قراءة في تمثلات الشباب التونسي  للمواطنة والمجتمع المدني

د.فاتن مبارك

جامعة قرطاج ،تونس

ملخص:

يعيش الشّباب التّونسي والعربي بصورة عامة، مجموعة من التّحولات في طرق العيش وأساليب التّفكير وأنماط السّلوك، تحوّلات تنطوي على تداخل بين التّقليدي والحديث سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثّقافة أو القيم السّائدة… يتعرّض المجتمع التّونسي كغيره من المجتمعات لحالة من التغيّر والحراك الاجتماعي الذي غيّر في خريطة الفئات العمرية وعطّل الخبرات المهنية وأطال في فترة الدّراسة وأخّر الدّخول في الحياة النّشيطة، وأفرز تعبيرات حياتية أثّرت في فئات المجتمع خاصة الشّابة منها التي تحتلّ بثقلها الدّيمغرافي مكانة هامة داخل النّسق المجتمعي التّونسي. وما يمكن أن يفرزه كل ذلك في مستوى مؤشرات الإعالة، ومن تغيّر على مستوى القيم والمثل في الأسرة والمجتمع.

يبدو إذن، أنّ المجتمع التّونسي بما يمثله من مؤسّسات اقتصادية وسياسية وإجتماعية أمام واقع خاص، ظهر في ظلّه الكثير من المشكلات وأصبح من الضّروري البحث فيها، ويعدّ موضوع الشّباب من المواضيع التي تناولتها عدّة اختصاصات بالدّرس والبحث وذلك للإشكالات العديدة التي يطرحها هذا الموضوع بالذّات. ومن الخطأ التّعامل مع هذه الفئة على أنّها وحدة متجانسة ومنسجمة ومتساوية، بل إنّها كتلة تتباين من فئة لأخرى ومن مجتمع لآخر حسب المستوى التّعليمي والّثقافي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، ليس فقط بالنسبة للشّباب ولكن أيضا، بالنسبة للمجتمع الذي يعيشون فيه.

الكلمات المفتاحية: التغير الاجتماعي ،المواطنة ،المجتمع المدني .

مقدمة:

يعيش الشّباب التّونسي والعربي بصورة عامة، مجموعة من التّحولات في طرق العيش وأساليب التّفكير وأنماط السّلوك، تحوّلات تنطوي على تداخل بين التّقليدي والحديث سواء على صعيد العلاقات الاجتماعية أو الثّقافة أو القيم السّائدة،إلا أنّ الشّباب وبحكم خصائصهم وتطلّعاتهم ومرور نسبة هامة منهم بالتّأهيل المعرفي والاجتماعي، مرشحون لأن يكونوا أكثر تأثرا،ونظرا لهذه التّغيرات هناك عدّة تساؤلات يمكن طرحها شملت المجتمع ككل و”تساؤلات خاصة تتوجّه لفئة الشّباب ولما يمكن أن يدفع به الشّباب للظّهور على السّطح من تغيراتفي القيم والمواقف والتّصوّرات التي تلخّص النظرة العامة لهذه الفئة تجاه المجتمع[1]. فحالة التّغير والتّعديل والحركة الدائمة للمجتمعات الإنسانية سواء كان ذلك في الجانب الاقتصادي أوالاجتماعي أو السّياسي أو الثّقافي تجعل المجتمعات تمرّ من حالة معيّنة للبناء الاجتماعي إلى حالة أخرى تختلف باختلاف الجماعة وظروف نشأتها، “فهي حالة من التّعديلات والعوامل المتداخلة والمتشابكة بتداخل بعضها في بعض التي تطرأ على أنماط العلاقات الاجتماعية كالسّلوك الاجتماعي، وطبيعة بناء الجماعات ومضمون النّظم من خلال فترة معيّنة من الزمن بحيث يمكن ملاحظتها وتقديرها”[2] ومن خلالها تتجسّد الملامح العامة لأي مجتمع.

يتعرّض المجتمع التّونسي كغيره من المجتمعات لحالة من التغيّر والحراك الاجتماعي الذي غيّر في خريطة الفئات العمرية وعطّل الخبرات المهنية وأطال في فترة الدّراسة وأخّر الدّخول في الحياة النّشيطة، وأفرز تعبيرات حياتية أثّرت في فئات المجتمع خاصة الشّابة منها التي تحتلّ بثقلها الدّيمغرافي مكانة هامة داخل النّسق المجتمعي التّونسي، وما يمكن أن يفرزه كل ذلك في مستوى مؤشرات الإعالة، ومن تغيّر على مستوى القيم والمثل في الأسرة والمجتمع. يبدو إذن، أنّ المجتمع التّونسي بما يمثله من مؤسّسات اقتصادية وسياسية وإجتماعية أمام واقع خاص، ظهر في ظلّه الكثير من المشكلات وأصبح من الضّروري البحث فيها، ويعدّ موضوع الشّباب من المواضيع التي تناولتها عدّة اختصاصات بالدّرس والبحث وذلك للإشكالات العديدة التي يطرحها هذا الموضوع بالذّات، ومن الخطأ التّعامل مع هذه الفئة على أنّها وحدة متجانسة ومنسجمة ومتساوية، بل إنّها كتلة تتباين من فئة لأخرى ومن مجتمع لآخر حسب المستوى التّعليمي والّثقافي والوضع الاجتماعي والاقتصادي، ليس فقط بالنسبة للشّباب ولكن أيضا، بالنسبة للمجتمع الذي يعيشون فيه. لذلك فإنّ الإشكالية المطروحة في هذا البحث تتمثل في سؤال هام ورئيسي: كيف أثرت الوضعيات الاجتماعية الجديدة التي يعيشها المجتمع التونسي في مواقف وتصورات الشباب نحو مسألة المجتمع المدني ومسألة المواطنة.

  1. مظاهر التّغير الاجتماعي داخل المجتمع التّونسي :

1.2 مظاهر التّغير الاجتماعي في الأسرة التّونسية :

ورد هذا المصطلح في معجم العلوم الاجتماعية على أنّه “صفة أساسية من صفات المجتمع، ولا يخضع هذا التّغير لإرادة معيّنة، بل أنّه نتيجة لتيّارات وعوامل ثقافية واقتصادية وسياسية يتداخل بعضها في بعض، ويؤثّر بعضها في بعض، فما دام الانسان كائناً اجتماعياً، فإنّ التّغير الاجتماعي معناه التّغير الإنساني وكل تغير في المجتمع ينعكس أثره على الانسان بالضّرورة[3]. فالتّغير الاجتماعي إذن هو تغيّر في البناء الاجتماعي ( متضمنا التّغيرات في حجم المجتمع ) وفي النّظم الاجتماعية، والعلاقات بين النّظم الّتي تدفع بالفاعلين إلى التّعديل في أساليب حياتهم الأسرية والاقتصادية والسّياسية واتّخاذ مواقف جديدة تعكس عوامل وأساليب جديدة في الأفكار والقيم الاجتماعية ومن هنا يمكن أن نبيّن أنّ التّغير الاجتماعي يحدث على عدّة مستويات:

  • مستوى التّغير في الاتجاهات والآراء والأفعال.
  • مستوى فردي أيضا يتمثل في الطّريقة والأسلوب الذي ينتشر به تجديد معين متمثلا في فكرة جديدة، أو ممارسة جديدة.
  • المستوى المجتمعي وهو تحوّل المجتمع من الحالة التّقليدية إلى الحالة العصرية.

حظيت مؤسّسة الأسرة في تونس باهتمام كبير من طرف السلطة منذ الاستقلال “باعتبار أهميتها وحيويتها في تحقيق الاستقرار النفسي والاجتماعي لكلّ أفرادها ولما تتيحه تبعا لذلك من استقرار اجتماعي وسياسي”[4]. وعندما نتحدّث عن السلطة في تلك الفترة فنحن نتحدّث عن المسار الاصلاحي والتّحديثي الذي جاء به الفكر البورقيبي من أجل تحديث كلّ المؤسّسات الاجتماعية الفاعلة داخل المجتمع والتي من خلالها يمكن أن نبني الدولة الوطنية. لقد كان التدخل من طرف الدّولة هاما وحاسما رغم كل النّقد الموجه لها والتّشكيك في مدى فاعلية هذا التدخل الذي مسّ الجانب الاجتماعي والدّيني كذلك. وعندما ننظر لهذا التّدخل الفوقي من طرف الدولة على الأسرة التونسية نجده ينقسم إلى مستويين : المستوى التّشريعي إذ تعتبر مجلة الأحوال الشخصية[5] المؤسس لفكرة المساواة تشريعيا “وهي ثمرة قراءة جديدة للنّصوص المقدّسة”[6] ذات نزعة تحديثية وإرادة سياسية .

ومستوى الصّحة الإنجابية، إذ تعتبر الأسرة إحدى المؤسّسات الرئيسية لإعادة انتاج الرّموز الثّقافية والقيم الاجتماعية لذك كان الاهتمام بها من طرف الحكومة التّونسية لمعرفتها بقدرتها على “إعادة انتاج بنية المجال الاجتماعي، بإعتبارها فئة اجتماعية تجمع بين الذّاتي والموضوعي والذّهني.”[7]  لذلك كان اتباع سياسية تحديد النسّل من المناهج التنموية الاجتماعية التي تهدف إلى الخروج من التخلّف بتهذيب النّسل لأنّ “القوّة اليوم لم تعد بالكم ولا بالعدد ولا بكثافة الشعوب من حيث أفرادها.”[8]

2.2 الملامح الدّيمغرافية المستقبلية لفئة الشّباب داخل المجتمع التّونسي :

لقد أثّرت السّياسة السّكانية التي اتبعتها تونس في جميع الشرائح الاجتماعية الموجودة داخل المجتمع، خاصة وأنّ هذه السياسة أصبحت ثقافة اجتماعية متبناة من جميع أفراد المجتمع وذلك بحكم التّغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثّقافية التي طرأت والتي أثّرت بشكل واضح في المشهد الديمغرافي التّونسي. لذلك فأنّ التّحديد الإحصائي لمرحلة الشّباب كإحدى الشّرائح الاجتماعية المهمة، سيمكننا من استقراء المشهد الديمغرافي العام الذي يتعايش معه هؤلاء الشّباب، والمجتمع التّونسي إحدى هذه المجتمعات التي يحتلّ فيها الشّباب نسبة هامة من المجوعة الاجتماعية من الهرم السكاني. فالطّفرة الديمغرافية التي عرفها المجتمع وضعت أمامه إشكالا اجتماعيا وجب تناوله بكلّ جديّة والبحث فيه وفي تحديداته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وفي وقعه داخل المجتمع وفي علاقته بكلّ ما يحدث من تغيرات وانتفاضات داخل البنى والقيم وعلاقة ذلك بالانفتاح الثقافي وعلاقة ذلك بالدولة وبجميع مؤسّساتها وعلاقة هذه المجموعة بمجوع القيم والمبادئ التي تؤسس “لمجتمع له جذوره وتاريخه وانتماءاته التي تأثرت بجملة التغيرات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية التي أصابته”[9]. “ورغم أنّ تونس شهدت مبكّرا التّحولات الديمغرافية في جانبها المتعلق بالوفيات، ثمّ بداية السّتينات في جانبها المتعلّق بالولادات، فإنّ البنى الدّيمغرافية مازلت لحدّ الآن بنى شابة. هذا من شأنه أن يفرز إشكالات اقتصادية واجتماعية في علاقة بطبيعة احتياجات هذه الفئة العمرية”[10].

لقد عرفت التّركيبة العمرية في تونس تحوّلات كانت موجّهة من طرف السّياسة الحكومية بعد الاستقلال والتي تدخّلت بشكل مباشر في أغلب المؤسّسات الاجتماعية. ولا يمكن أن ننكر أنّ هذا السّلوك الإنجابي أصبح عفويا يتبنّاه  عدد لا بأس به من أفراد المجتمع التّونسي وأثّر في التّركيبة السّكانية بشكل واضح الحاضر أو المستقبل. وهذا ما يظهر بوضوح من خلال الرّسم البياني التاّلي[11]:

رسم بياني:رقم (1) :

نلاحظ أنّ الفئة العمرية 14و25 سنة فما فوق هي التي تشهد تطورا ملحوظا حيث بلغت 67% سنة 2010 وبذلك فإنّ التّركيبة السكانية كما يظهر في هذا الرسم البياني تركيبة شابة،  فليس من المنطق  إذن أن نتجاوز هذه الفئة وأن لا نبحث فيها بوصفها تركيبة سكانية أثّرت في الملامح الدّيمغرافية العامة للمجتمع السّكاني وأيضا بوصفها فئة اجتماعية تحتل مكانة متميزة في السّياق العام لجميع  المؤسّسات والتّركيبات الاجتماعية والاقتصادية وحتىّ الدّيمغرافية المستقبلية. فالحراك الاجتماعي الذي يعيشه المجتمع التّونسي خلق تركيبة سكّانية خاصة  ومختلفة رأينا من المهم إبرازها في هذا البحث لأنّها تمثّل قوى ضغط على مؤسّسات المجتمع ككل وهذا ما سنحاول تفسيره إحصائيا باعتماد بعض الدّراسات الإحصائية التي أقيمت في تونس كما يظهر في الرسم البياني الموالي[12]:

رسم بياني:رقم (2) :

يظهر في هذا الرّسم البياني أنّ الفئة العمرية 14-25 سنة  بعد 10سنوات  أي من 2010 سنة  إلى سنة 2020 ستتساوى مع الفئة العمرية5-14 سنة ليصل كل منّهما بالنسبة للفئة الأولى14% و14,5% بالنسبة للفئة الثانية، أما الفئة العمرية 25 سنة فما فوق فستسجّل ارتفاعا يصل نسبة 64% لنفس السنة ، وهذا ما يعني أنّ التّركيبة السّكانية بدأت في التحوّل وستسجل تغيرا كاملا لملامحها خلال العشرية القادمة إذ ستسجل الفئة العمرية0-4 سنوات انخفاضا يصل 7,3% في نفس السّنة،كلّ هذه التحوّلات تظهر مدى تأثير هذه الفئات العمرية على التّركيبة السّكانية في المجتمع وكذلك علاقتها المباشرة بالتّحولات الثّقافية والاجتماعية المصاحبة،وبالتالي فإنّ فهم مرحلة الشّباب والإحاطة بأبعادها ومستوياتها المختلفة يتطلب اعتماد مقاربة متعدّدة الأبعاد تتناسب مع الطّابع المتداخل لحياة الشّباب وسلوكهم وهو ما يشكّل شخصيتهم الإنسانية كأفراد وأعضاء داخل الجماعة الاجتماعية.

  1. المجتمع المدني والسياقات المنتجة لقيم المواطنة في المجتمع التونسي :

شهدت السنوات الأخيرة في تونس نقاشا حول موضوع المجتمع المدني والإشكاليات المرتبطة به،”وتزداد أهمية مفهوم المجتمع المدني نتيجة تلك النّزاعات التي ارتسمت في الفترة الأخيرة والمتعلقة بتطور الدولة وكذلك العلاقات النّاشئة بينها وبين المجتمع”[13]، حيث تجري بلورة العلاقات الضّرورية بين المجتمع المدني والمجتمع السّياسي، وتبذل جهود فكرية لتأصيل نظري لتلك العلاقات، لقد أضحى لعبارة المجتمع المدني حيز واسع النّطاق لدى الاجتماعيين والسّياسيين ورجال القانون خاصة وقد اعتبره الكثيرين طرف مهم في التنمية، ورغم ذلك فانه مفهوم مصبوغ ببعض الغموض والإشكال وتتمحور حوله عديد التّساؤلات: هل هناك مجتمع مدني وآخر ليس كذلك، لماذا أضحت كثرة منظمات المجتمع المدني مؤشر تنموي هام.

كان من الضّروري في إعتقادنا أن نطرح السّؤال حول أهمية مكوّنات المجتمع المدني لدى الفئات الاجتماعية وهل لديها من المكانة في التصورات الاجتماعية للشباب حتّى تلعب دورا في تشكيل آرائهم ومواقفهم الاجتماعية والسياسية،ولا يمكن أن نخفي الصعوبة التي إعترضتنا عند طرحنا لهذا الموضوع الذي يمثّل إحدى المواضيع الغامضة والمهمّشة في البعد المعرفي لدى العديد من الشّباب التّونسي، فهو “يعبر عن تطور مجتمعي تصبح فيه العلاقات الرابطة بين العناصر الفردية تراعي مصالح كل هذه العناصر بدون استثناء، بل وتسمح لها بالمساهمة في فحص هذه العلاقات وتطويرها وتغييرها”[14]، إذ يمكن لكل تشكيلة اجتماعية أو فئة أو جهة، المساهمة في تسيير وسطها، فتتعدّد بذلك مراكز القول والفكر والفعل،ولقد عبّر مجموع الشباب[15] عن بعض ما يحملونه من تصورات ومواقف حول دور المجتمع المدني ومكوناته في تحقيق بعض من العدالة الاجتماعية وتشكيل المجال العام للأطر والأبنية الاجتماعية التي يتعايشون معها، وضمنها، والتي تقوم بدور هام في تشكيل مستقبلهم الاجتماعي والمهني وسنلاحظ في الجدول التّالي من خلال ما تمّ ترتيبه من طرف أفراد العيّنة، نوعية الأولويات التي يحاولون إيجدها والتعايش معها ضمن المجتمع الذي ينتمون إليه. وسنحاول أن نظهر أولويات  مهمة المجتمع المدني في المجتمع حسب الفاعلين الذين تمّ إستجوابهم بإعتماد متغيّر العمر وهذا ما سيظهر في الجدول التّالي.

جدول رقم: (3)

أولويات عمل المجتمع المدني داخل المجتمع حسب متغيّر العمر

المجموعمقاومة المحسوبيةالمشاركة السّياسيةضمان الشغل لطالبيهتكافؤ الفرص         مهمة المجتمع المدنيالفئة العمرية
100351036.2518.7520 24 سنة
1001321.7343.4721.7325 29 سنة
10013.5129.7232.4524.323035 سنة

المصدر:الدراسة الميدانية

نلاحظ  أنّ هناك تباين في آراء المبحوثين عندما أدخلنا متغيرّ العمر لأهميته  في إعطاء صورة تقريبية لمواقف الشباب  من مختلف الفئات العمرية المكوّنة لعينة البحث وقد تبيّن أنّ أغلب الفئات العمرية تتفقّ  تقريبا حول أمرين إثنين  الأول يتمثل في أن من أولويات المهام التي يمكن أن يظطلع به المجتمع المدني هو ضمان الشغل لطالبيه  وهذا ما عبّر عنه 36,25% من الفئة العمرية 20- 24سنة. فهذه الفئات الاجتماعية ترى أن مساههة مؤسسات المجتمع المدني تتجسّد في إيجاد حلول  لبعض الأزمات المصيرية في مستقبل الأفراد منها البطالة وأزمة التشغيل.

أما الأمر الثاني الذي اتفقت عليه الفئات الاجتماعية هو مبدأ تكافئ الفرص بين جميع الشرائح الاجتماعية حيث يرون أنّ مكونات المجتمع المدني إن تمكنت من التحرّك بحرية داخل المجتمع من خلال النّقابات والأحزاب وغيرها من التّكتلات الاجتماعية فيمكن أن تكون فعلا أطر راعية لجهاز الدّولة في مختلف اتجاهاته وأن تضمن تعددية الأقوال والأفكار وتعطيهم الفرصة للمشاركة في الحياة الاجتماعية.

يمكن أن نستخلص من هذه الأرقام الاحصائية  أنّ  متغيّر العمر يمكن أن يؤثّر في مواقف المبحوثين فكلّما تقدّم سنّ الفرد زادت تجاربه في الحياة وأصبح أكثر إنفتاحا على المواضيع المعيشية التي تخصه كفرد والتي تخصّ المجتمع ككل أيضا، لذلك نلاحظ أنّ هذه الفئات العمرية الأكثر تقدما في السن أعطت أهمية نسبية لمسألة المشاركة السّياسية  وذلك لإعترافهم بأنّ المجتمع المدني له  دور مهم في تشكيل المجال العام للمجتمع، فهو قادر على أن يساعدهم على المشاركة في الحياة الاجتماعية من خلال “مجموعة من الأبنية السّياسية والاقتصادية والاجتماعية والثّقافية والقانونية التي تنتظم في إطار شبكة معقّدة من العلاقات والممارسات بين القوى والتّكوينات الاجتماعية “[16]. إذ يمكن القول أنّ المجتمع المدني هو ذاك الإطار الاجتماعي الخاضع لنظام معين ينضبط له الأفراد المكونون له. “حيث يلتزم الفرد بمجموعة من الضوابط في سلوكه اليومي بشكل إرادي نظرا للاقتناع الذي يحصل عنده بأهميتها بالنسبة للسير الجيد للحياة الجماعية التي توافق إلى درجة كبيرة مصالح الفرد المنتمي إلى هذا المجتمع وأهدافه وطموحاته”[17]، ووفقا لذلك فهو يحمل العديد من الانتظارات من هذه المؤسسات في مجتمعه. وهذا ما سنحاول التحققّ منه في الجدول التالي:

جدول رقم (4): إنتظارات الشباب من مكونات المجتمع المدني حسب متغير المهنة

المجموعمحاربة الفسادتوزيع عادل للثرواتالتعدّدية الحزبيةتدعيم المشاركة الاجتماعية         إنتظارات الشبابالمهنة
10014,9229,8517,2237,31طالب
10031,7644,4423,80عاطل عن العمل
10037,517,545إطار
10033,3426,6640عامل يومي

المصدر: الدراسة الميدانية

تدور انتظارات الشّباب من مكونات المجتمع المدني حول عديد المسائل وقد حاولنا أن نهتم ببعضها و قد تمكّنا أن نحصر بعض من مواقف الشباب بإعتماد متغيّر المهنة و ذلك في محاولة منا لرصد مختلف الآراء، ونلحظ من خلال رصدنا للإجابات بأن أفراد العينة قد حدّدوا البعض من إنتظاراتهم حسب مواقعهم الاجتماعية وحسب نتائج الجدول رقم (4) نلاحظ أنّ الفئات الإجتماعية تعبّر عن مواقفها وإنتظاراتها من خلال مواقعم الاجتماعية ومن خلال المكانة التي يحتلّونها داخل ممجموعاتهم الاجتماعية، فهم يصغون مواقفهم من خلال ما يكتسبونه من تجاربهم المعيشية الخاصة. لذلك كانت أغلب الفئات الاجتماعية المكوّنة لعينة الدّراسة ركّزت إهتماماتها حول المشاركة الاجتماعية ومحاربة الفساد والتّوزيع العادل للثروات ولم يكن المجال السّياسي من بين الانتظارات التي تأمل أن تخوض فيه من خلال التعدّدية الحزبية مثلا. على خلاف هذه الفئات الاجتماعية نجد المجموعة الاجتماعية التي تمتلك مكانة إجتماعية أفضل من خلال ما تمتهنه والتي ركزت مواقفها حول التعددية الحزبية وذلك بنسبة 45% ومحاربة الفساد التي عبّرت عنها بنسبة 37,5% (أنظر الجدول أعلاه).

  هذه النتائح الاحصائية التي تمّ الحصول عليها تظهر أهمية الافتراض الذي أسّسنا عليه بحثنا منذ اليداية والذي يؤكد على أنّ المكانة الاجتماعية للأفراد يمكن أن تتدخّل بقوة في تحديد مواقفهم وتبلور البعض من إنتظاراتهم من المؤسسات الاجتماعية التي يعيشون ضمنها. يمكن أن نستنتج إذن، أنّ الاحتياجات الشّبابية الخاصة التي تطرحها طبيعة الحياة الاجتماعية في عمق الشريحة الشّبابية “تنعكس على هيئة استجابات ثقافية خاصة لمنظومة من الحاجات والمشكلات التي تعترض فئة الشباب وهي تنطوي على منظومة من القيم والمعايير”[18]، وتشكّل ثقافة الشّباب ومضامينها ومنطلقاتها وقيمها إحدى المداخل الأساسية لتحليل وضعيتهم  وإدراك قضاياهم من خلال إدراك منظومة المواقف والاتجاهات التي تستجيب لتطلعاتهم في المرحلة العمرية التي ينتمون إليها. إختلفت الآراء بين محتلف المبحوثين حول دورالمجتمع المدني، وحول إنتظاراتهم منه ولكنّهم إتفقوا تقريبا على أنّه “هو مجموعة من المؤسّسات السّياسية والاقتصادية والاجتماعية والثّقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال نسبي من المجتمع السياسي لتحقيق أغراض متعددة”[19]، منها أغراض سياسية كالمشاركة في صنع القرار على المستوى الوطني، أوالحزبي ومنها أغراض نقابية كالدّفاع عن المصالح الاقتصادية والارتقاء بمستوى المعيشة، ومنها أغراض ثقافية كالجمعيات الثّقافية التي تهدف إلى نشر الوعي الثّقافي وفق اتجاهات كل جمعية، ومنها أغراض اجتماعية كالمساهمة في العمل الاجتماعي لتحقيق التّنمية، فالمجتمع المدني إذن هو مجموع المؤسّسات والمنظّمات التي تتيح للأفراد التّمكن من الخيرات المادية والرّمزية بمعزل عن الدّولة والحكومة.

  1. مفهوم المواطنة ودوره في تشكل تصورات الشباب التونسي:

لقد حاولنا أن نركّز كذلك في هذا الجزء من البحث على مفهوم المواطنة ودوره في تأصيل بعض المواقف لدى الأفراد الذين يعيشون داخل مجتمع متغير بشكل مستمر ومتأثر بمجمل التّحولات التي تصيب العالم في جميع مجالاتها. فهؤلاء الفاعلين يشكّلون مجتمع شاب يرى البعض من الباحثين أنهم يحلمون بعالم مثالي “قد يبتعد عن الواقع ويقطع مع الجيل الذي يسبقه ومع بقيّة المجموعة الاجتماعية”[20] ويبتعد بهم عن بعض المفاهيم الهامة التي تساهم في إظهار التّصورات العامّة  لمختلف أطيافه وفئاته حول عديد المسائل الاجتماعية والسّياسية الهامة منها مفهوم المواطنة ومكانته وكيف للمجتمع المدني أن يمارس دورا هاما في تأصيل هذا المفهوم لدى مجموع المشاركين في المجتمع،ويكشف الجدول التّالي رأي العينة في مفهوم المواطنة ومتى تتحقّق بشكل فعلي.

تركزت أغلب المعاني التي صاغها أفراد العينة  حول معنى المواطنة في الحقّ في التشغيل، ونتبيّن هنا أن أغلبية الشباب يحددون مشاركتهم الاجتماعية من خلال مشاركتهم الاقتصادية، “أي أنّ شعورهم بالحياة والمواطنة والمشاركة الفعلية لا يمكن أن تتحقّق إلا من خلال تمكّنهم من شغل يضمن لهم إمكانية المشاركة في جميع المجالات”[21]، “فمشكلة التّشغيل هي التي تسبّب فجوة إجتماعية، جعلتهم يفقدون الثّقة في مجمل الاصلاحات التي تعد بها الدولة وخاصة الخطابات السّياسية…عدم الثّقة تحوّل  بمرور الوقت إلى تشاؤم وخوف من المستقبل”[22].  وما يمكن ملاحظته في نفس الجدول أنّ أفراد العينة قد إختلفوا في بعض المواقف وقد يعود ذلك إلى متغيّر المستوى الدّراسي الذي يمكن أن يؤثّر في الإختيارات والانطباعات فنجد أنّ هناك مجموعة من الشباب من لهم مستوى جامعي يرون أن معنى المواطنة يمكن أن يتحدّد كذلك من خلال الدفاع على حرمة الوطن وإستقلاليته وهم يمثّلون 40% في حين أنّ بقية أفراد العينة قد إنقسموا بين من يبحث عن الحقّ في الثروات الطبيعية وبين الحقّ في التّشغيل إذ نجد أنّ 50% ممّا من لهم مستوى تعليم ثانوي يركزون على موضوع التشغيل و62,5% من لهم مستوى تعليم إبتدائي يعبرون على نفس الموقف.  

إنّ أغلب الآراء تتمحور مواطنتها من خلال ضمان حقوقها في المشاركة في الدّورة الاقتصادية أي ضمان الحق في التّشغيل وكذلك من خلال حقها في الثروة الوطنية، وهنا يمكن الإشارة أنّ المجتمع التّونسي تتحدّد صوره الاجتماعية من خلال مجالات تمكين فئاته الاجتماعية وحتّى الشّعور بالمواطنة لا يمكن أن يتحقّق في أغلب الأحيان إلا إذا ضمن الفاعل الاجتماعي أنّ له دور ومكانة اجتماعية واقتصادية داخل المجموعة الاجتماعية التي يعيش معها. ولكن هذا لا ينفي أنّ  من له مواقف مختلفة مثلما ذكرنا من قبل ويعود ذلك إلى إرتفاع المستوى الدّراسي لبعض الفاعلين والذي يساعدهم على تفسير الأمور بمنظور مختلف فنلاحظ تنوّعا في إختياراتهم ومواقفهم. وبالتّالي فإنّ “رصد المواقف تجاه عدّة مواضيع مثل درجة الاحساس بالانتماء ودرجة المواطنة والإحساس بها، ا متغيرات ستمكّننا من فكّ شفرة عدّة مسائل  وعدّة مواقف متعلّقة بالشّباب”[23].

يعي الشباب أن المواطنة قيمة من حيث السّلوك والممارسة كما أنّها صبغة اجتماعية لا يمكن الشّعور بها إلاّ إذا تمكّن الفرد منهم من الاندماج في الحياة الاجتماعية في جميع النّواحي، ولكن التّهميش والإقصاء الذي يتعرّض له مجموع الشّباب وعدم تمكّنهم في أحيان كثيرة من فرص عمل مهمة رغم أنّ أغلبهم زوال تعليم عالي حسب تقديرهم  وحسب ما صرّحوا بها في عديد المقابلات المباشرة التي قمنا بها يجعلهم يشعرون أنّهم قد ابتعدوا عن درجة المواطن الذي يسهم في الدّورة الاقتصادية والّذي يمكن أن يؤسس حياة مستقلة، ولكنهم في ذات الوقت يرون أنّ “المواطنة من القيم والمبادئ المهمة التي من الواجب تدعيمها داخل المجتمع وقد تسهم عديد المؤسّسات الاجتماعية الفاعلة داخل المجتمع في ذلك منها المؤسّسات التّقليدية كالمدرسة والأسرة والمؤسسات الحديثة كالمؤسسة الإعلامية”[24]. يملك الشباب أيضا نفس الوعي الذّاتي تقريبا بالقضايا التي تتعلّق بالكيان أو النّظام السياسي لأّنهم مصدر شرعيته، وهم الذين يمارسون يوميا العمل من أجل صيانته ومراقبته والمشاركة في اتخاذ قراراته مباشرة ، ومن خلال المؤسّسات التّمثيلية. ولكن الوضعيات الاجتماعية المختلفة التي يعيشونها هي التي تحدّد لهم سقف أولوياتهم وإختياراتهم، فتجدهم يبحثون عن الحلول لتحسين معيشهم اليومي من الجانب الاقتصادي على حساب الجانب السّياسي أو المدني ولكن ذلك لا يمنع أنّ هناك من عبّر عن مواقف مختلفة وذلك يعود إلى المستوى الدّراسي الذي يمكن أن يساعدهم على تحديد الأمور من جانب مختلف. وقد حاولنا أن نبحث في بعض العوامل التي يمكن أن تؤثّر في تأصيل مفهوم المواطنة لدى المجموعة الاجتماعية  وهذا ما سنوضحه في الجدول التّالي:


جدول رقم (5): العوامل الساعدة في تأصيل مفهوم المواطنة حسب متغير العمر

المجموعتفعيل مشاركة الشّبابالتّربية الأسرية والمدرسيةالتوعية الإعلامية                رأي أفراد العينةالفئة العمرية
10025%18,75%56,25%20- 24
10043,49%21,73%34,78%25- 29
10027%32,46%40,5430-35

المصدر: الدّراسة الميدانية

نلاحظ من خلال في هذا الجدول أنّ أغلب الفئات العمرية  إتّفقت حول أهمية التوعية الاعلامية في تأصيل مفهوم المواطنة، وما يمكن الوقوف عنده من خلال نفس الجدول أنّ الفئة العمرية الأخيرة 30-35 سنة تتفق مع بقية أفراد العينة في نفس المواضيع ولكنّها أعطت أهمية كبيرة إلى التربية الأسرية والمدرسية  إذ أكّد 32,46% من بين المنتمين لهذه الفئة العمرية أنّ التنشئة الاسرية والمدرسية تقوم بدور مهم في تأصيل هذا المفهوم فهم يرون أنّ الأسرة والمدرسة تقوم بدور هام في تأصيل مفهوم المواطنة لدى المجموعة الاجتماعية باعتبارها البيئة الأولى لتنشئة الفاعل الاجتماعي، فهي المؤسّسة الاجتماعية التي تعنى بالتّماسك الاجتماعي لكونها مصدرا لتكوين الشّخصية والانتماء والهويّة الإنسانية والوطنية والمحطة الأولى التي يتزود خلالها الفرد أهم أسس التّربية. “ومن أهم أدوار الأسرة  إعداد الفرد نفسياً وجسمياً وعاطفياً واجتماعياً، وذلك بواسطة تغذيته بالأسس السّليمة للحياة والعمل في المجتمع وتزويده بالمهارات والمواقف الأساسية التي يحتاجها الفرد، عبر مزجها بمتطلبات الموقف ومحدّدات الثّقافة المجتمعية”[25]، وبذلك يستطيع الفرد أن يتعايش في مجتمعه ويندمج فيه إندماجا سليما. فالأسرة “تمثّل البيئة الأوّلية التي يتوجّب عليها الوفاء بحاجات الطفل ومتطلباته من الرعاية القائمة على الحب والتّعاطف والأمن النّفسي والاجتماعي، وبغرس الموروثات والقيم الحضارية والرّوحية في وجدانه بالصّورة التي تؤهله ليشب ناضجا وراشدا وقادرا على تحمل مسؤولياته وواجباته في المستقبل خالية من الشوائب أو الّتبعات السّلبية”[26]. أمّا بقية الفئات العمرية (أنظر الجدول رقم 6) لم تعطي هذا الجانب أهمية كبرى على خلاف إختياراتهم الأخرى لذلك فمن المهمّ أن نتساءل عن درجة الرّضا ودرجة الثّقة التي يكنّها الشّباب لمؤسّسات الدّولة حتّى نتمكّن من فهم تلك الآليات التي تربط الافراد فيما بينهم، ولكي نفهم تلك الآليات علينا أن نقيس درجة الاندماج الاجتماعي ودرجة المواطنة كمتغيرين هامين يمكّنانا من فهم الواقع الحقيقي الذي يتحرّك فيه الشّباب. ففعل الاندماج والقدرة على الاندماج يعود أساسا إلى ذلك الشّعور القوّي بالانتماء والقدرة على مشاركة الآخر قيمه وعلاقاته وهذا ما يدعم الثقة بالذّات.

والمتمعّن لمجموع هؤلاء الشّباب فسيلاحظ تلك السّلوكيات المهيمنة في تصرفاتهم ومواقفهم نتيجة لوضعية إجتماعية واقتصادية وسياسية داخل المجموعة الاجتماعية التي ينتمون إليها، فالظّروف المحيطة بهؤلاء هي التي تؤثّر بشكل مباشر في تشكّل أرائهم ومواقفهم من أمور عديدة تمسّ مشاكلهم أو تمسّ المجتمع الذي يعيشون فيه وقد حاولنا أن تتبّع أراء الشّباب حول تمثّلات المستقبل لتونس كدولة تنتمي إلى محيط عربي إسلامي لم تسلم كغيرها من الدّول من التّأثيرات العالمية في مجالها الاجتماعي والسّياسي والاقتصادي. يطرح موضوع الشّباب مسألة الآفاق والمكانة التي يفتحها المجتمع للأجيال الشّابة، فعندما يشعر الشّاب أنّه يعيش في مجتمع يحسن الإنصات إليه ويمنحه الاهتمام المستحق والرعاية اللاّزمة، فإنه ينخرط بحماس في العمل السّياسي، والعكس صحيح.

الخاتمة :

لقد خلصنا في الحقيقة إلى عدّة إستنتاجات هامة مكنتنا من فهم بعض المواقف التي يحملها الشباب تجاه عديد المسائل، كما تمكّنا من رصد بعض الانتظارات الاجتماعية  لهذا النّوع من الفئات داخل المجتمع. فلا يمكن أن نفصل بين وضعيات الواقع الاجتماعي الذي يعيشه الفرد وبين مواقفه، فالوضعية الاجتماعية ونقصد هنا المكانة الاجتماعية، المستوى الدّراسي، الفئة العمرية…وغيرها من المتغيرات التي يمكن أن تؤثّر في بناء التصورات والمواقف الحياتية لهذه الفئة الاجتماعية فلا يمكن أن ننكر أنّ المجتمع التّونسي واجه ولا زال يواجه عدة تغيرات اجتماعية قلبت عدّة موازين اجتماعية تقليدية كانت هي ميزة المجتمعات المحافظة.

فالمجتمع التّونسي في حالة تغير طرأت عليه عدّة مفاهيم وسلوكيات جديدة أثرت في الفاعلين الاجتماعيين لذلك من المهم أن نهتم بهذه التّغيرات وأن نؤسّس لتفسيرات تساعد هؤلاء الفاعلين على تخطي هذه المرحلة وتكّمنهم من الاندماج بطريقة سليمة داخل المجتمع، ففئة الشّباب قد تمثل خطرا اجتماعيا في الظّاهر ولكنها يمكن أن تكون وسيلة للتّطور والتّجديد إن تمكنت الدولة بجميع مؤسساتها من أن تستوعبهم بطريقة سليمة. وقد خلصنا في هذا المحور إلى عدّة نتائج نحاول ايضاحها كالتّالي:أحد وظائف المجتمع المدني في رأيهم  تقوم على ايجاد تسويات اجتماعية وإقتصادية وسياسية ويظهر ذلك خاصة في الجدولين رقم (4) ورقم (5) ،إذ يساهم بعدّة أنشطة اجتماعية واقتصادية وثقافية وإيكولوجية وسياسية وعلمية لإخراج المجتمع من أزماته الخانقة ومشاكله المادّية والمالية والبشرية والمعنوية المحبطة عن طريق رسم خطط إصلاحية وتغييرية جادة حاضرا ومستقبلا لتحقيق التنمية المستدامة وتطوير القدرات البشرية الذّاتية لخدمة الآخر عن طريق الدفاع عن حقوقه المدنية والسّياسية.لقد خضنا في مسألة المواطنة مع أفراد العيّنة بطرق مختلفة إماّ من خلال الاستبيان أو من خلال بعض المقابلات حتّى نفهم المسألة بشكل أوضخ وقد حاولنا أن نستقرأ مجمل التعبيرات التي يمكن أن تبني لنا مواقف واضحة ولقد ساعدتنا النتائج الإحصائية وكذلك النوعية أنّ نفهم  الأولويات التي يحملها هؤلاء الأفراد في معيشهم اليومي ومن خلالها تبنى تصّوراتهم فالمواطنة في رأيهم هي مجموعة من الحقوق يمكن تلخيصها وترتيبها فيما هو مدني وسياسي واقتصادي وثقافي.

قائمة المراجع :

– إبراهيم مدكور ونخبة من الباحثين، معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985.

– آمال موسى، بورقيبة والمسألة الدينية، سراس للنشر، تونس، 2011.

– الحبيب بورقيبة، خطب الجزء التاسع والعشرون، نشريات وزارة الإعلام، المطبعة الرسمية، 1962.

– حسان قصار، “التغيرات الديمغرافية الاجتماعية: تحليل ديمغرافي  اجتماعي للشباب في تونس” ، وقائع ندوة الشباب ثقافة، بيت الحكمة، تونس.

حسين عبد الحميد، تطّور النّظم الاجتماعية وأثرها في الفرد والمجتمع، الهيئة المصرية للكتاب، 1982.

– حسين توفيق، “التطور الديمقراطي في الوطن العربي، قضايا وإشكاليات“، مجلة السياسة الدولية، عدد 142، 2000.

– محمد الشرفي، الأحوال الشخصية بين التشريع والقضاء وبين الإصلاح في الماضي والإصلاح المنشود في المستقبل، مركز النشر الجامعي، 2008.

– مصطفى المصمودي، النظام الإعلامي الجديد، عالم المعرفة، الكويت، 1985.

– صالح ياسر، “المجتمع المدني والديمقراطية“، منشورات طريق الشعب، سلسلة قضايا فكرية، بغداد، 2000.

– توفيق الديني،  المجتمع المدني للدولة والسياسة، اتحاد كتاب العرب، دمشق، 1997.

– عبد اللطيف أكنوش، “الديمقراطية والدمقرطة والانتقال الديمقراطي” ، جريدة المستقل، عدد 347، 2001..

– عبد الله المجيدل، “دراسة في أزمة الانتماء والمواطنة في التربية العربية“، مجلة الفكر السياسي، سلسلة عدد8، دمشق، إتحاد الكتاب العرب،2005 .

Bernard (R.), « Les valeurs des jeunes entre intégration et exclusion », in Economie et Humanisme, n°367, Institut Nationale de La Jeunesse et de L’Education Populaire, 2003 .

-Cicchelli (V.), « Liens entre générations et médiation ou de quelques paradoxes dans l’analyse de l’autonomi des jeunes » texte présnté au troixiéme Rencontres Jeunes et sociétés, Marseille, Octobre 2007, http://jeunes-et-sociétés.cereq.fr/archives3.htm»,CNRS, 2003.

– Galland (O.), « Adolescence, post-adolescence, jeunesse, retour sur quelques interprétations », Revue Française de Sociologie, Vol 42, N°4, 2001.

-Galland, (Olivier), Roudet, (Bernard), Les jeunes Européens et leurs valeurs, Europe occidentale, Europe orientale, Paris, La Découverte, 2005.

– Galland (O.), Les jeunes Français ont-ils raison d’avoir peur ?,  Paris, Arrmand Colin, 2009.

– Source: Population Division of the Department of Economic and Social Affairs of the United Nations Secretariat, World Population Prospects: The 2006 Revision and World Urbanization Prospects: The 2005 Revision, http://esa.un.org/unpp

– Muxel, (A.), L’expérience politique des jeunes, Presses des Sciences Po, Paris, 2001.


[1]-Galland, (Olivier), Roudet, (Bernard), Les jeunes Européens et leurs valeurs, Europe occidentale, Europe orientale, Paris, La Découverte, 2005, p.329.

[2]– حسين عبد الحميد، تطّور النّظم الاجتماعية وأثرها في الفرد والمجتمع، الهيئة المصرية للكتاب، 1982، ص5.

[3] – إبراهيم مدكور ونخبة من الباحثين، معجم العلوم الاجتماعية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1985، ص165.

[4] – نفس المرجع، ص 14.

[5]– صدرت في 13أوت سنة 1956 في تونس، وهي الإطار القانوني المحوري لتأمين ضمان حقوق المرأة والأسرة، والأساس الفعلي للدّفاع عنهم وعن مكتسباتهم فهي الدستور التّونسي الحقيقي” على حدّ وصف محمد الشرفي.

[6] – محمد الشرفي، الأحوال الشخصية بين التشريع والقضاء وبين الإصلاح في الماضي والإصلاح المنشود في المستقبل، مركز النشر الجامعي، 2008، ص427.

[7] – آمال موسى، بورقيبة والمسألة الدينية، سراس للنشر، تونس 2011، ص122.

[8] – الحبيب بورقيبة، خطب الجزء التاسع والعشرون، نشريات وزارة الإعلام، المطبعة الرسمية، 1962، ص95.

[9]– مصطفى المصمودي، النظام الإعلامي الجديد، عالم المعرفة، الكويت، 1985، ص293.

[10]– حسان قصار، “التغيرات الديمغرافية الاجتماعية: تحليل ديمغرافي ـ اجتماعي للشباب في تونس” ، وقائع ندوة الشباب ثقافة، بيت الحكمة، تونس، ص 105.

[11]– Source: Population Division of the Department of Economic and Social Affairs of the United Nations Secretariat, World Population Prospects: The 2006 Revision and World Urbanization Prospects: The 2005 Revision, http://esa.un.org/unpp

[12]– SourcePopulation Division of the Department of Economic and Social Affairs of the United Nations Secretariat, World Population Prospects: The 2006 Revision and World Urbanization Prospects: The 2005 Revision, http://esa.un.org/unpp

[13] – صالح ياسر، “المجتمع المدني والديمقراطية“، منشورات طريق الشعب، سلسلة قضايا فكرية، بغداد، 2000، ص 2.

[14]-Cicchelli (V.), « Liens entre générations et médiation ou de quelques paradoxes dans l’analyse de l’autonomi des jeunes » texte présnté au troixiéme Rencontres Jeunes et sociétés, Marseille, Octobre 2007, http://jeunes-et-sociétés.cereq.fr/archives3.htm»,CNRS, 2003, p.20.             

[15] ـ مؤشرات إحصائية مقتطفة من دراسة قامت بها الباحثة في تونس معنونة بتونس منظورا إليها من قبل شبابها: التصورات والانتظارات، على 200 شاب  في تونس.

[16] – توفيق الديني،  المجتمع المدني للدولة والسياسة، اتحاد كتاب العرب، دمشق، 1997، ص 30.

[17]– Muxel, (A.), L’expérience politique des jeunes, Presses des Sciences Po, Paris, 2001, p.23.

[18]– Roudet (B.), (Dir.), ibid., p.30.

[19] – عبد اللطيف أكنوش، “الديمقراطية والدمقرطة والانتقال الديمقراطي” ، جريدة المستقل، عدد 347، 2001، ص33.

[20]-Galland (O.), « Adolescence, post-adolescence, jeunesse, retour sur quelques interprétations », Revue Française de Sociologie, Vol 42, N°4, 2001, p. 637.

[21]– Galland (O.), Les jeunes Français ont-ils raison d’avoir peur ?,  Paris, Arrmand Colin, 2009, p.160.

[22]Bernard (R.), « Les valeurs des jeunes entre intégration et exclusion », in Economie et Humanisme, n°367, Institut Nationale de La Jeunesse et de L’Education Populaire, 2003 , p.230.

[23]– Galland (O.), Roudet (B.),  Les jeunes Européens et leur valeurs, Europe Occidentale, Europe Orientale , Paris, La Découverte, 2005, p.340.

[24]– حسين توفيق، “التطور الديمقراطي في الوطن العربي، قضايا وإشكاليات“، مجلة السياسة الدولية، عدد 142، 2000، ص35.   

[25]– عبد الله المجيدل، “دراسة في أزمة الانتماء والمواطنة في التربية العربية“، مجلة الفكر السياسي، سلسلة عدد8، دمشق، إتحاد الكتاب العرب،2005 ، ص11.

[26] – المرجع السابق ،ص20.

الأكثر رواجًا