما هو مفهوم الغرامة التهديدية ؟ و ما هي خصائصها؟ وما هي أهم مبررات إعمال الغرامة التهديدية من قبل القضاء الإداري؟.

الفقرة الأولي: مفهوم الغرامة التهديدية و خصائصها

لاشك أن التعرض لأي موضوع بالدراسة والتحليل يتطلب وقبل الخوض فيه الوقوف على ماهيته؛ وهو ما نستهل به بحثنا هذا من خلال الوقوف على مفهوم الغرامة التهديدية من الناحية الفقهية و القضائية.

يعد نظام الغرامة التهديدية من المواضيع الهامة التي تناولها بالدرس والتحليل عدد كبير من الفقهاء، وذلك ضمن العديد من الكتب القانونية لا سيما منها المتعلقة بأحكام الالتزام وطرق التنفيذ و إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الإدارية.

هكذا عرف جانب من الفقه الفرنسي[2] في تعريفه الغرامة التهديدية بأنها العقوبة المالية التبعية تحددبصفة عامة عن كل يوم تأخير، يصدرها القاضي بقصد ضمان حسن

تنفيذ حكمه أو حتى بقصد ضمان حسن تنفيذ أي إجراء من إجراءات التحقيق.

ويسير جانب آخر من الفقه ونخص بالذكر الفقه المصري[3]، باعتبار الغرامة التهديديةوسيلة يلزم من خلالها القاضي بتنفيذ التزامه عينيا خلال مدة معينة، فإذا تأخر في التنفيذ كان ملزما بدفع الغرامة التهديدية عن هذا التأخير. يقدر المبلغ المالي عن كل يوم أو أسبوع أو شهر أو أي وحدة الزمنية أخرى، أو عن كل مرة يأتي فيها مدين بعمل يخل بالتزاماته، وذلك إلى أن يقوم بالتنفيذ أو إلى أن يمتنع نهائيا عن القيام بالالتزام، ثم يرجع إلى القضاء فيما تراكم على المدين من الغرامات التهديدية، ويجوز للقاضي حينئذ أن يخفض هذه الغرامات أو يمحوها . ويعرفها الأستاذ سليمان مرقس على أنها الإكراه المالي والوسيلة غير المباشرة للوصول إلى التنفيذ في الأحوال التي يكون فيها التنفيذ الالتزام تنفيذا عينيا يقتضي تدخلا شخصيا من المدين[4].

أما الفقه المغربي فيعرف الغرامة التهديدية على أنها وسيلة منحها المشرع بمقتضى المادة 448 من ق.م.م للدائن لتمكينه من الحصول على التنفيذ العيني متى كان الأمر يتعلق بعمل أو الامتناع عنه يتعلق بشخص المنفذ عليه ممكنا وجائزا قانونا، وتلزم إرادته في تنفيذه ولتسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري[5]. أما الأستاذ الطيب برادة فيعرفها بأنها وسيلة إكراه عندما يتعنت المدين في موقفه. ولا يريد أن يقوم بما التزم به من عمل أو خالف ما التزم به من امتناع عن عمل مع أن تدخله لازم وممكن في التنفيذ العيني للالتزام[6].

  1. التعريف القضائي للغرامة التهديدية

كان القضاءبفرنسيسباقا إلى وضع تعريفلوسيلةالغرامة التهديديةو ذلك قبل التقنين التشريعي لها . لذا فقد صرحمجلس الدولة الفرنسي في العديد من أحكامهانها رخصة متاحة للقضاة العاديين للحكم بالغرامة التهديدية بغرض تنفيذ أحكامه و إجراءات التحقيق التي تسبقها لها طابع المبدأ العام للقانون[7].

والجدير بالذكر أن القضاء الإداري في كل من فرنسا و مصر لم يذهبفي أول الأمر إلى فرض الغرامة التهديدية، الشيء الذي حتم عليه عدم الحاجة إلى الوقوف على تعريفها، إلا أن هذا لا يمنع من الاستئناس بالتعريف الذي أعطته محكمة النقض الفرنسية التي عرفت الغرامة التهديدية، عن كونها وسيلة لردع الامتناع، وليس من أهدافها تعويض الأضرار أو التماطل، وهي عبارة تستخلص حسب مدى خطورة المدين الممتنع وحسب إمكانياته أيضا[8].

أما بالمغرب فالغرامة التهديدية هي نظام أقره القانون منذ العمل بقانون المسطرة المدنية لسنة 1913 والمعدل بالقانون اللاحق له لسنة 1974، دون أي محاولة منه لتحديد أو وضع مفهوم للغرامة التهديدية[9]، وهو النقص الذي حاول القضاء تداركه في أكثر من مناسبة عند نظره في تحديد الغرامة التهديدية، وهكذا عرفتها محكمة استئناف الدار البيضاء، أنها عبارة عن وسيلة ضغط على المدين لإجباره على تنفيذ التزاماته. و القاضي الذي يقوم بتحديد الغرامة التهديدية يتأكد مما إذا كان التنفيذ ممكنا، وما إذا كان تدخل المدين ضروريا[10]، كما أن المحكمة الإدارية بالرباط، فعرفتها بكونها وسيلة لإجبار المحكوم عليه الممتنع عن التنفيذ متى تعلق الأمر بالقيام بالعمل أو الامتناع عنه، كلما كان لصيقا بشخصية المنفذ عليه ممكنا و جائزا قانونا مما لا تسعف فيه إجراءات التنفيذ الجبري الأخرى[11].

ويلاحظ أن كل هذه التعريفات التي أوردها كل من الفقه والقضاء نجدها تصب في قالب واحد، فهي وسيلة منحها المشرع للقاضي للضغط على المدين لتنفيذ التزامه. وهو التعريف الذي يمكننا من خلاله استخلاص جملة من خصائص و مميزات الغرامة التهديدية.

  1. خصائص و مميزات الغرامة التهديدية

يتسم نظام الغرامة التهديدية بجملة من الخصائص و المميزات لا نجد لها مثيلا في باقي الأنظمة وهو ما يجعلها نظاما قضائيا، ووسيلة غير مباشرة ذات طابع تهديدي وتحكيمي. زيادة عن كونها إجراء وقتي. وهو ما سوف نتعرض له في كل ميزة على حدا.

  • الغرامة التهديدية ذات طابع تهديدي و تحكيمي:

فالقاضي الإداري يتمتع بسلطة تقديرية في تقدير مبلغ الغرامة، لا مقياس له إلا القدر الذي يرى القاضي أنه ينتج في تحقيق غايته. وهي إخضاع المدين وحمله على أن يقوم بتنفيذ التزامه عينا. فلا يشترط فيه أن يكون مقاربا للنص الذي يصيب الدائن من جراء عدم تنفيذ الالتزام بالقدر الذي يشترط للحكم به وجود ضرر أصلا.

  • الغرامة التهديدية ذات طابع وقتي تهديدي:

الحكم بالغرامة التهديدية لا يكون نهائيا وواجب النفاذ حتى ولو صدر عن محكمة آخر درجة أو كان الحكم الأصلي مشمولا بالنفاذ المعجل، إذ تنتهي علة قيامه متى اتخذ المدين موقفا نهائيا إما لوفائه بالالتزام أو إصراره على التخلف، كما أن الحكم بالغرامة التهديدية لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن يحوز حجية الأمر المقضى به لكونه حكما وقتيا نهائيا.

  • الغرامة التهديدية تقدر عن كل وحدة من الزمن :

الغرامة التهديدية تقدر عن كل وحدة من الزمن يتأخر فيها المدين عن تنفيذ التزاماته أو عن كل مرة ينحل فيها بالتزامه.

الفقرة الثانية: مبررات إعمال الغرامة التهديدية أمام القاضي الإداري

لقد اختلف العديد من الفقه في مدى جواز تطبيق الغرامة التهديدية ضد أشخاص القانون العام لحملها على تنفيذ الأحكام الإدارية. وهو الشيء الذي خلق نوع من التنافر بين مؤيد ومخالف في جواز تطبيقها من قبل القاضي الإداري، فالفقيه والين أن الأمر التنفيذي ليس له أثر عملي على التنفيذ، مادام هذا الأخير يثق بإرادة الإدارة وحدها و ذلك للانتفاء وسيلة التنفيذ الجبري ضدها[12] .

إلا أن جانب آخر من الفقه[13] يؤيد تطبيق الغرامة التهديدية ضد الإدارة مبررا موقفه هذا على عدم وجود أي مانع قانوني يمنع القاضي الإداري من جواز تطبيق الغرامة التهديدية ضد الإدارة. خصوصا وأن هذه الصلاحية تشبه إلى حد كبير الأحكام التي يضمنها القاضي التعويضات المالية، التي لا يتردد في الحكم بها ضد الإدارة.

ويؤكد الدكتور عبد المنعم عبد العظيم جيزة على منطقية موقفه المؤيد لتطبيق الغرامة التهديدية في حالة عدم التزامها بالتنفيذ، غير أنه ينهي موقفه هذا بالقول أن هذه الوسيلة تصطدم بعدم جواز تنفيذ الغرامة التهديدية تنفيذا جبريا عندما يتحول إلى تعويض نهائي[14].

أما بالنسبة لفرنسا فلم يكن قانون 7/2/1995 القانون الأول الذي يتيح إمكانية توجيه الغرامة التهديدية من قبل القاضي الإداري تأكيدا منه لما يصدره من أحكام. بل يلاحظ أن قانون 16/07/1980 كان له الفضل الأكبر في هذا المجال[15].وإن كان لا يعطي سلطة توجيهها إلا لمجلس الدولة دون الجهات القضائية الإدارية الأخرى، مما ترتب عنه حرمان المحاكم الإدارية ومحاكم الاستئناف الإدارية من حقها في ضمان تنفيذ أحكامها بغير مبرر[16]، و ربما ميبرر هذا المسلك للمشرع أن محاكم الاستئناف لم تحدث في فرنسا إلا في أواخر سنة 1987، و إن هذا الموقف يبقى دون تبرير بالنسبة للمحاكم الإدارية المنشأة منذ سنة 1953 إضافة إلى ذلك فلم يعطي قانون 16/08/1980 لمجلس الدولة إمكانية توقيع الغرامة التهديدية إلا في مواجهة أشخاص القانون العام دون غيرهم من أشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة مرفق عمومي وهو القصور الذي أفضى بلا مبرر قانوني إلى خروج طائفة كبيرة من الأحكامبسرعة و فعالية، فما كان منالمشرعبعد سبع سنوات إلا التدخللإصدار قانون 87.88 بتاريخ 1978.08.30الذي اخضع أشخاص القانون الخاص المكلفة بإدارة المرافق العامة إلى أحكام قانون 16/07/1980، وهكذا كان لصدور قانون 8/2/1995 أثر حاسم في هذا المجال حيث أعطى لجميع جهات القضاء الإداري إمكانية فرض الغرامة التهديدية.

بهذا يتبن أن المشرع الفرنسي استطاع أن يزيل إحدى العقبات الرئيسية التي كانت تواجه تنفيذ الأحكام الإدارية. أما بالنسبة للتشريع المصري فلم يسلك هذا الطريق لا عن تجاهل منه، وإنما بإتباعه أسلوب له أثره الفعال في التنفيذأكثر مما تحققه الغرامة التهديدية ضد الإدارة ، وهو المنهج الممثل في تطبيق مسؤولية الموظف الممتنع عن التنفيذ[17].

أما التشريع المغربي وباستقرائنا للقانون المحدث للمحاكم الإدارية و القانون المحدث لمحاكم الاستئناف الإدارية. فإننا لا نجده ينص على أي مقتضى خاص لمواجهة الامتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الصادرة ضدها. لهذا فالمرجع القانوني في حل إشكالية تنفيذ أحكام القضاء الإداري هو التفسير الواسع لمقتضيات المادة 7 من القانون 90.41 التي تحيل مقتضياتها على قواعد المسطرة المدنية.

لهذا اعتمد القاضي الإداري المغربي في فرضه لوسيلةالغرامة التهديدية على نظام وحدة القضاء من جهة التي تقضي بتطبيق قواعد المسطرة المدنية على المنازعات الإدارية والمدنية على حد سواء؛ ذلك أن وحدة مسطرة التقاضي تؤدي منطقيا إلى وحدة مسطرة التنفيذ، خصوصا وأن المحاكم الإدارية تعتبر محاكم عادية مندرجة في النظام القضائي للمملكة مع تخصصها في المادة الإدارية. ومن جهة أخرى و بالرجوع إلى قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون 90.41 نجده ينص في الباب الثالثالمتعلق بالقواعد العامة للتنفيذ من خلال الفصل 448 على الغرامة التهديدية كوسيلة من وسائل إجبار المحكوم عليه على التنفيذ في غياب أي نص قانوني يستثني الإدارة من هذه الوسيلة.

 والملاحظ أن كلمة المنفذ عليه الواردة في الفصل الذكور جاءت عامة مما يعزز تحديدها سواء ضد الأشخاص العامة أو الخاصة كلما تعلق الأمر بالامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي الحائز لقوة الشيء مقضي به.

لذلك فكلما تعلق الأمر بالقيام بعمل أو الامتناع عنه جائز وممكن ولا تسعف فيه وسائل التنفيذ الجبري متوقف على إرادة المحكوم عليه، جاز تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة أو المسؤول عن التنفيذ خصوصا و نحن أمام انعدام تام لنص مخالف لذلك[18].

الفرع الثاني: نطاق فرض الغرامة التهديدية و موقف القضاء الإداري منها

لقد أثارت إشكالية عدم تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة الجماعية انتباه العديد من الباحثين والمهتمين بهذا المجال، بعدما اتضح تزايد عدد الأحكام غير المنفذة، وهي الوضعية التي دفعت القضاء الإداري بالبحث عن والوسائل الكفيلة للتخفيف من هذا الإشكال. لتظهر بعد ذلك مجموعة من الاجتهادات المتواترة أو التي أبانت عن رغبة القاضي الإداري من التحرر من القيود المفروضة عليه في توجيه أوامر للإدارة، فعبر عن مواقف شجاعة وجريئة اتسمت بالوضوح وارتكزت على أسس تعاليل منطقية وشبه هندسية[19].

فصدرت بذلك مجموعة من الأحكام تقضي بفرض الغرامة التهديديةمن جراء امتناع الإدارة الجماعية عن التنفيذ، وصلت في بعض الأحيان إلى فرضها على المسؤول عن التنفيذ بصفة شخصية[20].

الفقرة الأولى : الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة الجماعية الممتنعة عن التنفيذ و موقف القضاء الإداري منها

لم تتردد المحاكم الإدارية منذ بدأ العمل بها من الاستجابة لطلبات تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الإدارة الجماعية، وفي جميع النزاعات التي تتوفر فيها شروط الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية معتبرة في المرحلة الأولى بأنها مختصة بالنظر في حل هذه الطلبات، غير مسايرة بذلك لموقف الوكالة القضائية التي كانت ولا تزال تعتبر بأن تحديد الغرامة التهديدية ضد أشخاص القانون العام من قبيل توجيه أوامر لها وعرقلة لعملها ومخالفة لمقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية، كما هو الحال في حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 134 الصادر بتاريخ 6 مارس 1997[21].

وعلى هذا النحو تواثرت العديد من اجتهادات المحاكم الإدارية بالمملكة في تحديد الغرامة التهديدية ضد الإدارة الجماعية، وفي مختلف النزاعات الإدارية بنوعيها: قضاء الإلغاء والقضاء الشامل. وتعد قضية ورثة العشيري، أول مبادرة شجاعة من القضاء الإداري المغربي بعد إنشاء المحاكم الإدارية، قضت من خلالها المحكمة الإدارية بالرباط بفرض الغرامة التهديدية على الإدارة بسبب عدم امتثالها للأمر الاستعجالي الموجه ضدها. حيث أبان القاضي الإداري من خلال هذا الحكم على واقعية كبيرة تجلت في تفسيره الواسع لمقتضيات المادة 7 من القانون 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية و تطبيقها تطبيقا دقيقا يتماشى وروح القانون[22] لتليه فيما بعد أحكام أخرىصدرت عن مختلف المحاكم الإدارية التي حرصت بدورها على نهج محكمة الرباط الإدارية[23]؛ وهو الموقف الذي سارت على تأييده الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى وذلك بقولها:

” إن عرقلة الأعمال الإدارية في مفهوم الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية المتمسك بخرقه، إنما يخص الأعمال و التصرفات المشروعة. أما غيرها من الأعمال التي تفتقد عنصر المشروعية، كما هو الوضع في النازلة، فإن الإدارة هي التي تتحمل عواقب تصرفاتها وتبذيرها للأموال العمومية في أشغال جارية لا سند لها في القانون ولم تدل الإدارة بما من شأنه أن يضفي الجدية على عملها لعرقلة الأعمال الإدارية”[24]

إلا أن الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى سوف تتخذ موقفا مغايرا لهذا الاتجاه، خاصة عندما يتعلق الأمر بدعوى الإلغاء، معللة موقفها اعتمادا على التعليل التالي:” حيث أنه إذا كانت الجماعة القروية التي الغي قرارها بعزل الطاعن المذكور قد امتنعت عن تنفيذ الحكم المذكور رغم سلوك المعني بالأمر الإجراءات المسطرية لحملها على التنفيذ، فإنه لا يمكن إجبارها على التنفيذ عن طريق الغرامة التهديدية مادامالقضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قرارها الذي اعتبره متسما بالشطط في استعمال السلطة، فيبقى أمام المعني بالأمر الحق في اللجوء إلى القضاء الإداري. وبعد الإدلاء بمحض الامتناع عن التنفيذ لطلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن التصرف بخصوص نشاطات أشخاص القانون العام التي من شأنها الإضرار بمصالح الخواص”[25].

ولعل المجلس الأعلى في قراره هذا يميز بين تحديد الغرامة التهديدية بخصوص أحكام الإلغاء بالشطط في استعمال السلطة و أحكام القضاء الشامل، و لعله بهذا يسحب الاعتراف للمحاكم الإدارية في فرض الغرامة التهديدية رجوعا منه إلى القاعدة الكلاسيكية القائمة على اعتبار دعوى التعويض هي الوسيلة الوحيدة لمعالجة ظاهرة عدم تنفيذ الأحكام الإدارية انطلاقا من مبدأ احترام استقلال الإدارة لعدم توجيه الأوامر إليها في إطار مبدأ الفصل بين السلط،[26]و بطبيعة سلطة القاضي الإداري في إطار دعاوى الإلغاء، إذ لا يمكنه أن يمضي في حكمه إلا أبعد من إلغاء القرار الإداري عند ثبوت عدم مشروعيته.[27]

ويبدو أنه لا مبرر للتمييز بين أحكام دعاوى الإلغاء و أحكام القضاء الشامل فيما يخص توجيه الغرامة التهديدية من قبل القاضي الإداري مادامت أن النتيجة واحدة ، وهي الامتناع الإدارة عن تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة ضدها مادامت أن وسائل التنفيذ الجبري لاتسعف في تنفيذ حكم الإلغاء، وأن مبدأ الفصل بين السلطات وما يستتبعه من استقلال الإدارة و عدم توجيه الأوامر لم يتخذ إلا ليضمن للموظفين العموميين حرية الحركة و ليس عدم الالتزام بقوة الشيء المقضي به.[28]

الفقرة الثانية : الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول عن التنفيذ.

إن القراءة الأولية لنص المادة 448 توحي بكون المخاطب بإجراءات تنفيذ الأحكام الإدارية هو الشخص المعنوي العام دون الخاص[29] ، الذي يبقى مخاطبا بتنفيذ الأحكام العادية الصادرة في إطار القانون الخاص، لكن أمام عمومية لفظ المنفذ عليه الذي يحتوي كلا من أشخاص القانون العام وأشخاص القانون الخاص فهل تسعف في القول بإمكانية تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول عن التنفيذ إذا ما تعلق الأمر بتنفيذ حكم في مواجهة شخص من أشخاص القانون العام؟

 وكأول خطوة شجاعة وجريئة من قبل القاضي الإداري المغربي، ذهبت في هذا المنحى وأجازت تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة المسؤول عن تنفيذ الحكم الإداري وهو الحكم الصادر عن إدارية مكناس [30]، في قضية السيد عطاوي وتتلخص وقائع هذهالقضية في أن السيد محمد عطاوي تقدم بمقال بتاريخ 16 مارس 1998 إلى المحكمة الإدارية بمكناس لطلب إلغاء قرار العزل من الوظيفة بالمجلس القروي لتونفيت، بسبب تجاوز السلطة. وبعد مناقشة القضية أصدرت المحكمة المذكورة حكما قضى بإلغاء قرار العزل المطعون فيه وهو الحكم الذي أصبح نهائيا، فسعى المستفيد منه إلى تنفيذه. لكن رئيس المجلس القروي امتنع بصفة شخصية وبدون أي مبرر قانوني مقبول تنفيذ مقتضيات الحكم فراجع السيد عطاوي رئيس المحكمة الإدارية بمكناس من أجل فرض الغرامة التهديدية على رئيس الجماعة للانصياع إلى مقتضيات الحكم، فأصدر رئيس المحكمة أمرا بفرض مبلغ ألف درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ على رئيس الجماعةشخصيا. وقد عمد القاضي الإداري في هذه النازلة إلى تطبيق فكرة المسؤولية الشخصية للشخص الممتنع عن التنفيذ. وهي الفكرة التي نادى بها العديد من فقهاء القانون العام بفرنسا[31] و المغرب[32].

وإذا كان مسلك القضاء الإداري المغربي هذا قد لقي استحسانا و تشجيعا من معظم فقهاء القانون الإداري، فإن هذا المسلك قد توقف عند منتصف الطريق وذلك بصدور قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى[33]، لتلغي بذلك حكم إدارية مكناس القاضي بفرض الغرامة التهديدية في مواجهة رئيس الجماعة[34] تونفيت شخصيا لامتناعه عن تنفيذ الحكم القضائي بإلغاء قرار العزل وإرجاع الموظف الطاعن إلى عمله، حيث جاء في حيثيات القرار: “حيث أنه إذا كانت الجماعة القروية التي ألغي قرارها بعزل الطاعن المذكور قد امتنعت عن التنفيذ، فإنه لا يمكن إجبارها على التنفيذ عن طريق الغرامة التهديدية مادام القضاء الإداري قد اقتصر على إلغاء قرارها الذي اعتبره متسما بالشطط في استعمال السلطة، فيبقى أمام المعني بالأمر الحق في اللجوء إلى القضاء الإداري، وبعد الإدلاء بمحضر الامتناع عن التنفيذ لطلب التعويض عن الأضرار الناتجة عن التصرف بخصوص نشاطات القانون العام التي من شأنها الإضرار بمصالح الخواص”[35] .

والملاحظ أن المجلس الأعلى وهو يلغي الحكم المذكور لم يتناول في حكمه مدى إمكانية تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الشخص الممتنع عن التنفيذ باعتباره مرتكبا لخطأ شخصي، ولم يتطرق لمسألة اختصاص رئيس المحكمة بتحديد الغرامة التهديدية ضد الشخص الذاتي لفائدة شخص من أشخاص القانون الخاص، بل استبعد هذه الوسيلة كلها من دعوى الإلغاء، ليكون بذلك قدتراجع عن المكتسب القضائي الذي نادى به الحكم الإداري بمكناس، راجعا إلى القاعدة الكلاسيكية التي تقتضي أن الامتناع عن التنفيذ لا يترتب عنه سوى المطالبة بالتعويض.[36] وهو حل تقليدي متجاوز، وكما قال الأستاذ محمد العنتري[37]من يضمن لنا ألا يصطدم حكم التعويض هذا بالرفض والامتناع عن تنفيذه كما هو الحال في حكم عطاوي ضد جماعة تونفيت، هذا بالإضافة إلى أن مجرد التعويض كمقابل لعدم تنفيذ حكم قضائي قاضي بالإلغاء يعني اعترافا و إقرارا باستمرار وضعية غير مشروعة ومخالفة للقانون،وهو الأمر الذي يتناقض و مبادئ دولة الحق و القانون[38].

 وتأسيا على كل ما سبق، فإننا نشيد بجرأة المحاكم الإدارية، في تبنيها لأسلوب الغرامة التهديدية سواء في مواجهة الإدارة الجماعية أو المسؤول الممتنع عن تنفيذ الحكم القضائي الحائز لقوة الشيء المقضي، في انتظار تعديل المجلس الأعلى لموقفه كما فعل بخصوص نظرية الاعتداء المادي لردع كل تهاون أو استخفاف أو استهتار بالأحكام الإدارية من طرف القائمين على تنفيذها.


[1] – محمد القصري. “تنفيذ الأحكام الإدارية، الغرامة و الحجز.” مجلة المعيار عدد 29 ص 65

[2] -Christophe Guttier. L’administration et l’exécution des décisions de justice, AJDA. 20 juillet .20août 1999 spécial P.66.

[3]3- عبد الرزاق الشهوري: الوسيط في شرح القانون المدني الجديد. الطبعة الثالثة منشورات الحلبية الحقوق بيروت. لبنان ص198 .

[4] – سليمان مرقس. الوافي في شرح القانون المدني أحكام الالتزام.بدون دار نشر بدون طبعة ص 267.

[5]-محمد القصري. “تنفيذ الأحكام الإدارية، الغرامة و الحجز.” مجلة المعيار عدد 29 ص ص ص 42

[6]– الطيب برادة. ” التنفيذ الجبري في التشريع المغربي” رسالة نيل دبلوم الدراسات العليا. جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء. سنة 1987 ص 363

[7] – قرار مجلس الدولة الفرنسي ذكره الفقهان بار و أوني في كتابهما ص276. أورده أحمد الصايغ. مرجع سابق ص 30

[8] – محمد الزياتي. التطلع لأحداث مسطرة تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة في مواجهة الإدارة منشور بمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد 83 نونبر، فبراير 2008 دراسات جامعية ص 61.

[9] – أحمد الصايغ، الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات وأعمال الجامعية. عدد 55 طبعة الأولى، لسنة 2004ص 30

[10] – قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء. عدد 1316 بتاريخ 28 يونيو 1991 ملف المدني عدد 1497/89.

[11]– حكم إدارية الرباط رقم 240/06س بتاريخ 5/07/2006.

[12] – عصام بن جلون. تنفيذ الأحكام الإدارية الصادرة في مواجهة الإدارة .بحث لنيل دبلوم الدراسات العليالمعمقة . كلية الحقوق بالرباط . السنة الجامعية 200/2001 ص 86.

[13] -Auby et Drago. trait de contentieux administratif – OP cit page 530.

[14]– عبد العظيم جيزة، أثار الحكم بإلغاء دراسة مقارنة، دار الفكر العربي طبعة الأولى 1971 ص.578.

[15]– محمد باهي أبو يونس. الغرامة التهديدية كوسيلة للإجبار الإدارة على تنفيذ الأحكام الإدارية دار الجامعة الجديد للنشر، طبعة 2001، الإسكندرية ص.32.

[16] -R chapus. Contentieux administratif Op. Cit p 741

[17] – عصام بن جلون. مرجع سابق، ص 89

[18] – محمد القصري، مرجع سابق ص 43 . 44

[19] -Amine BEN ABDELLAH « L’astreinte contre l’administration » REMALD, numéro double 20.21 juillet. décembre 1997. p 243

[20] – حكم المحكمة الإدارية مكناس رقم 3- 98. 1998. منشور بالدليل العملي للاجتهاد القضائي المادة الإدارية لأحمد بوعشيق. منشورات م.م.إ.م ت ص 562.

[21] – حكم إدارية الرباط عدد 134 الصادر بتاريخ 6 مارس 1997 الملف عدد 66/96ت منشور بالدليل.. أحمد بوعشيق مرجع سابق ص 562.

[22] – آمال المشرفي. ” الغرامة التهديدية و تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة” تعليق حكم المحكمة الإدارية الرباط عدد 134 بتاريخ 6 مارس المحلية المغربية للإدارة المحلية و التنمية. عدد 23 أبريل- يونيو 1997. ص78.

[23] – محمد الأعرج. قانون منازعات الجماعات المحلية” منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 58.مواضيع الساعة2008 ص 78 .

[24] – قرار الغرفة الإدارية عدد 836 بتاريخ 1/7/1997 في الملف رقم 1331/98. أورده أحمد الصايغ في كتابه الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ الأحكام القضائية الإدارية. مرجع سابق.ص 53

[25]– قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى عدد 235بتاريخ 11/3/1999 الملف الإداري عدد 41/1/98 قضية عطاوي ضد الجماعة القروية بتونفيت. منشور بالدليل العلمي . أحمد بوعشيق، ص 574 .576

[26] – محمد القصري. مرجع سابق ص 52

[27]– الجيلالي أمزيد. مرجع سابق ص 26.

[28] – محمد القصري. مرجع سابق. ص53

[29] – محمد القصري. مرجع سابق ص 48.

[30]– انظر في هذا الإطار:

حكم إداري بالدار البيضاء أمر استعجالي عدد381 بتاريخ 18/4/2002 في قضية شركة تنظيف صناعي ضد رئيس المجلس البلدي ببرشيد.

-حكم إدارية مكناس . الأمر الاستعجالي عدد 4/1/98. في قضية محمد الاسماعيلي.

– حكم إدارية مكناس بتاريخ 23 يوني 1993 إسماعيل العلوي رئيس المجلس البلدي. منشور بالمجلة المغربية للإدارة والتنمية المحليةعدد 27 سنة 1999

[31] – وهي الفكرة التي نادى بها العميد هوريو بمناسبة تعليقه على حكم fabougéوحكم mannrot حيث قال ” إننا انشغلنا أكثر من اللازم بالمسؤولين عن خطأ المرفق فقط دون أن نعطي الاهتمام الكافي للمسؤولية الشخصية للموظف.وقد حان الوقت للنظر إلى الجانب الذي له فائدته وهو أيضا الذي يمكن بصفة خاصة أن يقدم جزاءا لكل الأحكام الصادرة ضد الإدارة لأنه بالنسبة لرجل الإدارة المسؤول عن عدم التنفيذ الشيء المقضي به ضد الإدارة فإن طرق تنفيذه العادية يمكن استخدامها.

[32] – Amine BENABDELLAH « L’administration contre le responsable administratif opposant le refus d’exécution d’une décision de justice contre l’administration remald numéro 27. Juillet. 1999. P 111

أنظر كذلك تعليق الأستاذأمال المشرفي منشور بالمجلة المغربية للإدارة والتنمية عدد 127 ص 93 تحت عنوان ” حول تراجع قضائي إلغاء الغرامة التهديدية في مواجهة المدين عليه شخصيا

[33] – قرار الغرفة الإدارية عدد235 بتاريخ 11/3/1999 في الملف الإداري رقم 4/11/98 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 31 مارس. أبريل 2000 ص 112.

[34] – يعتبر رئيس المجلس الحضري أو القروي هو المسؤول الرئيسي عن تنفيذ الحكم الإداري الصادر ضد الجماعة الحضرية أو القروية وذلك وفق المادة 45 من القانون رقم 78.00. المتعلق بالميثاق الجماعي.

و رئيس المجلس الجماعي بصفته هذه وباعتباره آمرا بالصرف. فإن مأموري الإجراءات التنفيذية و المفوضين. القضائيين.كلما توصلوا بملف التنفيذي ضد الجماعة يقصدونه من أجل مطالبته بالتنفيذ.

[35] – قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى رقم 235 بتاريخ 11/3/1999 الجماعة القروية بتونفيت ضد محمد العطاوي. منشور بالدليل العلمي للاجتهاد … أحمد بوعشيق مرجع سابق ص 565 .

[36] – محمد القصريمحمد القصري. مرجع سابق، ص 54

[37] – M’AhamedANTARI. La censure de l’astreinte a titre personnel par la chambre administratif de la cour suprême, seraitce la fin d’un espoir ؟ remeld N° 31 Mars – Avril 2000 p 137

[38]– عصام بنجلون، مرجع سابق.ص 298.

الأكثر رواجًا