أ . محديد حميد

كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الجلفة

مقدمة:

 يعتبر القطاع العام الاقتصادي الأداة الرئيسية في القيام بعملية التنمية الشاملة في الجزائر بإنشاء مؤسسات اقتصادية استجابة لاحتياجات المجتمع في الميدان الصناعي والتجاري، والقطاع الاقتصادي له أهمية حقيقية وثابتة وقائمة في مختلف الأنظمة بغض النظر عن السياسة الاقتصادية المتبعة، وهو قابل للتغيير طبقا للأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة في دولة معينة. 

وفي الجزائر ما فتئ يتعدل ويتغير ليساير المعطيات المستجدة التي تفرزها تلك العوامل عبر مسار تطورها، حيث تم الانتقال من المؤسسة المسيرة ذاتيا(1) التي عرفها تنظيم الاقتصاد الوطني منذ الاستقلال إلى التسيير الاشتراكي للمؤسسات(2) ثم استقلالية المؤسسات العمومية الاقتصادية(3) وأخيرا خوصصة هاته المؤسسات(4). 

ونظرا لأهمية القطاع العام الاقتصادي بالنسبة للجزائر فقد كانت للإصلاحات الاقتصادية والسياسية الأخيرة أثرها البالغ على المبادئ والقواعد التي كانت تحكم المؤسسات الاقتصادية، بالرغم من أن مساوئ السياسة الاقتصادية بدأت تطفو على السطح في أواخر الثمانينات، إذ تم الاعتقاد بأن الحجم الكبير آنذاك للشركات الوطنية جعلها صعبة التسيير، وأن الحل يكمن في إعادة هيكلتها. 

ومع الأزمة الاقتصادية التي عرفتها الجزائر منذ منتصف الثمانينات والتي نجم عنها هبوط سعر برميل النفط إلى 06 دولارات الممول الرئيسي لخزينة الدولة، لم تستطع هاته الأخيرة مواصلة تدعيم مؤسساتها الإنتاجية، وأصبحت تفكر أكثر في إيجاد ميكانيزمات وآليات للتخلص من نموذج التنمية الممركز لمرحلة السبعينات الذي أصبح مكلفا بالنسبة للدولة، لاسيما بالعملة الصعبة في الوقت التي عرفت إيراداتها تدهورا كبيرا بفعل هبوط سعر البترول . 

وقد ارتكزت العملية في بادئ الأمر على مبادئ الغرض منها تحقيق الأهداف من بينها: 

1-   الفصل بين مهام الإنتاج والتوزيع. 

2-   تقليص أحجام المؤسسات دون التفكير في إحداث أي تعديل على طبيعة الملكية. 

وقد تجسدت هاته الأهداف بإصدار مرسوم رقم 80/242 المؤرخ في 11/10/80 المتعلق بإعادة الهيكلة(5) حيث أكدت المادة الثانية منه على أن إعادة الهيكلة المؤسسات العمومية مهما كان نوعها أو قطاع نشاطها أو النظام القانوني التي تخضع له إنما تهدف إلى السعي نحو التلبية المتزايدة لاحتياجات الاقتصاد واحتياجات المواطنين في إطار إنجاز أهداف المخطط الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما أنها جاءت استجابة لمتطلبات الوضعية المزرية التي كان يعيشها الاقتصاد الوطني، والمرحلة الصعبة التي قطعتها المؤسسات الوطنية، فكان الاقتصاد يتميز بجهاز إنتاجي عمومي غير كفء يتميز بتكاليف جد مرتفعة، ومن جهتها كانت المؤسسات تشكو من ضعف في تسييرها الداخلي، فكان من الضروري توفير شروط ملائمة لتحسين التسيير في هذه المؤسسات . 

فكبر حجمها وسوء تحكمها في التكنولوجيا وتزايد لجوئها إلى المساعدة الأجنبية، صعب على الإدارة مراقبتها وتسييرها، كما أن عدم التخصص جعلها تخرج أحيانا عن طبيعتها بسبب سوء اختيار المشاريع والاستثمارات، وان ضعف نظام التوجيه الاقتصادي وثقله وإفراطه في الضغط على المؤسسة خلق نوعا من سوء التنسيق بين الهيئات المركزية وإدارات المؤسسات نتج عنه سوء الفهم وسوء التطبيق الصحيح للتسيير الاشتراكي للمؤسسات، و جعل من هاته الأخيرة عبارة عن مرفق  عمومي هدفه تلبية الحاجات الاجتماعية كالسكن والنقل والطب والحماية الاجتماعية، وسياسية كتنفيذ برامج الخطة المسطرة من طرف السلطة على حساب التوازنات الكبرى للمؤسسة، كسياسة التشغيل الغير مدروس، وتدعيم وتوفير المنتجات وبيعها بأقل ثمن على حساب أرباح المؤسسة.. الخ، بالإضافة إلى الغموض الذي اكتنف نظامها القانوني وتداخل الصلاحيات داخل أجهزتها، فأصبحت بالتالي المؤسسة مشلولة وعاجزة عن تحقيق التنمية والمساهمة في دخل الموارد المالية للخزينة، بل على العكس من ذلك أصبحت عائق أمام السلطة التي لجأت إلى تمويل هاته المؤسسات والتي استهلكت مبالغ مالية كبيرة، فنشاط المؤسسة لم يكن يسعى إلى تحقيق التراكم المالي بقدر سعيه للمحافظة على السلم الاجتماعي، ويعود سبب ذلك إلى الطبيعة الأداتية للمؤسسة والتي جعلت منها أداة سياسية لتحقيق تصورات ظرفية لا تهتم بالمردودية أو بالعقلانية الاقتصادية. 

 لكن عملية إعادة الهيكلة بداية الثمانينات والتي تمخض عنها في رأينا فشل لأسلوب التسيير الاشتراكي غير معلن عنه، وبداية لوضع تصور جديد في تسيير المؤسسة، لم تهتم أبدا بتنمية الموارد البشرية داخل المؤسسة عن طريق تنميتها بالقضاء على النظام الممركز في القيادة والتسيير، و إدخال مرونة أكثر في التعامل معها، واعتماد تسيير حديث ديناميكي يعتمد على الإبداع وروح المبادرة، وخلق محيط جديد داخل المؤسسة يعتمد على الموارد البشرية، و يتماشى مع قواعد التسيير الحديث الذي يجب أن يكون داخل المؤسسة . 

 وهكذا دخلت المؤسسة نتيجة لذلك في عهد الإصلاحات الاقتصادية خاصة في نهاية الثمانينات، بصدور  أحكام القانون 88/01 المتعلق بالقانون التوجيهي للمؤسسات(6)، حيث كان يهدف إلى التخفيف من الضيق الناجم عن تدخل المتجاوز للدولة وإدخال مرونة أكبر في قواعد التسيير والنشاط، وتتلخص هذه الإجراءات في إدخال مفهوم جديد لاستقلالية المؤسسات والقائمين بالنشاط، وتعبئة جميع الجهود دون استثناء حتى تنتقل البلد من عهد البترول إلى عهد الاعتماد على النفس.  

وبدأت الجزائر بمراجعة بعض أساليب اتجاه لامركزية أكثر في التسيير، وإدخال إصلاحات سياسية واقتصادية وما نجم عنها من تعديلات في المنظومة القانونية ، ولتبسيط إجراءات الانتقال إلى اقتصاد السوق اقتضى الأمر إصدار نصوص تشريعية تعيد تنظيم الاقتصاد، ومست جميع القطاعات(7)، كان أخرها الأمر 01/04 المتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها. (8)      

  لكن بالرغم من مباشرة إصلاحات على المستوى الاقتصادي بصفة عامة وعلى مستوى المؤسسات العمومية الاقتصادية بصفة خاصة والتي كانت عبارة فقط عن بداية لسلسلة من الإجراءات التي باشرتها الدولة من أجل تحقيق التوازن للمؤسسة العمومية وجعلها أداة لتحقيق الرأسمال وتراكم الثروة، ورغم ما صرفته من أموال طائلة تعد بالملايير من الدينارات في سبيل النهوض بهذه المؤسسات لكنها لم تستطع هاته الأخيرة مسايرة الوضع الجديد والنهوض أمام عولمة زاحفة في كل المجالات وخاصة مع توقيع اتفاق الشراكة التي قامت به الجزائر مع الاتحاد الأوروبي، واستعداد الجزائر للدخول للمنظمة العالمية للتجارة، حيث ما زاد في تأزم الوضع بالنسبة لهاته المؤسسات أيضا هو تدفق كبريات الشركات الأجنبية للجزائر، خاصة مع الاستقرار السياسي و التحسن الأمني، والتي كانت تقتصر في القديم على النفط ومشتقاته، زادته توفر خزينة الدولة على فائض مالي مريح حفز المستثمرين الأجانب على الدخول للجزائر في جميع الميادين سواء الأشغال العمومية، الصيدلانية، الصناعية، والبناء، و حتى في المنشآت الكبرى، فأصبح من الضروري على المؤسسات أن تفكر في استراتيجية على كل المستويات سواء على المدى القصير والمتوسط والبعيد لمسايرة قواعد اقتصاد السوق الذي يعتمد على المنافسة والتحسين في الأداء والاعتماد على النوعية في التسيير والقيادة، والقضاء على أنماط الممارسات السابقة في قيادة المؤسسة وخلق محيط اقتصادي اجتماعي داخل المؤسسة بتشجيع روح المبادرة والعمل والتحفيز حتى تستطيع مواكبة هذا التغيير ، ولن يتأتى  ذلك إلا بالاهتمام بالعنصر البشري والاستثمار فيه وهذا هو الرهان الذي تواجهه المؤسسات في الوقت الراهن.  

إن التطور العام الذي شهدته التكنولوجيا جعل المؤسسة تتحكم إلى حد بعيد في الإنتاج والتسيير، خاصة من حيث علاقاتها التي تتدخل في تطوير الجوانب الاجتماعية والسياسية في البلاد، لذلك اهتمت  مختلف الأنظمة بدراسة المؤسسة بجوانبها المختلفة سواء الاجتماعية والاقتصادية والقانونية وحتى السياسية، وعكفت جهود الباحثين والدارسين لها من اقتصاديين واجتماعيين وسلوكيين على معرفة دور هاته المؤسسة ومدى أهميتها في تطوير المجتمعات . 

وهو أمر يتطلب إعادة النظر أيضا في تنظيم الاقتصاد واتجاهه أكثر إلى التحرر مع إشراف بنسبة معينة من طرف الدولة، تلعب فيه المؤسسات دورا هاما وبشكل أحسن مما كانت عليه في السابق.(9)  لقد أدخل دستور 1989 و دستور 1996(10) تغييرات جذرية على علاقة الدولة بالاقتصاد بصفة عامة وعلى علاقتها بالنظام الاشتراكي، وبدأت الدولة تتخلص من ملكية المؤسسات الوطنية(11)، كما تجنب النص في الدستور على الملكية العامة و الخاصة التابعة للدولة تاركا هذه الصلاحية للقانون(12)، وأقر حق الملكية الخاصة(13)، كما تخلت الدولة عن احتكارها للتجارة الخارجية تاركة فيها صلاحية الرقابة والممارسة للقانون.(14) 

هذه التطورات الدستورية التي شهدتها بلادنا كان لها أثر أيضا على المؤسسة الاقتصادية التي عرفت تحولا هاما من نظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي، فالدارس لتطور المؤسسة منذ الاستقلال يجد أنها مرت بمراح مختلفة وفق النظام السياسي التي مرت به البلاد. 

 نحن هنا من خلال هاته المداخلة نريد إبراز مختلف العوامل المؤثرة في هذا التغيير، مبرزين دور كل من التكوين والرسكلة في إعداد الموارد البشرية، والتي لا يمكن أن تتحقق بدون إعطاء الوسائل الضرورية والكفيلة من أجل تحسين ونجاعة المؤسسة في الظرف الحالي. 

وسنتطرق في هذا المجال إلى العناصر التالية:

1–   ارتباط المؤسسة بالعنصر البشري:

إن المؤسسات الاقتصادية التي نراها اليوم خضعت لتغييرات مختلفة، شهدتها النظم الاقتصادية والاجتماعية والحضارات البشرية منذ أن تمكن الإنسان من الاستقرار، و خضعت أيضا لأنماط تسيير مختلفة أيضا، ونظرا لأن المؤسسة الاقتصادية تمثل النواة الأساسية للنشاط الاقتصادي للمجتمعات، فإنه لا يمكن الكلام عنها من دون التطرق للعنصر البشري الذي يلعب دورا هاما فيها ، وإن كانت البشرية عرفت العمل منذ القديم وبأشكال مختلفة، فكان القطاع الفلاحي للمجتمعات الأولى هو السائد مع وجود بعض الحرف اليدوية كالتجارة والدباغة والحدادة وهو ما كان يعرف بالإنتاج الأسري ثم ارتبطت اليد العاملة بعدها بالمنتوجات الحرفية، حيث ظهرت في أول الأمر على شكل أعمال مستقلة في البيت وبعدها تطورت إلى ورشات عمل ومحلات، فاختلطت العمالة أو العنصر البشري بين فئتين وهما المعلمين والمتتلمذين، وبدأت تظهر في الحقيقة علاقة خاصة في العمل أضفت نوعا من الثقة والاحترام بين كل من الصناع المعلمين والمتتلمذين عملت على خلق جو من الاستقرار في الجماعة وجو من الانضباط، كما أن نظام الورشة كان أفقيا وليس عموديا مثل ما نراه حاليا بين كل من المعلم والصانع و المتتلمذ، يأخذ ها الأخير بعد استكمال تعليمه درجة الصانع وهكذا، كما أخذت هاته المهنة في بادئ الأمر طابعا وراثيا، ثم تحولت بعض التجمعات الحرفيين إلى تجمعات تجارية بعد ثراء المعلمين، و قد ساعدت الاكتشافات الجغرافية – التي كان لها أثر في تراكم الثروة- على ظهور المصانع في شكلها الأولي، حيث أصبح صاحب المصنع يشرف على العملية الإنتاجية من بدايتها إلى نهايتها ويقتصر دور العامل على تنفيذ برامجه فقط. (15) 

   ومع ظهور الاكتشافات العلمية الحديثة وظهور الاختراعات في القرن 18 و19، وبروز فلاسفة يعتقدون بقوة العقل البشري الذي هو محور الحياة ، مع التسارع في وتيرة العلم والتكنولوجيا أدى ذلك إلى خلق مؤسسات مختلفة لم تكن معروفة كان فيها العنصر البشري هو الأساس في النجاح، مما أدى إلى الاهتمام بهذا العنصر باعتباره العنصر الفاعل والفعال في المؤسسة. .  

ولقد عملت هاته المؤسسات على الاستثمار في العنصر البشري وتوفير المخابر و تحسين من مردودية العمال مكنها من القيام بأنشطة مختلفة من إنتاج وتوزيع وبحث واستعمال التكنولوجيا في الداخل والخارج وكانت فيها مصادر قوة العمل والطاقة خاصة مع اتساع الأسواق الخارجية.  

ولقد ربطت عدة تعاريف المؤسسة بالعنصر البشري، حيث عرفها M Truchy أنها الوحدة التي تجمع  وتنسق فيها العناصر البشرية والمادية للنشاط الاقتصادي،(16) كما عرف كارل ماكس المؤسسة بأنها تكون متمثلة في عدد كبير من العمال في نفس الوقت تحت إدارة نفس الرأسمال ونفس المكان من أجل نفس النوع من السلع. 

    كما عرفها François Peroux أنها منظمة تجمع أشخاصا ذوي كفاءات متنوعة تستعمل رؤوس أموال وقدرات من أجل إنتاج سلعة يمكن أن تباع بسعر أعلى من التكلفة. 

    كل هذه التعاريف ارتكزت على العنصر البشري في المؤسسة، وباعتبار المؤسسة نظاما يلعب فيه العامل دورا كبيرا من اجل رفع المردودية وتحسين النوعية، فإن المؤسسات في الدول النامية والجزائر تركز على الجانب المادي دون أن تعير للجانب الموارد البشرية أهمية ، فالعامل البشري يعتبر هو المحور والنواة في هذه العملية إذ لولاه لما قامت بقية العناصر الأخرى . 

    فالمؤسسة كنظام اجتماعي سياسي لها هدف تنظيم وتنشيط أعمال مختلف الأفراد داخل المؤسسة، يتوزع فيها العمل على مستويات التأطير من أعلى الهرم الإداري إلى القاعدة، وتتمثل مكونات هذه العمليات في إنجاز وتحقيق الأهداف ثم تنظيم العمل، وتحفيز العمال لأداء عملهم بالشكل المطلوب، وقد اهتم عدة علماء والباحثين بالعنصر البشري وأوردو له دراسات خاصة في هذا المجال وذهبوا إلى حد تفسير سلوك العمال وعلاقاتهم بالمؤسسة إلى تحليلات نفسية واجتماعية لفهم العلاقة بين المجموعة والحوافز. (17)  

فالإنسان إذن له جوانب اجتماعية وعاطفية ونفسية تؤثر على المردودية الجماعية في المؤسسة، لذا العنصر البشري الذي يتكون من مجموع العمال في المؤسسة يكونون مجتمعا منظما رئيسيا يحتل فيهكل عامل مرتبة مختلفة عن غيره وذلك بناءا على مؤهلاته.    

  وإذا كانت المؤسسة في النظام الاشتراكي تعمل على الربط بين المصلحة العامة للمجتمع والمؤسسة، فإن الموارد البشرية في النظام الاشتراكي كان يرتكز عل التسيير الإداري المركزي، تكون فيها هاته الموارد محصورة داخل مخطط المؤسسة وتتمثل في تنفيذ والمشاركة دون أن تهتم بالإبداع والنوعية أو ما يعرف بقوة التسيير، بالإضافة إلى ذلك تقوم الدولة بتحديد وتوجيه علاقات العمل ضمن أطر قانونية وتنظيمية محددة تفرض على العمال وأصحاب العمل على السواء قصد ضمان المساواة في الحقوق والواجبات من جهة وضمان استقرار العمل من جهة أخرى. 

    وقد شهدت الجزائر هذا النظام قبل دستور 1989 وكان مطبقا على المؤسسات الاقتصادية رغم الإصلاحات التي بدأت تدخلها الدولة على المؤسسة ابتداء من 1988 وخاصة بعد دخول الجزائر في اقتصاد السوق(18). 

فلم يكن يهتم بالموارد البشرية قبل هاته المرحلة أي قبل الإصلاحات، ولم تكن المؤسسة تعتمد على الابتكار ولا روح المبادرة، بالإضافة إلى أنها كانت تتميز ببيروقراطية في التسيير و بعث روح الاتكال والكسل وقتل كل نوع من المبادرة و الإبداع، كما لم تكن تهتم بالتكوين ولا الرسكلة (19).   

    ويرجع المشكل بالنسبة للجزائر بالأساس إلى سوء التسيير، فكبر حجم المؤسسات صعب على الإدارة مراقبتها وتسييرها، كما أن عدم التخصص جعلها تخرج أحيانا عن طبيعتها بسبب سوء اختيار المشاريع، كما غابت الفعالية في التسيير بسبب ضعف كفاءة الهياكل الداخلية. 

   أما في ظل النظام الاقتصادي الحر والذي من مبادئه الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وحرية المعاملات التجارية طبقا لقانون العرض والطلب، أعطي للموارد البشرية مكانة هامة، حيث يقوم بتسيير المؤسسة إداريون مستقلون عن المالكين ، يهتمون أكثر بالبحث عن أسواق جديدة، لهذا فهم يهتمون بالعنصر البشري هدفهم من ذلك الزيادة في الإنتاج بالاعتماد على النوعية والجودة، لذا حرية العمل التي يتمتع بها العمال  في المؤسسة تخضع للمبادرة والتنافس والتفاني من أجل زيادة الإنتاج. 

2. تسيير ديناميكي في المؤسسة يتطلب تغيير المناهج الحالية وتحسين الوسائل الموجودة، بالإضافة إلى التكوين الدائم. 

أحيانا التنظيم المركزي حتى داخل المؤسسة يقف معرقل في إبراز دور الموارد البشرية وإبراز قدراتها، فعدم وجود قنوات الحوار والتنسيق أثر على قدرات الإبداعية بالنسبة للفرد العامل، لهذا يجب تغيير المناهج الموروثة عن النظام الاشتراكي القديم الذي يعتمد على الجمود وقتل روح التنافس والإبداع، وتحسين وسائل الحديثة في البحث والتأهيل، و يجب البحث على حلول موارد بشرية أكثر نوعية داخل المؤسسة وتوجيه هذه النوعية وفق ديناميكية تسيرية محضة وتشجيع المواهب مع إدخال النجاعة داخل هاته الموارد. 

  3. ماهية الشروط الضرورية لتحقيق نجاعة أكثر للموارد البشرية  

يجب أولا إصلاح وتسيير موارد البشرية من الناحية النوعية، وفي الحقيقة هذا التحسين في الموارد يصطدم بمناخ صعب راجع لوجود عقليات تخلف و بيروقراطية موروثة عن النظام الاشتراكي. 

    من جهة أخرى يجب إصلاح السياسة الحالية في مجال التشغيل التي تعتمد على المحاباة والمحسوبية والتي تزيد من تفاقم المشكل، وأيضا يجب إزالة الشروط الغير حسنة للعمل والتي لا تحفز العمال ولا الإطارات ، كما أنها تنقص من فعاليتهم في العمل. 

والعمال الذين يبدون كفاءة في العمل يجب تحفيزهم، فلا يمكن تحقيق ديناميكية ولا روح المبادرة والعمل والإبداع إذا لم يكن التحفيز مرتبط بمن يستهله. 

4. عدم الترابط والانسجام الموجود بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية أو عدم ربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والتشغيل. 

 إن قوة الأمم تقاس في وقتنا الحاضر بمدى التقدم العلمي الذي تحرزه في المجال استعمال العلم والتكنولوجيا بهدف تحقيق الرخاء الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية، ومجال البحث العلمي له أهمية في تطوير و تسيير المؤسسة الاقتصادية وتنمية الموارد البشرية فيها خاصة بتقديم الطرق العلمية والتقنيات التكنولوجية من اجل تحسين وتطوير المؤسسات. 

والمؤسسات في الدول المتقدمة تولي اهتماما كبيرا لهذا الجانب حيث يشتغل الباحثين في محيط خاص أين يقوم هؤلاء بتطوير البحث داخل المؤسسة، لتقوم هذه الأخيرة بتوفير كل مستلزمات البحث العلمي ناهيك عن ما توفره له من إمكانيات تتعدى ذلك لتمس الجانب الخاص بالعنصر البشري، واعني بذلك حتى حاجيات المبدع العامل الاجتماعية. 

    في حقيقة الأمر إن المنافسة الفعلية هي من طبيعة إبداعية، وهذا معناه أن توفر عناصر الإنتاج ليس مهما بقدر أهمية درجة استغلالها وتسييرها . 

    والبحث العلمي له دور مهم في ذلك، والحاجة إلى دراسة والتعلم هي اليوم اشد من أي وقت مضى، فالعلم والعالم في سباق محمول للوصول إلى أكبر قدر ممكن من المعرفة والتي تكفل للمؤسسة التطور وزيادة الإنتاج، ومع أن البحوث تتطلب أموالا كبيرة في بعض الأحيان إلا أن المؤسسات لا تعطي لها أهمية كبيرة في هذا المجال. 

كما تعتبر المعلومات مصدرا من مصادر التي من الممكن استغلالها لخلق مراكز قوى لدى البعض المسؤولين في المؤسسة لخدمة هدف خاص أو أهداف أخرى مما يؤثر على سير تدفق المعلومات من أسفل إلى أعلى ومن أعلى إلى أسفل وبذلك تكثر الحلقات المفقودة بين الإدارة العليا والعاملين في المؤسسة وبالتالي يؤثر التأثير المباشر على أنظمة المعلومات، وما نلاحظه في الوضع الحالي عدم الترابط والانسجام الموجود بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية، وعدم الاستفادة هاته الأخيرة بنتائج البحوث في الميدان الجامعي، وهذا الانفصال بين  الجامعة والمحيط الاقتصادي والتشغيل، أدى إلى نفور الباحثين الجزائريين لأنهم لم يجدوا الأرضية الخصبة لتطبيق برامجهم العلمية.    

الخاتمة:

أخيرا يجب أن يحتوي قانون العمل الجديد و حتى بالنسبة للوظيف العمومي على ضرورة التكوين الدائم والفعال من أجل تحسين الموارد البشرية، والانتقال من تسيير بيروقراطي ذاتي إلى تسيير حر ديناميكي واستراتيجي، وأيضا من تسيير هيكلي أو تنظيمي إلى تسيير في إطار اقتصاد السوق يتطلب إعطاء مكانة هامة للعنصر البشري، ولا يتأتى ذلك إلا بالاهتمام بالتكوين والتكوين الدائم.               

أيضا يجب بث روح  العمل والتحسيس بالمسؤولية من طرف إطارات في الميدان، والتجارب الحالية أثبتت أن التكوين والكفاءة وحدهما الذين يعطون دفعا قويا في المرحلة الجديدة.    

ومن أجل الوصول إلى ذلك يجب تكريس روح العمل الجماعي مع الشعور بالمسؤولية والمصير المشترك.                                                               

كما يجب إدخال الاحترافية في العمل في الموارد البشرية، وإشاعة جو ديمقراطي بالمشاركة والاستماع إلى العمال وهذا بتقريبهم بمستخدميهم وهذا يتطلب: 

  • إنشاء هياكل ومصالح خاصة أساسية للعمال من أجل تلبية حاجياتهم. 
  • إعطاء وتفويض هياكل سلطة التكوين داخل المؤسسة.
  • الرقابة على التكوين من أجل الوصول إلى نجاعة مثل هذا التكوين.

في الأخير لا يكون أي نجاح أو إصلاح للمؤسسة إذا لم يكن هناك قيادة لديها تكوين هام في التسيير، كما أن العصرنة داخل المؤسسة لا يمكن تحقيقه إلا بحوار بين الشركاء داخل المؤسسة المتمثلة في النقابة والمستخدمين، ولا يمكن تحقيق الوثبة الفعلية إلا من خلال التركيز على العنصر البشري ومفاهيم الكرامة الإنسانية واستخدام نظم الاتصال الفعال والفعالية التنظيمية وأساليب القيادة الحديثة . 

  ومن التجربة التي عايشتها في مؤسسة جزائرية هي مؤسسة تكييف الهواء La Salca التي كانت تابعة لمؤسسة البناء الجزائر قبل أن تتفرع منها في التقسيم الأخير ، والتي كانت مختصة في  التكييف La climatisation الترصيص الصحي والتدفئة Chauffage et La Plomb rie والكهرباء الصناعية، كان لدى هاته المؤسسة مهندسين في الكهرباء والتكييف والصيانة، وعمال مختصين في هذه المجالات  كما أنها تحصلت على مشاريع ضخمة، من بينها التعاقد مع مؤسسة كندية SNC Lava lin Internationale التي كلفت آنذاك بإنشاء ورشة صيانة الطائرات بمطار هواري بومدين الدوليUn hongar de Maintenance والتابع للخطوط الجوية الجزائرية ب 150 مليون دولار ،وباعتباري كنت أعمل بمصلحة الموظفين منتدبا بمتابعة 150 عاملا  لتركيب مكيفات ضخمة وإنشاء أنابيب التدفئة وحماية من النار La protection incendie ، أدركت الكفاءة التي كان يتمتع بها المهندسين الجزائريين سواء التابعين للمؤسسة الجزائرية أم التابعين للمؤسسة الكندية، لدرجة أن جعل بعض الإطارات الكندية تستنجد بهم عندما يكون هناك تغيير معين في المخطط plan يتطلب ذلك، أدركت المجهود الذي يبذلونه هؤلاء الجزائريين في العمل أحيانا خارج فترات العمل، ليس هذا فقط، فقد أدركت أيضا قوة العامل الجزائري من أبسط عامل إلى الإطار الكفء بشرط وجود تحفيز مالي وأقصد بذلك الراتب الجيد الذي يتماشى وإشباع  حاجيات العامل، وأدركت دور التكوين والتكوين المتواصل في تنمية الموارد البشرية التي كانت تهتم به المؤسسة  الكندية. 

أيضا تحصلت هاته المؤسس على عقد إنجاز و تركيب المكيفات في مقر وزارة المالية الجديد التي كلفت بإنجازه مؤسسة المقاولين العرب المصرية لبناء مقر وزارة المالية الجديد الموجود بحي مالكي ببن عكنون منتدبا أيضا بمتابعة 300 موظف لضخامة المشروع ، وتكليف المؤسسة بإنشاء الكهرباء والترصيص الصحي، بالرغم من الحصول على هاته الصفقة ب 80 مليار سنتيم لكن سوء التسيير التي بدأ يطمح في هاته المؤسسة واللامبالاة وعدم الاهتمام بالموارد البشرية وعدم الاهتمام بالتكوين جعل هاته المؤسسة تتقهقر بالإضافة إلى تحول جل مهندسيها إلى مؤسسات أجنبية  لما توفره هاته الأخيرة من مزايا اجتماعية و مادية، و لما توفره من إطار عمل محفز ومشجع ناهيك عن الاهتمام بالتكوين الجيد والرسكلة ورصد أموال طائلة للعنصر البشري. 

هاته التجربة التي عشتها مع مؤسسات مختلفة وهذا الاحتكاك في سلك الموظفين جعلني أرى أهمية العنصر البشري في تأهيل المؤسسة والوصول بها إلى الرقي وزيادة في الإنتاج. 

 إن ما تعرفه بلادنا من استثمارات ضخمة وتنمية كبرى كتحقيق برنامج مليون سكن، جعل بلادنا تستنجد بمؤسسات أجنبية لإنجاز هذا البرنامج الكبير صينية كندية ومصرية وتركية، في حين لم تستطع مؤسساتنا فعل ذلك نتيجة عدم الاهتمام باليد العاملة وعدم التكوين، وتوفير الإطار المحفز لذلك، والنقص الفظيع في بعض الاختصاصات كالبناء والكهرباء الصناعية….إلخ، فكيف للدولة أن تحقق هذا البرنامج الطموح وهي تفتقد للعنصر البشري؟. 

أمام وزارة التكوين المهني مسؤولية تكوين المئات العاملين لتفادي النقص الموجود في اليد العاملة والمشكل المطروح ليس في البطالة بقدر ما هو في توجيه اليد العاملة في بعض القطاعات التي تشكو نقصا في اليد العاملة، و أيضا في كيفية استثمار اليد العاملة في القطاعات الأخرى والاهتمام بها بتشجيعها وتحفيز بعض الأعمال وأكثر من ذلك التكوين في مؤسسات تأهيلية وفي الجامعات في قطاعات استراتيجية لا يولي لها اليوم الاهتمام، فالمشاريع التي تنتظر الجزائر يستوجب الاهتمام بالتكوين والتكوين في كل المؤسسات وفي الجامعات في الصيانة و البناء والأشغال العمومية وأكثر من ذلك يجب تكوين مسيرين أنفسهم des gestionnaires، والمشكل الذي يعترض مؤسساتنا هو عدم وجود مسيريين وإداريين أكفاء، وما أبداه رئيس الجمهورية يصب في هذا المجال حيث أكد على ضرورة الاهتمام بالتكوين في مجالات تفتقد إليها السوق الجزائرية ووجه كلامه لوزير الجامعات قائلا يجب الاهتمام بالتكوين في مجالات معينة في الصيانة والتسيير ، وأردف قائلا نحن نبني هنا وهناك ولكن لا نعرف التسيير ولا نهتم وليس لدينا مسييرين، نحن ننجز ولكن لا نسير. 

 في الأخير يمكن القول أن الاهتمام بالموارد البشري والاستثمار فيها هي الكفيلة بإخراج المؤسسات الجزائرية إلى مصاف المؤسسات الكبرى تضاهي فيها المؤسسات الأجنبية بشرط أن تورد للتنمية البشرية اهتماما خاصا وتوفير إطار عمل محفز وأقصد بذلك الراتب الجيد والتحفيزات المادية والاجتماعية هي الكفيل بإنجاح هاته المؤسسات ووكف عن التسرب الإطارات وأقصد بذلك هجرة الأدمغة، فالجزائر تعلم وتكون والغرب يستفيد.  

    إن المشكل ليس في اليد العاملة الجزائرية ولا في الإطارات وقد أثبت هؤلاء مكانتهم في داخل الوطن وفي الخارج ولا في الكفاءة الجزائرية، المشكل يكمن في عدم الاهتمام بهاته الإطارات وتحفيزها وترك لها حرية الإبداع والقضاء على التسيير البيروقراطي المركزي والاهتمام بالتكوين والرسكلة في جميع القطاعات لان العلم يتطور والتكنولوجيا تتطور ، وهناك دول حديثة العهد بالاستقلال أثبتت ازدهار اقتصادي كبير ككوريا الجنوبية وماليزيا لأنها اهتمت واستثمرت في الجانب البشري.   

 وفي الأخير نستخلص من ما رأيناه ضرورة الاهتمام بالعناصر التالية : 

  • وضع استراتيجية واضحة المعالم وبعيدة المدى للتكوين وفق متطلبات الاقتصادية ووفق احتياجات العامة في البلاد، مثلا برنامج مليون سكن. 
  • اهتمام المؤسسة بالتكوين كاستراتيجية بعيدة المدى لتحسين مرد ودية العمال.
  • الاهتمام بالفرد داخل المؤسسة وعصرنة الإدارة داخل المؤسسة والقضاء على التسيير بيروقراطي. 
  • بعث روح المبادرات وتحسين الأداء بالنسبة للعمال داخل المؤسسة الاقتصادية. 
  • اهتمام المؤسسات الاقتصادية بالتكوين وإعادة التكوين الإطارات والعمال. 
  • وضع استراتيجية  تسهل الانسجام بين الجامعة والمؤسسات الاقتصادية. 
  • ربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والتشغيل. 

الهوامش المرجعية:

1- أنظر مرسوم 63/95 المؤرخ في 22 مارس 1963 والمتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات الصناعية والمنجمية والحرفية وأيضا المستغلات الفلاحية الشاغرة،  الجريدة الرسمية رقم 17 المؤرخة في 29 مارس   .1963

  -Guechet (N) , La législation des vacants en Algérie R.A.S.J.E.P , Année 1963  page 25

2- أنظر الأمر 71/74 الصادر في 16/11/1971 المتضمن التسيير الاشتراكي للمؤسسات، الجريدة الرسمية العدد 101 المؤرخة في 13/12/1971 . 

3-أنظر قانون 88/01 المؤرخ في 12/01/88 المتضمن القانون لتوجيهي للمؤسسات العمومية، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في 13/01/1988. 

4. أنظر الأمر 95/22 المؤرخ في 26/08/1995 المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية، الجريدة الرسمية العدد 48 المؤرخ في 03/09/1995. للإشارة أن هذا الأمر قد ألغي بموجب المادة 42 من الأمر 01/04 المؤرخ في 20 أوت 2001 والمتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها، الجريدة الرسمية العدد 47 المؤرخ في 22/08/2001.

5. أنظر مرسوم 80/242 المؤرخ في 04/أكتوبر 1980 والمتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات، حيث نص في المادة 01 منه أنه طبقا لتوجيهات الميثاق الوطني واللوائح التي ورد التذكير بها في الديباجة الصادرة عن المؤتمر الرابع والمؤتمر الاستثنائي لحزب جبهة التحرير الوطني ، وطبقا لقرارات اللجنة المركزية في دورتيها الثانية والثالثة العاديتين ودورتها الاستثنائية ، تطبق إعادة الهيكلة المؤسسات وفقا لمقررات والبرامج التي تقرها الحكومة في إطار هذا المرسوم.”  

الجريدة الرسمية العدد41 المؤرخة في 07/10/1980 . 

-Boussoumah med , Le secteur public industriel et commercial de L’Algérie coloniale   revue algérienne n° : 1982 Algérie p : 22.

6-لقد صدرت ترسانة قانونية تعبر عن بداية مرحلة جديدة في تنظيم الاقتصاد الوطني و مرحلة جديدة أيضا في تسيير المؤسسة العمومية الاقتصادية، إلى جانب قانون 88/01 المؤرخ في 12/01/88 المتضمن القانون لتوجيهي للمؤسسات العمومية، نجد  قانون88/02 المؤرخ في 12/01/88 المتعلق بالتخطيط، ثم قانون 88/03 المؤرخ في 12/01/88 المتعلق  بصناديق المساهمة  ثم قانون 88/04 المؤرخ في 12/01/88 المعدل والمتمم للأمر 75/59 المؤرخ في 26/12/1975 والمتضمن قانون التجاري والمحدد القواعد الخاصة المطبقة على المؤسسات العمومية الاقتصادية. وقانون 88/05 المؤرخ في 12/01/88 المعدل والمتمم لقانون المالية، و قانون 88/06 المؤرخ في 12/01/88 المعدل والمتمم  لنظام البنوك والقرض، بالإضافة إلى مراسيم أخرى كمرسوم 88/119 المؤرخ في 21/07/88 المتعلق بصناديق المساهمة الأعوان الائتمانيين التابعين للدولة، ومرسوم 88/120 المؤرخ في 21/07/88 المتضمن تشكيل الجهاز المؤهل لممارسة صلاحيات الجمعية العامة لصناديق المساهمة، ومرسوم 88/72 المؤرخ في 29 مارس 1988 المعدل والمتمم لمرسوم رقم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 المتضمن تنظيم صفقات المتعامل العمومي، ومرسوم 88/177 المؤرخ في 27 سبتمبر المحدد لأشكال الأسهم والشهادات التي يمكن المؤسسات العمومية إصدارها. 

7-وفي الحقيقة كانت هاته بداية لمرحلة من التعديلات في النصوص القانونية لا مجال لحصرها مست كل القطاعات كالمؤسسات المالية والبنوك والتجارة الخارجية، كما شملت الاستثمار والمنافسة ونظام الأسعار،..الخ.  

8-يلاحظ أن السلطة كثيرا ما كانت تلجأ للتشريع بالأوامر خاصة في المسائل ذات أهمية وطنية أو التي تثير جذب وشجب من طرف النواب، وقد استعملها الرئيس في إلغاء محافظة الجزائر الكبرى الذي كان بأمر وأيضا  تعديل قانون الأسرة، وأيضا الأمر المتعلق بالرساميل التجارية…الخ، وللإشارة أن من بين أسباب استقالة رئيس الحكومة أحمد بن بيتور هو لجوء الرئيس إلى هاته التقنية فيما يخص إصدار الأمر 01/04 ، وقد أشار إليها هذا الأخير صراحة في نص رسالته المتضمنة الاستقالة،  ولقد لجأت السلطة إلى التشريع بالأوامر لتجنب الخوض في مسألة الخوصصة أمام البرلمان الذي كان يظم نوابا من أحزاب مختلفة ، وأيضا لإبراز مكانة السلطة التنفيذية عن طريق التشريع بالأوامر

-أنظر محديد حميد التشريع بالأوامر في دستور 1996 و تأثيره على استتقلالية البرلمان، مطبعة الفنون البيانية بالجلفة طبعة 2008 ص 200. 

9-أنظر رشيد واضح ، المؤسسة في التشريع الجزائري بين النظرية والتطبيق ، دار هومة طبعة 2002 .

10-أنظر المادة 37  من دستور 1996.  

11- انظر رسالة الماجستير للطالبة بولحبال  نوارة ، تطور علاقة الدولة بمؤسساتها العمومية الاقتصادية في النظام الجزائري ،كلية الحقوق 2003 الجزائر .

12 انظر المادة 17 و 18 من الدستور ، لقد أكدت المادة 18 على الأملاك الوطنية يحددها القانون ….” .

13-انظر المادة 52 من الدستور ، حيث نصت على أن الملكية الخاصة مضمونة ، وهذا بخلاف دستور 1976 الذي لم يكن يعترف بالملكية الخاصة التي تعتمد على استغلال الإنسان والتي تتناقض مع الاختيار الاشتراكي الذي كان لا رجعة فيه ، وهذا طبقا للمادة 16 من دستور 1976.

14-أنظر المادة 19 من الدستور. 

15- أنظر ناصر دادي عدون، اقتصاد المؤسسة دار المحمدية العامة الجزائر طبعة   01 1998  ص31. 

16- أنظر ناصر دادي عدون، نفس المرجع ص 09. 

17- أنظر ناصر دادي عدون، نفس المرجع ص 11. 

18- أنظر  

-Brahimi (M) : Question autour de la réforme de l’entreprise publique économique revue Algérienne n/01 mai 1989.

-Laggoune Walid : De l’etat entrepreneur a l’état actionnaire in revue Algérienne du

1989 p   736

19- وفي الحقيقة المؤسسات تميزت بالفشل نظرا لهذا العامل وعوامل لا مجال لذكرها هنا. وفي الوقت الذي كانت المؤسسة تنحدر من السيء إلى الأسواء، كانت الخزينة تغطي عجز هاته المؤسسات في الوقت نفسه كانت تتباهى فيه هاته الأخيرة بالربح.   

المراجع:

الكتب بالعربية:  

-رشيد واضح، المؤسسة في التشريع الجزائري بين النظرية والتطبيق، دار هومة طبعة الأولى 2002. 

-ناصر دادي عدون، اقتصاد المؤسسة دار المحمدية العامة الجزائر الطبعة الأولى 1998 . 

– حميد محديد التشريع بالأوامر في دستور 1996 و تأثيره على استتقلالية البرلمان، مطبعة الفنون البيانية بالجلفة الطبعة الأولى 2008 . 

الرسائل:  

  نوارة بولحبال ، تطور علاقة الدولة بمؤسساتها العمومية الاقتصادية في النظام الجزائري ،كلية الحقوق 2003الجزائر .

النصوص القانونية

-الأمر 71/74 الصادر في 16/11/1971 المتضمن التسيير الاشتراكي للمؤسسات، الجريدة الرسمية العدد 101 المؤرخة في 13/12/1971 . 

-الأمر 95/22 المؤرخ في 26/08/1995 المتعلق بخوصصة المؤسسات العمومية الاقتصادية، الجريدة الرسمية العدد 48 المؤرخ في 03/09/1995.  

– الأمر 01/04 المؤرخ في 20 أوت 2001 والمتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها، الجريدة الرسمية العدد 47 المؤرخ في 22/08/2001. 

-قانون 88/01 المؤرخ في 12/01/88 المتضمن القانون لتوجيهي للمؤسسات العمومية، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في 13/01/1988. 

قانون88/02 المؤرخ في 12/01/88 المتعلق بالتخطيط، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في   .1988/01/13

-قانون 88/03 المؤرخ في 12/01/88 المتعلق  بصناديق المساهمة، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في   .1988/01/13

-قانون 88/04 المؤرخ في 12/01/88 المعدل والمتمم للأمر 75/59 المؤرخ في 26/12/1975 والمتضمن قانون التجاري والمحدد القواعد الخاصة المطبقة على المؤسسات العمومية الاقتصادية، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في 13/01/1988. 

-وقانون 88/05 المؤرخ في 12/01/88 المعدل والمتمم لقانون المالية، الجريدة الرسمية العدد 02 المؤرخة في 13/01/1988. 

-مرسوم 63/95 المؤرخ في 22 مارس 1963 والمتعلق بتنظيم وتسيير المؤسسات الصناعية والمنجمية والحرفية وأيضا المستغلات الفلاحية الشاغرة،  الجريدة الرسمية رقم 17 المؤرخة في 29 مارس 1963. 

-مرسوم 80/242 المؤرخ في 04/أكتوبر 1980 والمتعلق بإعادة هيكلة المؤسسات الجريدة الرسمية العدد41 المؤرخة في 07/10/1980  

-مرسوم 88/119 المؤرخ في 21/07/88 المتعلق بصناديق المساهمة الأعوان الائتمانيين التابعين للدولة.  

-مرسوم 88/120 المؤرخ في 21/07/88 المتضمن تشكيل الجهاز المؤهل لممارسة صلاحيات الجمعية العامة لصناديق المساهمة،  

-مرسوم 88/72 المؤرخ في 29 مارس 1988 المعدل والمتمم لمرسوم رقم 82-145 المؤرخ في 10 أفريل 1982 المتضمن تنظيم صفقات المتعامل العمومي.  

الكتب بالفرنسية 

-Guechet (N) , La législation des vacants en Algérie R.A.S.J.E.P , Année 1964 page .52

-Boussoumah med , Le secteur public industriel et commercial de L’Algérie coloniale   revue algérienne n° : 1982 Algérie p : 22.

-Brahimi (M) : Question autour de la réforme de l’entreprise publique économique   revue Algérienne n/01 mai 1989.

-Laggoune Walid : De l’etat entrepreneur a l’état actionnaire in revue Algérienne du  1989 p 736.

الأكثر رواجًا