الدكتور عبد الغني بامو

باحث في القانون العام

تقديم:

يتشكل القرار العمومي من بعدين: البعد الأول يحيل على الجانب الاقتصادي والثاني يحيل على المحيط  السوسيو- سياسي الذي يشتغل من داخله[1]؛ حيث إن الفاعل العمومي في إطار الاستجابة الدائمة للحاجيات الاجتماعية، ومراعاة الإمكانات الاقتصادية، وباستحضار خصوصيات المجال السياسي[2]، يقوم بتقديم عروض سياسية كرد على المطالب الاجتماعية، وذلك في شكل سياسات و برامج ومشاريع عمومية، قصد محاولة المعالجة الفعالة للمشاكل المطروحة على الدولة والمجتمع.

ولقياس درجة الاستجابة للحاجيات الاجتماعية المنتظرة بالارتباط بمنجزات السياسات العمومية، يتم اللجوء إلى منهجية التقييم العمومي كآلية تساعد الفاعل العمومي في استخلاص الدروس الأساسية من نتائج تدخلاته إما لتصويب التدخل أو لإستثمار نتائجه في التدخلات المستقبلية. وذلك بإتباع جملة من الخطوات المنهجية للتقييم وبالاعتماد على الدلائل التي دلت التجربة على فاعليتها.

فسياق الممارسة التقييمية بالمغرب يجعل مطلب مأسسة تقييم السياسات العمومية أكثر إلحاحية وراهنية من أي وقت مضى، نظرا لكون التقييم العمومي يشتغل من داخل دولة نامية تتميز بمحدودية الموارد العمومية في مقابل اتساع نطاق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتنامي الحاجيات اليومية للمواطنين.

فاكراهات سياق إشتغال المالية العمومية تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة توفر المغرب على منظومة رقابية فعالة على تدبير الشأن العام، وبالذات في مجال تقييم منجزات السياسات العمومية من قبل الفاعلين المؤهلين لذلك قصد ضمان فاعلية ومردودية التدخلات العمومية.

ومن ضمن الفاعلين المؤهلين لممارسة الرقابة على تدبير الشأن العام نجد المحاكم المالية التي تتولى – بموجب المرجعية القانونية المؤطرة لها- ممارسة عدة مهام وإختصاصات من بينها إختصاص تقييم المنجزات / المشاريع العمومية (مخرجات السياسات العمومية)،وتفعيل هذا الاختصاص يستدعي اتباعها لمنهجية معينة في التقييم أثناء قيامها بمهامها الرقابية، وهاته المنهجية تنتج آثارا قابلة للقياس وبالذات في مجال مساهمتها في تقييم السياسات العمومية. فما هي مداخل انخراط المحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية بالمغرب؟ وما هي مظاهر وتجليات تدخل المحاكم المالية في توجيه السياسات العمومية والفاعلين فيها؟

إن هذا الإشكال العام يتفرع بدوره إلى إشكالات فرعية لعل أبرزها تتمثل في:

  1. هل يتوفر المغرب على مرجعية قانونية مؤطرة ومندمجة لتقييم السياسات العمومية؟
  2. أي مأسسة للسياسات العمومية بالمغرب في ظل دستور 2011؟
  3. ما طبيعة ونطاق منهجية تقييم منجزات السياسات العمومية في عمل المحاكم المالية؟
  4. ما هي آثار تقييم المحاكم المالية لمنجزات السياسات العمومية على توجيه مرجعيات السياسات العمومية والفاعلين فيها؟

وتبعا للطرح الإشكالي أعلاه، فالفرضية الأساسية تتمثل في: على الرغم من عدم توفر مرجعية قانونية مندمجة، فتقييم المنجزات العمومية يشكل أحد المداخل الرئيسية لدور المحاكم المالية في تقييم السياسيات العمومية، وبالتالي ففعالية منهجية تقييم المنجزات العمومية لها أثر مباشر وغير مباشر على تقييم وتوجيه السياسيات العمومية بالمغرب.

وتتفرع عن هذه الفرضية المركزية فرضيات فرعية وهي:

  • تقييم المنجزات العمومية آلية لشرعنة الفعل العمومي، وبالتالي ارتباط الفعل العمومي بالبعد الديمقراطي للسياسات والمشاريع[3]؛ حيث إن هناك علاقة جدلية بين البرامج والمشاريع العمومية، التي هي نتاج الفعل العمومي، وبين المشروعية السياسية للنظام السياسي، وتبيان ذلك من خلال العلاقة بين المتغيرين التاليين:
  • كلما تنامى الوعي لدى المواطنين، اعتُبِر تقييم المنجزات العمومية مدخلا للمساءلة السياسية للحكومة – المدبر العمومي سواء الوطني أو المحلي- من طرف المواطنين، وبالتالي محدد لمنح المشروعية[4]. وهذه الحالة تُعرّي تقييم المنجزات العمومية من الصبغة التقنية لتضفي عليها لباسا سياسيا[5].
  • كلما ضعف وعي المواطنين كلما اعتبر تقييم المنجزات العمومية فعلا تقنيا لا يكتسي أي طابع سياسي وأصبح بالتالي مبررا للفعل العمومي.

على ضوء ما سبق، فالخطة المتبعة في الدراسة ستحاول الإحاطة بالعناصر التالية:

  • المتدخل: المحاكم المالية (المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات)
  • الموضوع: منجزات السياسات العمومية أي مخرجات السياسات العمومية (برامج ومشاريع عمومية)
  • الغاية: قياس مدى تحقيق البرامج والمشاريع العمومية للأهداف المعلنة والنتائج المتوخاة استنادا إلى الوسائل المرصودة–تقييم مردودية الفعل العمومي-.
  • الآلية: منهجية التقييم العمومي: تساهم في كشف الاختلالات التي تعوق التدبير الناجع والفعال للسياسات والبرامج والمشاريع العمومية، وتقديم وتوصيات بشأنها.
  • الأثر: أثر التدخل في التقييم العمومي: المساهمة في تأهيل مرجعيات السياسات العمومية والفاعلين فيها وتجويد المنظومة التدبيرية للشأن العام.

إن هذه الدراسة تهدف إلى الانخراط في إغناء البحث الأكاديمي المطالب بالمساهمة في انجاز أبحاث ودراسات تؤسس لثقافة تقييم السياسات العمومية بالمغرب، وكذا المساهمة في النقاش العمومي الدائر حاليا-ولما لا المساهمة في قيادة هذا النقاش- حول ضرورة مأسسة وترسيخ ثقافة تقييم السياسات العمومية في الفضاء العمومي المغربي.

ولتحليل هذا الموضوع، سيتم تناوله في ثلاثة خطوات أساسية وهي:

  • الخطوة الأولى هي التقديم: أي تقديم أسس تقييم السياسات العمومية وذلك من خلال تقديم مفهوم التقييم ومرجعيته القانونية ومنطلقاته وراهنيته بالنسبة لبلد كالمغرب. وهذا ما ستحاول الفقرة الأولى تناوله تحت عنوان:

منطلقات ومرجعيات تقييم السياسات العمومية بالمغرب

  • الخطوة الثانية هي تحليل دور التقييم العمومي لدى المحاكم المالية، انطلاقا من تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومن مصادر أخرى، في المساهمة في توجيه المرجعيات السياسية والقانونية والثقافية للسياسات العمومية والفاعلين فيها سواء الفاعل المركزي أو غير المركزي. وهذا ما ستختصالفقرةالثانية بتناوله بعنوان:

دور المحاكم المالية في توجيه مرجعيات السياسات العمومية والفاعلين فيها

  • أما الخطوة الثالثة فتتعلق بمحاولة ابراز آثر التقييم العمومي لمنجزات السياسات العمومية في المساهمة في تجويد آليات وامكانيات تدبير السياسات العمومية،. وهذا هو موضوع الفقرة الثالثة المعنونة بـ:

أثر التقييم العمومي على تجويد آليات تدبير السياسات العمومية

الفقرة الأولى: منطلقات ومرجعيات تقييم السياسات العمومية بالمغرب

يسعى التقييم في جانب من أبعاده للتحصيل والتحليل النظامي للمعلومات حول المردودية الحقيقية لسياسة/مشروع ما. وبذلك يرتكز على تحليل نجاعة المشروع/السياسة وتقدمه ونجاحاته، وفاعليته من حيث تكلفته.

إن التقييم يسمح إذن بـ:

– تكوين رؤية مشتركة وواقعية حول الأنشطة المنجزة أو تلك التي في طريق الإنجاز؛

– المساعدة في تحديد وفهم أسباب بعض المشاكل التي اعترضت المشروع/السياسة؛ والمساهمة في إيجاد وسائل تلافيها حالا ومستقبلا؛

– توفير سلة من الأفكار لأجل تخطيط الأنشطة في المستقبل ومساعدة باقي الفاعلين المقبلين على انجاز مشاريع/سياسات في نفس المجال عبر النشر الواسع لنتائج التقييم؛

– السماح بتنوير رأي المستعملين والمساهمين حول طريقة سير المشروع/السياسة.

وبالنسبة للمشروع/السياسة الخاضع للتقييم، فإنه يتأسس على عناصر خمسة:

– الهدف: العرض الكلي للنتائج التي ستتحقق داخل فترة زمنية محددة؛

– الغايات: العوائد الأساسية وعلى المدى الطويل لكل المجهودات المبذولة في انجاز المشروع/السياسة؛

– المدخلات: الأنشطة والموارد –البشرية والمالية والمادية- المستعملة في إنجاز أعمال ومنتوج المخرجات؛

– المخرجات:جميع المنتوجات والأنشطة والخدمات المتأتية من المشروع/السياسة والمعروضة على الساكنة المعنية ؛

– النتائج: التغيرات المباشرة الناتجة عن أنشطة المشروع/السياسة. وهذه النتائج يمكن قياسها على مستوى المدخلات، المخرجات، أهداف وغايات المشروع/السياسة[6].

وقبل التطرق للإطار المفاهيمي (ثانيا) والقانوني والمؤسساتي للتقييم (ثالثا) لابد من الوقوف على مبرراته ومحدداته (أولا).

أولا: مبررات ومحددات التقييم العمومي

أفرزت الثقافة السياسية ذات النزعة الديمقراطية السائدة اليوم في معظم دول العالم مفاهيم وممارسات تخضع الحاكم لمراقبة المحكومين عن طريق عدة آليات تتيح للمواطنين معرفة كيفية تدبير الحكومات للشأن العام. ومن بين هذه الآليات تبرز مكانة التقييم العمومي الذي يساهم في كشف منهجيات تدبير السياسات العمومية ومردوديتها والعوائق التي تجابهها وفرص استثمار نتائجها في المستقبل.

فالتقييم العمومي عامة يندرج ضمن سياقات مختلفة ورهانات متعددة، بالإضافة إلى أنه نتاج محددات تجعله أكثر راهنية من أي وقت مضى.فالمراهنة على تقييم منجزات السياسات العمومية ليست مسألة تقنية فحسب، بل هي مراهنة على تحسين أوجه تدبير السلطة بشكل عام وبالتالي حضور المحددات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها.

1-   المبررات السياسية للتقييم العمومي

التقييم العمومي هو إحدى الآليات المركزية لتكريس حق المواطن في الاطلاع على طريقة استخدام الأموال العمومية، بإعتبار ذلك حقا من حقوق الإنسان[7] كما جاء مثلا في إعلان حقوق الإنسان والمواطن؛ حيث نص على: “للمجتمع الحق في مطالبة المدبر العمومي تقديم الحسابات عن إداراته” (الفصل الخامس من إعلان حقوق الإنسان والمواطن لتاريخ 26 غشت 1789)[8]

فالمبرر السياسي للتقييم يتمثل في كون النظام السياسي في الأنظمة ذات النزعة الديمقراطية يتأسس على التعاقد السياسي المؤسس على نظرية العقد الإجتماعي، والذي مؤداه خضوع المواطنين للسلطة السياسية وتنازلهم عن جزء من حقوقهم وأموالهم وممتلكاتهم على شكل ضرائب لفائدة السلطة السياسية، وهذه الأخيرة تعمل على توظيف تلك الأموال لتسيير المرافق خدمة للمواطنين (تقديم عروض سياسية) على قدم المساواة.

وبالتالي يتوجب على السلطة السياسية تقديم الحساب عن تدبيرها للشأن العام وخضوعها بالتالي للمراقبة (التقييم) التي تساهم في انكشاف مختلف أوجه التدبير العمومي للعموم. وبذلك يتغيى التقييم المساهمة في مراقبة تدبير السلطة/الادارة لعروضها السياسية المقدمة للمواطنين وبالتالي المساهمة في مراقبة مشروعية السلطة. والشكل أسفله يرسم عناصر هذه التبريرات:

شكل رقم1 يعرض المبررات السياسية للتقييم

فالفاعل الرئيسي إذن في التقييم العمومي بالمغرب يبقى هو المحاكم المالية إلى جانب البرلمان؛حيث يعتبر تقييم المشاريع العمومية جزءا من اختصاصاتها الأصلية وذلك بنص المادتين 75 و147 من قانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية.

2-   المبررات المالية والاقتصادية والاجتماعية للتقييم العمومي

إن سياق التقييم بالمغرب يجعله أكثر إلحاحية وراهنية نظرا لاشتغاله من داخل دولة نامية تتميز بمحدودية الموارد في مقابل اتساع نطاق المشاكل الاقتصادية والاجتماعية وتنامي الحاجيات اليومية للمواطنين.

فالمالية العامة اليوم، في سياق إشتغالها، تواجه مشكلة جديدة/قديمة متمثلة في محدودية الموارد العمومية للدولة مقابل تنامي الطلب على الحاجيات وبالتالي إستمرار الضغط الإجتماعي على نفقات الدولة، وهذه المشكلة المالية تحيل بدورها على المشكلة الإقتصادية المتمثلة في ندرة الموارد الطبيعية ولانهائية الحاجيات. إذ أضحت الأدوات المالية (الضرائب والنفقات) آلية إستراتيجية لتوجيه السياسات العمومية لخدمة الأهداف المسطرة في الأجندة الحكومية التي يتم إعلانها بمناسبة تنصيب الحكومات.

وقد توزعت القراءات حول هذه الإشكالية –ندرة الموارد- إلى فريقين. الأول تبلور في البلدان الرأسمالية ويرى أن جوهر هذه الإشكالية هو مشكل خلق الثروة وتكثيرها. أما الفريق الثاني الذي تبنى أطروحة العالم الثالث فيرى أن المشكلة تتمثل أساسا في مشكلة توزيع الثروة[9]. لكنه حاليا، وأمام الوضعية الراهنة للمالية العمومية، يبدوا أن المشكلة الإقتصادية والتي تعد المالية العامة جزءا منها، تتجاوز مشكل خلق الثروة ومشكل توزيعها إلى مشكل جديد متمثل في طرائق إستعمال تلك الثروات وبالتالي مشكلة مردودية تلك الطرائق والإختيارات[10].

إن الوضعية العامة لإشتغال السياسة الإنفاقية بالمغرب تتسم بـ:

– راهنية موضوع نفقات الدولة التي بلغ حجمها سنة 2016 حوالي 388,9 مليار درهم وذلك بنسبة 38,6%  من PIB، ومنها نفقات الإستثمار العمومي التي بلغت  سنة 2016 حوالي 189 مليار درهم وذلك بنسبة %18,3 من PIB لسنة 2016، وهي موزعة على الشكل التالي:

+ نفقات الإستثمار في ميزانية الدولة نحو 77 مليار درهم  بما فيها :

  • الميزانية العامة للدولة حوالي 61,3 مليار درهم؛
  • نفقات الإستثمار للحسابات الخصوصية للخزينة حوالي 15 مليار درهم؛
  • نفقات الإستثمار لمرافق الدولة المسيرة بصورة مستقلة (segma)  حوالي 781  مليون درهم؛

+ نفقات الإستثمار للجماعات الترابية بنحو 13,5 مليار درهم؛

+ نفقات الإستثمار للمؤسسات والمقاولات العمومية حوالي 108 مليار درهم[11].

– محدودية الموارد العمومية بسبب تفكك الرسوم الجمركية، والهزات المالية والإقتصادية الدولية، وضعف جزء من مكونات النسيج الإقتصادي، وضعف مردودية النظام الجبائي الذي يعاني من عدة إختلالات؛

– الخصاص الملموس على مستوى البنيات التحتية ذات الطبيعة السوسيو-إقتصادية؛

– إرتفاع  الطلب الإجتماعي على النفقات العمومية؛ بحيث تتركز جل مطالب الحركات الإحتجاجية على الإنفاق العام مما يزيد من الضغط على ميزانية الدولة؛

– تواضع مؤشرات التنمية البشرية بالمغرب بالرغم من المجهود الحكومي المبذول في هذا المجال[12]؛

– عدم فعالية المناهج والتقنيات المستعملة في التدبير المالي العمومي؛

– ضعف مردودية المنجزات العمومية ومحدودية الأثر السوسيو-اقتصادي لعدد مهم من المشاريع التي تنجزها الأجهزة العمومية؛

–  تنامي وتيرة المطالبة بترشيد الإنفاق العام من قبل مختلف الفاعلين والرأي العام.

إن اكراهات سياق إشتغال المالية العمومية تفرض اليوم أكثر من أي وقت مضى ضرورة توفر المغرب على منظومة رقابية فعالة على تدبير الشأن العام، وبالذات في مجال تقييم منجزات السياسات العمومية من قبل الفاعلين المؤهلين لذلك.

ج: محددات وأبعاد التقييم العمومي

تتسم محددات التقييم العمومي وأبعاده بالتعدد، الأمر الذي يجعله يتفاعل باستمرار مع المنظومة القانونية والاجتماعية والسياسية الاقتصادية والثقافية للمغرب.

فالمحددات إذن يمكن إدراجها كما يلي:

  • المحدد المالي: إكراهات المالية العمومية- محدودية الموارد وتزايد الطلب على الإنفاق العام للدولة؛
  • المحدد الاقتصادي: الوضعية النامية الاقتصاد الوطني وهشاشة جزء من مكونات نسيجه وعجزه عن ايجاد حلول ناجعة للبطالة؛             
  • المحدد الإجتماعي: استمرار تنامي حاجيات المواطنين للخدمات العمومية بشتى أصنافها، أي تنامي الطلب الاجتماعي؛
  • المحدد السياسي:حاجة النظام السياسي/الحكومة لرضا المواطنين وكسب أصواتهم في الانتخابات، أي ضرورة تقديم العرض السياسي؛
  • المحدد البيئي: استمرار تدهور المجال البيئي وما يرافقه من انعكاسات مختلفة الأبعاد تهدد ديمومة الإنسان في مجاله البيئي؛
  • المحدد التدبيري: تعدد المتدخلين[13] وضعف التنسيق وبالتالي المردودية والنفع الاجتماعي والإقتصادي.

أما الأبعاد العامة للتقييم العمومي فهي لا تنفصل عن المحددات وعن المحيط السوسيو- اقتصادي كما يلي:

  • البعد المالي: ترشيد النفقات العمومية وتحسين الموارد؛
  • البعد الإقتصادي: المساهمة في تأهيل وتقوية الاقتصاد الوطني وتحسين مردوديته؛
  • البعد الإجتماعي: ضرورة الاستجابة الفعالة والعادلة لحاجيات وإنتظارات المواطنين؛
  • البعد السياسي:البعد الديمقراطي للفعل العمومي وتكريس حق المواطنين في مساءلة المدبرين ومعرفة مختلف أوجه تدبير الشأن العام، تقييم العروض السياسية المقدمة للمواطنين؛
  • البعد البيئي: المساهمة في الحفاظ على المجال البيئي للحفاظ على ديمومة الموارد وعقلانية استغلالها؛
  • البعد التدبيري:العمل على تنسيق أكبر بين مختلف المتدخلين وتحسين مردودية التدخلات العمومية بحثا عن نجاعة أكثر للفعل العمومي.

اذن فهذه المحددات والأبعاد كليهما يشكلان جوهر راهنية وجدوائية التقييم العمومي كما هو مبين في الشكل أسفله[14]:

شكل رقم 2 يعرض لراهنية التقييم العمومي

ثانيا: الإطار المفاهيمي لتقييم السياسات العمومية ومكوناتها

سيتم في هذا الفرع تحديد الاطار المفاهيمي لكل من التقييم والسياسة العمومية ومكوناتها أي المشروع العمومي.

أ: مفهوم التقييم

إن مفهوم التقييم العمومي يعتبر مفهوما حديث الرواج في المجال التداولي المغربي، لذلك لابد من تحديد مفهومه ودلالاته ومكوناته وتشابهاته.

فمنهجية التقييم تعرف بكونها آلية تمكن من المتابعة المادية للسياسات والبرامج والمشاريع وضبط آثارها، وهي تنسحب على:

  • الأعمال (القرارات، البرامج، السياسات، المشاريع…)
  • البنيات ( مصالح، هيئات…)
  • المستخدمين ( أعوان، موظفين…)

ويبقى هدفها قياس فعالية ونجاعة العمل من خلال مقارنة النتائج على التوالي مع الأهداف المتوخاة ومع الوسائل المستخدمة.

أما المشرع الفرنسي فقد عرف تقييم سياسة عمومية ما بالبحث عن ما إذا كانت الامكانيات والوسائل القانونية، الإدارية والمالية المستخدمة قد أنتجت التأثيرات المتوقعة لهذه السياسة وحققت الأهداف المحددة سلفا[15].

وبالنسبة للمراحل الزمنية للتقييم فهي ثلاثة:

  • تقييم مسبقl’évaluation ex ante : دراسة جدوى وأثر العمل المتوقع انجازه في إطار منطق واقعي،أي أنه يسمح برسم مختلف جوانب المشروع أو السياسة.
  • تقييم في منتصف الطريق/مواكب[16]l’évaluation à mi-parcours: يمكّن المدبرين من تغيير مسار العمل في طور إنجازه وتصحيحه، وذلك بالاشتغال على النتائج الأولية للمشروع أو السياسة بالاعتماد على عينات ستساعد في تجنب أي فشل لاحق في المشروع.
  • تقييم لاحقl’évaluation ex post:  تقدير نتائج وانعكاسات عمل ما، بالكشف عن نقط الضعف ونقط القوة في السياسة أو المشروع[17].

و بالنسبة لمجالات التقييم فهي تمتد إلى:

  • التقييم المالي/التكلفة الاقتصادية؛
  • التقييم التقني؛
  • التقييم القانوني؛
  • تقييم نسبة الولوج الاجتماعي للمشروع أو الأثر السوسيو-اقتصادي.

وهنالك مفاهيم مشابهة للتقييم لعل أبرزها هو التتبع الذي يختلف عن التقييم من خلال أوجه التشابه والاختلاف التالية:

جدول رقم 1 يقدم أوجه الاختلاف بين التقييم والتتبع

من حيثالتتبعالتقييم
الأهداف– تحسين الفعالية وتعديل طريقة إشتغال الأنشطة والموارد- توضيح الأهداف ومؤشرات قياسها- المقارنة المنتظمة للإنجازات مقارنة مع ما هو مخطط– اختبار النتائج المحققة- تفسير سبب قصور النتائج عن تحقيق الأهداف المعلنة- تقييم الانجازات- توفير المعلومات، تحسين الفعالية والنتائج والآثار
الأنشطة الرئيسيةتعريف المؤشرات، الإستقبال المنظم للمعلومات ومقارنتها بالمخطط، انجاز المحاضرالتقدير، القياس المنظم للنتائج، البحث عن السببية بواسطة منهجية صارمة
التواترمرحلي: يومي، أسبوعي، شهري، فصلي،عرضي، في منتصف الطريق، عند نهاية البرنامج، لاحق
مصدر المعلومةأساسا المعلومات الواردة عبر نظام التسييرمعلومات التتبع إضافة إلى: الدراسات، التحقيقات الميدانية، التحليلات والمقابلات
المكلف بانجازهالمجموعة التي تكلفت بانجاز المشروعمقيم خارجي عن البرنامج
الجهة الموجه لها التقريررئيس المشروع، المجموعة التي تكلفت بالانجازالسلطة التي قررت إنجاز البرنامج/ المشروع
مضمون التقرير[18]صياغة التقرير حول التقدم للمسيريناستخلاص الدروس والتوصيات

تركيب بناء على المصدر المهمش[19]

ب: السياسة العمومية

السياسة العمومية كما عرفها كارل فريدريك هي برنامج عمل مقترح لشخص أو لجماعة أو لحكومة  في نطاق بيئة محددة لتوضيح الفرص المستهدفة والمحددات المراد تجاوزها سعيا للوصول إلى هدف أو لتحقيق غرض مقصود[20]

وتتحدد السياسات العمومية حسبYves mony وJean-claud بخمسة عناصر:

  1. السياسة العمومية تشكل مجموعة من المقاييس الدقيقة التي تشكل محورا لسياسة ما؛
  2. القرارات المتخذة تعبر عن ممارسة السلطة بشكل أو بآخر- فكرة الحضور الدائم للسلطة-؛
  3. السياسة تندرج ضمن الإطار العام للفعل العمومي؛
  4. السياسة العمومية لها جمهور: بمعنى أفراد، مجموعات، منظمات وذلك في الوضعية التي تجعلهم موزعين بواسطة سياسة عمومية؛
  5. كل سياسة عمومية لابد لها أن ترسم أهدافا تسعى إلى تحقيقها[21].

كما أن السياسة العمومية تتأسس على وجود مشاكل لابد من إيجاد حلول لها.

لذلك، فالسياسة العمومية لها  بنية منطقية خاصة تتمثل في:

– العناصر الداخلية، الأنشطة، المنتوج، النتائج، الأثر.

وذلك كما هو مبين في الشكل أسفله[22]:

شكل رقم 3 يقدم بنية السياسة العمومية

ج: مفهوم المشروع المكوّن للسياسة العمومية

يثير مفهوم المشروع العمومي الوارد في مدونة المحاكم المالية[23]عدة إشكالات لعل أبرزها يتمثل في:

– مفهوم المشروع يحيل إلى فكرة لم تتبلور بعد على أرض الواقع أو لازالت في طور التبلور، أي أنها مرحلة للمرور من الفكرة إلى التنفيذ. أما عندما يتبلور المشروع ويجري تنفيذه حتى إتمامه فإننا آنذاك نكون أمام شيء منجز تم إنجازه عبر توفير إمكانات وموارد… وفي هذه الحالة يجب أن نتحدث عن منجزات (بنايات، منشئات، مصانع، أشخاص مكونين…) وليس عن مشاريع[24] كما هو مبين في الشكل أسفله:

– هذا الخلط بين المشاريع والمنجزات سقط فيه المشرع المغربي في مدونة المحاكم المالية وبالضبط في المادتين 75 و 147، حين أناط اختصاص التقييم بالمجلس الأعلى للحسابات واستعمل مفردة المشاريع بدل المنجزات وذلك بالنص في المادة 75 على… ويمكن للمجلس أن يقوم بمهام تقييم المشاريع العمومية بهدف التأكد من مدى مطابقة الأهداف المحددة لكل مشروع انطلاقا مما تم انجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

فظاهر هذا المقتضى القانوني يفيد بتدخل المجلس الأعلى للحسابات في المرحلة الأولى لبلورة المشروع (أي مرحلة الإعداد، الدراسات، توفير الموارد، إعتماد المشروع، بداية التنفيذ…) وهذا يعني تدخل المجلس الأعلى للحسابات في التقييم القبلي لإنجاز للمشروع أو المواكب أي أثناء إنجاز المشروع، في حين أن تدخل المجلس الأعلى للحسابات يكون على شكل تقييم بعدي، أي بعد الانتهاء من إنجاز المشروع الذي تحول إلى منجزات (الشكل أعلاه).

وبالتالي كان على المشرع بدل استعمال مفردة مشروع أن يستعمل مفردة منجز أو منجزات للدلالة على معنى ومغزى المادة 75 من مدونة المحاكم المالية[25]، التي تحيل على تدخل المجلس الأعلى للحسابات في التقييم البعدي لمنجزات الأشخاص العامة.

ومادام أن الرائج في الاستعمال والتداول العمومي هو المشاريع وليس المنجزات، فسيتواتر في هذه الدراسة استخدام مفردة منجزات ومفردة مشاريع للدلالة على بعضهما في أفق تصويب هذا الخلط.

I– دلالة المشروع/المنجز

هناك من يعرف المشروع باعتباره كل الأنشطة المنجزة مرة واحدة، يتكون من بداية ونهاية ويهدف إلى إنتاج منتوج أو معرفة معينة، كما قد يفترض تدخل فاعل واحد أو عدة فاعلين ولمدة قد تكون قصيرة أو متوسطة أو طويلة، وقد ينصب على موضوع بسيط أو كبير كتشييد سد.[26]  وهناك من يعرفه باعتباره يحيل على مستويين هما:

– نشاط للتعريف من أجل رسم طريق المرور من الفكرة إلى الشيء؛

– هو أيضا نشاط تنفيذي لتحقيق شيء منتظر ومأمول[27].

II-المشروع العمومي

يمكن تعريف المشروع العمومي بكونه هو الذي يتخذ من طرف الهيئات العمومية من داخل الأهداف المعلنة لتحسين رفاهية الساكنة في ظل إكراهات الميزانية[28]

فهو إذن يتشكل من العناصر التالية:

  • وجود سلطة عمومية تتولى تدبيره والإشراف عليه، وقد تكون على شكل إدارات عمومية أو مؤسسات عمومية أو جماعات ترابية، كما قد تكون مركزية أو محلية، ويمكن أن يتشارك شخص معنوي عام مع أشخاص خاصة في إنجاز مشاريع بمساهمة الخواص والشخص العام؛
  • السعي نحو تحقيق مصلحة عامة، بحيث تنتفي صفة مشروع عمومي في المشاريع التي تهدف لتحقيق مصالح خاصة؛
  • خضوعه لمقتضيات القانون العام، بحيث يستفيد المشروع العمومي من امتيازات القانون العام غير المتوفرة في القانون الخاص.

كما يتأسس المشروع العمومي على وجود نفقات مرتبطة بالصفقة العمومية وبالبرامج وبالسياسات العمومية الموزعة على شكل أنشطة متفرقة أو مجتمعة في الزمن أو الموضوع، لأن كل مشروع عمومي يتضمن صفقة أو عدة صفقات وذلك وفقا للشكل التالي[29]:

شكل رقم 4 يقدم ارتباطات السياسات بالمشاريع والبرامج

ثالثا: التأطير القانوني والمؤسساتي للتقييم العمومي

قبل البحث في مظاهر مساهمة المحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية، وجب الانطلاق من التساؤل التالي: هل هناك مرجعية قانونية مندمجة لتقييم السياسات العمومية بالمغرب؟ وما هي الهيئات المكلفة بتقييم السياسات العمومية بالمغرب؟

إن النظر في المرجعية القانونية لتقييم السياسات العمومية بالمغرب، يفيد بكونها تبقى ضعيفة وذلك مرده إلى غياب نص قانوني صريح يسند اختصاص تقييم السياسات العمومية إلى المحاكم المالية كما هو الشأن في فرنسا مثلا[30].

1-   إشكالية ضعف المرجعية القانونية لتقييم السياسات العمومية من قبل المحاكم المالية بالمغرب

إن الملاحظ على الدستور المغربي لسنة 2011 هو أنه لا يشير صراحة إلى أي دور للمحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية.وهذا راجع لعدة أسباب من بينها أن مفهوم تقييم السياسات العمومية لم يدخل إلى المجال التداولي العمومي المغربي بشكل بارز إلا مع بداية الألفية الثالثة. ونفس الملاحظة تصدق على قانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية؛ حيث لم ينص المشرع صراحة على اختصاص المحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية بل اكتفى بالإشارة فقط في المادتين75 و117 إلى اختصاص المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في تقييم البرامج والمشاريع العمومية.

وعلى الرغم من ذلك، وسعيا نحو التأسيس القانوني للتقييم العمومي بالمغرب، عمل المشرع المغربي على إفراد فصول قانونية سواء على مستوى الدستور أو على مستوى القانون بدرجاته.

الدستور المغربي لسنة2011:

  • الفصل 70 منه: يمارس البرلمان السلطة التشريعية. يصوت البرلمان على القوانين، ويراقب عمل الحكومة، ويقيم السياسات العمومية.
  • الفصل 147 منه:
    • المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله.
    • يتولى المجلس الأعلى ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون. ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ عند الإقتضاء عقوبات على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.
  • الفصل 149 منه:
    • تتولى المجالس الجهوية للحسابات مراقبة حسابات الجهات والجماعات الترابية الأخرى وهيئاتها، وكيفية قيامها بتدبير شؤونها.

مدونة المحاكم المالية:

نص المشرّع في المادة 3 من القانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية لسنة [31]2002 على: “يدقق المجلس ويبت في الحسابات التي يقدمها المحاسبون العموميون مع مراعاة الاختصاصات المخولة بمقتضى هذا القانون للمجالس الجهوية للحسابات، التي سيشار إليها في هذا القانون بالمجالس الجهوية. ويمارس كذلك مهمة قضائية في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية وفق الشروط المحددة في هذا الكتاب. ويتولى مراقبة تسيير الأجهزة المنصوص عليها في هذا الكتاب”.

كما نص أيضا في المادة 75 من نفس القانون على:”يراقب المجلس تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 76 بعده، لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء عند الاقتضاء، بإقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته… ويمكن للمجلس(الأعلى للحسابات) أن يقوم بمهام تقييم المشاريع العمومية بهدف التأكد من مدى مطابقة الأهداف المحددة لكل مشروع انطلاقا مما تم انجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

هذا ما يتعلق بالمجلس الأعلى للحسابات، أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات فقد نصت المادة 117 من قانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية على:” تتولى المجالس الجهوية طبقا لمقتضيات الفصل 98 من الدستور مراقبة حسابات الجماعات المحلية وهيآتها وكيفية قيامها بتدبير شؤونها”، أما المادة 147 من نفس القانون فأكدت على:” يراقب المجلس الجهوي للحسابات تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 148 بعده، لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء عند الاقتضاء، بإقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته (…) ويمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهام تقييم مشاريع الأجهزة الخاضعة لمراقبته قصد التأكد من مدى تحقيق الأهداف المحددة لكل مشروع إنطلاقا مما تم إنجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

المرسوم رقم 2.06.377 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين:

تجدر الإشارة إلى أن مسألة التقييم أشار إليها المرسوم رقم 2.06.377 بشأن النظام الأساسي الخاص بهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات[32]، باعتبار أن من مهام المتصرفين في الإدارات العمومية قيامهم  تحت سلطة رئيس الإدارة بمهام: تصور وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية.

فهذا النص إذن يحدد اختصاص المتصرفين في إدارات الدولة والتي من بينها تصور وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، لكن ليس كهيئة مستقلة بل كوظيفة داخل الأجهزة الإدارية للدولة.

2- منطلقات المحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية

إن الإعتراف للمحاكم المالية باختصاص ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية[33] يجعل نطاق تدخلها يمتد لجميع نواحي تدبير السياسات العمومية المالية وغيرها. فالقاضي المالي له سلطة أصلية في بسط رقابته على مختلف أوجه تنفيذ الميزانية بمواردها ونفقاتها، فهو يراقب النفقة العمومية منذ الإذن والترخيص بصرفها إلى آخر مرحلة/محطة في صرفها سواء في شكل مصاريف أو مقتنيات أو مشاريع أو برامج أو سياسات.

ويشكل اختصاص تقييم منجزات السياسات العمومية من طرف المحاكم المالية حلقة متميزة ضمن مراقبة تدبير الأجهزة العمومية. وذلك لما يتيحه من امكانيات مراقبة جودة ونجاعة القرارات العمومية المتخذة، تحسين جودة وأداء المرافق العمومية، عقلنة مسار اتخاذ القرار وتحفيز الفاعلين والشركاء، العمل على تقديم الحساب عن تدبير المرافق العمومية.

فاختصاص تقييم البرامج والمشاريع العمومية من طرف المحاكم المالية[34] ذاتي يندرج ضمن مراقبة التسيير بالإضافة إلى إمكانية القيام بتقييم البرامج العمومية بناء على ملتمس من رئيس الحكومة في إطار المساعدة التي يبديها المجلس الأعلى للحسابات للحكومة، وكذا بناء على طلب البرلمان.

وهذا عكس ما هو متواجد في بعض الأنظمة المقارنة مثلا في فرنسا؛ حيث صدر مرسوم 22 يناير 1990 الذي عدل سنة 1998؛ حيث أسس لتقييم السياسات العمومية كما أعطى تعريفا لتقييم السياسات العمومية بكونها البحث حول ما إذا كانت الوسائل القانونية والإدارية والمالية المستعملة تسمح بإنتاج الآثار المتوقعة من هذه السياسة وتحقيق الأهداف المحددة.[35]

فالبرغم إذن من عدم توفر نص قانوني صريح يجيز للمحاكم المالية تقييم السياسات العمومية، إلا أنه من خلال مراقبة التسيير وبالأخص تقييم البرامج والمشاريع العمومية، فإنها تساهم في توجيه السياسات العمومية من خلال مداخلها الأربعة:

  • مدخل المرجعيات
  • مدخل الآليات
  • مدخل الفاعلين
  • مدخل المخرجات أي المنجزات

والرسم التالي يبين مظاهرهذه المساهمة:

شكل رقم5 يبين علاقة تدخل المحاكم المالية بمداخل السياسات العمومية

إن للمحاكم المالية إذن إمكانية التدخل في مسلسل صنع السياسات العمومية الذي يمر بست مراحل[36]  كما هو مبين في الجدول التالي:

جدول رقم 2 يبين مجالات تدخل المحاكم المالية في مسلسل صنع السياسات العمومية

مراحل السياسة العموميةالمتدخلونتدخل المحاكم الماليةمظاهر التدخل
1- تحديد المشكلةالمواطنون، الإعلام، الحكومة، البرلمان، المجتمع المدني…نعمإمكانية إثارة الانتباه إلى وجود مشكل عمومي
2- وضع الأجندة الحكوميةأعضاء الحكومة، المكتب المسيرنعمإمكانية الالتماس من الحكومة إدراج مشكل ضمن الأجندة الحكومية
3- عملية صياغة السياسة العموميةأعضاء الحكومة، مراكز الدراسات والأبحاثنعمبناء على المساعدة التي تقدمها المحاكم المالية للحكومة
4- إضفاء الشرعية على السياسةالحكومة، البرلمان، النقابات، المجالس المحليةنعمبناء على المساعدة التي تقدمها المحاكم المالية للبرلمان والحكومة
5- تنفيذ السياسةالحكومة، المجتمع المدني، رؤساء الجماعات المحلية
6- تقييم السياسةالجهات الحكومية، البرلمان، المؤسسات الرقابية، مراكز الدراسات، وسائل الإعلام، المجتمع المدنينعمتقييم البرامج والمشاريع التي نُفّذت السياسة العمومية عبرها

تركيب شخصي بناء على المعطيات الواردة في المرجع المهمش[37]

الفقرةالثانية: دور المحاكم المالية في توجيه مرجعيات السياسات العمومية والفاعلين فيها

تتحدد السياسة العمومية في بلد معين بالمرجعيات المؤطرة لها والفاعلين فيها؛ حيث تشكل المرجعية  الإطار الخلفي لأي سياسة عمومية تتأسس على السعي نحو معالجة مشكل عمومي معين.

كما أن الفاعل في السياسات العامة يمكن أن يكون رسميا أو غير رسمي ومحلي أو وطني.

أولا: المساهمة في تقوية المرجعيات القانونية والسياسية والثقافية

تتوزع المرجعيات المشكلة للسياسات العمومية إلى ثلاث مرجعيات أساسية هي المرجعية القانونية، المرجعية السياسية والمرجعية الثقافية. فكيف تساهم المحاكم المالية إذن في التأثير على هاته المرجعيات؟ وما هي آلياتها؟

أ- تأهيل المرجعية القانونية

تتمثل المرجعية القانونية للسياسات العمومية في مختلف النصوص القانونية بمختلف مستوياتها السائدة في الدولة؛ حيث إن توصيات المحاكم المالية تذهب إلى التأكيد على ضرورة مراجعة أو إضافة تشريعات قانونية ذات الصلة بتدبير الشأن العام أو بموضوع الرقابة سواء رقابة التسيير أو تقييم المشاريع العمومية.

فبالرجوع إلى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، يلاحظ أن هناك إشارات عدة إلى مطالبة المحاكم المالية السلطات الحكومية المختصة بمراجعة بعض النصوص القانونية مثل إثارة المجلس الأعلى للحسابات انتباه السلطات العمومية إلى ضرورة تعديل بعض المقتضيات القانونية المتعلقة بقانون رهن الديون العقارية وكذا معالجة بعض النواقص التي يعرفها مرسوم تدبير الصفقات العمومية.[38]

كما أشار المجلس الأعلى للحسابات أثناء مراقبته لشركة العمران تامسنا[39] إلى أن مشروع  إحداث مدينة تامسنا الجديدة لم يتم تأطيره، لا سابقا ولا لاحقا، بمنظومة قانونية ملائمة. حيث إن هذا التأطير القانوني كان من شأنه أن يرسم الحدود بين التجزئات العادية والتجزئات المفضية الى إحداث مدن جديدة. وباستثناء دورية وزير السكنى رقم 1000/364بتاريخ12يناير 2005، فإن النصوص المنظمة لقطاعي التهييئ والبناء لم يسبق لها أن تطرقت لمفهوم المدينة الجديدة الذي ظل غامضا. وعلى سبيل القياس فان احداث تسع مدن في فرنسا تم في إطار قانون “بوشير” BOSCHER الصادر بتاريخ 10 يوليو1970. وعليه يوصي المجلس الأعلى للحسابات السلطات المختصة خاصة الوزارة المكلفة بالسكنى ومجموعة التهيئة العمران بالعمل على إعداد الإطار القانوني الخاص بالمدن الجديدة والسهر على تهييئ الظروف الملائمة لإنجازها.

إن مساهمة المحاكم المالية في توجيه المرجعية القانونية تطرح اليوم بشكل ملح، خصوصا في ظل النقاش العمومي الدائر حاليا حول تطبيق دستور فاتح يوليوز 2011، الشيء الذي يدفع إلى التساؤل حول الدور الذي ستلعبه المحاكم المالية في تطبيق الدستور الحالي وبالذات ما يتعلق بتعزيز موقعه ضمن المؤسسات الرقابية في ظل الاتجاه السائر حاليا نحو دسترة الحكامة المؤسساتية ومتطلباتها؟ وكذا المساهمة في تعزير مستلزمات الحكامة؟

ب-  المساهمة في دمقرطة المرجعية السياسية

تحيل المرجعية  السياسية للسياسات العمومية على دلالتين:

المرجعية السياسية أو القيم السياسية[40]وتشكل إحدى المداخل لاشتغال السياسات العمومية، فاعتبار المجلس الأعلى للحسابات مؤسسة دستورية إلى جانب باقي المؤسسات السياسية الأخرى سواء البرلمان أو الحكومة؛ معناه وجود تأثير متبادل، وإن بمستويات مختلفة، بين هذه المؤسسات؛ حيث إن منطلق كل المؤسسات هو منطلق سياسي ونتاج عملية سياسية وهي تحيل على فكرة توزيع السلطة داخل الدولة، وبالتالي حصول التبادل والتأثير بين المؤسسات.

كما أن المرجعية السياسية تحيل أيضا على النقاشات العمومية التي لها تأثير على اختيارات الفاعلين السياسيين. ومن هذا المنطلق شكلت تقارير المجلس الأعلى للحسابات مرجعا للنقاش السياسي العمومي وللحراك الاجتماعي الذيعرفهالمغرب[41].وبذلك أصبحت تلك التقارير تقوم بتحريك النقاش العمومي وهي في نفس الوقت مادة لهذا النقاش؛ الأمر الذي يدفع إلى تأكيد مسألة مساهمة المحاكم المالية في توجيه النقاش العمومي عن طريق التقارير التي تقوم بنشرها؛ حيث يعد هذا النقاش جزء من البيئة السياسية لإشتغال الفعل العمومي، لأنه لا يمكن الفصل بين الفعل العمومي وبين المرجعية السياسية –النقاش العمومي- المؤطرة له.

إن هذه العناصر إذن تندرج ضمن دورة تبتدئ بالجمهور الذي يثير مشكلا عموميا، قد يكون بناء على تقارير المحاكم المالية، فيدخل ضمن النقاش العمومي، فيقوم الفاعل العمومي بتبنيه وإدراجه ضمن أجندته ويقوم ببرمجته وبتنفيذه، ثم يتم تقييم الانجازات التي تؤدي إلى الخروج بخلاصات يمكن للجمهور تبنيها فتدخل من جديد في النقاش العمومي.

الشكل أسفله يبين هذه الدورة[42]:

شكل رقم6 يبرز دورة سياسة عمومية

ج- العمل على تخليق المرجعية الثقافية للتدبير العمومي

تحيل المرجعية الثقافية للسياسات العمومية على مختلف التمثلات الاجتماعية والثقافية السائدة داخل دولة ما[43]، وبالتالي فهاته الثقافة تشكل مرجعا موجها للسياسة العمومية في الدولة دون الاهتمام بكون تلك الثقافة تساهم في نجاعة السياسات العمومية أو لا؛ حيث إن المراحل التي تمر منها سياسة  عمومية  تعبر بشكل أو بآخر عن مستوى معين من الوعي لدى الفاعلين في السياسات العمومية سواء كانوا رسميين أو غير رسميين.

فأغلب علماء الاجتماع متفقون على أن المرجعية الثقافية تؤثر في الفعل الاجتماعي، لكنها لا تقرره كلية لأنها متغير واحد من بين متغيرات عديدة[44]

وما دام أن مدخل المحاكم المالية في توجيه السياسات العمومية يمر بالأساس عبر منهجية التقييم العمومي، فإن المرجعية الثقافية تحيل أيضا على الجانب التدبيري للفاعلين العموميين ومدى تمكن ثقافة ومفاهيم التدبير الحديث في تدبيرهم للشأن العام.

فقد تواتر تأكيد المجلس الأعلى للحسابات في تقاريره أن من بين الإشكالات الكبرى لتدبير الموارد البشرية بالقطاعات العمومية هو غياب ثقافة تدبيرية لدى هاته الأجهزة[45]

فأثناء قيام المحاكم المالية بمراقبة تدبير الأجهزة الخاضعة لرقابتها، يخلص القضاة إلى وجود جملة من المؤشرات الدالة على ضعف الثقافة التدبيرية للمدبر العمومي من قبيل:

– غياب شبه كلي للتصور التدبيري؛

– ضعف حضور قيم الأداء والنجاعة[46]؛

– ضعف ثقافة المساءلة لدى المدبر العمومي؛

– الحضور المتردد للمحسوبية وميل بعض المدبرين إلى البحث عن تحقيق امتيازات خاصة على حساب المصلحة العامة.

إنتدخل المحاكم المالية إذن يسعى إلى المساهمة في تكريس ثقافة جديدة في التدبير – يراد لها أن تكون البديل المحتمل للثقافة السائدة حاليا – ترتكز على:

– الشفافية والمصداقية؛

–  ثقافة الأداء؛

– المحاسبة والمساءلة؛

–  تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

ثانيا: أثر التقييم في توجيه الفاعلين:-الوطني والمحلي، الرسمي وغير الرسمي-

دلت ممارسة الفعل العمومي بالمغرب على تعدي السياسات العامة للشخص العام إلى الشخص الخاص وللفاعل المركزي إلى الفاعل غير المركزي، وذلك لتداخل الأدوار في تدبير الشأن العام نظرا لثبوت فكرة محدودية تدخل الفاعل العمومي المركزي لمفرده في تدبير الشأن العام، وهاته المحدودية ترجع لعدة محددات منها المحدد السياسي الذي يهدف إلى الشراكة في التدبير كبعد من الأبعاد الديمقراطية في الحكم، وكذا محدد الفعالية الذي ينحو نحو الأداء الذي لن يتحقق إلا بالتعدد المعقلن والمحكم للمتدخلين.

هذا المعطى الأخير- تعدد المتدخلين- يشكل أحد الإشكالات الرئيسية في تصور وتنفيذ السياسات العمومية، وبالتالي فالهدف من التقييم العمومي، في أحد جوانبه، تحقيق عدة غايات هي:

– العمل على أكبر قدر من التنسيق بين المتدخلين في صنع وتنفيذ السياسات العمومية سواء على المستوى الوطني أو على المستوى المحلي؛

– تفادي تكاليف اللاتنسيق بين المتدخلين في تنفيذ المشاريع والبرامج العمومية؛

– العمل علي قيام كل متدخل بمهامه ومحاربة الاستئثار بممارسة السلطة؛

– عدم تخطي كل فاعل لسلطاته ولصلاحياته؛

– محاولة رفع تقصير سلطات الوصاية في القيام بمهامها اتجاه الأجهزة الخاضعة لوصايتها.

فبالرجوع إذن إلى تقارير المحاكم المالية وبالأخص إلى الشق المتعلق بتقييم المشاريع العمومية، فسيلاحظ أن التنسيق بين المتدخلين والاستئثار بالسلطة هما أهم الملاحظات التي سجلتها المحاكم المالية.

أشار تقرير المحاكم المالية لعام 2011 بمناسبة مراقبته للقطاع الوزاري المكلف بالماء إلى تعدد كبير للمتدخلين بحيث يتكونون من :

  • كتابة الدولة المكلفة بالماء والبيئة؛
  • وكالات الأحواض المائية؛
  • القطاعات الوزارية (المياه والغابات، الفلاحة، الداخلية، الطاقة والمعادن، الصناعة، الصحة)؛
  • المكتب الوطني للماء والكهرباء؛
  • المكاتب الجهوية للإستثمار الفلاحي؛
  • الوكالات المستقلة لتوزيع الماء؛
  • المجلس الأعلى للماء والبيئة.

وكثرة المتدخلين دون تنسيق واضح يؤدي إلى:

  • تضارب الإختصاصات والمهام؛
  • ضعف المنتوج (قرارات، مخططات، أفعال وبرامج ومشاريع)؛
  • إرتفاع تكاليف اللاتنسيق وتكاليف تسيير المصالح المتدخلة؛
  • بعض هذه الأجهزة لم تعقد إجتماعات لمجالسها التداولية منذ أبريل 2001 مثل المجلس الأعلى للماء والبيئة؛
  • القطاع الوزاري المكلف بالماء يقوم ببعض المهام الموكولة لوكالات الأحواض المائية وتضع الوزارة الإختيارات الإستراتيجية ومخططات العمل بدل المجالس الإدارية للوكالات وكأنها مصالح خارجية تابعة للقطاع الوزاري المكلف بالماء والبيئة. فما الجدوى إذن من إعتبارها مؤسسات عمومية؟[47]

كما أثار تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009إشكالية تهميش بحكم الواقع لأدوار بعض الهيئات المسيرة كمجالس الإدارة بالنسبة للمقاولات العمومية والمجالس المنتخبة للجماعات المحلية[48].

والجدول أسفله يبين نماذج لمحدودية دور بعض الفاعلين في القيام بمهامهم أو لضعف التنسيق بينهم.

جدول رقم 3يقدم نماذج لمحدودية دور بعض الفاعلين في القيام بمهامهم

الجهاز الخاضع للرقابةالفاعل المعني بالملاحظات والتوصياتملاحظات المحاكم المالية ذات الصلة بالفاعل
شركة العمران تمسنا[49]– شركة العمران تمسنا– وزارة التجهيز والنقل– وزارة الصحة– وزارة التربية الوطنية– وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية– إلتزام شركاء القطاع العام بإنجاز عدة مرافق بمدينة تمسنا عددها 118 مرفقا منذ سنة 2005– إلى حدود 2013 تم انجاز 20 مرفقا فقط، وهذه أمثلتها:- من أصل ثلاثة طرق أنجز منها واحد بعد تخلف وزارة التجهيز والنقل عن إلتزامها- تم تشييد 7 مؤسسات تعليمية من أصل 12 مؤسسة إلتزمت وزارة التربية الوطنية بتشييدها- إنجاز مركز صحي واحد من أصل ثلاثة إلتزمت وزارة الصحة بتشييدها- تعهدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ببناء المسجد الكبير ما بين سنتي  2008 و2007 غيران أشغال بناء هذا المسجد لم تنته الى حدود سنة 2013
صورياد2M[50]الوزارة الوصيةالوزارة الوصية مطالبة بتقديم الدعم على أساس عقد برنامج يبين الأهداف والنتائج المتوخاة
المجلس الإداريقصور على مستوى أعمال المراقبة والتتبع
المدير العامتجاوز المجلس الإداري في الموافقة على إبرام عقد استشهاري
الوزارة الوصية – وزارة المالية-عدم توقيع عقد مراقبة الشركة طبقا لقانون 69.00
المدير العامبناء استوديو 1200 دون اخبار المجلس الإداري
الشركة الوطنيةللطرق السيارة[51]الدولةتحميل الدولة الشركة القيام بمشاريع غير مبرمجة وغير واردة في عقد البرنامج الذي يربط الشركة بالدولة
المجلس الإداري والوزارة الوصيةهيمنة الوزارة الوصية على المجلس الإداري للشركة
الوزارة الوصية – وزارة المالية-عدم الحسم في شكل المراقبة الذي ستخضع له الشركة طبقا لقانون 69.00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة
المكتب الوطني[52] للمطاراتالمدير العامبيع المدير قطع أرضية لفائدته دون ترخيص المجلس الإداري
الجماعة الحضرية لوجدة[53]– المجلس الجماعي– المصالح الخارجية للقطاعات الوزارية– المؤسسات العمومية– غياب أي تنسيق مع المصالح الخارجية في انجاز مشاريع تهيئة الطرقات والمدارات الحضرية- التأخير في انجاز أشغال التهيئة وتوقف الأشغال لمدد  قد تصل إلى 6 أشهر- إنجاز أشغال وإزالتها لمد وتعديل خطوط أو شبكات المياه، الكهرباء، الهاتف، التطهير
جامعة القاضي عياضرئيس الجامعةتوقيع بعض الاتفاقيات دون موافقة مجلس الجامعة
مديرية النقل الطرقي والسلامة الطرقية[54]– مديرية النقل الطرقي والسلامة الطرقية،– مديرية الطرق– مشروع تحسين التشوير الطرقي– إنجاز نفس الأعمال بشكل مزدوج من طرف المديريتين- خسائر على مستوى برمجة طرق ومحاور طرقية أخرى.- ضعف جودة المشروع وضياع أموال عمومية مهمة
الجماعة الحضرية الرباط[55]– الجماعة الحضرية الرباط– مصالح ريضال– الجهة المكلفة بشبكات الاتصالاتمشاريع الطرقات  و الإنارة العمومية:–  ضعف التنسيق بين بين مختلف المتدخلين بتراب الجماعة- إلحاق أضرار بالأشغال المنجزة (إعادة الحفر في نفس المكان لعدة مرات…)
الجماعة الحضرية الرباط[56]– الجماعة الحضرية الرباط– عمالة الرباط– إدراج مشروع تهيئة شارع محمد الخامس بميزانية العمالةوبميزانية الجماعة الحضرية– أداء مصاريف نفس الأشغال والخدمات من خلال ميزانيتي الجماعة والعمالة لنفس المهندس المعماري- توصل المهندس المعماري بأتعابه مرتين ( حوالي ثلاثة ملايين درهم)- إنجاز صفقتي الأشغال خلال نفس الفترة الزمنية وبنفس المنطقة ومن طرف نفس المقاولة

تركيب شخصي بناء على المعطيات الواردة في المرجع المهمش

الفقرة الثالثة: أثر التقييم العمومي على تجويد آليات تدبير السياسات العمومية

تشتغل السياسات العمومية من داخل كل دولة بواسطة عدة آليات تكون قاعدة لتنفيذ السياسات العمومية عبر البرامج والمشاريع العمومية، وذلك من خلال لجوء المدبر العمومي إلى تعبئة كافة الإمكانات لتنفيذ سياسة أو برنامج أو مشروع عمومي، وهذه الإمكانيات تتوزع على الإمكانيات البشرية والإمكانيات التواصلية والإمكانيات المادية والإمكانيات المالية.

فعندما تقوم المحاكم المالية بتقييم المشاريع العمومية فإنها تركز على مدخل الآليات لمحاولة كشف درجة تعبئة تلك الإمكانات لخدمة الأهداف المحددة.

أولا: الانخراط في تعزيز الإمكانات التواصلية والبشرية والتدبيرية

تمتاز ملاحظات وتوصيات المحاكم المالية بشموليتها لمجال تدبير المنظمة الخاضعة للرقابة، سواء ما تعلق بإثارة الانتباه إلى ضرورة تعبئة الإمكانات التواصلية والإعلامية للمنظمة أو ما تعلق باشكاليات تدبير الموارد البشرية. وقد تواترت المحاكم المالية في الكشف عن الاختلالات التي تواجه التعبئة الجيدة للموارد البشرية وللإمكانات التواصلية للأجهزة العمومية التي خضعت لرقابتها.

فمن الأمثلة على ذلك ما سجله المجلس الأعلى للحسابات على السلطات الحكومية المكلفة بانجاز البرنامج الوطني لكهربة العالم القروي PERG[57]، من محدودية تدبير وتعبئة الموارد البشرية والتواصلية من قبيل:

– نقص في أعداد الموارد البشرية المكلفة بالتتبع

– ضعف تكوين هاته الأطر البشرية مما أثر سلبا على جودة بعض المشاريع

كما أشار المجلس الجهوي للحسابات لوجدة أثناء مراقبته لمشاريع تهيئة الطرقات الحضرية من طرف المجلس الجماعي لوجدة إلى قلة الكفاءات المؤهلة بالقسم التقني المكلف بتتبع أشغال تهيئة الطرقات، فعلى الرغم من توفر القسم التقني على ما يزيد عن 600 موظف حسب البيانات الصادرة عن مصلحة الموظفين، غير أن التقنيين المكلفين بتتبع الأشغال المتعلقة بتهيئة الطرقات لا يتعدى عددهم 10 موزعين على ثلاث فرق عمل، تحت إشراف مهندسيناثنين، وهو عدد غير كاف بالنظر لأهمية المشاريع المنجزة وما يستلزم ذلك من تتبع جدي وفعال. كما أن الجماعة الحضرية لوجدة  لم تعمل على إخضاعهم بصفة دورية للتكوين المستمر تقوية لمؤهلاتهم العلمية وضمانا لمواكبتهم لما استجد في مجال أشغال الطرقات[58].

وضمن نفس السياق، تطرق المجلس الجهوي للحسابات بطنجة إلى عدم تخصيص الجماعة الحضرية لطنجةللموارد البشرية الكافية لتتبع إنجاز الأشغال الكبرى المفتوحة بالجماعة، حيث إن تتبع إنجاز الأشغال يتم من قبل رئيس مصلحةالأشغال الجديدة لدى الجماعة، ويبقى التساؤل حول حقيقة قدرة رئيس مصلحة الأشغال الجديدة على تتبع كامل الأوراش المفتوحة داخل تراب الجماعة بالشكل الذي يضمن إنجاز الأشغال وفق الجودة والمواصفات المطلوبة. وقد أوصى المجلس الجهوي للحسابات الجماعة الحضرية بضرورة توفير الإمكانات البشرية والمادية الكفيلة بتمكين مصالح الجماعة المختصة من تتبع ومراقبة إنجاز وذلك لضمان تحقيق الأهداف المسطرة[59].

وفي الشق المتعلق بمجال تنظيم بنيات الأجهزة المكلفة بتقرير وإنجاز ومراقبة المشاريع العمومية، فإن المحاكم المالية عادة ما تثير الإنتباه إلى ضعف حكامة الأجهزة الإدارية والتقريرية مما يؤثر على جودة وفعالية مسار إنجاز المشاريع العمومية. وفي هذا الإطار أشار مثلا المجلس الجهوي للحسابات لوجدة ” إلى أن مصلحة الصفقات والمشتريات التي تقوم بتدبير مساطر الصفقات العمومية التي تبرمها الجماعة، هي حاليا تابعة للقسم التقني، مما يخالف مبدأ الفصل الصريح بين المهام التقنية والتدبيرية في الصفقات المبرمة من طرف الجماعة [60]“.

وفي نفس السياق، نبّه المجلس الجهوي للحسابات لمراكش إلى غياب كلي لهيكل تنظيمي يحدد التنظيم الإداري لجهة مراكش تنسيفت الحوز، ” حيث تبينللمجلس أن الجهة لا تتوفر على أي هيكل تنظيمي. كما لوحظ غياب كلي لتقسيم إداري حسب مصالح أو مكاتب. وبالتالي، غياب هيكلة إدارية واضحة وقارة تستجيب لمعايير معقلنة ومضبوطة تمكن من تدبير فعال للموارد البشرية المتوفرة ومن تحسين أداء مصالح الجهة”[61].

ثانيا: الدفع في اتجاه تقوية الإمكانات المالية والمادية

على غرار الإمكانات التواصلية والبشرية، تحتل الإمكانات المالية والمادية مكانة مهمة ضمن اهتمامات المحاكم المالية أثناء قيامها بمهمة تقييم مشروع أو برنامج عمومي معين؛ حيث أنه،وفي إطار المقاربة المندمجة للمحاكم المالية، لا يمكن الفصل بين تحقيق الأهداف وبين الوسائل المسخرة لذلك؛ وبالتالي ضرورة التركيز على درجة تعبئة الإمكانات المالية والمادية لتحقيق الأهداف المتوخاة كمؤشر على استيفاء تدبير المشروع العمومي لمؤشرات النجاعة.

وبالرجوع إلى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، فإنه يلاحظ تواتر المحاكم المالية في التركيز على هذا النوع من الإمكانات لما له من آثار مباشرة على أداء السياسة أو البرنامج/المشروع وعلى ترشيد المال العام.

فقد أشار المجلس الجهوي للحسابات لوجدة مثلا في التقرير السنوي 2010 إلى أن الجماعة الحضرية لوجدة ” لا توفر الإمكانيات المادية (مكاتب، حواسيب، وسائل التنقل إلى ورش الأشغال، عتاد القياس المتطور …)  للتقنيين المكلفين بتتبع ومراقبة إنجاز مشاريع تهيئة الطرقات الحضرية تيسيرا لعملهم وضمانا لتتبع ناجع”

وعموما يمكن القول أن إتجاه إجابات الاستمارات الموجهة لقضاة المحاكم المالية[62] تسير في هذا الاتجاه، حيث تؤكد أن الإمكانات المرتبطة بتدبير المشاريع العمومية تبقى غير كافية من ناحية التعبئة والاستغلال.

خلاصة:

قاد تحليل موضوع مداخل مساهمة المحاكم المالية في تقييم السياسات العمومية إلى الخروج بالاستنتاجات الرئيسية التالية:

– المرجعية القانونية للتقييم العمومي بالمغرب لم ترقى بعد إلى المستوى المطلوب، وذلك على الرغم من المراهنة على الإصلاح الدستوري لسنة 2011 لجعل إختصاص تقييم السياسات العمومية كذلك من إختصاص المحاكم المالية إلى جانب البرلمان، إلا أن المشرع لم يورد هذا المقتضى في دستور فاتح يوليوز 2011، وبالتالي يتم اللجوء إلى توسيع المادتين 75 و 147 من مدونة المحاكم المالية لأجل بسط وتوسيع صلاحيات المحاكم المالية في التقييم العمومي لتمتد لتقييم السياسات العمومية عبر تقييم البرامج والمشاريع العمومية المشكِّلة لها.

– إن الإعتراف للمحاكم المالية بصلاحيات تقييم المنجزات والبرامج العمومية يجعل مجال تدخلها يمتد لتقييم القرارات العمومية المتخذة من طرف السلطات المركزية وباقي الأشخاص العامة، وبالتالي إنتاج عدة آثار من خلال هذا التقييم. ويتجلىأهمها في مساهمة المحاكم المالية أثناء قيامها بتقييم المنجزات العمومية في توجيه السياسات العمومية سواء الوطنية منها أوالمحلية، وذلك عبر تدخلها في الدفع نحو تحديث وتجويد المرجعيات المؤطرة للسياسات العمومية وتوجيه الفاعلين فيها للقيام بأدوارهم بناءا على المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، وكذا إثارة الإنتباه إلى ضرورة توفير الإمكانات المادية والبشرية اللازمة لتدبير السياسات والبرامج والمشاريع العمومية.

– التقارير التي تصدرها المحاكم المالية أصبحت مرجعا للنقاش السياسي – رغم اتسامه بالمناسباتية وضعف التنظيم والتأثير- وللحراك الاجتماعي الذي شهده المغرب؛ وبالتالي صارت للتقارير وظيفة تحريك النقاش العمومي ومحاولة قيادته.

– التقارير التي تصدرها المحاكم المالية بدل أن تكون آلية للتواصل بين الفاعل العمومي وبين المواطنين والرأي العام، أصبحت المحاكم المالية طرفا في التواصل بين الفاعل العمومي وبين المواطنين، الشيء الذي يخفف العبء قليلا على الفاعل العمومي ويشكل ذلك حماية له وهذا مكسب له ويحسب على المحاكم المالية. (يمكن استحضار بعض ردود الأفعال على تقارير المجلس الأعلى للحسابات).

إن تقييم السياسات العمومية عبر تقييم المنجزات العمومية من طرف المحاكم المالية والرهانات الكبيرة المنتظرة منها تفترض مقاربة شمولية ومندمجة لتدبير الشأن العام، وذلك من خلال التأكيد على تداخل المنطلقات الإصلاحية ذات الطبيعة السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتدبيرية.


[1]– Robert KAST et Stéphane LUCHINI « Calcul économique et incertitude socio-politique : une procédure d’évaluation des projets publics » La Documentation française | Economie et Prévision 2002/5 – n° 156 ISSN 0249 – 4744 | pages 73 à 84.

[2]– يتميز المجال السياسي بطابعه الصراعي حول المصالح، فنسق ممارسة السلطة بالمغرب له إرتباط وثيق بتدبير السياسات المالية العمومية والتي هي إحدى مظاهر ممارسة السلطة؛ لأن الفاعلين في السلطة والذين يشتركون في صنع وإتخاذ القرار المالي ينطلقون من مواقع يحكمها تضارب المصالح والرغبة في الحصول على مكاسب أكبر بقدر ما تسمح به قواعد اللعبة السياسية التي تفسح المجال أمام الجماعات الضاغطة لمزيد من الضغط قصد الحصول على أكثر المزايا لصالحها.

– عبد القادر التعلالتي “المالية العامة: الجزء الأول: قانون الميزانية” منشورات المعهد العالي للدراسات القانونية والجبائية التطبيقية، الطبعة الأولى 1995، صفحة 235.

[3]–  يتوقف البعد الديمقراطي للمشاريع على عدة شروط منها:

– رضا المواطنين عن تلك المشاريع

– ولوج أكبر قدر من الجماهير إلى تلك المشاريع

– إشباع حاجيات المرتفقين

[4]– ما يدعم هذا هو الحراك الاجتماعي الذي عرفه المغرب سنة 2011 وما قبلها والذي استند جزء منه على تقارير المجلس الأعلى للحسابات كأساس للمطالبة بالمحاسبة.

[5]– يشكل هذا المعطى أحد الإشكالات المنهجية الرئيسية التي واجهت هذه الدراسة.

[6]– Guide de préparation d’un plan d’évaluation de projet, Bureau des technologies d’apprentissage, Développement des Ressources Humaines Canada (DRHC) ; 2005 ; Page 1

[7]– تنص مختلف المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على هذا الحق ومنها:

  •         الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: ” لكل شخص الحق في حرية الرأي التعبير، ويشمل هذا الحق (…) إستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأي وسيلة كانت دون تقييد (…)”
  •         المادة 19 من العهد الدولي المتعلق بالحقوق السياسية و المدنية: ” (…) ﻟﻜﻞ إﻧﺴﺎن ﺣﻖ ﻓﻲ ﺣﺮﻳﺔ التعبير. وﻳﺸﻤﻞ هﺬا اﻟﺤﻖ ﺣﺮﻳﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺎس ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺿﺮوب اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت واﻷﻓﻜﺎر وﺗﻠﻘﻴﻬﺎ وﻧﻘﻠﻬﺎ إﻟﻰ ﺁﺧﺮﻳﻦ دوﻧﻤﺎ اﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﺤﺪود (…)  “
  •         المادة 10  من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد “: (…)اﻋﺘﻤـﺎد إﺟـﺮاءات أو ﻟﻮاﺋـﺢ ﲤﻜـﻦ ﻋﺎﻣـﺔ اﻟﻨـﺎس ﻣـﻦ اﳊﺼـﻮل، ﻋﻨـﺪ الإقتضاء، ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻋﻦ ﻛﻴﻔﻴـﺔ ﺗﻨﻈﻴـﻢ إداراتها اﻟﻌﻤﻮﻣﻴـﺔ واﺷـتغالها وﻋﻤﻠﻴـﺎت اتخـﺎذ اﻟﻘـﺮارات ﻓﻴـﻬﺎ، وﻋـﻦ اﻟﻘـﺮارات واﻟﺼﻜـﻮك اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴـﺔ اﻟتي تهم ﻋﺎﻣـﺔ اﻟﻨـﺎس (…).
  •         البيان العالمي الأول حول معايير شفافية المالية العامة لسنة 1998

[8]– “La société a le droit de demander comptes à tout agent public de son administration” (Article 15 de la déclaration des droits de l’Homme et du Citoyen, 26 Août 1789) ; Revue PYRAMIDES, Revue des Etudes et de Recherche en Administration Publique de l’Université Libre de Bruxelles, N :1, 2000 ; page : 17

[9]– Naima ABA « L’action sociale à travers les dépenses publiques au Maroc » thèse de doctorat, université Hassan II, Faculté de droit Ain-Chok – Casablanca, 2002-2003, page : 6.

[10]– عبد الغني بامو “تراتبية وأولوية وواقع نفقات الدولة بالمغرب: 1960-2010: محاولة في الرصد والتحليل” دكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، كلية الحقوق، جامعة القاضي عياض- مراكش، 2015، ص 7.

[11]– المصدر: مذكرة تقديم مشروع قانون مالية 2016 أمام البرلمان بغرفتيه:www.finances.gov.ma

[12]– حسب تقرير التنمية البشرية لسنة 2015 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) فقد رتب المغرب في الرتبة 126 عالميا.

[13]– Abdelilah  MAHRAZ « Evaluation des politiques publiques : cas de la politique de lutte contre la pauvreté au Maroc » Thèse de Doctorat Nationale en doit public ; Université Mohamed V Agdal ; Faculté des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales, Agdal- Rabat ; 2007-2008 ; page 52

[14]– تركيب شخصي

[15]– Le décret du 22 janvier 1990, modifier 1998, cité par :Démarche des évaluations des missions de service public des missions locales, Ministère de l’Emploi, du Travail et de la Cohésion Locale, Conseil National des Missions Locales, la République française ; septembre 2004, page 10

[16]– هناك من يسميه EvaluationFormative والذي يختلف عن  Evaluation sommative

– L’évaluation en 9 étapes : fiches pratiques pour l’évaluation des actions et programmes santé et social ; document rédigé par le Groupe Evaluation de l’Espace Régional de santé publique, janvier 2004 ; voir le site web www.ersp.org

[17] – Serge Arnaud et Nicolas Boudeville «  Évaluation des politiques et programmes publics » , Éditions de la Performance, Paris, 2004, page 7.

[18]– Aperçu général du suivi etévaluation, Gordon Betcherman, Banque Mondiale, Atelier sur l’évaluation de l’impact de laformation, Casablanca, Maroc 20-22 janvier 2004, page 6

[19]– Dounia AMID « La pratique de l’évaluation des actions publiques: Essai de comparaison entre les modèles Marocain, Français et American » Diplôme des Etudes supérieures approfondies(DASA) ; Université Mohamed V Souissi ; Rabat ; Faculté des sciences juridiques, économiques et sociales ; Souissi – Rabat, 2005-2006, page 49.

[20]– جيمس أندرسون“صنع السياسات العامة”،  ترجمة عامر الكبيسي، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة، -الطبعة غير مذكورة- ص 15

[21] – Dounia AMID « La pratique de l’évaluation des actions publiques: Essai de comparaison entre les modèles Marocain, Français et Américain » Diplôme  des Etudes Supérieurs Approfondies (DESA) ; Op.cit.  Page : 15

[22]-Ibid.  page : 36

[23]– أوردت المادتين 75 و147 من مدونة المحاكم المالية مفردة المشروع العمومي في سياق الحديث عن امكانية المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات القيام بتقييم المشاريع العمومية.

[24]– كما هو الشأن مثلا بالنسبة للتشريع، حيث نقول مشروع قانون عندما يكون في مرحلة الإعداد، أما عندما يمر من جميع المساطر والإجراءات وتتم المصادقة عليه نكون آنذاك أمام نص قانون أي وثيقة منجزة تماما.  والتقييم أنذاك ينصب على القانون المنجز والداخل حيز التطبيق المنتج للأثار.

[25]– نفس الاشكال ينطبق على المادة 147 التي تتحدث عن اختصاصات المجالس الجهوية للحسابات” :”يراقب المجلس الجهوي للحسابات تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 148 بعده، لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء عند الاقتضاء، بإقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته (…) ويمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهام تقييم مشاريع الأجهزة الخاضعة لمراقبته قصد التأكد من مدى تحقيق الأهداف المحددة لكل مشروع إنطلاقا مما تم إنجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

[26]– Initiation aux principes fondamentaux de la gestion de projet, Bureau des technologies d’apprentissage, développement des ressources Humaines Canada (DRHC) ; 2003 ; Page 3

[27]– jean Louis G. Muller « management de projet : 100 questions pour comprendre et agir » AFNOR  2005 , Saint-Denis , France ; page 3.

[28] – Robert KAST et Stéphane LUCHINI « Calcul économique et incertitude socio-politique : une procédure d’évaluation des projets publics » Revue Économie et Prévision n° 156 – 2002-5 ; page 74.

[29]– تركيب شخصي

[30]-ينص الفصل 47-2 من الدستور الفرنسي لسنة 1958 والمحين لغاية سنة 2008 على”  ﻳﺴﺎﻋﺪ  ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ  اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن ﻓﻲ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﻋﻤﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ. ﻛﻤﺎ ﻳﺴﺎﻋﺪ اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﻗﺒﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻗﻮاﻧﻴﻦ اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ وﺗﻄﺒﻴﻖ ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﺗﻤﻮﻳﻞ اﻟﻀﻤﺎن  الإﺟﺘﻤﺎﻋﻲ  وﻛﺬا  ﻓﻲ  ﺗﻘييم  اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ”

[31] – الجريدة الرسمية، عدد 5030،  6 جمادى الآخرة 1423 (15 غشت 2002)

[32]– الجريدة الرسمية، عدد 5898، 9 دجنبر 2010، ص 5222

[33]– الفصل 147 من دسنور فاتح يوليوز 2011: المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله. يتولى المجلس الأعلى ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون. ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ عند الإقتضاء عقوبات على كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة.

[34]– نص المشرّع في المادة  75 من القانون 62.99 المتعلق بالمحاكم المالية لسنة 2002 على:”يراقب المجلس تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 76 بعده، لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء عند الاقتضاء، بإقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته… ويمكن للمجلس(الأعلى للحسابات) أن يقوم بمهام تقييم المشاريع العمومية بهدف التأكد من مدى مطابقة الأهداف المحددة لكل مشروع انطلاقا مما تم انجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

أما بالنسبة للمجالس الجهوية للحسابات فقد نصت المادة 147 من نفس القانون على:” يراقب المجلس الجهوي للحسابات تسيير الأجهزة المشار إليها في المادة 148 بعده، لأجل تقديره من حيث الكيف، والإدلاء عند الاقتضاء، بإقتراحات حول الوسائل الكفيلة بتحسين طرقه والزيادة في فعاليته ومردوديته (…) ويمكن للمجلس الجهوي أن يقوم بمهام تقييم مشاريع الأجهزة الخاضعة لمراقبته قصد التأكد من مدى تحقيق الأهداف المحددة لكل مشروع إنطلاقا مما تم إنجازه وبالنظر إلى الوسائل المستعملة”.

[35]– Mohamed GHAZALI «Esquisse de l’évaluation des politiques publiques » Diplôme du Master spécialisé Management en services  publics, L’Institut Supérieur de Commerce et Administration des Entreprises,  ISCAE, 2002-2003, page : 7.

[36]– عبد الفتاح ياغي”السياسات العامة: النظرية والتطبيق” منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، سلسلة بحوث ودراسات، عدد 474، 2010، القاهرة، جمهورية مصر العربية، ص 76 

[37]– نفس المرجع أعلاه.

[38]– تقرير المجلس الأعلى للحسابات 2008، الجزء الأول، ص 8

[39]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2014، الجزء الأول، ص 129

[40]– جيمس أندرسون“صنع السياسات العامة”،  ترجمة عامر الكبيسي، مرجع سابق،ص 30.

[41]– وجبت الإشارة إلى أن مطالب بعض الحركات الاحتجاجية – حركة 20 فبراير- تأسس على مضمون تقارير المجلس الأعلى للحسابات وشكل قاعدة لها للمطالبة بالمحاسبة.

[42]– تركيب شخصي

[43]– دليل تحليل السياسات العامة، دعم أعمال البرلمان المغربي، أنجز هذا الدليل من طرف مركز جامعة ولاية نيويورك للتنمية الدولية/المغرب المتعاقد مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإدارة دعم أعمال البرلمان المغربي، ص 11

[44]– جيمس أندرسون“صنع السياسات العامة”،  ترجمة عامر الكبيسي، نفس المرجع أعلاه، ص 46

[45]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009، الجزء الأول، ص 8

[46]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009، الجزء الأول، ص 7

[47] – تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2011، الجزء الأول، صفحة 125- 126.

[48]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009، الجزء الأول، ص 7

[49]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2014، الجزء الأول، ص 131

[50]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2009، الجزء الأول، ص 263

[51]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2007، ص 10

[52]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2008، الجزء الأول

[53]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010، الجزء الثاني، ص 180.

[54]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2014، الجزء الأول، ص 42

[55]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010، الجزء الثاني، ص 49

[56]– نفس المرجع أعلاه، ص 53

[57]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2007،  ص  180.

[58]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2010،  ص  167.

[59]– التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحساباتلسنة 2012، الجزء الثاني:  ص 461

[60]– نفس المرجع أعلاه، ص 167

[61]– نفس المرجع أعلاه، ص 335

[62]– تم تعبئة حوالي 20 استمارة من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات والمجالس الجهوية للحسابات في إطار بحث لنيل شهادة الماستر في التدبير الإداري والمالي بكلية الحقوق- اكدال الرباط .

الأكثر رواجًا