تأملات في قرار قضائي حديث

تأليف: الدكتور أحمد سالم ولد ببوط([*])

تعريب الدكتور: محمد ولد الداه ولد عبد القادر([**])

مراجعة الدكتور: الحسن ولد ماء العينين([***])

تقديم:

عند حصول الدول الإفريقية على استقلالها طرحت مسألة حول معرفة مدى إمكانية تأقلم الحقائق السوسيولوجية لهذه الدول واختيارهم لنظام قضائي موحد تترك مكاناً حقيقياً لوجود وتطور نزاع إداري مستقل قابل للمقارنة مع نظيره الفرنسي.

يجب الاعتراف في هذا السياق بأن الكتاب قد عبروا مبكراً عن امتعاضهم([318]) عند دراسته للمسألة في إطار دراسة عامة حول “الرقابة القضائية للإدارة في إفريقيا السوداء”([319]) وقد تساءل العميد Bockl حديثاً “إذا لم تكن هذه الانزعاجان مؤسسة”([320]).

بعد أكثر من عشرين سنة من تسيير النظام القضائي الإفريقي. يبدو لنا أن الوقت قد حان لوضع حصيلة شخصية لوضعية المنازعات الإدارية([321]) في الدول الإفريقية على التوالي وسنقترح أن نقوم بها هنا([322]) حول موريتانيا بمناسبة حكم حديث نموذجي وهو حكم المحكمة العليا الموريتانية الصادر بتاريخ 21 يناير 1981 ب… ولد ب…([323]).

فالوقائع التي كانت أصل هذا القرار تعتبر جد بسيطة. ففي 3 يونيو 1977 فإن السيد ولد ب… رئيس قطاع الجمارك في مدينة أطار كان يقود سيارة المصلحة عندما أصطدم بالسيد ط… ولد و… هذا الأخير قدم دعوى ضد الدولة الموريتانية أمام محكمة الدرجة الأولى (T .p .l) بنواكشوط من أجل إصلاح الضرر الذي تعرض له، وفي خلاصات لاحقة على هذه العريضة طالب إدانة ولد ب… “وإعلان أن وزارة المالية مسئولة مدنياً”([324]).

وبناءاً على حكم صادر بتاريخ 18 دجنبر 1978([325]) حكمت المحكمة على السيد ولد ب…، بدفع 520400 أوقية([326]) إلى الضحية كتعويض عن الإضرار مع إخراج الدولة الموريتانية من النزاع.

وقد قام السيد ولد ب… وضحيته برفع استئناف ضد هذا الحكم أمام المحكمة العليا([327]). لأسباب مختلفة لكنها مفهومة، تهدف إلى إثارة المسؤولية الحصرية للدولة الموريتانية.

وعبر القرار المذكور آنفاً التي مظهر حكم حقيقي تنظيمي، فإن المحكمة العليا ستؤكد حكم المحكمة “فيما يخص إدانة السيد ولد ب…” وعاجزة عن إخراج الدولة الموريتانية من النزاع.

وهذا الحكم المبرر بقوة يعتبر مهما من ناحيتين: من ناحية فإن المحكمة لم ترض أن تجيب على مشكلة القانون الخاص (النظام القانوني المطبق في حالة الخطأ الشخصي للموظف العمومي) الذي تم إخضاعه له: حيث وضعت نظرية حقيقية ويبدو قرارها من هذا الواقع بكل تأكيد كحكم مبدئي (1) لكن وراء هذا الطابع المهم، فان قرار ولد ب…، المعلن في “المادة المدنية” في حين أ، ظروف القضية تبدو لنا أنها تتطلب تطبيق القانون الإداري([328]) ترجم بروعة “سقم المنازعات الإدارية” في موريتانيا وتمكن إذا عندما ندمجها في تيار الاجتهاد “الإداري” للمحاكم الموريتانية وضعية هذه المنازعات (11)

  1.           حكم ولد ب… والمبادئ التي تنظم المسؤولية في حالة الخطأ الشخصي لموظف عمومي في موريتانيا

أن قرار ولد ب… سيكون فرصة للمحكمة العليا، عبر انتقاد الحل الذي قدمته محكمة الدرجة الأولى بنواكشوط، باستخلاص المبادئ التي تحكم المسؤولية في حالة الخطأ الشخصي لموظف عمومي في موريتانيا.

فالطابع الإرادي “البيداغوجي” لهذا القرار، وكذلك صرامة انتقادات المحكمة العليا اتجاه المحكم، تعطي أهمية كبرى لهذه النظرية والتي نعتقد أنها ستكون القانون الموضوعي الموريتاني في هذه المادة. وذلك محزن بالرغم من سخائه (أ) تعتبر في الحقيقة محل اعتراض (ب).

  1. نظرية فضفاضة:

بالنظر إلى الحل الذي قدمته المحكمة والذي يبدو أنه متسامح (1) فإن المحكمة العليا تتعارض مع ذاتها والتي تعتبرها “مسؤولة” (2)

  1. إلغاء اجتهاد فقهي متسامح“:

هذا الوصف الذي أطلقته المحكمة العليا على هذا الحكم قبل إلغائه. فالحل الذي قررته المحكمة في حكمها الذي تم الاعتراض عليه. في هذا القرار فإن المحكمة طبقت المادة 1384 من القانون المدني المتعلقة بالمسؤولية عن فعل الأشياء وعن الحيوانات والتي أسس عليها الملتمس دعواه.

تؤكد أن السيد ولد ب… كان يسوق سيارته 2500SG  Land rover الأحد مساءاً بعد الساعة السادسة. في حين لم يكن يحمل رخصة سياقة ولا تكليف بمهمة ولا حتى ترخيص خاص من وزارة المالية. مما ترتب عنه بأن (السيد ولد ب…) والذي كانت بحوزته السيارة كان يستغلها لأغراض خاصة مما يعني أنه أخلى مسؤولية إدارة الجمارك من حراسة السيارة وأصبح هو المسؤول الوحيد عن الأضرار التي تسببت فيها السيارة.

هذا الاستدلال يعتبر جد مهم ذلك أنه تبين المفهوم الذي تعطيه المحكمة لتعريف مفهوم “الحراسة” حسب المادة 1384 من القانون المدني.

وفي الإطار يمكن القول بأن المحكمة لم تعتمد مفهوماً قانونياً محضاً لمفهوم الحراسة (فحارس الشيء، هو الذي يملكه) لكن مفهوم في “الواقع” حسب الإجراء الذي يعتبر حارس الشيء هو من “يمارس سلطة التحكم والتوجيه” على ذلك الشيئ أن هذا التفسير الهام يتفق مع ذلك الذي ذهب إليه مجلس الدولة في هذا المجال([329]).

لكن هذا ليس إلا ظاهرياً ذلك أن المحكمة تعتبر بأن الموظف استعمل السيارة لمصلحته الشخصية وبذلك أصبح هو الحارس وهذا المفهوم يعتبر خطيراً لأنه يؤدي بمفهوم الحراسة إلى حدود غير قابلة للإدراك. ولو أخذنا مثالاً تقليدياً، عندما يسلك موظف في مهمة رسمية المسار العادي ستعتبر السيارة في حراسة الدولة. لكنه عندما يحيد عن ذلك المسار لأغراض شخصية. فإن حراسة السيارة ستنتقل إليه بصورة تلقائية.

فهذا المنطلق هو الذي مكن المحكمة من إدانة السيد ولد ب…. وبالتالي وضع الدولة “خارج نطاق المسؤولية”.

لقد ألغت المحكمة العليا هذا الاجتهاد القضائي والتي بنظرها “تضحي بالمتضررين العزل الذين هم مواطنينا الضعفاء غير القادرين على الحصول على تعويض عادل في مواجهة موظفين نشطين وميالين إلى التهرب من مسؤولياتهم”.

إن المحكمة العليا مثلت هنا إذا صدى الضحية التي لجأت إلى استئناف الحكم لتفادي الاصطدام بإعسار الموظف ونجد في هذا المقطع فكرة أن القاضي الأفريقي يجعل من مهمته لعب دور الحكم([330]) ما بين الإدارة من جهة والمرتفقين من جهة أخرى وذلك يترتب عن حيثيات الحكم والذي أكد فيه القاضي “بأنه لا يعني (…) بالنسبة للمحكمة من أن تكلف الدولة أو تقوم بإعفاء الموظف من المسؤولية، لكن من أجل إيجاد في المدى المتوسط مسؤولية كل أطراف قضية حادث المرور” ويمكن بدون شك أ، نرى في هذا الموقف “عملية حقيقية جذابة” من جهة القاضي من أجل كسر حالة الواقع المحزن سوسيولوجيا. والذي يدعو الملتمسين من الحذر والتوجس لأسباب فنية، ولكن لأسباب أخرى من أجل دعوة القاضي لمراقبة العمل الإداري([331]) بعد هذه الانتقادات الحادة، قررت المحكمة العليا أن تضع نظريتها الخاصة.

  1. اعتماد نظرية تحمل المسؤولية:

إن مبرر المحكمة، قوي الالتباس (الغموض) يصعب استخراجه من أجل تلخيصه، سنقول أنها بدأت بتحديد المسؤوليات على التوالي قبل أن تهتم بأصناف (طرق) الإصلاح.

فيما يتعلق الأمر بخطأ الموظف. فإن المحكمة لم تقم إلا بإعادة تبرير المحكمة بسبب أنها أخذت بالتصرفات السيئة للسيد ولد ب… “خطأ شخصي منفصل عن ممارسة مهامه([332])” نلاحظ بأن المحكمة العليا، ليست أكثر من المحكمة، لم تقفا عند خطأ تقديم الترخيص (الإذن) الإداري ولا عند رخصة السياقة من طرف السيد ولد ب… وصولاً إلى خاصية المسؤولية الشخصية لخطاه: فقد اعتمدت المحكمتان على أن التصرفات السيئة لهذا الأخير تشكل “استعمال حر للمعنى” للسيارة، هذا التشابه للمبررات تعتبر هامة ذلك أن توضح من جهة أن القاضي الموريتاني يكيف الطابع القصدي للخطأ الشخصي والذي حسب الصيغة الكلاسيكية ل Laferriére  تلك التي ترتبط “بالإنسان بضعفه، انفعالاته وعدم تبصره([333])” يمكن أن نأمل بكل شرعية أنه لن يتردد. الشيئ الذي لم يقع بعد حسب علمنا. في اعتماد الطابع الآخر للخطأ الشخصي الذي يعتمد على استثنائية خطورة العمل (التصرف)([334]) من جهة أخرى فانها تدعم في القانون الموريتاني استقلالية الخطأ الشخصي مقارنة مع الخطأ الجنائي: فالخطأ الجنائي ليس بالضرورة خطأ شخصياً: (أن خطأ في السياقة لسائق تشكل مخالفة جزائية تعتبر كالخطأ في العمل) وهذا يعتبر صحيحاً فيما يتعلق بعدم حيازة رخصة سياقة أو بإذن إداري لسياقة السيارات الإدارية([335]).

من أجل تحديد مسؤولية الدولة فإن المحكمة ستطبق أيضا، المادة 1384([336]) من القانون المدني. على النزاع لكنها ستؤدي إلى استنتاجات متعارضة لتلك التي قدمت المحكمة في الواقع، فانها تؤكد بأن الدولة “مالكة السيارة (…) هي حارستها تعتبر مسؤولة عن الأضرار التي أحدثتها السيارة”.

ونرى أن المحكمة تتبنى هنا تعريفاً “قانونياً” لمفهوم الحراسة، ويمكن أن نتساءل إذا لم يكن هنا أيضا مفهوم خطير في الحدود التي يبدو أن المحكمة ركزت نهائياً هذه الحراسة، على رئيس الدولة، في الواقع فإن هذه النظرية يجب أن تعرف حدوداً خصوصاً في حالة السرقة.

إذ عندما أخذت الدولة جميع الاحتياطات الضرورية من أجل تفاديها، والأكيد أنه في قضيتنا، فإن المحكمة كانت على حق من عدم “تبرأة” الدولة، ذلك أنه لا يمكننا أن نقارن التصرفات السيئة للسيد ولد ب… بالسرقة([337]) وفي كل الحالات فإن الدولة لم تأخذ كل الاحتياطات الضرورية لتفادي هذا التصرف السيئ. وفي هذا الموضوع أكدت المحكمة “بأنه لا يكفي للدولة أن تؤكد بأنها لم ترتكب أي خطأ” وبأن مسؤوليتها لا يمكن أن تتبرأ منها “إلا عندما تنظيم سياراتها بطريقة لا لبس فيها وبتوزيع تراخيص إدارية لمن له الحق في قيادتها وبإيقاف حركتها خارج أوقات العمل…”. بعد تحديد المسؤوليات على التوالي للموظف والدولة، فإن المحكمة باشرت فحص إلى طرق الإصلاح بمعنى الكلمة.

وفي هذا الإطار فأنها تؤكد “بأن هناك محل للعمل، في حالة الخطأ الشخصي المنفصل عن ممارسة مهامه. بتحمل العواقب لأعماله الضارة” الكاملة، وهي دعوى الرجوع ضد موظفها المرتكب لخطأ شخصي مستقل.

إن هذه “الصيغة المختصرة” تعتبر متناقضة في الواقع حيث كنا ننتظر من منطق الحجج حسب مبررات المحكمة أن ترى الدولة والموظف معاً مدانيين (الم يتم تحميلهما الاثنان المسؤولية؟) فالدولة وحدها التي كانت في النهاية من أجل الفهم الجيد لهذا المبرر، يبدو بالنسبة لنا أن نقترب من إرادة المحكمة أن تجنب الضحايا أن يصطدموا بإعسار الموظفين.

ولذلك يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة مراحل:

  • الموظف الذي ارتكب خطأ شخصياً منفصل يجب عليه أن يتحمل عواقب الأعمال الضارة المترتبة عن أعماله.
  • يجب على الدولة أن تضمن للضحية إصلاح الأضرار التي تسبب فيها موظفها.
  • ويمكن أن تطالب هذا الأخير وتلزمه بتعويض المصاريف التي تطلبها عملية الإصلاح.

ففي نظر المحكمة “فإن  هذه الإحكام القضائية التي تحمل المسؤولية يبدو الأكثر ملاءمة للظروف السوسيولوجية لبلدنا” ويمكن بكل شرعية أن نشك في ذلك لأنه يتعلق في واقع الأمر بنظرية تعرف رفضاً قوياً.

  1. نظرية مرفوضة

تعتبر كذلك من الناحية القانونية (1) ومن الناحية الإمكانية (2)

  1. في القانون

اعتمدت المحكمة في قرار ولد ب… على مبرر محير يجمع نظام المسؤولية بدون خطأ عند الاعتماد على المادة 1384 من القانون المدني([338]) وعلى المسؤولية لأجل الخطأ عند الاعتماد على التمييز ما بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي: هذا الجمع ما بين النظامين القانونيين يعتبر أكثر مفارقة لأنه عند التحليل يتضح لنا أن المحكمة لم تطبق أياً منها([339]) فالمحكمة طبقت بصورة مرفوضة المادة 1384 من القانون المدني بعد التذكير بحالات الإعفاء من المسؤولية على مستوى هذه المادة، وأكدت بأن “في اليوم الذي تقوم فيه الدولة بتنظيم حظيرة سياراتها بصورة واضحة لا لبس فيها… يمكنها أن تقوم بتقدير أن الحوادث التي وقعت في الظروف تعتبر عائدة إلى أسباب خارجية غير منسوبة إلى الدولة” لكن المحكمة هنا لم تكن لها نظرة “متسامحة” لأسباب الإعفاء من المسؤولية؟

يمكننا بحق أن نقدر بأنه في حالة تنظيم مرآب سيارات الإدارة، فإن الحوادث التي تتسبب فيها سيارات هذه الأخيرة ستصبح بسبب فجائي (طارئ) من جهة أخرى، لا يمكننا فهم أن المحكمة، بتطبيقها للمادة 1384 تبحث عبر مرجعية عدم تنظيم حظيرة سيارات الإدارة، خطأ من طرف هذه الأخيرة لكن التناقض الأكثر خطورة يبدو عندما نتابع تبعات مبررات المحكمة: في الواقع إذا كانت الدولة مسؤولة حسب المادة 1384 لماذا تؤكد الحاجة إلى تحميل المسؤولية للموظف؟ بجعلها من المسألتين مسألة واحدة: إما الدولة هي المسؤولة وليس ذلك بناءاً على المادة المذكورة، أو البحث عن مسؤولية، وسنتقبل بصعوبة أنه مسؤول في حالتنا “محكوم عليه بالإصلاح” اذا كانت المحكمة طبقت المادة 1384 على الدولة، فهي تم وضعها، من أجل تقدير مسؤولية الموظف على مستوى الخطأ بوضعها نوع من التوازن ما بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي. فهي توضح جيداً ارادتها من الاعتماد على قواعد القانون الإداري لكن هنا أيضا، توصلت إلى نتيجة مختلفة.

فإجراء المحكمة يعتبر غامضاً أكثر من مفهوم “الخطأ الشخصي المنفصل” الذي تستعمل، تحصل اليوم حقائق مختلفة([340]) مما يستدعي أنظمة قانونية مختلفة، نحن ملزمين إلى اللجوء إلى التأويل، وهذا ما يجب أن نعترف بأنه لا يسهل أبداً المهمة أمام المتقاضين الموريتانيين. التي يمكن أن تتكون من هذا الصنف من الممارسات.

من وجهة النظر هذه وبسبب التشابه الظاهر لوقائع حكم ولد ب… مع الأحكام الفقهية الفرنسية 18 نوفمبر 1949 C.E; Dellemimeur([341]) يمكن أن أؤكد أن المحكمة بقبولها أن تضع مسؤولية الدولة محل شك، بامتناعها أن ترى في تصرف ولد ب…، خطأ شخصياً ل “الدولة الخالصة”([342]) واعتبارها كخطأ “ليس له أي علاقة مع المصلحة” بمعنى أنه تم ارتكابها بالوسائل (السيارة) التي وضعتها المصلحة تحت تصرف الموظف([343]).

وهذا التأويل أو التفسير سيتم تعزيزه بالواقع بأن المحكمة أكدت بأنه لا يكفي للدولة بأن “تثبت بأنها لم ترتكب أي خطأ” وبالأخص أنه يبدو أنها تعترف لها بالحق في مطالبه ولد ب… بأثر رجعي لتصرفه بمجموع المبلغ التي دفعت للضحية: وهذا  ما يترك بوضوح، أن نفترض بأنه بالنسبة للمحكمة فإن الدولة لم ترتكب أي خطأ في هذه الحالة. لكن هنا يتضح جلياً ضعف هذه النظرية. ففي الواقع، فلو نظرنا عن قرب لقضية ولد ب… فهي قريبة من قضية Consorts occelli([344]) أكثر منها هي لقضية Delle mimeuri المذكورة سالفاً فالسيد Occelli الذي كان موضوع اعتداء قاتل من طرف أربعة جنود كانوا غادروا ثكنتهم دون ترخيص، وقد اعتبر مجلس الدولة بأن الجنود قد ارتكبوا خطأ شخصياً، لكن هذا الأخير لم يكن ممكناً إلا بسبب خطأ مرفقي ناتج عن نقص في حراسة الثكنة، كما يقول البعض في هذه الفرضية، الخطأ الشخصي “يرتبط” بالخطأ المرفقي([345]).

وهذه الفرضية تبدو لنا أنها مثل حكم ولد ب… ذلك أن المحكمة بإثارتها للمادة 1384 قد وضعت خطأ مرفقياً حقيقياً ناتج عن غياب تنظيم حظيرة سيارات الإدارة إذا نرى أن المحكمة العليا بالرغم من رغبتها في تحميل الدولة المسؤولية، تترك خطأ مرفقياً بارزاً غير معاقب، وذلك غير عادل لأنه سيؤدي إلى “إثراء بلا سبب” للدولة إذا كانت هذه ستحصل على تعويض مجموع المبلغ التي دفعت للضحية.

وتوجد فرضية بأنه في حالة تعدد الأخطاء، فإن الموظف ملزم أن يتحمل مجموع الإصلاحات: ويتعلق الأمر بالفرضية القائلة بأن الخطأ المرفقي، ويمكن الاحتجاج به من طرف الضحية وليس من طرف الموظف([346]).

هذا الاجتهاد الفقهي يمكن تطبيقه على قضيتنا، ذلك أن السيد ولد ب… لا يمكنه أن يتغلب على الإدارة بعدم تنظيم حظيرة سيارات هذه الأخيرة لتبرير تصرفه.

لكن من جهة يصعب تأكيد أن المحكمة استعملت هذا المبرر في قرارها. ومن جهة أخرى يجب أن ننظر إلى خصوصية حكم ولد ب… مقارنة مع قضيتي Jeannier و Lareulle المذكورتين: ذلك أنه في هاتين الحالتين كان الخطأ المرفقي بدأ في النهاية بأنه عجز ظرفي، أما في قضية ولد ب… يتعلق الأمر بعجز بنيوي، ذلك أن قيادة سيارات الإدارة وخطأ هذه الأخيرة يتعدى حالة ولد ب…

ففي تبريرها فهذا التصنيف غير ذي أهمية، ذلك أن النظام الذي تضع يعتبر مختلفاً عن النظرية الفرنسية، التي تم الأخذ بها في الأنظمة القانونية الإفريقية([347]).

من تجميع المسؤوليات التي بموجبها، في حالة الخطأ الشخصي له ارتباط مع المرفق، لاحق في حالة تجميع الأخطاء.

يمكن للضحية أن يطلب سواء من الموظف أو من الدولة التعويض الكامل للأضرار التي لحقت به، في الواقع وفي منطق هذا النظام، بما أن الضحية ستحضر أمام القضاء بالتشارك الدولة والموظف([348]). فإن المحكمة كان عليها أن تصدر توزيع تحمل المسؤولية حسب أخطائهم المتتابعة([349]).

لكن الضحية كان عليه أن يشتكي من الموظف، في هذه الحالة، هذا الأخير كان سيحكم عليه بإصلاح الأضرار التي سبب للضحية بالتمام كما يمكن له أن يمارس تصرف متكرر ما بين الدولة، على مستوى الخطأ المرفقي (اجتهاد قضائي….) نفس الحل يطبق في فرضية لو كانت الدولة هي المدعي عليها لكن دعوى الرجوع لهذه لا تطبق إلا في حدود المبلغ المناسب للخطأ الشخصي للموظف (الاجتهاد القضائي….) لقد ألغت المحكمة العليا هذه النظرية، ذلك أنه تبعاً لمبرراتها “ضمانة” الدولة يجب أن تلعب في كل الفرضيات الخطأ الشخصي فهي تضع نظرية الحلول التلقائي التي بموجبها، فإن مسؤولية الدولة تحل بترتيب في كل فرضيات الخطأ الشخصي، لتلك التي للموظف، هذه النظرية تذكر بعروض محفوظة، للاجتهاد الفقهي المرتبطة بالخسائر (الأضرار) التي تسببت فيها السيارة في مفهوم القانون (الفرنسي) الصادر بتاريخ 31 دجنبر 1957 التي تم أخذها في موريتانيا في المادة 9 الفقرتان 3و4 للقانون الصادر22 يناير 1960([350]).

سنوضح قريباً بأن هذا القانون الذي تم تطبيقه. خطأ من طرف القاضي على هذه الحالة.

  1. من ناحية الإمكانية:

مرفوضة في القانون فإن نظرية المحكمة العليا أيضاً تعتبر فرصة لأنها تؤدي إلى اللامسوؤلية الحقيقية للموظفين العموميين في القانون الموريتاني، حقيقة، إذا كان في اطار النظرية المذكورة هناك تراكم، دائماً بمطالبة الدولة من طرف الضحايا بالتعويض من أجل تفادي عدم قدرة الموظف على التعويض، يجب الاعتراف بأن إمكانية على المستوى النظري. أن تتم جرجرته مباشرة أمام المحاكم، تشكل للموظف نوعاً من الخطر مما يحبط لديه المبادرة لأنه يرى بأنه جدير بالعقاب (أو مهدد بالعقاب) سنعرض بدون شك، بأن المحكمة كانت واعية بهذا الخطر، ولكن في تبريرها، بدعوى الرجوع الذي تعترف به للدولة وتحديداً، دعوتها إلى لعب هذا الدور الرادع. لكن هذا التفنيد (الدحض) لا يؤثر، ذلك أنه من جهة، فإن أساس دعوى الرجوع وخصوصاً وضع الموظف في مواجهة الإدارة وليس في مواجهة الضحية([351]).. من جهة أخرى وبالأخص تفعيل هذا دعوى الرجوع الصادر عن اختيار تقديري من طرف الإدارة: فالموظف المخطأ يمكنه دائماً أن يعول على إهمال أو عدم مراعاة أو على احتمال تواطأ الإدارة وذلك صحيح إذا ما تم في مستوي التراتبية على أعلى هرمية الغدارة. ولا يمكننا في هذا المستوى إلا أن نثير الخلاصات الشهيرة ل (Kohn حول حكم Jeannier) المذكورة: “لا يمكن أن نخشى أن نرى في محكمتكم مجموعة جنود وأبواق، وخطأهم جميعاً أنهم قضوا يوماً غير سعيد في حين آخرين يتموقعون في قمة المصلحة يعيشون في سعادة لا يمكن نكرانها أبداً”([352]).

إذا ألا يمكن أن يكون الخطأ الشخصي للموظف العمومي في موريتانيا. حسب الصيغة الشهيرة للمؤلف. مثل تلك التي للمستخدم الصغير([353]).

يمكن أن نتأسف في هذا المجال بأن المحكمة العليا لم تستعمل العرض الذكي المطبق من طرف المحاكم السينغالية([354]).

التي تختصر في أن تلعب التصرف المتكرر في نفس الحكم كالتصرف “الأساسي”: ففي موريتانيا فإن الحل يمكن استعماله، ذلك أن نفس القاضي (محكمة الدرجة الأولى) هو المختص لمعرفة التصرفات.

وحسب وجهة نظرنا في قضية ولد ب…، لا يوجد ما يتعارض مع أن يقوم القاضي العالي بالتطرف للقضية محل الدعوى.

في الختام فإن الحل الذي قدمت المحكمة العليا يعتبر الأكثر رفضاً، لما يفعل ومهما يقول القليل من إرادة المشرع، في الواقع فإن المحكمة العليا لم تكن مقنعة أبداً عندما تؤكد أن أحكامها لا تبدو في تناقض مع المادة 13 الفقرة الثالثة من القانون رقم 013/74 بتاريخ 28 يناير 1974 الذي ينص على أن “الموظف تمت متابعته من طرف الغير لخطأ مرفقي فإن المجموعة العمومية يجب أن تقوم بحمايته من المتابعات المدنية المعلنة من طرف المحكمة ضده، كلما كان الخطأ المرفقي مطبوعاً بخطأ شخصي، فإن الموظف يتحمل تبعات تلك الأخيرة” هذا الحكم الذي يذكر بغموض المادة 11 الفقرة 2 من الأمر القانوني (الفرنسي) بتاريخ 4 يناير 1959 المتعلقة بالنظام الأساسي للموظفين يجب أن تتم تأويله بأنه يتجه إلى الحالة التي يكون فيها الموظف بسبب غلط، تمت إدانة الموظف بخطأ شخصي، في حين أنه في الحقيقة يتعلق بخطأ مرفقي.

يبدو لنا أنها تضع عكساً لرغبة المشرع تمكين في حالة الخطأ الشخصي المنفصل، الدعوى المباشر للضحية ضد الموقف([355]).

ويبدو لنا أنها من هذا الواقع من الصعوبة بمكان التوفيق ما بين النظام الذي تم وضعه من طرف المحكمة العليا.

وأمام أصالة القواعد المطبقة على الإدارة ألم يكن من المشروع أن نتساءل عن وضعية المنازعات الإدارية بموريتانيا؟

11. حكم ولد ب… وضعية المنازعات الإدارية بموريتانيا.

إن حكم ولد ب… الذي قمنا بتحليله يبدو لنا بصورة خاصة أنه نموذجاً يمثل ممارسة القاضي الموريتاني اتجاه الإدارة وفي هذا الموضوع، يمكننا القول إنه إذا كانت النصوص قد هيأت ازدواجية لنظام المنازعات الإدارية (أ) فإن الاجتهادات الفقهية عبر تصرف غير محسوس لكنها قاسية، منها حكم ولد ب… والمظهر المنبثق، انتهى بتلطيف وترقيق ازدواجية المنازعات بإرجاعها إلى جسم القواعد الموحدة (ب).

  1. إعداد النصوص لازدواج نظام المنازعات الإدارية بموريتانيا.

من أجل فهم جيد الاختيار الموريتاني في هذه المادة (2) يبدو لنا ضرورياً أن نتطرق أولاً للمعطيات (1)

  1. معطيات اختيار ما بين وحدة أو ازدواجية المنازعات الإدارية في موريتانيا.

عند حصولها على الاستقلال فإن موريتانيا وجدت نفسها كما هو حال الدول الأفريقية، في مواجهة مع ضرورة وضع نظام قانوني وطني([356]). لكن البلدان الأخرى “اعتمدت الحل الفرنسي كنموذج ومرجعية انطلقت منها نماذج اعتمدت تدريجياً”([357]) غير أننا يجب أن نعترف بأن الحقائق السوسيولجية لموريتانيا مطبوعة بنوع من الأصالة في اختيارها في هذا الميدان كما أكد جيداً M .jéol “في موريتانيا فإن قوة التحام الدين والثقافة والقانون الإسلامي تترك حقيقة القليل من الحظ لتطور نظام قانوني ملهم من الغرب”([358]).

وإذا كانت الدول الأخرى قد اختارت “تبعية” القانون التقليدي([359]) فقد كان لهم أن يختاروا مباشرة ما بين وحدة أو ازدواجية نظام المنازعات الإدارية. في موريتانيا فإن الاختيار الأساسي وضع مقدماً ما بين القانون الإسلامي والقانون العصري الذي يعتبر “شمولياً” وقد حسمت امرها باختيار الأول: فقد نتج في الواقع عن الخلط ما بين المادتان الأولى والثانية من قانون الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية([360]) وأن اختصاص المحاكم الإسلامية هي القاعدة وتلك التي لمحاكم القانون “العصري” هي الاستثناء.

لكن يجب أن نقول أن هذه الوضعية لم تكن لها أثاراً تحجب مشكلة واحدة أو ثنائية المنازعات الإدارية: في الواقع فإن النصيب المخصص للقانون العصري، يبقى المشكلة بلا حل([361]).

من وجهة النظر هذه يمكننا بكل شرعية أن نتساءل إذا كانت موريتانيا قد أدخلت سابقاً الثنائية داخل نظامها القانوني([362]).

ألا يجب أن تراعي الصعوبات الجديدة وتختار بهدف التبسيط من أجل “خوصصة” بمنهجية منازعاتها الإدارية يجب الإشارة في هذا الاطار إلى أن بعض الكتاب لم يترددوا في التأكيد على أنه في افريقيا “من المعقول بل من المطلوب أن ننقص في استقلالية القانون الإداري مصدر للتعقيد غير مبررة دائماً”([363]).

هناك حجتان تعززان هذا الطرح، يمكن أولاً أن نذهب إلى أن وجود أو حمولة استقلالية القانون الإداري (بالأخص فيما يتعلق بالمسؤولية الإدارية) تم وضعه محل تساؤل من طرف كتاب بارزين في فرنسا([364]).

دون أن تكون المشكلة في إعادة فتح هذا الملف الصعب لإستقلالية القانون الإداري سنقول مع العميد فدل Doyen Vedel على مستوى مادتنا “أنه استمر (…) أو قل راديكالية أصلية على الاقل أكثر اختلافا مع المسؤولية الخاصة”([365]).

بالنسبة لهذا الكاتب البارز، التقارب ما بين نظامي المسؤولية تعتبر مسألة “عادية” ذلك أن المشاكل المطروحة تعتبر غالباً متشابهة. نعرف في الباقي، بأن القاضي الإداري لن يتردد في الابتعاد عن قواعد القانون الخاص أمام خصوصية العمل الإداري([366]).

الحجة الثانية ترتبط بعدم تكييف القانون الإداري (الفرنسي) مع الحقائق السوسيولوجية للدول الأفريقية، هذه الحجة يجب أن تكون مربوطة بضرورة التمييز ما بين الطبائع العارضة (الطارئة) للقانون الإداري الفرنسي بوصفه قانوناً “قائم” وطبائعه الفنية التي يمكن بتحفظ أن تعرف الأعداد الضروري من أجل أن تستعمل في دول أخرى غير فرنسا، بمعنى آخر ما يجب أن نخشاه في أفريقيا، ليس هو استقلال القانون الإداري، بقدر ما هو استقلال القانون الإداري منفصلاً عن مجتمعه([367]).

بمعنى أخر أنه يجب على المشرع والقاضي الأفريقيان أقلمة القانون الإداري مع الواقع المحلي: ففي افريقيا يجب أن تحصل استقلالية القانون الإداري على بعدين([368]): استقلالية حقيقية مقارنة مع القانون الخاص، ولكن أيضاً وخصوصاً مقارنة مع القانون الإداري الفرنسي بالنسبة لنا إذاً فإن اعتماد الدول الأفريقية للقانون  الإداري مع الاستفادة من التراكم لا يمكن أن تكون إلا شيئاً إيجابياً ذلك أن القانون يجب أن يلعب وظيفتين في الدول النامية.

من جهة دوراً “سياسياً” للاندماج عبر الإجراء الذي يركز على خصوصية العمل الإداري يساهم بضرورة الوعي بوجود مصلحة عامة، تفوق الجميع وتوائم المصالح الخاصة والمحلية الحساسة في هذه البلدان خصوصاً كما يحقق من جهة أخرى الوظيفة الفنية عبر الإجراء، الذي يضمن القوة والتماسك في الإدارة ويجعل منها وسيلة فعالة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في نفس الوقت الذي يحافظ على حقوق وحريات المواطنين([369]).

لكن فوق كل هذه الأدلة، تجد مسألة استقلالية القانون الإداري في موريتانيا أساسها النهائي في إدارة المشرع.

  1. اختيار المشرع الموريتاني يتجه إلى ازدواجية نظام المنازعات الإدارية

لقد أقر المشرع الموريتاني ازدواجية نظام المازعات الإدارية وقد تجسد ذلك الاختيار عبر إنشاء محكمة إدارية لكن وجود هذه المحكمة كان خاطفاً ذلك أنه في سنة 1961 اعتمدت موريتانيا توحيد نظامها القضائي([370]).

بالرغم من أن هذا التوحيد العضوي لم يؤد إلى توحيد النظام القانوني المطبق على الإدارة.

ففي الواقع فإن المادة 2 الفقرة 5 من قانون الإجراءات المدنية الموطأ إليه سابقاً يعطي الاختصاص لمحاكم القانون العصري للنظر في “القضايا الإدارية التي ليست من اختصاص المحكمة العليا” لكن مفهوم “قضايا إدارية لا تعطي بالضرورة مرجعية لنظام قانوني خاص، عبر الإجراء الذي لم يكن يعني إلا القضايا التي تكون الإدارة طرفاً فيها دون المساس بالقانون المطبق عليها.

ولكن في هذا الموضوع تتجلى إرادة المشرع في مقتضيات أخرى من قانون الإجراءات المدنية ذلك أن المادة 14 فقرة 2([371]). تنص على أن أحكام القضاء العصري الدرجة الأولى “تنظر (…) على مستوى المادة الإدارية الدعاوي التي ليست من اختصاص المحكمة العليا”.

لا يعني الأمر هنا تكرار ذلك أن تعبير “المادة الإدارية” أكثر تحديداً من السابقة، يجب تفسيرها بأنها تهدف بصورة خاصة “إلى النزاعات التي يجب إيجاد حل لها بتطبيق قاعدة من قواعد القانون الإداري”([372]). بمعنى آخر([373]) كيف نفهم من جهة أخرى النص في المادة 110 لمسطرة خاصة في “الإدارة الإدارية”: القرار الإداري القبلي وإجبار وإلزام صاحب الدعوى على احترام آجال خاصة؟

هذا المقتضى يبين بوضوح بأن موريتانيا تخضع جزءاً من العمل الإداري إلى القانون الإداري([374]). ويمكن القول أنه إذا كان في فرنسا “موضوع الدعوى يتبع للاختصاص” أما موريتانيا “فإن موضوع الدعوى يتبع المسطرة” زد على ذلك أنه في هذا الموضوع فإن إرادة المشرع تظهر بوضوح من وجود في إعادة الإحالة القانونية بموريتانيا بالقانون المذكور سابقاً المتعلق بالإضرار الناتجة عن السيارة.

في الواقع فإن هذا القانون الذي يعتبر استثناءاً من الثنائية على مستوى المنازعات الإدارية ليس له محل في نظام موحد لهذه المنازعات، لكن هذا القانون زيادة على ذلك تم التصويت عليه في الوقت التي كانت موريتانيا تأخذ بازدواجية القضاء التي تم الإبقاء عليها: ذلك ما يتضح جلياً من المادة 2 الفقرة 8 من قانون الإجراءات المدنية التي تعطي الاختصاص لمحاكم القانون العصري للنظر “(…) الأضرار التي سببتها سيارة مهما كانت” هذا الإجراء الذي يأخذ بمفاهيم قانون 31 دجنبر 1957 الذي وضع دون اعتراض ممكن لإدارة المشرع لتوحيد منازعات الأضرار المتسببة فيها السيارات لكن أيضاً بتطبيق استثنائياً على المنازعات الأخرى الإدارية القانون الخاص على الأضرار الراجعة إلى سيارات الإدارة([375]).

في النهاية يمكننا الإشارة إلى أن الاختيار للمشرع تم تأكيده في نصوص حديثة، مثل المادة 2 من القانون رقم04677 بتاريخ 21 فبراير 1977 المحدد لنظام المؤسسات العمومية (الجريدة الرسمية 23 فبراير 1977 ص79) تميز ما بين المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري، التي يعتبر نشاطها ونظام تسييرها وعلاقاتها بالغير تعتبر مماثلة لتلك التي تنظم المرافق العمومية غير مشخصنة وكذلك لتلك “التي لها طابع صناعي وتجاري والتي تعتبر نشاطها وطريقة تسييرها وعلاقاتها مع الآخر، تعتبر مماثلة لتلك التي تطبق على المؤسسات الخاصة” إعادة الأخذ بالتمييز ما بين المؤسسات العمومية تبعاً لطبيعتها نظامها القانوني تعتبر مسألة كاشفة في هذا الإطار فاختيار المشرع يبدو واضحاً ويمكن أن نميل إليها ولكن هل ذلك هو الاختيار الأفضل؟ بعض الكتاب قد شككوا في ذلك مثل الكاتب M.Bockel بتحليله للحل السينغالي الذي يدخل في نفس الاتجاه للحل الموريتاني تؤكد أن هذا “الاختيار مرفوض (…) لأنه يؤدي إلى إعادة التمييز ما بين نظامين من المنازعات لهما إجراءات تقاضي مختلفة ترتب عدم قبول الدعوى وتستند على معايير معقدة مقارنة مع تلك المطبقة في مجال القانون الإداري”.

ويقترح في هذا الواقع “تعميم تطبيق قواعد الإجراءات الإدارية على جميع المنازعات المتعلقة بشخصية عمومية (التي لا يثير طابعها مشكلات كبيرة في السنغال) بريئة الذمة إلى أن يقرر القاضي بحرية القانون المطبق”([376]).

يمكن رغم ذلك أن نتساءل حول النظام المقترح الذى يؤسس نوعاً من قبول الدعوى التلقائي التي لا تعيق بدرجة اقل أو أكثر تلقائية القانون الإداري: في الواقع ليس من المؤكد بأنه في هذا النظام يقرر القاضي “بحرية في القانون المطبق” وذلك بأنه قاضي “قضائي” سيكون له اتجاه إلى تطبيق القانون الخاص بصورة تدريجية([377]).

في الواقع وحده النظام الذي اختاره المشرع يبدو لنا أنه الضامن الوحيد لنوع من الاستقلالية في القانون الإداري ذلك أن هذا التأويل الدقيق لمفهوم “المادة الإدارية” فإن القاضي ملزم عند فحص إمكانية قبول الدعوى أن يتساءل بطريقة غير مباشرة حول القانون الذي يجب تطبيقه…

لكن ألا يعتبر هذا النقاش عقيماً في الوقت الذي يتم التطرق فيه لإرادة المشرع من طرف الاجتهاد القضائي.

  1. طمس الاجتهاد القضائي لازدواجية نظام المنازعات الإدارية في موريتانيا

بالتوازي مع إرادة المشرع نلاحظ أنه في موريتانيا فإن الاجتهاد القضائي سيوحد نظام المنازعات الإدارية.

“هذا العمل التنقيبي” يتم القيام به بطريقتين: منهجة يطبق القاضي القانون الخاص على كل المنازعات: هذا هو التصحيف “الموسع” (1) من جهة أخرى يطبق على كل النزاعات: وهذا هو التصحيف “المعمق” (2)

  1. التصحيف الموسع:

يترجم عبر التطبيق التدريجي من طرف القاضي الموريتاني للقانون الخاص على جميع المنازعات التي ترفع إليه ذلك ما يبدو واضحاً في قضية ولد ب… وكما قلنا فالقاضي مطالب بتطبيق دون أن يعلن عن ذلك نظرية الأضرار المترتبة عن السيارات لكن هذا القانون هل هو قابل للتطبيق في هذه الحالة؟

يمكن أن نشك في ذلك اذ من أجل أن يكون ذلك ممكناً يجب أن يكون الضرر تم ارتكابه من طرف الموظف “وهو يمارس مهامه([378])” هذا الإجراء يمكن أن ينوب عن تضييق مجال القانون ذلك أنه أكثر تحديداً من “الرابط مع المرفق” بمفهوم الاجتهاد القضائي ل Delle mimeur المذكر سابقاً زد على ذلك أن مجلس الدولة قد كرس تفسيراً دقيقاً لهذا المفهوم المستعمل من طرف قانون 31 دجنبر 1957([379]).

يمكننا إذاً أن نتساءل إذا كان في قضيتنا أن السيد ولد ب… قد ارتكب ضرراً “في الوقت الذي كان يقوم بوظائفه” في هذا الإطار يجب أن نعترف بأن المحاكم الموريتانية تعطي تفسيراً واسعاً للمفهوم بسبب تطبيقهم لقانون 31 دجنبر 1957 على حادث سير في مساره (Min. Public c /Brahi ould bairouk) المذكور سالفاً لكن هذا التفسير الواسع يمكن أن يشمل قضية ولد ب… في إطار مجال تطبيق هذا القانون([380])؟ يمكن أن نرد بكل شرعية بالنفي ذلك أن الضرر قد وقع “يوم احد” في حين أن السيد ولد ب… “لم يكن يتوفر لا على تكليف بمهمة ولا بترخيص خاص خاص من وزراة المالية”.

زد على ذلك أن المحكمة العليا لا تكيف خطأ هذا الأخير “بأنه خطأ شخصي منفصل عن ممارسة مهامه؟”.

يمكن أن نعترض على أن الظروف التي ارتكب فيها الضرر من طرف الموظف “في ممارسة مهامه” بأنها شرط لتفعيل مسألة حلول مسؤولية الإدارة محل الموظف لكنها ليست شرطاً لتطبيق القانون الخاص على النزاعات بمعني آخر، قانون 31 دجنبر 1957 لا يمكن بالتأكيد أن يستعمل كأساس لنظرية الحلول المطبقة من طرف القاضي في قضية ولد ب… لكن هذه الأخيرة قضت بالقانون الخاص لأن المرء يتعلق بضرر تسببت فيه سيارة، علاوة على ذلك كخطأ شخصي لموظف عمومي، هذا الاعتراض يتعلق بالقانون الفرنسي يعتبر مؤسساً، لكن يبدو لنا أنه بالنسبة للقانون الموريتاني أنه يجب استبعادها في الواقع وكما كتب M .moreau “في اقتصاده للمجموع، القانون 1957 يؤدي (في فرنسا) إلى تغيرات ثلاثية بالمقارنة مع الدولة مع القانون السابق: نقل الاختصاصات: تطبيق القوانين ذات الاعتماد على القانون الخاص، تحديد الممتلكات المسؤولة للحلول من الشخصية العمومية إلى المكيل المخطأ”([381]).

لكن في موريتانيا كان هذا القانون ألغي جزئياً فيما يخص نقل الاختصاصات: ذلك ما ينتج عن المادة 450 من قانون الإجراءات المدنية التي تأخذ بالتنظيم القضائي الجديد، الملغي ل “كل قواعد الاختصاص والإجراءات المطبقة أمام محاكم الدرجة الأولى للقانون العصري([382])(…) عكساً لقتضيات قانون الإجراءات الحالي…” من مساهمة قانون 1957 لم يبق منه في موريتانيا غير القواعد المتعلقة بحلول مسؤولية الإدارة، وتطبيق القانون الخاص، ويمكن أن نعطي “قراءة” أخرى لهذا القانون: تتعلق بالاضرار التي تسبب فيها الموظفين العموميين. يجب أن يطبق القانون الخاص بتلازم مع حلول مسؤولية الإدارة مع مسؤولية الموظف المخطأ، بمعنى آخر، فإن الاجتهاد القضائي ل  Dellmimeur المذكور سابقاً، التي أصبحت متجاوزة في فرنسا بقانون 1957، سيحل في موريتانيا عندما يصبح الضرر الناتج عن سيارة، وقع في حين لم يكن الموظف المخطأ “يمارس مهامه” هذا الحل يمكن أن يبدو صادماً ذلك أن القانون الإداري يتوقف عن التطبيق عندما يكون الموظف تصرف “أثناء ممارسته لمهامه” في حين تكون منطقية ذلك أنها زيادة على ذلك من الطبيعي أن تقوم بحماية هذه الأخيرة عندما تقوم تطبيق قاعدة الحلول للمسؤولية الإدارية، زيادة على ذلك يعتبر من الطبيعي أن تقوم بحماية هذه الأخيرة عندما يقوم هذا الموظف بإلحاق الضرر بالغير في حين كان “خارج” نطاق عمله، هذا الحل يعتبر أكثر فائدة لانه يمكن من “تحميل الموظف مسؤولياته” بصورة حقيقية ذلك الموظف الذي يمكن جلبه أمام المحاكم للإجابة عن أفعاله الخاطئة وتطبيق على الإدارة قانون مواءم لها، ففي قضية ولد بوت… فإن المحكمة لم يكن عليها أن تثير مسؤولية الدولة على أساس المادة 1384 من القانون المدني، لكن تقدر تلك المسؤولية حسب الضرورات ووسائل المرفق([383]). زيادة على ذلك يتعلق الأمر هنا “بمادة إدارية” فالضحية كان يمكن أن تكون مرفوض في دعواه ضد الدولة لعدم احترام إجراءات القرار الإداري القبلي المحدد في المادة 110 المذكور سابقاً من قانون الإجراءات المدنية([384]): وفي هذا الموضوع فإن الحل المعتمد من طرف محكمة نواكشوط في حكمها على ولد ب… (الذي وضع الدولة خارج المسؤولية) يبدو لنا مع التحفظ بتغيير الاستدلال الأساس جد مؤسس([385]).

نجد هذا التطبيق التدريجي للقانون الخاص في قضايا أخرى كما هو الحال في حكم محكمة الدرجة الأولى T.P.I بنواكشوط 26 فبراير 1980 ص… ولد ف… ضد الدولة الموريتانية نلاحظ أن القاضي قد طبق أيضا ودون أن يعلن ذلك أن يعلن ذلك نظرية الضرر الذي تتسبب فيه السيارة: في هذه القضية فإن سيارة الملتمس أو الطاعن تمت مصادرتها من طرف الجيش قد تضررت خلال حرب الصحراء، ويتضح أن قانون 31 دجنبر 1957 كان غير قابل للتطبيق على هذه الحالة: من جهة فهو لا يتعلق بضرر تسببت فيه سيارة لكن بضرر لحق بسيارة. من جهة أخرى وبالأخص يتعلق الأمر بضرر بسبب الحرب ولا يمكن الاعتماد على هذا القانون من أجل إصلاحها في الواقع فإن هذا الإصلاح إما أنه مستبعد بسبب تطبيق نظرية الأنشطة الدولية للدولة أو أنها محددة بقوانين خاصة.

يمكننا رغم ذلك أن نفكر في أن هذه الأغلاط يمكن تفهمها من طرف القاضي الموريتاني حسب الإجراء عندما يتعلق الأمر بنزاع بصورة أو أخرى، تدخل فيه سيارة وإن هذا الأخير لم يتردد في تطبيق الحالة الأخرى، القانون الإداري. إن هذا الأمل كان يمكن السماح به هنا لو كان في القضايا المذكورة سالفاً هذا القاضي برر تطبيق القانون الخاص لا يمكن أن يعني القانون 13 دجنبر 1957 في قراراته، زد على ذلك أن قرار ولد ب… عندما يقوم بالموازاة ما بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي. هذا القاضي ألا يمكن أن يوحي لنا بأن بالنسبة له فأن الاختلاف لا يوجد على مستوى القانون المطبق ولكن حول إمكانية الإدارة في حالة الخطأ المرفقي أن تمارس تصرفات تنعكس ضد الموظف؟ لا يمكن القول بأن وضعية كهذه تنبثق من الإرادة المعلنة من طرف القاضي: يمكن أن نتنبأ بوضوح حول قضية ولد ب… إرادة هذا الأخير أن “يحاكم” الإرادة بصورة خاصة، في الحقيقة، هذه الوضعية لها تفسير بسيط تكمن في طبيعة المنازعات “الإدارية” الموريتانية وفي وجود بهذا القانون المتعلق بالأضرار التي تسببها السيارة.

وسنلاحظ في الواقع بأنه في موريتانيا، هذا النزاع يتم إرجاعه بصورة خاصة إلى الأضرار التي تسببت فيها السيارة([386]).

أما وضعية كهذه في الواقع  فإن القاضي قد اخذ العادة في تطبيق هذا القانون على الإدارة دون أن يشير إليه في قراراته، غذا وبنوع من المفارقة، في حين أن هذا القانون ينظر إليه في فرنسا بأنه استثناء من مبدأ الازدواجية في المنازعات في موريتانيا تفقد مدلولها الأصلي من أجل أن تصبح القانون العام للإدارة.

من هذا الواقع يمكن أن نتساءل إذا لم يكن مفرط التحدث عن “خوصصة” المنازعات الإدارية، ذلك أن النظام المنشأ عبر هذا القانون يختلف عن القانون الخاص والقانون الإداري كما كتب M.J.A.Mazéres “إن حلول الشخصية المعنوية يعتبر ناماً خاصاً استثنائي للقانون العام([387])”.

حول هذا الموضوع، يبدو أنه من الأصح أن نقول مع  M.Bockel بأن الأمر يتعلق بقانون “مزيج” مطبق على الإدارة([388]).

  1. التصحيف “المعمق”

إن التطبيق التدريجي للقانون 13 دجنبر 1957 لا يجب أن تحدث “خوصصة” تامة للمنازعات الإدارية في الواقع، فإن تطبيق هذا القانون لا ينظم إلا جزءاً من النزاع وهي مسالة حلول الشخص المعنوي محل الموظف المتسبب في الضرر([389]). فالاجتهادات القضائية، زيادة على ذلك قد كرست لهذا التطبيق “المنتظم” لقانون 31 دجنبر 1957 في قضية (Min. Public c /Brahi ould bairouk) المذكر سالفاً فإن محكمة نواكشوط أكدت أنه لا يتعلق بالنسبة له “ليس بطلب التعويض عن الأضرار، المرفوعة من طرف  من لهم الحق من ذوي الضحية أن يحددو ما هي الحقوق التي يتمتعون بها بموجب وضعية الضحية اتجاه الشخص المعنوي في القانون العام الذي يستخدمه المسألة التي من اختصاص الاجتهادات القضائية الإدارية (…)” لكن يجب أن نرى بأن هذا القرار المهم زيادة على ذلك تعود إلى حقبة كانت بها فإن الاجتهاد القضائي انتهت بتعميم تطبيق القانون الخاص فحكم ولد ب… يبدو لنا بصورة خاصة بأنها كاشفة في هذا الإطار ذلك أنه يمكننا أن نتوقع جيداً بأن القاضي له اختصاص “عالم بالقانون المدني” للتصرفات المتكررة للإدارة ضد الموظف في حين أن هذه تهتم خصوصاً بالقانون الإداري في الواقع، ففي حقبة هذا الأخير، الذي يجب أن تحاكم هذه التصرفات، وحتى في حالة الضرر الناتج عن السيارة في مفهوم قانون 31 دجنبر 1957 (T.C.22 novembre p78…) وهذا طبيعي ذلك أن “مجلس الدولة لا يبت (…) في هذه النزاعات على أساس القواعد الكلاسيكية للمسؤولية التقصيرية ويأخذ بعين الاعتبار، خصوصاً تنظيم المرفق، وضرورة تسيير حسن للإدارة، فهي تعطي لهذه المنازعات صبغة تأديبية([390]) في حين أنه في حكم ولد ب.. يبدو أن القاضي كان له مفهوم مختلف تماماً حسب الإجراء فبالنسبة له يعتبر بأن هذه موجهة كي تمكن الدولة” من “استرجاع الأموال التي دفعت للضحية([391]) ويمكن أن نقول إنها لها مفهوم حسابي لدعوى الرجوع وهذا شيئ مؤسف ذلك أن قواعد القانون المدني تعتبر غير منسجمة أو في كل الحالات لا تعتبر الأكثر ملائمة مع العلاقات الإدارية والموظف العمومي.

ويجب أن نعترف بقوة بأن القاضي الموريتاني قد أعطى تأويلاً مرفوض بشدة لمفهوم “المادة الإدارية” وهذا التأويل كان طبيعياً أو إذا كنا نريد كان أكثر فطرية منه قانوني: ففي الواقع فإن القاضي قد حدد هذا المفهوم في دعوى الشطط في استعمال السلطة التي تضع مشاكل (محددة) نوعية ليس لها حل في القانون الخاص والتي تعتبر استقلاليتها يمكن القول أنها “غير قابلة للانضباط” عندما يتعلق الأمر بالمنازعات، والتي تطرح مشاكل “ليست لها أسبقية أساساً مختلفة في القانون العام والقانون الخاص([392]) لقد عزل من هذا المفهوم كل حمولة بتدعيمه المنازعات الإدارية والمدنية([393])”.

يمكن لهذه الوضعية أن تفسر عن طريق عوامل عامة تعتبر بطبيعة الحال وحدة القوانين ونتيجتها الطبيعية عدم تخصص القاضي الإفريقي في مادة القانون الإداري([394]). وفي هذا الإطار يبد أنه من الصوار التحدث بدل وحدة القوانين وحدة الحاكم القضائية التي حصلت على اختصاص من اجل مقاضاة (محاكمة) الإدارة. فالفرق هام ذلك أن النزاعات الإدارية تبدو ببساطة كاختصاص إضافي ممنوح إلى محاكم قضائية: فالحالة الطبيعية لهذه الأخيرة أن تماثل تماماً وبكل بساطة هذا النزاع الإداري الضيق جداً (المحدود جداً)([395]) إلى المنازعات المدنية، التي تعتبر أكثر أهمية.

ألم نر القاضي الموريتاني يحكم على الدولة في أحد قراراته ويلاءم الحكم مع الشكل التقليدي “بأمره محضري الجلسات ووكلاء التنفيذ بتنفيذ هذا الحكم كما طلب من وكيل الجمهورية أن يساندهم بقوة عندما يصبحون مطلوبون قانونياً (T.P.I…..p79)”

وكذلك نلاحظ في قضية ولد ب… فإن القاضي “جدد” الأمر إلى الإدارة([396]) وفي هذا الموضوع فإن هذا القرار يقترب من حكم Kayoulou من المحكمة العليا الكونغولية والتي لم يتردد فيها القاضي الكونغولي من الاعتراف بحق الإيعاز وحتى حق الحلول اتجاه الإدارة([397]) وعندما قام القاضي الموريتاني في مناسبات نادرة كما هو حال قضية ولد ب… يظهر إرادته بالاعتراف ببعض الخصوصية للمنازعات الإدارية، نتذكر بأن النظام الذي تولد عنها ليس نهائياً… ولا يختلف كثيراً عن القانون الخاص وفي هذا الإطار، يمكننا أن نؤكد بأن “عادة” القاضي الموريتاني بتطبيق القانون الخاص أصبحت هي “طبيعة الثانية” فالصيغة تبدو لنا مع بعض الفوارق، يمكن تغييرها إلى دول أخرى أفريقية.

بالموازاة مع هذه العوامل العامة يجب أن نعترف بأنه في موريتانيا فإن التفوق (الرجحان) الذي يحظي به القانون الإسلامي بالتالي (بالنتيجة) إلى تكرار توزيع الاختصاصات ما بين القانون الإسلامي والقوانين العصرية فإن المنافسة تختفي في بعض المناسبات ما بين القانون الخاص والقانون الإداري على مستوى النظام القانوني المطبق على الإدارة التي نجد فيها الثنائية من هذا المنطلق أبعدت إلى مكانة ثانوية على مستوى اهتمامات القاضي.

يضاف إلى ذلك غياب “نقاش” حول المنازعات ذلك أن الدولة الموريتانية لا يتم تمثيلها أمام المحاكم إلا نادراً وخاصة أنها لا تستعمل أبداً إجراء النقض من أجل الدفاع عن مصالحها([398]) فالمنازعات “الإدارية” الموريتانية إذا امكننا قول ذلك تعتبر “منازعات غيابية” فهي تعني من جهة الإدارة لظاهرة للرفض اتجاه القاضي القضائي؟ إنه من المبكر لإعطاء جواباً حاسماً لهذه المسألة من جهة فإنها تشجع إلى تسوية المنازعات ذلك بأنه في حالات وجود إجراءات حقيقية فإن الدولة يمكنها أن تفرض أن يطبق عليها في الحالات الأخرى قانون أكثر ملاءمة (القانون الإداري)([399]) من جهة أخرى، فإن القاضي أمام غياب الدولة عن المحاكمة رجح نظرية القبول (الإذعان) ويعطي تلقائياً الحق للملتمس([400]).

خــاتمة

يستخلص من حكم ولد ب… بأنه في موريتانيا نجد الإدارة تطبق قانوناً استثنائياً “مستقل” لكنه يبقى رغم كل ذلك مختلف عن القانون الإداري بالمعنى الحصري، كما هو مطبق في فرنسا، في هذا الإطار، فإن القرار الذي علقنا عليه يستحق على الأقل طرح مسألة هامة: هل من الشرعي كما فعلنا أن نقوم بانتقاد حل تمت ملاءمته مع القضاء الأفريقي([401]) بالرجوع إلى حلول القانون الإداري الفرنسي؟

فإن جواب هذا السؤال يعتبر رائقاً ذلك أنه إذا كانت الحلول الفقهية اعتبرت معمولاً بها في الدولة الإفريقية([402]) ما لم يتم استبعادها بناءاً على نص أو بقرار فقهي وطني، ولا نعلم ابتداءاً من أي وقت، يتوقف العمل بتطبيقها بمعنى آخر ومن أجل العودة إلى قضية ولد ب… القانون الإداري (كما يوجد في فرنسا) هل “مات” في موريتانيا؟ في قرار Koyoulou المذكور سابقاً، فإن القاضي الكونغولي، فسر بصورة مرفوضة قانون 20 يناير 1960، كنوع من التخلي عن مبدأ الفصل ما بين القاضي والإدارة النشطة، لكننا لا نجد تطوراً مشابهاً وحذراً (مرتاباً) أتجاه قانون إداري (فرنسي) في حكم ولد ب… يمكننا أن نؤكد أنه إذا كان القاضي الموريتاني، ابتعد بشكل ملموس عن قواعد هذا القانون، فإنه بشكل ملحوظ استلهم منهم، فقد وضحنا بأنه من المطلوب من القاضي الإفريقي أن يأخذ مسافة من القانون الفرنسي، لكنه يبدو لنا أن الطريق الذي سلك في قضية ولد ب… ليست مرفوضة قانونياً فحسب بل أنها في غير محلها (غير مناسبة)([403]).

فقد حاول، بالرغم من عمومية مصطلحات حكم ولد ب… أن يرى في هذا الاجتهاد ملامح “القانون في الواقع”([404]) لكن نتائج “حركة لا شعورية لإتمام قرارات من صنف غالباً مصاغاً برعونة”([405]).

إنه من غير أن نتساءل عن الوسائل التي تعطي للقانون الإداري الموريتاني استقلالية حقيقية.

وفي هذا الإطار فقد أوضحنا الدور المنحرف الذي تم لعبه في مادتنا عبر قانون 31 دجنبر 1957.

ويمكننا من النظرة الأولى أن نفكر بأن إلغاؤه سيشجع استقلال المنازعات الإدارية هذا الحل سيكون من الأكيد سلبياً ذلك أنه ينبثق من نظرة قارة للمنازعات الإدارية الموريتانية. في الواقع فإن هذه مطالبة إلى أن تتطور وإلى أن تتنوع خصوصاً مع الأعمال الكبرى للاستثمارات الوطنية (تشييد طريق نواكشوط النعمة، ميناء في المياه العميقة في نواكشوط… إلخ) التي تعرفها البلاد حالياً مع هذه الأشغال، ستشهد لا محالة بروز أنواع جديدة من النزاعات مع الإدارة ومع هذا التنوع للمنازعات فإن قانون 31 دجنبر 1957 سيجد تبريره الأول، وهو توحيد المنازعات المتعلقة بحوادث السير الناتجة عن السيارات([406]).

هذا التنوع في المنازعات يمكن أن تنتج عن أن الرابط الذي يربط المتقاضين الموريتانيين لن تتأخر بدون شك إلى إدخال المنازعات القضائية واللجوء إلى الشطط في استعمال السلطة وتغليب المخالفات القانونية الثابتة أمام قاضي المنازعات من طرف حاصب الشطط في استعمال السلطة([407]).

هذا الحل تم استبعاده يمكن أن نقترح مع السيد Sousi انشاء غرفة إدارية متخصصة في القانون الإداري على مستوى كل المحاكم([408]) هذا الحل يعتبر اقتصادياً (“فالقضاة” الإداريون يمكن تكوينهم محلياً في المدرسة الوطنية للإدارة في نواكشوط) ولن تؤدي إلى بلبلة النظام الذي أقيم بسبب أنها لن تؤدي إلى إنشاء قضاء جديد. فمسألة توزيع الاختصاصات ما بين مختلف المكونات يمكن أن تتم تسويتها عبر إنشاء لجنة مشتركة،  تتكون من قضاة من مختلف التخصصات… هذا الإصلاح يمكن أن يكون مجدياً وتتم تكملته عبر نقنين لقواعد القانون الإداري هذه الصيغة الملاءمة من طرف بعض الدول الأفريقية مثل السينغال والجزائر والبنين والتوغو وكذلك أوربيا([409]) ليست بالتأكيد حلاً معجزة، لكنه سيمكن من المحافظة للقانون الإداري على درجة من الاستقلالية، وخصوصاً بأنها تخلق لدى القاضي الحاجة إلى تبرير هذا أو ذاك النظام القانوني([410]). يجب تحديد بدقة أن هذه الإصلاحات لن تعطي أكلها إلا إذا أخذ كل من القاضي والإدارة وكذلك المتقاضين مدى أهمية رهان المشكلة.


[*] أستاذ مبرز في القانون العام، كلية العلوم القانونية والإقتصادية، جامعة نواكشوط.

العنوان الأصلي للدراسة:

Ahmed Salem Ould Bouboutt : Existe-t-il un contentieux administratif autonome en Mauritanie ? Réflexions A propos d’une décision jurisprudentielle récente. Recueil Penant. n° 786 -787, 1985. p.58-88.

[**] أستاذ مكلف بالتدريس بكلية العلوم القانونية والإقتصادية بجامعة نواكشوط وبالمدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء.

[***] أستاذ بكلية العلوم القانونية والإقتصادية بجامعة نواكشوط.

[318] F.P Benoit; Des conditions du developpemen d’un droit administratif autonome dans les Etats nouvellement indépendants. Annales Africaines 1962 .p.129. M.jéol: Cours de droit administratif mauritanien ronéoté au Centre de Formation Administrative de Mauritnie; 1964.p60.

[319] A. Bockel;le contrôle juridictionnel de l’administration in G.Conac (sous la dir.de):Les institutions administratives

en Afrique Noire ; Economica1979. voir aussi du meme auteur:droit Administrtif NEA 1978.Nous remercions

M.Bockel de ses précieuses observations.

[320]  Fort heureusement des etudes sont deja intervenues dans ce domaine Voir à ce sujet les references citée par: A.Bockel:étude précitée p.218note 1.

[321]  Il faut souligner dés présent que nous utilisons ici le terme « contentieux administratif» dans le sens qui est le sien en droit administratif français pour désigner un ensemble de règles de procédures et de fond spéciales applicables à la solution juridictionnelle des litiges entre Administration et administrés.

[322] Dans cette éude, on ne s’intéressera qu’au contentieux dit des «droits subjectifs » ou plein contentieux. En effet l’autonomie du contentieux de l’annulation ou recours pour excès de pouvoir pose moins de problèmes dans la mesure ou ce contentieux n’a pas son pendant en droit privé et ou dans les pays africains. Il est confié en premier et dernier ressort aux cours suprêmes respectives. Sur la situation de ce contentieux en Afrique, voir les références citées note 2.

[323] Cité en annexe.

[324] Il semble donc (voir en annexe la rédaction du jugement O….B…) que seul l’Etat a été assigné et que la victime s’est contentée dans ces conclusions de developper ses arguments.Mais le Tribunal a considéré qu’il y a eu assignation conjointe de l’Etat et de l’agent et de la Cour Suprême ne nous semble pas être revenue sur ce point. Par un souci de

simplicité, nous adopterons donc dans la suite de nos développements,l’hpothése d’une double assignation.

[325] Cité en annexe

[326] Ouguiya.unité monétaire de Mauritanie:1ouguiya=5F.C.F.A=0,1F.F.

[327] En Mauritanie,la loi n°65-123 du 23juillet 1965 a suprimé la Cour d’Appel et transféré ses attribution à la cour Supréme.

[328] Cette affirmation peut surprendre et notre entreprise paraitre contestable car il est a priori illégitime de s’interroger sur la situation du contentieux adminstratif à propos de l’arrêt O…..B… ou l’on se trouve en presence d’un dommage causé par un véhicule au sens de la loi du 31décembre1957 et résultant de surcroit d’une faute personnelle d’un agent public. Cependant deux ordres de considérations nous permettent cette «audace ». Sur un

plan juridique, il nous semble malgré les apparences que le droit administratif soit applicable, car, d’une part il y avait également une faute de service de l’Etat en l’espèce et d’autre part la loi précitée du 31 décembre 1957 bien que reprise en Mauritanie doit y recevoir une interprétation restrictive en raison de l’organisation juridictionnelle special de ce pays (sur ces points, cf. infra II). En dehors de cet argument juridique, l’arrêt O…B…, par la généralité des ses termes et l’importance de sa motivation, traduit le mieux l’attitude du juge mauritanien à l’égard de l’administration et il apparaît ainsi l’un des rares sinon le seul arrêt en la…….

[329] Sur ce point et sur les différents conceptions de la notion de garde :M.R.Tercinet:note sous C.E.24 mars 1978,Laporta,A.J.D.A.Oct.1979,p,36. Spéc.p.38,1ere col., et éférences citées.

[330] Ce treme «arbitre » peut être trompeur car le rôle du juge africain est loin d’être «neutre ». Il s’agit en fait d’un «arbitre actif ».Voir à ce sujet les importants développements de M. Bockel sur le droit administratif « engagé » des pays africains :op.,cit.pp.36 -37.Mais cet aspect « engagé » des juridictions africaines ne doit pas trop faire illusion, il s’agit plutôt d’une justice « orientée ». Voir à ce sujet, l’article 103 de la constitution du Bénin du 26août 1977 qui dispose que la justice est rendu «au nom du peuple béninois et de sa Révolution Démocratique et Populaire ».

[331] A.Bockel, étude précitée, p,197.

[332] Une telle qualification n’est pas trés explicite dans le raisonnement du tribunal, mais elle résulte de l’allusion à l’article 13 de la loi portant statut général de la Fontion publique. Voir en annexe la rédaction du jugement.

[333] Laferriére:concl.sur T.C 15mai1877,Laumonnier – Carriol,Rec,437.

[334] Pour des exemples :Cass.Crim.2 octobre 1958. Porchas.J.C.P.1958, II 10834:affolement d’un médecin abandonnant une malade en danger;C.E.19décembre 1969Mouyadet Rec .601:agent confiant son pistolet de service à un enfant…

[335] Voir dans ce sens :P.Coutant: La responsabilité pécunaire des agents de l’Etat pour faute personnelle .Rev.Adm.1970,P.293; il faut rappeler que la loi du 31 décembre 1957 relative aux dommage causé par les véhicules que nous examinerons plus loin. A vidé la jurisprudence Thépaz d’une grande partie de sa portée…

[336] Ace titre, la persistance, en appel, de la victime à « s’en remettre à ses premières conclusions ou il déclare fonder son action non sur l’article 1382(…) mais sur l’art.1384 du Code Civil» est fort révélatrice car elle explique la tendance systématique des victimes de l’administration à invoquer l’art.1384et non l’art.1382 (voir entre autres exemples,le jugement modèle cité en annexe :T.P.I. de Nouakchott 6 mai 1980 S.. A.. O.. Z.. C/Etat de Mauritanie) ; les victimes pensent ainsi éviter de se heurter à l’insolvabilité de l’agent car « l’Etat propriétaire du véhicule en est le gardien » (voir la rédaction de l’arrêt O ….B… ; mais l’art. 1384peut leur réserver des surprises notamment en cas de vol (cf. . référence citées note 12 et notre critique de la conception que la Cour Suprême se fait de la notion de garde ).

[337] Il s’agit de…………….

[338] Est-il besoin de rappeler que le regime de responsabilité prévu à l’article 1384 du Code Civil a insensiblement mais inexorablementèvoluè d’un ssystéme de responsabilité pour «faut présumée» vers un système de «responsabilité présumé » qui se confond en définitive avec l’idée de responsabilité pour risque. Sur cette évolution :A.Weil et F. Terré Droit Civil, Les obligations, Dalloz 3é éd ; 1980 n° 689 et s. Au demeurant, il ressort de l’arrêt O…B…que la Cour reprenne cette idée à son compte : elle affirme notamment « qu’il ne suffit pas à l’Etat de prouver qu’il n’a commis aucune faute ». (Voir la rédaction de l’arrêt O…B…). Il faut d’ailleurs signaler qu’une jurisprudence récente (21 juillet 1982) de la Cour de Cassation a encore rapproché davantage le régime de l’article 1384 de celui de la responsabilité sans faut : aux termes de cette jurisprudence, désormais, la faute de la victime peut exonérer le conducteur. Pour un premier commentaire de cette décisions : Le Monde du 23juillet 1982, p.10.

[339] Assez curieusement, on retrouve cette combinaison de la responsabilité pour faute et de la responsabilité sans faute dans les décisions des autres juridictions africaines. Voir par exemple pour le Sénégal:C.A.Dakar, 5janvier 1970.Min.public et Vve Sarr C/Oumar Diouf.Annales Africaines.1970Obs. A.B.

[340] Ace sujet le Doyen Vedel parle de « catégories» de fautes personnelles : Droit Administratif P.U.F.1980, p.459.

[341] Rec.492, Long, Weil et Braibant: Les grands arrêts de la jurisprudence administrtive. Sirey1978, p.331, il s’agissant en l’espéce d’un accident causé par un agent avec un véhicule de l’administration alors qu’il s’était écarté de « son itinéraire normal pour des raisons indépendantes du service » .

[342] Telle a été vraisemblablement l’attitude du Tribunal de Nouakchottdans l’affaire O…B… car pour mettre « hors decause» l’Etat, il s’est basé,d’ailleurs à la demande de Direction des Douanes, sur le fait que pour l’agent le dommage s’est produit « une dimanche après dix-huit heures » (voir en annexe la rédaction du jugement O…B…); il ne s’agit pas pour nous ici d’assimiler le caractére « détachable» d’une faute personnelle avec un eventual « lien» de celle-ci avec le service au sens de la jurisprudence Delle Mimeur, précité :en effet dans certaines circonstances, lorsque la faute a visiblement un lien (fonctionnel, spatial, temporel) avec le service, le juge la considère néanmoins comme une faute dépourvue de tout lien avec le service : C.E.Ass.26octobre1973, Sadoudi rec.. 603 :J .FLachaume :Les grandes décisions de la jurisprudence administrative PUF 1980, p.336 :homicide volontaire causé par l’arme de service ;pour un exemple devant une juridiction africaine :C.A. Dakar 9avril 1971………

[343] Cette jurisprudence s’applique aussi lorsque c’est en raison de ses fonctions que l’agent a pu causer le dommage, cette hypothése s’applique à notre affaire car s’il n’avait pas éte le Chef du secteur des Douanes de la Ville d’Atar, le sieur O..B… n’aurait pu vraisemblablement pas pu disposer du véhicule.Sur cette jurisprudence, C.E.26

juillet1916Lemonnier Rec.761; Long.Weil et Braibant op.cit.p.147;J.F Lachaume, op.cit. p.133.

[344] C.E.13 décembre 1963 Ministre des Armées C/Consorts Occelli. Rec.629. On rapprochera la décision Occelli de l’arrêt C.E. 22mars 1957 Jeannier Rec.196. Concl.Kahn, S.1957, 32concl.Kahn; D.1957.748concl.Kahn note Weil J.C.P.1957 II 10303 bis note Louis-Lucas.A.J.D.A.1957,II.186.cron.Fournier et Braibant.

[345] A. Bockel, op, cit, p,206.

[346] -(C.E 28juillet 1958 Luaielle Rec. 464 long weil et Bbranbaut .op.cit.p375 ; C.E 22mai & ç (è Jeannier précité)

[347] Par exemple, pou le Sénégal: L.Saisi: Réflexions autour de l’application par la Cour d’appel de Dakar de la notion de faute personnelle, Penant 1977,I,10et ss,pour Madagascar 6mai1972Soc. « Saimpa» Penant 1973,II,539,note J.C.Maestre.

[348] Voir supra note 7.

[349] Sous réserve, bein entendu, de «redresser » le fondement de la requête, nous verrons d’ailleurs (infra IIe Partie) que la victime aurait du être déboutée de son action contre l’Etat pour son respect de la procédure spéciale en matière administrative. Il faut rappeler que cette réparation de la charge de la responsabilité (comme dans le cas ou le dommage est causé par plusieurs agents) se fait moins en fonction de la relation causale des fautes avec la survenance du dommage qu’en fonction de ces fautes :Vedel :op.cit.p.470.

[350] Citée en annexe. Pour plus de commodité, nous la désignerons ci-aprés par le vocable «loi du 31 décembre1957»

[351] Voir infra II e partie/B

[352] Kahn:concl.précitées Rec.196.Acet égard, la Cour Supréme n’est –elle pas tombée dans le « piège» du Sieur O…B… ?

[353] P.Huet: Observations sur le recours de l’administration contre les agents publics ou la faute du lampiste. Rev.Adm.1970-523.

[354] T.P.I.Dakar 26 juin1971 Dame N’daye C/Etat du Sénégal. Pénant1977, p,42.

[355] C’est d”ailleurs en ce sens que le tribunal de Nouakchott a interprété cette loi (voir en annexe la rédaction du jugement O…B..).

[356] Voir à ce sujet, M,Jéol: La réforme de la justice en Afrique Noire.Pedone,1963.

[357] A.Bockel:étude précité, p,198.

[358] M.Jéol:La réforme de la justice en République islamique de Mauritanie Penant 1962-163.

[359] C’est le cas par exemple du Sénégal: M.Jéol:ibidem,pp.199-200.

[360] Cité en annexe.

[361] On peut dire « grosso modo» que la Mauritanie a surtout adopté le droit privé musulman (art.1et2 du Code de Procédure civil précités) ;cependant on retrouve en droit public certaines références à l’islam, notamment dans la constitution de 1961 aujourd’hui abrogée.Cf.à ce sujet J.L.Balans:Le systéme politiques mauritanien in itroduction à la Mauritanie.Paris.C.N.R.S.1979,P.279-319.

[362] Voir par exemple sur l’existence de questions préjudicielles au niveau de la réparation des compétences entre les tribunaux de droit moderne et ceux de droit musulman : T.P.I. Nouakchott 8mai1961 Min.Public C/B.. O.. B.. et Dia Abdou,Penant 1962,581.note Lampué.

[363] A.Bockel:étude précitée,p,216.

[364] C.Eisenman:un dogme faux:l’autonomie du droit administrtif.Melanges Sayagues de Lazo, T.IX, p,419; R.Chapus:Responsabilité publique et Rrsponsabilité privée.L.G.D.J.1954.

[365] G.VEDEL, op,cit, p,445.

[366] Voir à ce sujet les manuels et traités de droit administratif;par exemple:Vedel, op,cit, p.431 et s.

[367] A.Bockel:étude précité,p,215;G.Langrod: Genés et conséquences du mimétisme administratif en Afrique Noire,Rev,Int,Sciences Adm.1937.119;C.Debouy:Les juridictions administratives dans les pays d’Afrique Noire francophone.Etude d’un aspet du mimétisme administratif.Rapport de D.E.A. dact.Poitier 1978.

[368] Cette autonomiedroit se faire de deux maniéres : d’une part, il s’agit d’adapter le droit administraatif aux réalité locales :on peut citer à cet égard la décision évoquée ci-dessus des tribunaux sénégalais de faire jouer l’action récursoire dans le même procés que l’action « principale » :de même en Mauritanie, le Tribunal de première instance étant compétent pour connaitre à la fois de l’action contre l’agent et de celle contre l’Etat, le juge peut décider, en cas d’une (unique) faute personnelle ayant un lien avec le service (jurisp. Delle Mimeur précitée, et lorsque la victime assigne à la fois l’agent et l’Etat, de condamner systématiquement l’Etat :cette solution qu’à priori rien ne dicte, permet aux justiciables de bénéficier le plus souvent de la « garantie » de l’Etat sans faire pour autant jouer cette « garantie » dans toutes les hypothèse de faute personnelle ; d’autre part les pays africains doivent tirer les conséquences des doctrinales existant en France sur tel ou tel sujet : à cet égard, l’attitude de l’Etat Sénégalais est très révélatrice: si ce pays a ouvertement reconnu l’existante d’établissement publics professionnels alors que la nature juridique des ordres professionnels,est très controversée en France (la loi sénégalaise n° 77-89 du 10août 1977,J.O.du 12septembre 1977),la loi n°76-66 du 2 juillet 1976 relative au domaine de l’Etat du Sénégal (Annales Africaines 1977, p.83) et une reprise presque textuelle du Code (français) du domaine de l’Etat de 1957 dont on sait que …………

[369] Certains n’hésiteront pas au contraire à insister sur la rigidité du droit administratif ( principe de légalité par exmple) pour le rejeter;mais il s’agit là d’un faut prétexte car le juge administratif n’hésite pas à infléchir ses régles devant des circonstances exceptionnelles(théorie des circonstances exceptionnelle) ou particuliéres(par exemple en matiére économique :voir à ce sujet:A. De Laubadére: Droit public économique,Dalloz 1979).

[370] Sous réserve de ce qui a été dit supra de l’existence des tribunaux de droit musulman. Sur ce point M.Jéol art.précit.

[371] Cité en annexe, dans sa rédactionrésultant de la loi du 24 juillet 1974.

[372] A.Bockel: Droit Administratif, p,494: c’est ainsi que cet auteur rapporte l’interprétation qui a été faite de la notion de « matière administratif» par les tribunaux sénégalais.

[373] Cité en annexe.

[374] Ceci est confirmé par le livre VII du même Code qui ‘intitule :« Des recours en matière administrative jugés en premier et de dernier ressort par la Cour Suprême ». Cet intitulé laisse clairement supposer qu’il existe des recours « en matière administrative » jugés en premier ressort par les juridictions inférieures : il s’agit en fait du plein contentieux. D’ailleurs le fait que l’article 110 n’ait pas été inclus dans ce livre VII montre clairement que la procèdure particuliére prévue à cet article est applicable en matiére de recours pour excés de pouvoir mais aussi de plein contentieux. A ce syjet il faut souligner l’originalaté de la solution mauritanienne: alors que les autres pays africains ( le Sénégal par exmple :voir à ce sujet :A.Bockel, Droit Administratif précité,p.447 et s.) ont érigé le Tribunal de premiére instance en juge de droit commun en matére administrative dans la mesure ou seuls lui échappent le recours pour excés de pouvoir confié en premier et dernier ressort à la Cour Suprême et quelque contentieux électoraux,la Mauritanie attribue à la Cour Suprême en plus de recours pour excés de pouvoir d’autre compétences en premier et

dernier ressort en matiére administrative. Il en est ainsi notamment des litiges relatifs au domaine public, aux concessions domaniales et aux permis de recherche miniére et du contencieux de certaines èlections administratives ( art.27A de la loi n°61-123 du……….

[375] Nous verrons infra que cette loi a été nèamins partiellement abrogée en Mauritanie.

[376] A.Bockel: Droit Administratif;précité,p,494.

[377] C’est précisement, ce qui se passe en Mauritanie, ou le juge pour une interprétation contestable de la notion de «matière administrative » institue un ……..

[378] Voir en annexe la rédaction de la loi.

[379] C.E.5novembre1976Ministére des Armées C/Cie des Assurances La Prévoyance. Rec.475. A.J.D. A1977.365. chronique Nauwelaen et Fabuia.

[380] Il faut signaler qu’en Mauritanie, la question de savior si l’agent ètait dans. « l’exercice de ses fonctions» ne saurait donner lieu à question préjudicielle comme c’est le cas en France (T.C.16novembre 1964,Bory A.J.D.A.278)

[381] J.Moreau:Note sous T.C.22novembre1965 Colin Rec.820.A.J.D.A.1966,II,306.

[382] Il s’agit évidement du Tribunal de premiére instance et du Tribunal Administratif.

[383] Voir à ce sujet l’excellente définition donnée par les Tribunaux sénégalais à notion de faute de service in A.Bockel:Droit Administratif;précité, p,362.

[384] C’est la rançon du systéme de dualité du contencieux choisi, il faut cependant rappeler que dans ce systéme, rien n’empêche le requérant d’observer par précaution la procédure prévue à l’article 110:il éviterait ainsi facilement l’irrecevabilité de sa requête. Ce systéme d’irrecevabilité – faut-il le rappeler ?- n’aboutit pas à un déni de justice car la victime peut toujours s’adresser directement à l’agent.Pour un exemple particulérement pittoresque de requérant victime des régles de procédures : T.P.I. Dakar23 mai 1970. Abdourrahmane N’Doye. Annales Africaines, 1973, obs.A.B.

[385] L’agent dispose dans ce cas d’une action récursoire entre l’Etat au titre de la faute de ce denier car il ne nous sembles pas possible………. Laruell, précitée. Voir Supra I/B/1°.

[386] Sauf omission de notre part, les onze décsions rendues de 1978 à 1981 par le Tribunal de Nouakchott en matiére de contentieux « administratif » se rapportent …………….

[387] J.A.Mazéres, Véhicules administratifs et responsabilité publique.L.G.D.J.1962, p,371; voir aussi dans ce sens: Vedel: Droit Administratif; précité,p,450.

[388] A.Bockel: étude précité, p,215.

[389] Il faut d’ailleurs rappeler que le régime des dommages causés par un véhicule au sens de la loi du 31 décembre 1957 n’est pas d’application absolue : en effet le juge lui préfére quelquefois d‘autre régimes de responsabilité:C.E 10décembre 1969Simon. Quarteron et Bisserias Rec. 567.D.1970.477écarté la loi de 1957 qui était applicable au profit du régime de responsabilité relatif aux dommages sbis par les collaborateurs bénévoles du service public.Sur tous ces points :C.Brechon-Moulénes:Les régimes législatifs de responsabilité publique.L.G.D.J.1947.

[390]  Long, Weil et Braibant:op,cit,p.381.

[391] Sans doute la Cour a-t-elle fait état de sa volonté de « responsabiliser» l’agent par le jeu de cette action récursoire, mais il s’agit ici d’une responsabilité vis-à-vis de la victime et non pas vis-à-vis de l’administration. En effet dans le systéme mis en placr par la Cour, la « responsabilisation» de l’Administration apparaît comme une simple parenthèse dans un procès entre la victime et l’agent ; pour emprunter une terminologie du droit budgétaire,nous dirons que l’Etat intervint ici comme un « redistributeure» passif.

[392] A.Bockel:Droit Administratif;précité, p,491.

[393] Ceci est clairement confirmé par la classification adoptée par les services judiciares mauritaniens :en effet les recours pour excés de pouvoir sont classés sous le signe A.A.(Affaires administratives) alors que les requêtes, intéressant le plein contentieux administratif sont classées sous le sigle A.C.(Affaires civiles).

[394] Sur ces deux points : A.Bockel:Droit Administratif et etude précités.

[395] ……….. A.Bockel:étude précitée. C.Debouy, rapport précité, p,38-39.

[396] Voir en annexe, les passages de la désition O…B…dans le juge affirme «qu’il ne décharge l’Etat de la présomption qui pèse sur lui que du jour ou (il) organisera de manière claire et non équivoque son parc automobile,en arrêtant la circulation des voitures de service en dehors des heures de service…. ».Dans la même décision, le juge semble aussi ignorer que l’Etat n’a pas besoin, pour exercer son action récursoire de saisir préalablement le juge : il peut se contenter d’émettre un ordre de versement (arrêt Laruelle précité) ou un état exécutoire (arrêt Jeannier précité) et il appartient à l’agent, en cas de refus de payer, de saisir le juge.

[397] C.S du Congo 20mai 1977 Kayoulou, penant 1982,n°776,p,58 avec une note critique de M.G.Pambou- Tchivounda.

[398] Sur les onze décisions précitées du Tribunal de premiére Instance de Nouakchott, on ne retrouve que trois jugements «contradictoires ». A cet égard le jugement O…B…est l’exception qui confirme la règle. Voir en annexe, le jugement modèle. T.P.I. de Nouakchott 24 janvier 1978 M.. M.. O.. Ch.. B.. C/Etat de Mauritanie.

[399] Est-il besion de rappeler que l’application du droit administratif est également favorable au requérant ? On peut citer à ce sujet la célébre décision dite des « Centaures Routiers» de la Cour Suprême de Côte d’Ivoire (C.S.de Côte d’Ivoir, Soc. Centaures Routiers A.J.D.A.1970. concl,M.Bernard;Penant 1972.247note Lampué),dans laquelle l’application du droit administratif au litige avait permis à la société requérante d’être dédommagée, alors qu’elle avait étè déboutée par les premiers juges sur la base du droit privé.

[400] Cela est d’autant plus regrettable que le juge mauritanien semple avoir une conception trés «extensive » de l’acquiescement car ce dernier ne joue normalement sur le plan du raisonnement juridique.Voir en annexe le jugement cité note (81).

[401] Il s’agit évidement ici des juridictions des pays africains dits de «tradition juridique française » c’est-à-dire des pays africains francophones.

[402] Voir la note Pambou-Tchivounda précitée.Ce n’est pas du reste la premiére fois qu’un juge interpréte une loi en lui faisant dire ce qu’elle n’a pas voulu dire.pour un exemple de cette interprétation « destructive» devant le conseil d’Etat français: C.E.Ass 17février 1950 ministre de l’agriculture C/Dame Lamotte Re juridique française c. 110.Long, Weil et Brainbant :op,cit,p,339,J.F. Lachaume:op.cit.p.287.

[403] Même si le systéme français de responsabilité des agents publics pour faute personnelle a été contesté en France ( Huet:art. précité,J. M.Beat:l’échec du systéme actuel de la responsabilité pécunaire des agents publics à l’égard de l’administration.Mélange Stassinopoulos.L.G.D.J.1974.165;J.C.Maestre:la responsabilité civile des agents publics à l’égard des collectivités publiques doit – elle être abandonnée ? Mêlanges Waline L.G.D.J.1974.575 ) il nous semble qu’il soit malgré tous trés bien adapté aux réalités des pays africains.

[404] L’expression est du Doyen Vedel:op.cit.p.428.

[405] A.Bockel:étude précitée, p.216.

[406] Sous réserve bien entendu de l’interprétation restrictive que nous donne cette loi telle qu’elle s’applique en Mauritanie:Voir supra II/B/1°.

[407] Les deux contentieux bien qu’indépendants sont en fait étroitement liés. Voir sur ce point: Vedel op.cit.p.418 et ss,C.E 19 juin1981,Mme Carliez, concl.B. Benevois.A.J.D.A. 1982,II,103.

[408] L.Saisi:art.précit.Cette proposition est à faire à propos du Sénégal, mais le systéme juridique de ce pays est trés proche de celui de la Mauritanie.C.Debouy, rapport précit.p.46et ss.

[409] C’ést le cas de la pricipauté de Monaco.Voir à ce sujet : G.Vedel: le droit Administratif peut-il rester indéfinement jurisprudentiel? Et.Doc.du Cons.d’Etat.1979-1980, p.31et s.

[410] Voir à ce sujet notre chronique:Le contentieux du fonctionnement des bacs au Sénégal: Penant,1982.P.94 et s.

الأكثر رواجًا