د. سيف بن عبد الله الجابرى

مدير مركز المعلومات – جامعة السلطان قابوس

أ. خلود بنت خالد السالمي

 أخصائية مركز مصادر التعلم – وزارة التربية والتعليم

مقدمة

إن من أهم ما يميز عصر الثورة المعلوماتية هو الكم الهائل من المعلومات المنشورة رقميا، التي سهل انتقاؤها وتبادلها حول العالم بحرية ويسر. ولكي يتسنى انتقال المعلومات عبر الوسيط الإلكتروني فإنه لا بد أن توجد بشكل رقمي في المقام الاول، ومن ثم تتم عمليات المعالجة والتبادل بعد ذلك.

وبما أن النشر غير الرقمي كان هو السائد قبل عصر الرقمنة، وظل يحتل بنسبة كبيرة مما ينشر في العالم، خاصة فيما يخص الإنتاج الفكري والعلمي، فإنه لا بد من رقمنة هذا الإنتاج ليصبح قابلا للتبادل الإلكتروني. ولكن عملية الرقمنة هذه ليست عملا سهلا بسبب ما تتطلبه من إعداد تقني في البرمجيات والعتاد، والخبرات القائمة على عملية التحويل إضافة إلى الموارد المالية الضخمة التي تحتاجها هذه المشاريع لعمليات التحويل والتنظيم والحفظ، يضاف إلى ذلك ما تواجهه مشاريع الرقمنة من صعوبات في ما يتعلق بحقوف الملكية الفكرية وحقوق النسخ والتوزيع.

في هذا البحث سوف يتعرف الباحثان على بعض مشاريع رقمنة الإنتاج الفكري العربي مع التركيز على رقمنة وإتاحة الإنتاج الفكري العربي بالنص الكامل وذكر بعض مشاريع الرقمنة العربية والصعوبات التي واجهت وتواجه هذه المشاريع.

مشكلة الدراسة

Statement of the Study

مع النمو الهائل في الإنتاج الفكري العالمي ورغبة القائمين على حفظ هذا الإنتاج سعى بعض الناشرين والمؤسسات المعلوماتية الربحية وغير الربحية إلى رقمنة ما يمكن جمعه من الإنتاج الفكري لتلبية طلبات المستفيدين من جهة، ولحفظ هذا الإنتاج من جهة أخرى.

ولكن عملية الرقمنة ليست بالعملية السهلة وتعترضها الكثير من العقبات الفنية والمهنية والمادية بالإضافة تحفظات الملكية الفكرية.

تسعى هذه الورقة إلى دراسة العقبات التي واجهت بعض مشاريع الرقمنة العربية وكيفية التغلب على بعض هذه العقبات.

أهمية الدراسة Importance of the Study :

تتجلى أهمية الدراسة من الناحية النظرية: في إثراء الإنتاج الفكري العربي في مجال المكتبات والمعلومات على وجه العموم، وموضوع الرقمنة وحقوق الملكية الفكرية على وجه الخصوص.

أما من الناحية التطبيقية: فتبرز أهمية الدراسة من هذا الجانب على أنها دراسة وصفية للتعرف على واقع مشاريع الرقمنة عربيا، والتعرف على أبرز المشاريع القائمة والعقبات التي تواجهها. ونهدف من ذلك إلى الخروج بنتائج وتوصيات ومقترحات، وقد تستفيد منها الفئات الآتية:

إدارات المكتبات الأكاديمية سواء كان على النطاق العربي، وذلك من خلال الأخذ بنتائج وتطبيق مقترحات وتوصيات الدراسة، والتي ستسهم في إقامة تعاون بين المكتبات وتشكيل مشاريع تعاونية في مجال الرقمنة – إن لم توجد- ولأن هذه الدراسة ترصد معوقات الرقمنة وتعرض الخطوات اللازمة، ولتحقيق الاستفادة فيما بينها، وذلك لتشابه الظروف بين مكتباتنا.

اهداف الدراسة

Objectives of the study:

1. تهدف الدراسة الجارية إلى تحقيق العديد من النقاط الهامة:

2. معرفة واقع رقمنة الإنتاج الفكري العربي

3. الكشف عن بعض مشاريع الرقمنة، وما أوجه التعاون فيما بينها.

4. التعرف على العقبات التي واجهت هذه المشاريع، وكيفية التعامل معها.

أسئلة الدراسة

study questions:

1. ستجيب الدراسة عن عدد من التساؤلات من أهمها:

2. ما واقع مشاريع رقمنة الإنتاج الفكري العربي؟

3. ما هي طبيعة العلاقة بين هذه المشاريع وهل يوجد تعاون فيما بين هذه المبادرات؟

4. ما هي العقبات التي تواجه هذه المشاريع وكيف تم التعامل معها؟

منهجية الدراسة

Methodology of the Study:

للإجابة عن تلك التساؤلات المطروحة التي أثرناها في أسئلة الدراسة كان لابد من اللجوء إلى استخدام المنهج الوصفي والتحليلي، وذلك لمعرفة واقع مشاريع الرقمنة، ومدى العلاقة القائمة بين المشاريع، وأهم العقبات التي تواجهها، ومحاولة التوصل إلى حلول منطقية.

حدود الدراسة

limitation and Scope:

المجال الموضوعي: تعالج الدراسة الجارية واقع مشاريع الرقمنة عربيا، وطبيعة العلاقة القائمة بين هذه المشاريع إضافة إلى التعرف على أهم العقبات التي تواجهها.

أما المجال المكاني: فقد اقتصرت الدراسة على مسح لأهم مشاريع الرقمنة العربية.

والمجال الزمني: السنة الحالية 2009-2010 م.

التعريف بمصطلحات الدراسة:

Presenting the definitions of the concepts

تناولت الدراسة عددا من المصطلحات، وسيتم تعريفها من خلال الاستعانة بالإنتاج الفكري المنشور والمصطلحات كالآتي:

الرقمنة: هي عملية تحويل البيانات إلى شكل رقمي، وذلك بمعالجتها بواسطة الحاسب الإلكتروني. (الشامي، 2001 م).

وهي أيضا التحويل من المعلومات التناظرية في أي شكل (النصوص، الصور، الصوت، وغيرها) إلى شكل رقمي مع الأجهزة الإلكترونية المناسبة (مثل الماسح الضوئي أو رقائق الكمبيوتر المتخصصة) بحيث يمكن معالجة المعلومات، وتخزينها وتنتقل عن طريق الدوائر الرقمية، والمعدات والشبكات. ( Reitz، 2009).

حقوق الملكية الفكرية: هي الحقوق المتعلقة بكل إنتاج شخصي أو عام، وتضمنها القوانين الدولية والوطنية، وتختص هذه القوانين بحماية الملكيات المتعلقة بحقوق التأليف وبراءات الاختراع والنماذج والرسوم والأشكال، والعلامات والاسماء، والأسرار الفكرية، والتجارية والصناعية. (المنظمة العالمية للملكية الفكرية).

وتعريف آخر هي مجموعة الحقوق التي تحمي الفكر والإبداع الإنساني، وتشمل براءات الاختراع، والعلامات التجارية، والمؤشرات الجغرافية، وحق المؤلف وغيرها من حقوق الملكية الفكرية. (مرقة، 2008).

الدراسة السابقة

Literature Review:

حظي موضوع الرقمنة وحقوق الملكية الفكرية باهتمام ملحوظ من قبل الباحثين والدارسين وبرز ذلك في الكثير من الأدبيات المنشورة منها دراسة ل( علوي، 2008 م ) بعنوان ” إدارة مشاريع الرقمنة في المؤسسات الوثائقية الجامعية بين المتطلبات التقنية والعوائق المنهجية ” ذكرت الباحثة أن المؤسسات المعلوماتية تتجه بشكل كبير في الوقت الراهن إلى رقمنة مصادر معلوماتها وعلى وجه الخصوص الإنتاج الفكري الأكاديمي وتسعى إلى تأسيس المكتبات الرقمية، وذلك نظرا لتلبية حاجة الباحثين والدارسين للمعلومات، وأيضا لتنوع شكل المعلومة ومحاولة لنشرها، وبثها لأكبر قدر من المستفيدين منها. في حين أصبحت الكثير من المكتبات تواجه صعوبة بالغة لتحويل أرصدتها المعلوماتية من الشكل المطبوع إلى الرقمي على سبيل المثال صعوبة استرجاع الوثائق الموزعة على مناطق جغرافية متعددة، وأيضا قلة توافر العتاد والأجهزة ووسائل التخزين لممارسة عملية الرقمنة. أما عن واقع الرقمنة عالميا فمما لا شك فيه أن الدول الأوربية اتجهت هذا الاتجاه وتم ذلك باشتراك مجموعة من المكتبات فيما بينها وأصبح لديها مشاريع ضخمة مثال ذلك “Minerva “«Gallica » Bibliotheca Universalis “. أما في جانب حماية حقوق الملكية الفكرية فقد رأت الباحثة أنه لابد من توافر القوانين والأنظمة التقنية والتكنولوجية التي تحافظ على الحقوق، وأن يرفق بالمحتوى الرقمي بالكيانات الرقمية.

وفي الندوة المعقودة بدولة الكويت عام ( 2006 م ) والتي حملت عنوان “رقمنة وتطوير المحتوى الرقمي” كانت أبرز التوصيات والمقترحات المقدمة منها القيام بمشروعات عربية رقمية من أجل تطوير المحتوى العربي، وتشكيل التكتلات العربية التعاونية المكتبية بهدف النهوض بهذا القطاع بعملياته وخدماته وأن تعم الاستفادة أكبر قدر من المستفيدين والعاملين فيه على حد سواء، ورفع درجة الاهتمام برقمنة الإرث الثقافي والحضاري للمجتمعات العربية والاهتمام بنشره إلكترونيا لتعزيز اتصال الحضارة العربية بالحضارات الإنسانية الأخرى، واستغلال الموجة الجديدة من البرمجيات لبناء وتعريب التطبيقات الداعمة للمحتوى العربي، وتطوير محرك بحث ذكي للغة العربية، دعم وتشجيع البحوث والدراسات المتعلقة بصناعة المحتوى العربي.

وفي دراسة أخرى بعنوان “الملكية الأدبية والفنية في مجال بنوك المعلومات ” لـــــ (لطفي، 2006 م) تطرق الباحث فيها إلى أن قانون حق المؤلف والملكية الفكرية هو الموضوع الرئيس للدراسة ومن منطلق المشكلات القانونية التي قد تتعرض لها أوعية المعلومات من تخزين واسترجاع والخاصة بحق المؤلف، وهل من الممكن إتاحة بعض أو كل البيانات على الإنترنت، وقد قدم الباحث فكرة عامة عن قانون حق المؤلف الذي أقر في اتفاقية بيرن عام 1886م بأنه ” إن كل ما يكتبه المؤلف يظل محميا قانونيا طوال حياة المؤلف ولمدة 50 سنة أخرى من تاريخ وفاته ” وهذا القانون يعمل به في معظم البلدان العربية، وفي بعض الدول تمتد الفترة الزمنية بعد وفاة المؤلف إلى 120 عاما مثل الولايات المتحدة الأمريكية. وقد تعرضت الدراسة إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن التخزين والاسترجاع للملخصات غير الوافية أي التي لا بد فيها من الرجوع إلى الأصل شأنها شأن التسجيلات الببليوجرافية لا تخضع لإذن من المؤلف أما الملخصات الوافية لأوعية المعلومات والتي قد تحيل دون الرجوع إلى الأصل فهذه لابد من إذن من المؤلف لها.

ودراسة أخرى بعنوان ” مشروعات المكتبة الرقمية بالجامعات الجزائرية بين النظرية والتطبيق: مشروع المكتبة الرقمية لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية. ” لـــــ ( الحمزة، 2006 م ) أشار الباحث إلى أن الأرصدة المكتبية الجامعية تتطلب جهودا وافرة ممثلة بتوافر الإمكانات المالية والبنى التحتية ووسائل الاتصال، والتخزين الحديثة والأجهزة والبرمجيات إلى غير ذلك من العامل البشري المؤهل، والقادر على العطاء والإنجاز لان عملية الرقمنة تتطلب جهدا وإعدادات لذا لابد من وضع دراسة مسبقة وواضحة من قبل المرقمين قبل بداية العملية.

وفي مقال بعنوان “رقمنة التراث… رهان عربي يتجدد” لــــــ( عبيد،2009 م ) أشار الباحث إلى أن بدايات العمل المرقمن يعود إلى 1971م على يد مايكل هارت بإنشاء أول مكتبة الرقمية في العالم المعاصر، وأن مشروعات الرقمنة تتطلب مبادرات وتعاونا كبيرا من المكتبات المعلوماتية والمؤسسات الناشرة، ففي العالم الغربي تمثل في “مشروع المليون كتاب ” تمويله من قبل” بروستر كيل” ويقوم المشروع على تقنية المسح الضوئي، أما عن العالم العربي فقد برزت أهم التجارب والمشروعات المتنوعة الكبيرة منها والصغيرة مثال ذلك “موقع الوراق “للمكتبات الإلكترونية العربية فمن مميزات هذا المشروع حيث يضم عددا هائلا من أمهات الكتب التراثية العربية، ويمتلك آليات بحث تسهل عملية البحث والاسترجاع، ولا يسمح الموقع بحفظ وإنزال الكتاب بأكمله وذلك حفاظا على حقوق الملكية الفكرية وربما أيضا نظرا للتكلفة العالية التي تتمتع بها عملية الرقمنة. وأيضا مشروع ببليو إسلام، ويهدف إلى خدمة الباحثين والأكاديميين في مجالات الفكر الإسلامي المعاصر، وذلك من خلال التعريف وإتاحة مصادر المعلومات المختلفة، متدرجا في مستويات عدة تبدأ بالبيانات الببليوجرافية، مرورا بالمستخلصات، والعروض والمراجعات، وانتهاء بالنصوص الكاملة. ومشروع “موسوعة المعرفة ” الخاص بالمخطوطات.

وفي دراسة تحت عنوان “التحول الرقمي للوثائق العربية: مشروع ميكنة دار الوثائق المصرية ” لــــــــ ( هلال،2006 م) .قدمت الدراسة عرضا لدار الوثائق المصرية منذ بداية نشأتها سنة 1828م تحت اسم ” الدفتر خانة ” وتحتوى الآن
دار الوثائق المصرية على ملايين الوثائق سواء العربية أو الإسلامية أو التركية أو الإنجليزية أو الفرنسية أو الألمانية فضلا
عن بعض الوثائق النادرة جدا باللغة الأمهرية، وهذه المجموعات من الوثائق تغطي تاريخ مصر عبر العصور.

وهدف مشروع الرقمنة إلى تحويل كل هذه الوثائق والمخطوطات إلى الشكل الرقمي، وقد بدأ العمل في هذا المشروع خلال العامين السابقين على عدة خطوات كالتالي: ترتيب الوثائق الموجودة بالمخازن ترتيبا نوعيا، وتهيئة المكان للعاملين، وتدريب العاملين على نظم الرقمنة وتحويل الوثائق، وقد بدأ العمل في الرقمنة الخاصة بكل الوثائق والمخطوطات الموجودة بالدار. ومن الجدير بالذكر أن تحويل الوثائق بالشكل الرقمي يعتمد على التسجيل الصوتي لها ثم نقلها عبر خطوط الإنترنت إلى مراكز الإدخال، والمراجعة الإلكترونية، ومطابقة معايير الجودة عليها للتأكد من دقة العمل. مما سبق نجد أن دار الكتب المصرية واحدة من النماذج العربية الرائدة في مجال عملية الرقمنة، وتتطلب تجهيزات، وياحبذا من قيام مشروعات تعاونية بهدف الاستفادة العامة من المصادر المرقمنة.

وفي دراسة بعنوان ” ترقيم النتاج الفكري المكتوب باللغة العربية: المحددات النظرية والإشكاليات ” لــــ (الخياط، 2001) أشارت الباحثة إلى أن من معوقات إقامة مشروعات الرقمنة هي: أولا: المشكلات المتعلقة بحوسبة اللغة العربية من حيث التطبيقات والبرمجيات، ومعالجة الكلمات والمصطلحات وثانيا: إشكالية الملكية الفكرية للوسائط الإلكترونية. وقدمت الباحثة عددا من التوصيات منها: ضرورة إعداد قوانين للأوعية المعلوماتية المرقمنة، إنشاء جمعيات تهدف إلى الحفاظ على حقوق المؤلف إلى غير بناء الإستراتيجيات وسياسات الوطنية، وتكتلات لترقيم النتاج الفكري المكتوب باللغة العربية. خلق قوانين تحمي الملكية الفكرية وحقوق التأليف والسرية وعلاقتها بالوثائق الإلكترونية.

وفي دراسة بعنوان ” الاهتمام بالوثيقة العربية لتطوير المحتوى العربي ” لــ ( الزيد، 2006 م ) كان محور هذه الدراسة عملية الضبط الببليوجرافي للوثائق العربية وتطوير محتواها، واعتبار الفهارس والببليوجرافيات والأدلة وقوائم الاستناد…إلخ من أهم أدوات تطوير الوثيقة العربية. وقد عرضت الدراسة مجموعة المشاريع التي قامت بها مكتبة الملك عبد العزيز العامة ومن أهم هذه المشاريع: مشروع الفهرس العربي الموحد، ومشروع رقمنة المخطوطات الإسلامية وإتاحتها لجميع المستفيدين، ومشروع الصور الفوتوغرافية والوثائق التاريخية والخرائط القديمة والنادرة عن العالم العربي. وقد وضحت الدراسة الاسباب التي تعيق رقمنة وتطوير الوثيقة العربية، ورأت أن علاج هذه الأسباب يتمثل في مثل هذه المشاريع. أما المشروع الثاني فيتمثل في اقتناء المكتبة لما يقارب 12 ألف مخطوط منها 9591 مخطوطا أصليا، وقامت المكتبة بمسح ضوئي للمخطوطات الأصلية، وإتاحتها على شبكة الإنترنت، ووصل عدد الصفحات حتى الآن إلى 2 مليون صفحة رقمية. والمشروع الثالث يتمثل في اقتناء المكتبة لحوالي 80 ألف مادة من الوثائق العربية والتاريخية القديمة بالإضافة إلى مجموعة من الصور النادرة عن العالم العربي، وتأمل المكتبة في فهرسة هذه المواد ورقمنتها وإتاحتها على شبكة الإنترنت للاستفادة العامة منها. وقد قدم الباحث عددا من التوصيات منها: دعم المشاريع العربية التكاملية حاليا، تهيئة المناخ المناسب للقيام بالمزيد من المشاريع التعاونية بين المكتبات العربية، والاهتمام بالخبرات العربية والاستفادة من تجارب الآخرين في ميكنة ورقمنة المكتبات والمحتوي العربي، وأخيرا تقديم الدعم المالي اللازم لكل المشاريع التي تهدف إلى التعاون بين المكتبات العربية وتطويرها.

مشاريع الرقمنة العربية و مواقع المكتبات الرقمية

كثيرة هي مشاريع الرقمنة التي أعلنت في الوطن العربي سواء التي اهتمت برقمنة الكتب أو المخطوطات أو الوثائق وكثيرة هي المواقع التي تدعي تسمية المكتبة الإلكترونية لأنها تضم بعض المحتوى الإلكتروني، ولكن بعضا منها كتب له الاستمرار بسبب المنهجية العلمية التي اتبعها في التخطيط للمشروع وفي تنفيذه، وبسبب توفر الدعم المادي المطلوب لاستكمال المشروع واستمراريته، وتوفر الكادر المتخصص لتنفيذ المهمة وتسيير العمل سواء كان هذا الكادر موظفا أو متطوعا كما هو الحال في كثير من المشاريع الرقمية الصغيرة التي تسمي نفسها مكتبات رقمية. وحقيقة الأمر أن هذه المشاريع رغم كون بعضها نشأ واستمر نتيجة جهد فردي أو جماعي متطوع إلا أنها إضافة مهمة للإنتاج العربي المرقمن تحسب لهؤلاء الأفراد.

ومن المشاريع العربية الرائدة ما يأتي:

اولا: المشاريع التي قامت بها مؤسسات حكومية

1. مشاريع مكتبة الإسكندرية:

1 -1. أرشيف الإنترنت: The Internet Archive

يعد هذا المشروع من المشاريع الرائدة في الوطن العربي وهو فريد من نوعه حيث يهتم بأرشفة مواقع الإنترنت العربية والعالمية بمختلف اللغات، حيث يحتفظ المشروع بجميع المواقع الإلكترونية التي ظهرت على شبكة الإنترنت منذ عام 1996م إلى الوقت الراهن.

وتحوي قاعدة البيانات هذه على 70 بليون موقع إلكتروني، ويبلغ حجم قاعدة البيانات 3.7 بيتا بايت، حيث تحوي بالإضافة إلى أرشفة الإنترنت 2000 ساعة من البث التلفزيوني المصري، وأرشيف مكون من 1000 فيلم، وهي أول قاعدة بيانات من نوعها خارج الولايات المتحدة ومرجع مهم لمخزون بيانات العالم العربي والشرق الأوسط وإفريقيا.

1- 2. مشروع الألف محاضرةSupercourse

وهو عبارة عن مشروع إيداع للمحاضرات العلمية والتدريسية في مختلف مجالات المعرفة ويبلغ عدد المختصين الذين يدخلون إلى هذه القاعدة حوالي 55 الف عالم حول العالم من 175 دولة، وهذه المكتبة السمعبصرية مفتوحة المصدر يمكن لأي مستفيد الدخول إليها للاستفادة من مقتنياتها، وتهدف إلى زيادة مقتنياتها إلى أكثر من مليون محاضرة خلال السنوات الثلاث القادمة، وهي على الموقع التالي: http://www. bibalex. org/ Supercourse

1 -3. مشروع المليون كتاب Million Book

لقد بدأت فكرة هذا المشروع من جامعة كارجين مليون الامريكية، واشتركت فيه مكتبة الإسكندرية إلى جانب مكتبات أخرى أكاديمية ووطنية وعامة من الولايات الأمريكية، والصين والهند، ويهدف المشروع إلى رقمنة مليون كتاب من كتب الإنتاج الفكري العالمي بلغات مختلفة منها اللغة العربية، وبحلول نوفمبر 2007 م كان المشروع قد أنجز ما يقارب مليون ونصف المليون كتاب تمت إتاحتها على الإنترنت على موقع المكتبة الرقمية العالميulib.org/ www. وقد قام المشروع على أساس دمج مشاريع رقمية محلية قامت بها المكتبات المشاركة في المشروع مما أتاح تكوين مكتبة رقمية عالمية متاحة لكل المستفيدين حول العالم كما أتاح لكل مكتبة خصوصيتها في اختيار الكتب وإضافتها إلى قاعدتها، وقد تمكنت مكتبة الإسكندرية من إضافة ما يقارب90 ألف عنوان حتى أكتوبر 2008 م، وقد تمت توسعة قسم المشروع الخاص بمكتبة الإسكندرية تحت اسم دار(DAR)

1 -4. مشروع مخزون الكنز الرقمي Assets Repository (DAR) Digital

هو عبارة عن مكتبة رقمية عربية طورتها مكتبة الإسكندرية تقوم برقمنة التراث العربي وحفظه، حيث تضم هذه القاعدة ما يربو على 115000 كتاب تمت رقمنتها، وإضافتها إلى هذه القاعدة حيث يمكن للباحث الاطلاع على كامل محتوى الكتاب في حالة كون هذا العنوان لا يخضع لحماية قانون حقوق المؤلف. وفي حالة خضوعه لهذا القانون فإن المكتبة تتيح % 5 من محتويات الكتاب فقط أو أول عشر صفحات منه مع العلم أن العناوين المضمنة في القاعدة قد تم رقمنتها بالكامل، وهي متاحة إلكترونيا في شبكة المكتبة الداخلية، ويتاح الدخول إليها حسب النسخ التي تقتنيها المكتبة بحيث لا يكون هناك تجاور لحقوق المؤلف، وقد تم تطوير واجهة التصفح بحيث يتيح للقارئ تصفح محتويات الكتاب، والبحث بالعنوان والموضوع وكلمة المفتاحية والمؤلف.

1- 4. ذاكرة مصر الحديثة: Memory of Modern Egypt

هي عبارة عن قاعدة بيانات إلكترونية بدأ العمل بها في أكتوبر 2008 م واهتمت بتوثيق ورقمنة تاريخ مصر الحديثة منذ 1805 -1981م وتظم هذه القاعدة وثائق وخطب مصورة ومسجلة وصورا وأفلاما وأشرطة سمعية، وخرائط وكتب ومقالات، وصحف وعملات، وأختام وسجلات أخرى مختلفة أنتجت في الفترة المحددة بالإضافة إلى أعداد صحيفة أخبار اليوم ويبلغ محتوى القاعدة هذه القاعدة:

المجموعاتنوع المادةالرقم
20000صورة لمشاهير وأحداث وأماكن في مصر1
11000وثائق أنتجت في تلك الفترة2
5800الأخبار الصحفية3
12000المقالات التحليلية عن حوادث وشخصيات4
1000الخطب5
اكثر من140الأشرطة المسجلة6
اكثر من250التسجيلات المصورة7
اكثر من 540الإعلانات الصحفية والتجارية والسياسية8
290العملات النقدية9
380الأختام10
100الميداليات11
اكثر من 90000الكتب12

وتتميز قاعدة بيانات ذاكرة مصر الرقمية بسهولة الدخول فيها، والاستفادة من محتوياتها المتنامية.

1- 6. مشروع مجموعة الكتب المقدسة Holy Books Portal

اهتم هذا المشروع برقمنة مخطوطات كتب الأديان السماوية الثلاثة: القرآن والإنجيل والتوراة والتي حفظت وتوارثتها الأجيال جيلا بعد آخر وتضم نسخا إلكترونية من مخطوطات نادرة لهذه الكتب الثلاث، ويمكن البحث واسترجاع هذه المخطوطات بوضوح بسبب التقنية العالية المستخدمة في مسح هذه المخطوطات كما تعرض ترجمة عربية للنسخ غير العربية من التوراة والإنجيل.

1- 7. أرشيف مجلة الهلال الرقمي Al-Hilal Digital Archive:

تعتبر مجلة الهلال واحدة من أعرق المجلات العربية حيث صدر أول عدد لها في عام 1892م وهي مستمرة في الصدور حتى الآن ومن دون انقطاع، وتغطي هذه المجلة الاحداث العربية والمصرية، وتعد موردا خصبا فريدا للباحث في الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوطن العربي.

وقد رأت قاعدة البيانات هذه النور إثر اتفاق بين دار الهلال، ومكتبة الإسكندرية تقوم بموجبها المكتبة برقمنة وتنظيم وإتاحة إصدارات مجلة الهلال رقميا. وقد انتهى العمل من رقمنة ومعالجة وتكشيف جميع الا عداد لـــــ115 سنة الماضية، وهي متاحة للباحثين بشكل رقمي.

1 – 8. مشروع اتاحة المعلومات الموثقة عن دوريات الشرق الأوسط Online Access to Consolidated Information on Serials for the Middle East (OACIS):

تهتم هذه القاعدة بإتاحة جميع البيانات عن الدوريات العربية والاجنبية التي تصدر من أو عن الشرق الاوسط، وقد جاء المشروع بمبادرة من جامعة ييل الامريكية، ويضم 19 شريكا 14 من أمريكا، وواحد من كل من ألمانيا والاردن وسوريا ولبنان ومكتبة الإسكندرية.

وتضم ما يربو على 38500 تسجيلة فريدة أغلبها بالعربية، والفارسية، والتركية، وتتم إتاحة تسجيلات مواضيع هذه الدوريات بالإضافة إلى النص الكامل بالنسبة للدوريات المجانية

1-9 المكتبة الرقمية العربية والشرق أوسطية Arabic and Middle Eastern Electronic Library (AMEEL) :

قدمت مبادرة المكتبة الرقمية العربية الشرق أوسطية من قبل جامعة ييل على أساس تكوين مكتبة رقمية متكاملة تلبي حاجة الباحثين في الحصول على معلومات موثوقة عن الشرق الاوسط في المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والتاريخية.

1- 10. مشروع المجموعات العراقية Iraqi Recollection

يهدف المشروع إلى جمع ما يمكن جمعه من الإنتاج الفكري العراقي وخاصة بعد حرب الخليج، وضياع الكثير من المجموعات، والإنتاج الفكري العراقي، وتسرب الكثير منه خارج العراق، وخارج الوطن العربي وقد ساهمت مكتبة الإسكندرية في تنفيذ هذا المشروع الذي كان مدعوما من جامعة ييل الامريكية.

2. مشروع رقمنة دار الوثائق المصرية:

تعد دار الوثائق المصرية من أغنى دور الوثائق في الوطن العربي من حيث كمية ونوعية الوثائق المخزونة بها، وقد أنشأت أول دار لحفظ الوثائق في مصر في عهد محمد علي باشا 1828م عندما أنشأ (الدفترخانة) والتي حولت بعد ذلك إلى دار المحفوظات العمومية 1914م، ثم تطورت إلى دار الوثائق التاريخية القومية 1954م.

ولتسهيل تقديم خدمات الاطلاع على الوثائق التي يسمح القانون بالاطلاع عليها بدأ مشروع رقمنة الوثائق بإعداد الفهارس، والواصفات الإلكترونية لهذا الارشيف الضخم في 2002 م وما زال العمل جاريا على إضافة مجموعات أخرى إلى المحتوى الرقمي في كل يوم حيث يعمل بهذا المشروع 800 فني وإداري في الوثائق بالإضافة إلى ما يقارب 1100 موظف لإدخال البيانات ورقمنة الوثائق.

وتتيح الدار فهارس الوثائق المرقمنة، والتي يمكن إتاحتها قانونيا على صفحة موقعها على الإنترنت لتمكين الباحثين من الحصول على هذه الوثائق، ويمكن الرجوع إلى الدار في حال رغبة الباحث في الاطلاع على الوثيقة الاصلية.

3. مشروع مكتبة الملك فهد رقمنة المخطوطات:

يعد هذا المشروع من المشاريع الرائدة في منطقة الخليج العربي حيث قامت المكتبة بجمع ورقمنة جميع المخطوطات التي أمكن الحصول عليها سواء بطريقة الإهداء أو الشراء، بالإضافة إلى مقتنيات أخرى من المسكوكات والشواهد والطوابع، وتضم قاعدة بيانات المخطوطات بمكتبة الملك فهد الوطنية، مجموعة فريدة من الوثائق الاصلية والمصورة، كما يبلغ عدد محتوياتها من المصاحف المخطوطة، والمخطوطات الاخرى، والطوابع والمسكوكات ما يزيد على 129782. وتوجد مخطوطات بلغات أخرى كالفارسية والتركية كما حصلت المكتبة على مجموعة فريدة من المخطوطات المرقمنة من جامعة برستون الامريكية.

المقتنيات المضافة من المخطوطات و النوادر عام 26-1427هــــــ
المجموعالإضافاتالرصيدشكل المادةالنوع
6464أصل ورقيمصاحف مخطوطة
4087384049أصل ورقيمخطوطات
10205410201ميكروفيلممخطوطات
13721372ميكروفيشمخطوطات
4848قرص مدمجمخطوطات
28106102200قرص صلبمخطوطات
120099011919أصل ورقيكتب نادرة
2323323233أصليةالمسكوكات
2020حجريةالشواهد
7593475934ورقيةالطوابع
129782742129040المجموع

جدول 1: المقتنيات المضافة من المخطوطات والنوادر عام 26-1427 هـــ

ثانيا: المشاريع التي قامت بها مؤسسات خاصة أو أفراد:

1. مكتبة الوراق www.alwaraq.net:

تضم مكتبة الوراق الآلاف من الكتب التراثية والمراجع العديدة، كما أنها تتميز بأسلوب سهل في البحث عن الكتب والمؤلفين والكلمات، وتعد متخصصة جدا في محتواها، والتي تقتصر كما قلنا على الكتب التراثية العربية.

2. المكتبة الشاملة www.shamela.ws:

يتميز موقع المكتبة الشاملة بالترتيب والتنظيم الفائق واحتوائها على العديد من الاقسام المتنوعة في مجال: العقيدة والتفسير وعلوم القرآن، والحديث واللغة، والاخلاق، وغيرها الكثير بالإضافة إلى عدد من الكتب المصورة.

3. المكتبة www.almaktba.com:

يعد موقع المكتبة أكبر دليل للكتب الإسلامية والعربية في الشبكة، ويتميز بالتصنيف الدقيق وشموله على الكثير من الأقسام المتنوعة ومنها: الإسلامية، والادبية، والتاريخية، والسياسية، كذلك تطوير الذات وغيرها من الأقسام النادرة، ويتميز الموقع أيضا بسهولة التصفح للكتب والاقسام، وكذلك إمكانية البحث السريع.

4. المكتبة العربية www.abooks.tipsclub.Com:

تتميز المكتبة العربية عن غيرها من المكتبات، حيث إنها تمثل أكبر تجمع للكتب العربية الإلكترونية على مستوى العالم، حيث نشأت المكتبة العربية لتوثيق صلة المستخدم العربي بشتى منابع العلوم والمعرفة، وللحفاظ على الكتب العربية، وتوفيرها لكل العرب في كل أنحاء العالم.

5. مكتبة المشكاة الإسلامية http://www.almeshkat.net:

وهي مكتبة إسلامية تعنى بالجانب العقدي والفقهي، وغيرهما من الأمور الدينية كما أنها تحوي قرابة (3424) كتابا، تتميز بدقة تصنيفها، وسهرلة التصفح والبحث، بالإضافة إلى سهولة التحميل.

6. مكتبة الكتب المصورة ww.almaknaz.com:

تعد من أول المكتبات المتخصصة في نشر الكتب الإلكترونية المصورة، وتتميز بطرق تصنيف مميزة تبعا للتصنيف العالمي.

7. كوكب المعرفة www. al-kawkab.net:

هو مشروع غير ربحي هدفه الاساسي هو نشر الإنتاج الفكري العماني، وتعريف العالم بما تزخر به سلطنة عمان من كنوز معرفية في شتى المجالات، وتسهيل الوصول إلى المعلومة للباحثين داخل السلطنة وخارجها، إلى جانب السعي من خلال هذه المكتبة إلى الحفاظ على التراث الفكري من خلال رقمنته، وتخزينه، ونشره على نطاق واسع.

بدأ هذا المشروع منذ عام 2001 م وكان عبارة عن منتدى تم تطويعه ليتناسب مع نشر الكتب، ثم جاءت الفكرة لتصميم مكتبة رقمية عمانية شاملة مستقلة ومتخصصة في نشر الإنتاج العماني وبدأت عملية التصميم في عام 2004م

ثم تمت إضافة أقسام أخرى إلى مكتبة الكتب الموجودة في الكوكب، وهي قسم الرسائل الجامعية وقسم المخطوطات، وقسم فهرس المكتبات العمانية.

أقسام الكوكب:

المحتوىالخدماتالقسم#
عدد الكتب: 45عدد المؤلفين: 7
عدد المشتركين: 66
– نشر الكتب العمانية التي انتهى حق التأليف فيها- البحث في نص الكتب المنشورة- قائمة بالمؤلفين العمانيين- خدمات متنوعة للمتصفحين والباحثينالمكتبة الرقمية1
الرسائل المجازة: 404
الرسائل المجازة داخل السلطنة:29الرسائل المجازة خارج السلطنة :375عدد رسائل الماجستير: 381عدد رسائل الدكتوراه :17عدد الباحثين العمانيين: 38
– نشر بيانات الرسائل الجامعية العمانية داخل السلطنة وخارجها- البحث في الرسائل المجازة والمسجلة- يحلل خصائص الرسائل الجامعية- يحلل اتجاهات الباحثين العمانيين في مجال البحث العلمي- إحصائيات وتقارير متنوعةالرسائل الجامعية2
المخطوطات:2189
عدد المخطوطات المتوفرة
رقميا:2138
– قاعدة بيانات للمخطوطات العمانية الموجودة داخل السلطنة وخارجها- البحث في المخطوطات المسجلة- خدمة تصوير المخطوطة للباحثين بغرض التحقيق والبحث العلمي- احصائيات وتقارير متنوعةمركز المخطوطات3
عدد المكتبات:11إجمالي المواد بالفهرس:125165– قاعدة بيانات لفهارس المكتبات العمانية- البحث في الفهارس حسب الأماكن الجغرافية أو اسم المكتبة- معرفة أماكن توفر الكتاب في مكتبات السلطنة- إحصائيات بعدد المواد في كل مكتبة- تسهيل عملية التواصل مع المكتبات العمانيةفهارس المكتبات
العمانية
4

التعاون بين مشاريع الرقمنة العربية:

يعد التعاون بين المكتبات وغيرها من مؤسسات المعلومات عاملا هاما في تطور هذه المؤسسات ونموها. وفي البيئة التقليدية دأبت المكتبات على التعاون للاستفادة من خبرات بعضها البعض وتبادل المعلومات. وفي البيئة الإلكترونية أصبح التعاون أيسر وأسرع ويمكن أن يوفر الكثير من الموارد المالية والجهد البشري. ولكن الملاحظ في المشاريع الرقمية التي تمت دراستها في هذا البحث أن التعاون بين المؤسسات القائمة على هذه المشاريع غير موجود أو على الأقل غير مصرح به. فمثلا نجد أن مكتبة الاسكندرية قد تعاونت في أغلب مشاريعها الرقمية مع جهات خارجية من حيث المجموعات والتمويل، فقد تعاونت مع جامعة ييل الأمريكية في ثلاثة مشاريع ذات طبيعة عربية كمشروع المكتبة الرقمية العربية، والشرق أوسطية ومشروع دوريات الشرق الاوسط، ومشروع المجموعات العراقية، وقد تعاونت مع جهة عربية محلية واحدة فقط في مشروع واحد من المشارع العشرة التي ذكرت في هذا البحث، وهو تعاونها مع دار الهلال في مشروع رقمنة مجلة الهلال. وهذا هو الحال مع مكتبة الملك فهد في مشروع رقمنة المخطوطات حيث كان تعاونها الرئيسي مع جامعة برستون الأمريكية. أما من ناحية التعاون بين المشاريع العربية فهو غير مذكور في مواقع هذه المشاريع، وحتى في المشاريع التي قامت وتطورت على أيدي المتطوعين فإن التعاون بينها غير ظاهر، ولا نستطيع إثباته أو نفيه لقصور المعلومات حول ذلك.

وإذا نظرنا إلى التوصيات النهائية لندوة ” رقمنة وتطوير المحتوى العربي ” بدولة الكويت نجد أن هذه التوصيات ركزت على التعاون فيما بين المؤسسات العربية في القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية من أجل تطوير المحتوى الرقمي العربي وإظهاره للعالم.

الرقمنة و حقوق الملكية الفكرية:

إن انتشار تقنية النشر الإلكتروني وسهولته يعد تحديا لما يعرف بحقوق الملكية الفكرية أو حقوق المؤلف، والحقوق المجاورة الذي نشأ وتطور نتيجة الحاجة إليه في وقت كان فيه النشر التقليدي هو السائد. وعند ظهور النشر الإلكتروني أصبحت مراقبة وضبط حقوق المؤلف أكثر صعوبة وتحديا بالنسبة للناشرين، والهيئات المسؤولة عن حقوق المؤلف ونظرا لسهولة استنساخ المواد الإلكترونية والمواد السمعية، والبرمجيات فقد باتت مراقبة حقوق الملكية الفكرية هاجسا يؤرق المؤسسات والحكومات، وإذا كانت ملاحقة الأفراد ومجموعات القراصنة للمعلومات أمرا بالغا في الصعوبة، ويتعذر القيام به نظرا لتكلفته المادية الكبيرة فإن ملاحقة المؤسسات المعروفة، والمكتبات التي تتعدى على حقوق الملكية الفكرية أمرا ممكنا، لذا فإن هذه المؤسسات حذرة جدا فيما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية، ويتضح هذا من واقع دراستنا لبعض مشاريع الرقمنة في العالم العربي حيث نجد أن هذه المؤسسات العربية تحترم حقوق الملكية الفكرية، وتأخذها بشكل جدي لتجنب نفسها المساءلة القانونية.

فنجد مثلا أن أغلب المشاريع العربية اهتمت برقمنة كتب التراث العربي، والمخطوطات التي قد انتهت فترة خضوعها لقوانين الملكية الفكرية المادية، وبقي فيها الحق المعنوي للمؤلف وهو نسبة العمل إليه. ولذا فإن إتاحة هذه المواد لا يحده سوى القوانين المنظمة للمؤسسة وهذا ما نجده في مشاريع رقمنة المخطوطات العربية، وموقع الوراق وكوكب المعرفة. حيث إن جميع العناوين المضمنة في هذه المكتبات الرقمية لا يخضع لقانون حقوق المؤلف والحقوق المجاورة كون هذه المؤلفات والمخطوطات قد تجاوزت فترة الحظر ولكن لدي هذه المواقع بعض القوانين التي تحد من إساءة استخدام هذه العناوين كعدم إتاحة تحميل العنوان كاملا أو إتاحة البيانات التفصيلية عن العنوان في حالة المخطوطات وعدم إتاحة المخطوط كاملا للتحميل.

أما في المشاريع التي تحوي كتبا فلا تزال تحت حماية قانون الملكية الفكرية فإنها تراعي ذلك في إتاحة هذه المواد للباحثين فمثلا في مشروع ” دار ” الذي ترعاه مكتبة الإسكندرية فإنه بالنسبة للأعمال الحديثة المضمنة به، والتي ما انقض زمن ملكيتها الفكرية، ولا تزال تحت قانون حماية حقوق الملكية تحدد إتاحتها ب % 5 من العمل وتتاح بشكل كامل على الشبكة الداخلية للمكتبة، ويحدد عدد المستخدمين حسب النسخ المقتناة في المكتبة بينما العناوين التي تعدت هذه المرحلة هي متاحة بشكل تام.

الخلاصة والتوصيات:

من خلال النظر إلى واقع المشاريع العربية فإن الباحثين يتبنيان نفس توصيات ندوة “رقمنة وتطوير المحتوى العربي ” بدولة الكويت هي كالآتي: ([1])

1. تبني استراتيجية عربية لدعم المحتوى الرقمي، على أن تتضمن هذه الاستراتيجية آلية للتنفيذ، وخططا للإنجاز، وذلك في إطار سياسي يتبناه ويدفع بتطبيقه صانعو ومتخذو القرار، ووضع مسألة تطوير المحتوى العربي ضمن السياسات الوطنية للمعلومات.

2. تشكيل تكتل عربي يشارك فيه القطاعان الحكومي والخاص لبحث ومعالجة القضايا الهامة المتعلقة بتطوير المحتوى العربي.

3. إقامة مشروعات عربية مشتركة لتطوير المحتوى العربي، وتشجيع الصناديق العربية على تمويل مشروعات صناعة المعلومات بوجه عام، ومشروعات تطوير المحتوى العربي بوجه خاص.

4. تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في صناعة المحتوى العربي، وإنشاء صناديق تمويلية على المستوى الوطني والعربي لدعم هذه الصناعة.

5. استغلال الموجة الجديدة من البرمجيات لبناء وتعريب التطبيقات الداعمة للمحتوى العربي، وتطوير محرك بحث ذكي باللغة العربية.

6. الأخذ بالمقاييس والتقنينات الدولية في إدارة المعلومات الرقمية وتنظيمها.

7. رفع درجة الاهتمام برقمنة الإرث الثقافي والحضاري للمجتمعات العربية، والاهتمام بنشره إلكترونيا لتعزيز اتصال الحضارة العربية بالحضارات الإنسانية الأخرى.

8. تنسيق جهود الاتصال مع المجامع اللغوية، والعمل على التوصل إلى سياسة لغوية على المستوى الوطني القومي.

9. تشجيع نشر وتوثيق المحتوى الخاص بالمؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني على شبكة المعلومات الدولية.

10. الاهتمام ببناء مواقع عربية للمكتبات والمتاحف والمراكز العاملة في التوثيق والأرشفة.

11. دعم وتشجيع البحوث والدراسات المتعلقة بصناعة المحتوى العربي.

قائمة المراجع والمصادر:

1. علوي، هند (2008 م). إدارة مشاريع الرقمنة في المؤسسات الوثائقية الجامعية بين المتطلبات التقنية والعوائق المنهجية. مجلة العربية 3000. – تاريخ الإتاحة،20084. SEP).- متاح في:

Http//mag/modules.php?name=News&file=article&sid=332/www.arabcin.net/ alarabia

2. الحمزة، منير (2006). مشروعات المكتبة الرقمية بالجامعات الجزائرية بين النظرية والتطبيق: مشروع المكتبة الرقمية لجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية. مذكرة ليسانس. قسم علم المكتبات. جامعة منتوري قسنطينة. الجزائر. متاح في موقع منتديات اليسير.

3. مرقة، زياد (2008). الملكية الفكرية والعصر الرقمي. تاريخ الاطلاع 18/10/2009 م. متاح http://www.creativecommons. Org

4. لطفي، حسام الدين (2006). الملكية الأدبية والفنية في مجال بنوك المعلومات. ندوة رقمنة وتطوير المحتوى الرقمي بالكويت. تاريخ الاطلاع 2009 / 8 / 18، م. متاح على موقع اليسير.

5. عبيد، أحمد (2009). رقمنة التراث… رهان عربي يتجدد. تاريخ الاطلاع 5 /9 /2009 م. متاح في موقع ببليو إسلام.

6. هلال، رفعت (2006). التحول الرقمي للوثائق العربية: مشروع ميكنة دار الوثائق المصرية. ندوة رقمنة وتطوير المحتوى الرقمي بالكويت. تاريخ الاطلاع 2009 / 8 / 18م. متاح على موقع اليسير.

7. الشامي، أحمد محمد، سيد حسب الله (2001). الموسوعة العربية لمصطلحات علوم المكتبات والمعلومات والحاسبات. القاهرة: المكتبة الأكاديمية.

8. Reitz, Joan M.ODLIS: Online dictionary for library and information science. Available date <192009-10->. http:// Lu.com/odlis

9. عبد الكريم، الزيد(2006). الاهتمام بالوثيقة العربية لتطوير المحتوى العربي. ندوة رقمنة وتطوير المحتوى الرقمي بالكويت. تاريخ الاطلاع 18/8/2009 م. متاح على موقع اليسير.


[1] موقع اليسير http: / / alyaseer.net/vb/showthread.php?t=4886

الأكثر رواجًا