د.  محمد بوكطب

دكتور في الحقوق.

مــقـدمـة:

يعد المغرب من بين الدول التي شهدت قيام ملكية حاكمة، تمارس سلطات فعلية في صناعة السياسات العامة، بحكم استثمارها لمشروعيتها التاريخية والدينية، والتي تجعل من الملك قائد الأمة الممارس للحكم والسلطة، وذلك بحكم استمرار الملك في منصبه وخبرته وتجربته، واحتكاكه الدائم والمستمر بمختلف الملفات والقضايا الدولية والوطنية.

إذن، تعتبر التوجيهات التي يقدمها الملك للحكومة إثر تعينها بمثابة عرف ووسيلة عمل، حيث أصبحت عادة متبناة منذ الحكومات الأولى، بحيث يعمل على تقديم خطاب أو توجيهات عند تشكل كل حكومة.

وعليه، فقد حدد الملك محمد الخامس رحمه الله في خطابه يوم 12 ماي لحكومة أحمد بلافريج    1958  التوجهات الكبرى التي ينبغي إتباعها، ورسم معالمها،  حيث  قال :”كما خصصنا وقتا آخر لدراسة المذكرات التي رفعت إلى جنابنا، فأعانتنا على تحديد الاتجاه العام لسياسة الدولة، التي نكل إليكم وضع برنامجها على ضوء التوجهات التالية، نود أن تصرف عناية بالغة إلى التعليم… كما نود أن ننظر من جديد في مبنى الجهاز الإداري…”[1].

وعند تعيين حكومة عبد الله إبراهيم في 24 دجنبر 1958، حدد الملك محمد الخامس رحمه الله مهامها في مجموعة من الأهداف ، تمثلت فيما يلي:” متابعة تطبيق البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية… واتخاذ التدابير اللازمة لتشغيل أكثر ما يمكن من اليد العاملة وإيجاد الوسائل العملية لتنفيذها…”[2].

إن التعليمات الملكية إذن، تبرز بشكل واضح في مختلف الخطب الموجهة إلى الحكومة، المشكلة خلال التسعينات، حيث أصبحت نبراسا وطريقا تهتدي بهداها، وتسير وفق تصوراتها. ولقد حدد الملك الحسن الثاني رحمه الله مهام حكومة محمد كريم العمراني يوم 11 نونبر 1993 في الآتي :”وأريد هنا أن أكرر أنه لابد من أن نخرج في برامجنا من الروتينية ولابد من أن نأتي بشيء جديد لا بكل الأشياء الجديدة، ولكن بشيء جديد مع المحافظة على ثلاث نقاط فقط: العجز المالي الذي لا يمكن أن يفوق 1.05، ومراقبة التضخم المالي مراقبة شديدة، وتشغيل وتكريم المواطن المغربي بالاستثمارات والعمل اليومي لا بالصدقة”[3].

إذن يتضح مما سبق، بأن كثافة التعليمات الملكية التي تبرز في مناسبات مختلفة، تعتبر وسيلة لتأطير ورسم السياسة الحكومية، ومنهاجا رئيسيا للعمل الحكومي الذي يظل محكوما ماديا ومعنويا بالتصور الذي يرسمه الملك.

ويعد تقديم البرنامج الحكومي لحظة سياسية هامة في الحوار بين البرلمان والحكومة، ففي خطاب تعيين حكومة عبد اللطيف الفيلالي يوم 27 فبراير 1995 ركز الملك الحسن الثاني رحمه الله على ضرورة الحوار والمناقشة، حيث قال :”وكونوا، دون أن تدخلوا في الجدل العقيم ومع الاحتفاظ بكل ما يجب للمقام في تدخلاتكم في البرلمان، رجال حوار ومناقشة، ولكن مناقشة لا تخرج عن طريق الأدب وحسن المعاملة، ودافعوا عن سياستكم باقتناع وإقناع”[4]، حيث يتيح لهذه الأخيرة عرض نواياها التي تعتزم القيام بها في مختلف الميادين. كما يسمح للبرلمان بمناقشة مختلف النقط الواردة في التصريح الحكومي سواء بالدعم أو بالانتقاد[5].

إذن، منذ حصول المغرب على استقلاله اتسعت الإدارة بشكل أفقي وعمودي، إلى حد لم يكن من الممكن تصورها في أوائل القرن العشرين[6]. وباعتبار العنصر البشري أهم مكونات الإدارة، بل ومحركها الأساسي، فإن الأمر يستلزم أن تعمل على ترشيد استعمال ما تتوفر عليه من إمكانيات بشرية وتوظيفها التوظيف الأمثل، لأنها تستمد قيمتها من قيمة الأشخاص المضطلعين بمسؤولياتها. فمهما بلغت من تطور من ناحية الإمكانيات المادية، فإنه لابد من تزويدها بالعناصر البشرية المؤهلة[7].

إن السياسة الحكومية في ميدان التوظيف،كانت حاضرة في أجندة الحكومات الأولى بعد الاستقلال، وقبل ذلك في تصورات الملك، وخطبه الموجهة إلى الحكومة، حيث حدد لها الاهتمام بقطاع الوظيفة العمومية، ومحاولة إعادة النظر في تركيبة البنيات التنظيمية، والأجهزة الإدارية ومغربتها.

وعليه، تمكنت الإدارة من استيعاب أكبر عدد ممكن من الطاقات البشرية، وبالتالي سد الفراغ الناتج عن مغادرة الموظفين الأجانب للإدارة من جهة. ومن جهة ثانية، يرجع ذلك  إلى تزايد وتنامي أعداد السكان التي فرضت على الدولة ضرورة التدخل في شتى الميادين لتلبية حاجياتهم.

إلا أن تلك السياسة المعتمدة والتي تبناها المغرب في تلك الفترة، لم تكن مبنية على تخطيط وإستراتيجية محددة، بل عملت على إرضاء رغبات الأحزاب السياسة لكسب ودها وتأييدها من جهة، واعتبار الإدارة آنذاك هي المشغل الوحيد من جهة ثانية، خصوصا وأنها لم تفرض أي شروط في عملية التوظيف.

إن إحداث البنيات الإدارية المغربية لم تحكمها شروط عقلانية وتدبيرية، بل كان الغرض منها هو نقل نموذج إداري من دولة ما، دون الأخذ بعين الاعتبار ضرورة ملاءمتها مع شروط وحاجيات المجتمع. وفي الغالب الأحيان فإن الشخص الذي خلقت من أجله هذه  البنية الإدارية لا تنسجم معه القاعدة الأساسية:”الرجل المناسب في المكان المناسب”[8].

لذلك دخل المغرب عهد جديد، و ذلك منذ إصداره للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية في 24 فبراير 1958. فبحكم ذلك النظام المبني على قواعد نظامية وتنظيمية، فإن الموظف أصبح في ظل أحكامه يتمتع بحقوق وتترتب عليه التزامات.

إذن، أخد المغرب بنظام المهنة الدائمة من خلال ما أقره الفصل الثاني من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية :”يعد موظفا كل شخص يعين في وظيفة قارة و يرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارة التابعة للدولة”. و يمكن من خلال التعريف استنتاج ما يلي:

  • أن سلطة التعين في الوظائف القارة هي مقيدة بشرطين أساسين: أولهما توفر شروط التعين الخاصة بأسلاك الإدارة، و ثانيهما وجود منصب شاغر طبقا للقانون المالي. والجدير بالملاحظة هنا أن الموظف المعين في الوظيفة لا يتوفر على حق الموافقة أو الرفض بالنسبة لقرار التعيين. وقد أكد ذلك الفصل 24 أنه:”يتعين على كل مرشح أذن الوزير المختص بتوظيفه أن يجعل نفسه رهن إشارة الإدارة فيما يتعلق بتسمية و تعيين مقر وظيفته و إذا امتنع من الالتحاق بالمنصب المعين له يحذف من قائمة المرشحين الموظفين بعد إنذاره”.
  • الترسيم في وظيفة قارة: إن الترسيم هو الإجراء الذي  يوضع الموظف بموجبه في درجة معينة من درجات التسلسل الوظيفي. وهذا الترسيم يخوله صفة موظف.
  • علاقة نظامية بين الموظف والدولة: وهذا العنصر أقره الفصل الثالث من النظام العام الأساسي للوظيفة العمومية، فعلاقة الموظف بالدولة تعتبر علاقة نظامية، فالموظف يعتبر في مركز تنظيمي ولائحي إزاء الدولة.

وعليه، فإن هذا الموضوع يحاول معالجة إشكالية أساسية وهي ما مدى فعالية السياسات الحكومية في ميدان التوظيف؟ هذه الإشكالية الرئيسية قد لا تكتمل أبعادها، ودلالاتها دون طرح بعض الأسئلة التفصيلية التي تخترق بشكل أو بآخر مختلف محاور هذا الموضوع، وذلك من قبيل:

كيف تعاملت الحكومة المغربية إبان الاستقلال مع مشكلة فراغ الموظفين الأجانب من الإدارة المغربية؟ هل هذه المعالجة كانت سليمة وممنهجة؟ أم أنها تمت بطريقة عشوائية ؟

إن الإجابة عن الاشكالية المطروحة أعلاه، يجعلنا نقسم هذا الموضوع إلى مبحثين: الأول سياسة التوظيف بعد الاستقلال، عبر ذكر سيرورتها الزمنية، أما الثاني فخصصناه لسياسة التخطيط للتوظيف. 

المبحث الأول: سياسة التوظيف بعد الاستقلال

ألقى الاستقلال على الدولة الحديثة عدة مسؤوليات ومهام يستحيل القيام بها على أحسن وجه وفي وقت واحد، وبإمكانيات محدودة بشريا (المطلب الأول)، ولذلك عمدت الدولة والإدارة المغربية إلى نهج سياسة توظيفية ظرفية عشوائية من أجل تدارك الفراغ الإداري. بالإضافة إلى مغربة النصوص القانونية، بهدف ضمان استمرارية المرافق العمومية (المطلب الثاني).

المطلب الأول:  واقع التوظيف بعد الاستقلال

إن الجهاز الإداري الذي اعتمدت عليه الدولة، لم يكن قادرا على تلبية حاجيات السكان بسبب خصوصيته التقليدية في بنياته، وعدم ملاءمة مساطيره وافتقاره إلى الأطر المؤهلة. ففي ظل تلك الشروط كان من اللازم على الدولة أن تتدخل وتبتدئ ببناء جهاز إداري وطني لإقامة وتدعيم أسس سلطة الدولة الوطنية، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية[9].

ولقد ترتب على تزايد تدخلات الدولة بهدف رفع وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، تضخم في عدد الأعوان بصفة ملحوظة، فأصبح من واجب الدولة رسم سياسة عامة لضمان حسن اختيار الموظفين، وتعيينهم، ورسم سياسة واضحة لمرتباتهم، وتقييم إنتاجهم، والسهر باستمرار على سلامة تطبيق هذه السياسة[10]. و بالتالي، فقد تم تفعيل تلك السياسة عبر النظام الإداري، حيث تم في 24 فبراير 1958[11] تبني النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. ذلك القانون الذي أعد مشروعه الأمين العام للحزب الشيوعي آنذاك[12]، شكل ثورة قانونية في مجال الوظيفة العمومية المغربية حيث مكن من إقرار وضعية قانونية نظامية وقارة، من حيث علاقة الموظفين بالإدارة، وقضى على التشريعات التي لا تتفق والمبادئ الأساسية الحديثة للتوظيف، كالمؤهلات العلمية والكفاءات والخبرة اللازمتين لتسيير إدارة الدولة بالفعالية المطلوبة[13].

إن مجرد إستقراء القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية المغربية المنظم بظهير 24 فبراير 1958، يتضح من خلاله أن المغرب يسير في نفس الإتجاه الذي سارت عليه الدول المتقدمة، وخصوصا فرنسا التي تأثر بها كثيرا[14]. الشيء الذي أفضى إلى التشابه بين طبيعة التوظيف السائد في البلدين، ومنها:

1- التوظيف في ظل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية يتم من طرف الإدارات المركزية التي تسهر على تطبيق قواعد شغل الوظائف العمومية. كالإمتحانات والمباريات بأنواعها الداخلية والخارجية من أجل تولية مناصب شاغرة، وفقا لقانون واحد وموحد، ولإجراءات التوظيف؛

2- التوظيف في النظام المغربي مطبوع بإهتمامه بشخص الموظف بذاته فيما يتعلق بمؤهلاته الدراسية وحقوقه ومركزه الوظيفي، وغير ذلك من الحقوق والواجبات؛

3- يتسم التوظيف في ظل النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية بطابع الديمومة، وذلك تماشيا مع رغبة المشرع في خلق نوع من الاستقرار الوظيفي للموظفين العموميين؛

4- إن من مميزات التوظيف بالمغرب إرتكازه على الجانب المالي كما هو سائر في مختلف الدول التي تأخذ بالنظام المغلق في ميدان الوظيفة العمومية، وهذا يفيد إصباغ منصب الشغل  بالصبغة المالية عوض تحديد المهام [15].

وبما أن الموظف العمومي أصبح وجوده ضرورة حتمية في حياة الدولة، لكونه المفكر والمساعد الأيمن، والعامل المنفذ، فإن أهميته فرضت إصدار قوانين وتشريعات تقرر الشروط اللازمة لحسن اختيار وانتقاء الموظفين[16]، لضمان أجودهم داخل الإدارة.

وبعد صدور ذلك النظام، تم إحداث جهاز إداري للوظيفة العمومية بموجب ظهير 14 يناير1959، يسهر على تطبيق مقتضياته، ويعمل على توحيد وتنسيق آليات التسيير الإداري، ويتكفل بمهام إصلاح وتحسين أساليب العمل الإداري[17].

وعليه، لم تقتصر سياسة المغربة على العنصر البشري، بل امتدت لتشمل كذلك النصوص القانونية التي تحكم الوظيفة العمومية بالمغرب. إذ شكلت خطوة ضرورية من أجل ضمان تسيير دواليب الدولة، وإخضاع الموظفين لنص موحد بدل النصوص العديدة والمتناثرة التي خلفتها الحماية.

كما جسد صدور ظهير 008-58-1 الصادر بتاريخ 24 فبراير 1958 مظهرا من مظاهر استكمال سيادة المغرب، وتزكية استقلاله السياسي الذي حصل عليه سنة 1956، لأنه جاء كقاعدة لينظم العلاقات القانونية التي تربط الإدارة المغربية الفتية آنذاك، بمختلف الموظفين الذين تحتاج إليهم، للإشراف على تسيير مختلف أجهزتها الإدارية الحديثة. والذين كانوا من اللازم أن يخلفوا موظفي سلطات الحماية الفرنسية في تلك الفترة[18].

المطلب الثاني:  التوظيف ما بعد الفترة الانتقالية

سبقت الإشارة، إلى أن الإصلاح الإداري تمثلت مظاهره الأولى في صدور ظهير 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، والذي تمثل المشرع عند وضعه للنموذج الفرنسي[19]. ومن أهداف ذلك النص القضاء على الاختلاف الذي كانت تعرفه الأوضاع النظامية للموظفين خلال عهد الحماية: (أطر مختلطة تخص الفرنسيين، وأطر خاصة بالمغاربة وأطر ملحقة بالإدارة المخزنية)[20].

وبالتالي، اهتمت الدولة بالتصدي لمشكلة تعويض الفراغ الإداري، وذلك بخلق نظام أساسي يهدف إلى تكوين الأطر ورفع مستواها المهني. حيث تم إحداث مراكز للتكوين الإداري بهدف إعطاء بعض الموظفين نوعا من التكوين الموجه، خاصة للتسيير بالنسبة للأطر المتوسطة والصغرى، كما اهتمت الدولة بتكوين الأطر العليا.

ولقد لعبت المدرسة الإدارية المغربية دورا كبيرا في تكوين الأطر العليا الإدارية،وبعثت الدولة في نفس الوقت عددا كبيرا من الأطر للخارج قصد التكوين[21].

ورغبة من وزارة التربية الوطنية في أن يتوفر رجالها على الكفاءة الكاملة، فقد نظمت تداريب تربوية، ورحلات دراسية، وتبادلات ثقافية دولية وتجمعات لتحسين تكوين هؤلاء الموظفين داخل المغرب و خارجه.

وعليه، فقد تم تكوين 2837 معلما من ذوي الثقافة المزدوجة حتى يمكن تعويض الموظفين الأجانب الذين يعلمون اللغة الفرنسية، تنفيذا للخطة المتبعة قصد مغربة الإطارات.

لقد كان عدد الموظفين المغاربة سنة 1959 يشغلون 9044 من بين 12485 وظيفا، بينما كان عدد الوظائف التي يشغلها الأجانب 3341. وفي نفس السنة، تم تخصيص إدارات المدارس للمرشحين المغاربة وحدهم، بينما كان عدد إدارات المدارس الابتدائية التي كان يسيرها موظفون أجانب تبلغ 683  في سنة 1957، في حين أصبح عدد المديرين الأجانب لا يتجاوز 293 في سنة 1962 [22]. ولقد نتج عن الزيادة الملموسة في عدد الموظفين إعطاء وجه جديد للوظيفة العمومية ولسياسة التوظيف، حيث وجدت الإدارة نفسها أمام ضرورة احترام المبادئ التي نص عليها النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية،وتكييفها مع المعطيات الجديدة للتسيير الإداري.

  وعليه، فقد تم اتخاذ عدة تدابير واعتماد عدة ظهائر ومراسيم[23]، للأخذ بعين الاعتبار ضرورة ضبط سياسة التوظيف بالإدارات العمومية[24].

وإن أهم ما يمكن تسجيله خلال تلك الفترة في ميدان الإصلاح الإداري، هو ما يسمى بـ “إصلاح نظام الأطر”، خصوصا وأنه على مدى الأربع سنوات التي تلت الاستقلال، لم يكن الاهتمام بالمستوى الثقافي أمرا إلزاميا عند التوظيف، لذلك كان لابد من التركيز على التكوين، وعلى بناء الهياكل القانونية للوظيفة العمومية.

ويبدو أن السيد أمحمد بوستة لم يستطع القيام بذلك الإصلاح، أو ربما واجه بعض الصعوبات، فقد وجه منشورا بتاريخ 11 غشت 1960[25] يطلب فيه من باقي الوزارات موافاة وزارته بمشاريع حول الأنظمة الأساسية لموظفيها.

لكنه لم يتلق أجوبة كافية، مما اضطر إلى توجيه منشورا جديدا بتاريخ 10 شثنبر 1960 [26] ألح فيه على ضرورة الإسراع بتهيئ تلك المشاريع، مؤكدا أن وزارته اتخذت كل الإجراءات لإلغاء النظام الاستثنائي للتوظيف،والدخول ابتداء من 1 يناير 1961 في برنامج لإصلاح الهياكل الإدارية[27].

وإذا كانت الدولة تتجه نحو التدبير الجيد لمواردها البشرية، خصوصا بعد رحيل الأجانب، فكان عليها في المقام الأول أن تهتم بالمستوى الثقافي للموظفين لإقرار المباراة. لكن العكس هو الذي حصل، حيث تم إصدار مرسوم متعلق بالنظام الأساسي الخاص بأسلاك الإدارة المركزية والموظفين المشتركين بالإدارات العمومية[28]، الذي ألغى التوظيف الاستثنائي الذي قد أشار إليه، وأقر التوظيف بناء على المباراة دون مراعاة للمستوى الدراسي العالي في التوظيف، وهو بذلك يكرس دونية المستوى في تقلد الوظائف الإدارية.        

إن المرسوم الجديد، جاء ليسن قاعدة يمنع فيها التوظيف الاستثنائي ويقر المباراة كأسلوب جديد للتوظيف. في حين كان على المرسوم أن ينساق مع التوجهات الكبرى للدولة، ومع سياسة التوظيف المبنية على الكفاءة والخبرة، والتي أقرتها الدولة من خلال السياسات العامة.

وعليه، فإن مختلف المبادرات الإصلاحية التي حدثت طوال الأربع سنوات الأولى للاستقلال، لم تحظ بالدعم الكافي  نحو تنمية إدارية حقيقية بسبب غلو البيروقراطية السلبية، وتواضع نسبة الاستثمار في العنصر البشري العامل في الإدارة[29].

ومن مسبباته، النظرة إلى نفقات التعليم كعبء التي اقتضت شرعية التقليص من فرص الولوج إلى المستويات العليا. حيث تم خلق أسلاك دنيا في الوظيفة العمومية، شكلت أكثر من ثلثي المناصب في مجموعها. من هنا، لم تفرض المنظمات الإدارية هرميتها بشكل مستقل كما في النموذج الوبيري البيروقراطي، بل إن النظرة إلى التعليم كعبء، هي التي فرضت تلك الهرمية المتميزة بتضخم كبير في القاعدة، على حساب المستويات الأخرى. ومعنى ذلك أن الإدارة ستشكو من تضخم في وظائف التنفيذ على حساب وظائف التصور والتخطيط، نظرا لضآلة العنصر البشري اللازم للقيام بها [30].

المبحث الثاني: سياسة التخطيط للتوظيف

لقد كان من هدف المخطط الثلاثي (1965- 1967)، والتصريح الحكومي المقدم أمام البرلمان، هو إعداد البنية التحتية للتنمية وتكوين الأطر لتعويض المغادرين الأجانب للإدارة الوطنية الفتية (المطلب الأول). لذلك، فإن المخطط الخماسي (1968 -1972) سعى إلى تجاوز تلك الوضعية ولو نسبيا، وذلك بإقراره للنصوص القانونية المنظمة لسياسة التوظيف على وجه الخصوص، بارتكازه على المباراة كأسلوب وقاعدة عامة، بدل التوظيف المباشر الذي اعتبر استثناءا (المطلب الثاني)، والذي لا يتناسب مع توجهات الدولة.

إن الإنعاش الاقتصادي الذي عرفه المخطط الخماسي (1973-1977) انعكس بدوره على إنشاء المرافق العمومية، وبالتالي الزيادة في أعداد الموظفين (المطلب الثالث)، نتيجة ارتفاع أسعار الفوسفاط وانتعاش الاستثمار. لكن سوء التدبير والظروف الاقتصادية والطبيعة التي عرفها المخطط الثلاثي (1978- 1980) أثرت على سياسة التوظيف خاصة وعلى الاقتصاد بصفة عامة (المطلب الرابع).

المطلب الأول: توجهات المخطط الثلاثي (1965-1967)

بعد وضع أول دستور سنة 1962، عرفت البلاد أول تجربة انتخابية تشريعية بتاريخ 7 ماي 1963 حيث تم انتخاب مجلس النواب، ثم مجلس المستشارين بتاريخ 4 أكتوبر 1963.

وقد اجتمع البرلمان لأول مرة بمقر كلية العلوم بالرباط يوم الاثنين 18 نونبر 1963، وانتخب بعد ذلك السيد عبد الكريم الخطيب رئيسا لأول مجلس نواب مغربي يتكون من 144 عضوا، في حين انتخب السيد لمفضل الشرقاوي رئيسا لأول مجلس للمستشارين يتكون من 128 عضوا[31].

وبتاريخ 11 يناير1964 تقدم السيد أمحمد باحنيني ببرنامج حكومته الذي استمر نقاشه أحد عشر يوما. وبحكم خصوصية تلك الفترة، فقد واجهت الحكومة مشاكل سياسية لا طائل لها، ناتجة في مجملها عن المواجهات التي عرفها أول برلمان مغربي[32].

فمن خلال نظرة مبسطة، يبدو أن الإدارة المغربية لم تحتل حظا كبيرا في أول برنامج حكومي، ذلك الوضع انعكس على الميزانية التي كانت تقشفية، وعلى المخطط الثلاثي الذي إرتكز بدوره على الفلاحة والسياحة وتكوين الأطر.

لكن، إذا تفحصنا ذلك  البرنامج، فسنجده يتضمن بعض الإشارات والتلميحات إلى الإدارة، وجعلها في صف واحد مع القضاء، من خلال تصريح السيد امحمد باحنيني حين قال :”ولئن كانت المشاكل الإدارية تشغل بالنا، فللقضاء منزلة الصدارة في أنفسها…”[33].

في تلك الفترة لم يعمر برلمان بالمغرب مدة طويلة، إذ بدأ أعماله في 18 نونبر 1963 وأوقف على إثر إعلان حالة الإسثتناء يوم 7 يونيه 1965. أي أنه لم يدم سوى سنة ونصف، ناقش فيها ميزانيتي 1964 و1965 والتي عبرت الحكومة عن الإرادة التقشفية في برنامجها، خصوصا وأن العجز في  الميزانية كان مرتفعا في سنة 1964 .

ولقد تقدمت حكومة السيد امحمد باحنيني بالمخطط الثلاثي(65-67) الذي لم يتضمن بدوره أية إجراءات تخص الإصلاح الإداري، باستثناء جانب تكوين الأطر الذي يهم التعليم بشكل مباشر، وله علاقة بالرغبة في تزويد الإدارة بأطر كفأة[34].

وعليه، وأثناء مرحلة المخطط الثلاثي سوف لا يتم توظيف المعلمين إلا في إطار المقاعد الشاغرة، عقب ذهاب بعض المعلمين أو نتيجة مغربة بعض الدروس، أو عند الانتقالات أو بسبب وفاة رجال التعليم، إذ بلغت عدد التوظيفات الجديدة 1800 توظيفا.

وامتاز المخطط الثلاثي بوضع سياسة ترمي إلى تحسين تكوين رجال التعليم، الذين يعملون في إطار التعليم حتى تتقوى معلوماتهم ويرتفع من جراء ذلك مستوى التعليم الابتدائي. وعليه بلغ عدد المعلمين في المخطط الثلاثي ما يلي:

– عدد المعلمين في سنة 1964- 1965:

عدد المعلمين المهيئين: 3875 معلم

-1290تلميذ معلم من المدارس الإقليمية.

تخطيط لتكوين إطارات التعليم الابتدائي وتحسين تكوينهم:

  1. معلم شاركوا مدة سنة في دروس تحسين التكوين؛
  2. معلم شاركوا مدة سنتين في دروس تحسين التكوين؛
  3. تلميذا درسوا سنتين بالمدارس الإقليمية بدل سنة واحدة؛

– أما المعلمون الباقون وعددهم 875 فتم تحويلهم وتوجيههم إلى قطاعات أخرى[35].

ويعتبر تكوين إطارات التعليم الثانوي من الأهداف الأساسية في المخطط الثلاثي، الذي رسم حاجيات التوظيف في:

– السنة الدراسية 1965-1966                               1527 وظيفة يتعين إنشاؤها؛

– السنة الدراسية 1966-1967                                1688 وظيفة يتعين إنشاؤها؛

– السنة الدراسية 1967-1968                               1493 وظيفة يتعين إنشاؤها.

وتتوزع الوظائف على الشكل الآتي:

[36].

لقد أكدت الوثيقة الدستورية، ولاسيما النصوص المتصلة بالسلطة التنفيذية على وضع الإدارة رهن إشارة الحكومة. وهو ما يوحي وضعها خارج الصراع السياسي، خصوصا وأن الفترة الموالية للاستقلال شهدت صراعا حادا على السلطة وعلى مراكز القرار والنفوذ.

ولتفادي استئثار أطراف النزاع بالإدارة التي قد تخل بالتوازنات الداخلية للنظام السياسي، فلقد تم وضعها تحت إشارة الجهاز التنفيذي الذي يعينه الملك لتمارس مهامها التنموية في حياد واستقلالية تامة[37].

إن الأوضاع السيئة التي آلت إليها البلاد في تلك الفترة، جعلت الإدارة المغربية السبب الرئيسي في عرقلة جهود التنمية، تلك الوضعية المزرية دفعت الملك الحسن الثاني رحمه الله إلى إصدار مجموعة من التوجيهات يوم 20 أبريل 1965 حول مختلف القطاعات وارتباطها بالتخلف أو النمو، ونجده قد تطرق إلى محور الإدارة حيث قال:”… كثر القيل والقال حول جهازنا الإداري الذي ألصقت به اتهامات مسيئة إلى سمعته، وبالتالي إلى سمعة البلاد… وبالإضافة إلى ما هو منصوص عليه في قانون الوظيفة العمومية من حقوق الموظف وواجباته، فقد وطدنا العزم على أن يسير جهازنا الإداري وفق المبادئ الآتية، ونتخذ التدابير المعروضة فيما يلي:

1- المغاربة سواء فيما يتعلق بالشروط المطلوبة لنيل الوظائف والمناصب العمومية. وهذا المبدأ الصالح قد اكتسى صبغة دستورية. واجتنابا لكل حيف أو محاباة يجب أن يباشر التوظيف عن طريق المباراة طبقا لما ينص عليه القانون…”[38].

وفي يوم 21 غشت 1965 صدر مرسوم ملكي ينظم اختصاصات وزارة الشؤون الإدارية، علما أنها ألحقت بالأمانة العامة للحكومة في تلك الفترة. إن المهم في ذلك المرسوم كونه أمد جهاز الشؤون الإدارية باختصاصات واسعة ترتبط بالإصلاح الإداري وفقا لما تضمنته التوجيهات الملكية الصادرة في هذا الإطار.

وبالفعل وبإرادة ملكية سامية فقد ترجمت تلك التوجيهات إلى نصوص قانونية، حيث تم إصدار مرسوم ملكي متعلق بسن النظام العام للمباريات والامتحانات الخاصة بولوج أسلاك ودرجات ومناصب الإدارات العمومية[39]، الذي أكد على أن التوظيف في الإدارات العمومية يجب أن يتم وفقا لشروط مضبوطة، وحدد نظام المباراة كقاعدة عامة لذلك، على أن تكون مفتوحة لجميع المرشحين بدون استثناء، ووفقا للشروط المطلوبة. أما التوظيف المباشر فيعتمد بصورة  استثنائية لتلبية حاجيات الإدارة[40].

المطلب الثاني: توجهات المخطط الخماسي (1968-1972)

مباشرة بعد إصلاح نظام الأطر بمقتضى المرسوم الملكي رقم 67-401 بتاريخ فاتح أبريل 1967، تطرق الحسن الثاني رحمه الله في خطاب العرش لسنة 1968 إلى النصوص الصادرة بخصوص إصلاح نظام الوظيفة العمومية وتوحيد قواعدها، ومما جاء في الخطاب :”… وتنفيذا لهذه النظم والقوانين، فقد شرعت وزارتنا في الشؤون الإدارية، في عملية إدماج الموظفين في الأسلاك الجديدة المنبثقة عن الإصلاح، متعاونة في ذلك مع وزارة المالية، ومختلف الوزارات التي يعنيها الأمر،وقد قطعت إلى الآن في هذا المضمار مراحل شاسعة، ولن تنصرم السنة الحالية حتى تكون العملية قد انتهت، أو أشرفت على الانتهاء”[41].

وعليه، فقد صدر المرسوم الملكي المتعلق بتحديد المقتضيات المطبقة على الموظفين المتمرنين بالإدارات العمومية رقم 68-62 [42]  وكذلك الوضعيات المطبقة عليهم.

وفي خطاب العرش لسنة 1969 أخبر الملك الحسن الثاني رخمه الله ، بإتمام عملية إصلاح نظام الأطر، وإدماج الموظفين في الأسلاك المحدثة، وقال بأن العملية شملت ما ينيف عن 62 ألف موظف، وهي نفس السنة التي عين فيها الملك السيد أحمد العراقي وزيرا أولا بتاريخ 1969، الذي لم يقدم برنامج حكومته إلا بعد مرور سنة عن تعيينه، أي بعد تعديل الدستور وانتخاب مجلس النواب.

ولعل أبرز ملاحظة يمكن إثارتها بخصوص برنامج السيد أحمد لعراقي، أنه ركز على نفس الأسبقيات الواردة في المخططات السابقة، أي الفلاحة والسياحة وتكوين الأطر. أما فيما يتعلق بالإدارة فإننا لا نجد في ذلك البرنامج أي إشارة مباشر لها، باستثناء ما يتعلق بالسياسة المالية، ونفقات التجهيز، أو ما يتعلق بالتعريب والمغربة، ضمن إشارات عابرة[43].

وبما أن البرنامج الحكومي تطرق إلى نفقات تجهيز الإدارات، فقد أشار المخطط الخماسي 68-72 إلى ذلك، حيث سيكون من نتائج الزيادة السريعة جدا في ميزانية تجهيز الإدارات، والزيادة المرتبطة بها في ميزانية التسيير، حيث انتقل عدد موظفي الإدارة من 215000 في سنة 1968 إلى 258000 في سنة 1973[44].

جدول تلخيصي للوظائف المحدثةالزيادة الصافية
الفلاحة275.000
المعادن والطاقة والفوسفاط2.000
الصناعة والصناعة التقلدية والأشغال العمومية27.000
النقل36.000
الخدمات57.000
التجارة45.000
الإدارة43.000
مجموع الوظائف الجديدة المحدثة485.000

إن عدد وظائف الشغل المحدثة خلال المخطط الخماسي بلغت 485000 (الزيادة الصافية في عدد الوظائف التشغيلية فيما بين 1969 و 1973). ففي مجال الفلاحة نجد أن استثمارات المخطط الخماسي 1968-1972 هدفت إلى زيادة المساحات المسقية وتحديد القطاع السقوي، الذي نتج عنه إحداث 275.000 وظيفة فلاحية، أي %57 من الوظائف المحدثة على إثر الاستثمارات التي ستنجز خلال المخطط الخماسي.

أما أهداف المخطط في مجال المعادن والطاقة والصناعة والبناء والأشغال العمومية، فسوف تمكن من إحداث 29000 وظيفة جديدة. وهو رقم ضعيف نسبيا مقارنة بالمجهود المبذول. والواقع أن الأمر يتعلق من جهة بتجديد الصناعات الموجودة. ومن جهة أخرى بإنجاز مشاريع تتطلب رؤوس أموال هامة.

أما في ميدان الصناعة التقليدية فإن الغرض من الاستثمارات المزمع إنجازها هو تنظيم إنتاج وتسويق المنتوجات تنظيما معقولا. وسوف تتم تلك العملية في أول الأمر في القطاعات العصرية من ذلك الفرع، وذلك بقصد تصديرها بصفة رئيسية.

إن إحداث الوظائف سوف يمكن من تعويض الخلل الناتج عن النقصان الكبير في الوظائف المرتبطة بالصناعات التقليدية، وذلك في القطاع التقليدي من هذا الفرع (النسيج).

أما التوظيفات المالية في ميدان النقل البري والنقل بالسكك الحديدية، وفي ميدان السياحة والتجارة، تلك التوظيفات الرامية إلى تحسين وتجديد العلائق التجارية داخل البلاد، ومع الخارج وخاصة إلى تحسين التجهيز الفندقي للمغرب، سوف تؤدي إلى إحداث 138000 وظيفة جديدة في تلك القطاعات الكبرى[45]

المطلب الثالث: توجهات المخطط الخماسي (1973-1977)

جعلت الحكومة منذ الستينات التوظيف أحد اهتماماتها، مما جعلها تتخذ مجموعة من التدابير لاستيعاب أزمة البطالة، هادفة بذلك تحقيق التوظيف الكامل. ومن أهم التدابير التي اتخذتها الدولة في ذلك المجال تكثيف التوظيف المباشر من طرف الإدارات العمومية، حيث تمكنت بالفعل منذ السبعينات من خلق آلاف المناصب المالية انتقلت من 1134 منصبا سنة 1972 إلى 51416 منصبا سنة 1976[46].                 

وبعد فترة النمو البطيئة نسبيا  – والتي ميزت الستينات –  كان على الاقتصاد المغربي أن يشهد دفعة قوية في بداية السبعينات مدعوما بفائض مالي نتيجة الزيادة في أسعار الفوسفاط.

وقد بلغت نسبة النمو 6.7% في السنة خلال سنوات 1973-1977 نتيجة للمجهود الاستثنائي في مجال الاستثمار العمومي، الموجه خصوصا نحو التجهيزات الأساسية القاعدية والقطاع الفلاحي والقطاع الصناعي. وقد بلغت فعلا ميزانية الاستثمار العام، ما يقارب %20 من الناتج الداخلي الخام[47].

وعليه، أقدمت الدولة خلال السبعينات على استقطاب عدد مهم من اليد العاملة في إطار الخدمة المدنية، التي كان معمولا بها سابقا بتوظيف خرجين جدد من المدارس والمعاهد والجامعات كمحاولة لامتصاص و الحد من البطالة. الأمر الذي أدى إلى ارتفاع بند الأجور والمرتبات في الميزانية العامة للدولة.

وبالمقابل، لوحظ تدني مستوى الإنتاجية عند عدد كبير من الموظفين بسبب عدم اعتماد إستراتجية واضحة لتوظيف القوى العامة، وإعادة هيكلتها بما يتناسب واحتياجات التوسع الوظيفي المنتج، و بسبب انخفاض حجم الاستثمار العمومي منذ بداية عقد الثمانيات[48]

وإذا كان عدد الأعوان المغاربة في الوظيفة العمومية لا يتعدى 100.000 في سنة 1960، فإن تلك الكتلة الإدارية وصلت 218000 في سنة 1977 و 300.000 في ماي 1987.

إن ذلك الاتجاه نحو الوظيفة العمومية ازداد في سنة1986 لتصل الى  405486 ممولة من طرف الخزينة العامة للدولة حيث نجد  من بينها 38691 مرسم، حيث شكلت النسبة 7 %من السكان النشيطين في سنة 1971 و 9% في سنة 1977 حيث تزايد عددهم ما بين 1961 و 1971 بـ 7200 فرد سنويا.

يوما بعد يوم، تؤكد الإحصائيات التراكم الإداري في اتجاه الإدارة، ولعلها تظل أداة هامة لسياسة التوظيف[49]، خصوصا على مستوى النتائج التي عرفها المخطط الخماسي 1973/1977 من ازدهار بلغ معدل نمو سنوي وصل إلى6,7 %. ومن المفارقة العجيبة أن المخطط الذي يعتبر مصدر أزمة المديونية كان الأكثر طموحا في تلك الفترة، ولقد كان متوسط نمو الاستثمارات بالأسعار الجارية هو 32,2 %. والواقع أن القروض الخارجية المتعاقد حولها أسهمت بكيفية ناجحة، وبلغت تلك القروض في مجملها 11,991 مليون درهم خلال الفترة الخماسية مقابل 3656 مليون درهم، التي كانت متوقعة أصلا، ومعناه نسبة زيادة و صلت إلى 228 % [50].

إن التفاعل بين الموارد الوطنية والموارد الخارجية قد اتضح بشكل جلي، من خلال التوسع القوي للاقتصاد الوطني الذي شهدته الفترة من 1973 إلى 1977، والذي كان مصدر تدهور التوازنات المالية الداخلية و الخارجية.

وقد تم التعبير عن الفائض المالي الكبير الناتج عن ارتفاع أسعار الفوسفاط في بداية تلك المرحلة، بزيادة مهمة في الادخار الوطني الذي أتاح تحقيق توسع كبير في الاستثمارات، التي مثلث 29 % من الناتج الداخلي الإجمالي ما بين 1975 و 1977، مقابل 15% فقط في الفترة الممتدة من 1970-1973[51].

المطلب الرابع: توجهات المخطط الثلاثي (1978-1980)

كان المغرب يعيش أزمة اقتصادية في نهاية السبعينات، بلغت ذروتها في بداية الثمانينات، حين شرع المغرب في خوض مسلسل التفاوض مع المؤسسات المالية الدولية، في شأن إعادة جدولة ديونه، حيث بات غير قادر على الوفاء بأداء مستحقاته نتيجة للظروف الاقتصادية والمالية التي عانى منها في تلك الفترة [52]. خصوصا سنة  1975 بفعل تراجع أسعار الفوسفاط إلى مستويات متدنية، وارتفاع أسعار المواد النفطية –إذا علمنا بأن المغرب يستورد أكثر70% من حاجياته النفطية- أدركنا تضرره من تلك الوضعية، ودخوله مرحلة المديونية المفرطة.

والواقع أن المشكل الذي طرح لا يتعلق بالديون في حد ذاتها، وإنما بطريقة تدبيرها واستعمالها. خصوصا بالنسبة للاقتراض من السوق المالية الدولية، التي لم تكن تفرض شروطا معينة بخصوص توظيف القروض. وهكذا، لم يستطع المغرب التحكم في السياسة الاقتصادية، حيث لم يعد قادرا على استعمال القروض وتوظيفها توظيفا يخدم التنمية الاقتصادية والاجتماعية[53].

أما على الصعيد الداخلي، فإن عملية استرجاع أقاليمنا الصحراوية خلال النصف الثاني من السبعينات، أدت إلى ارتفاع ميزانية الدفاع الوطني، بالإضافة إلى سنوات الجفاف مع بداية الثمانينات، وانخفاض في الإنتاج الفلاحي، علما أن المغرب يستورد ما بين 40 إلى 50% من الاحتياجات الوطنية من الحبوب[54].

إن من أسباب زيادة تدخل الدولة في مجال التمويل، ازدياد حجم واتساع الوظائف التي تقوم بها، الشيء الذي أدى إلى تزايد أعداد العاملين بالقطاع العمومي وتزايد حجم الإنفاق العام. فكلما توسع تدخل الدولة، استلزم ذلك خلق وحدات إدارية إضافية بموظفيها وبتجهيزاتها الضرورية، كلما ارتفعت الإعتمادات التي تخصصها ميزانية الدولة[55]. وهذا ما نص عليه الفصل الرابع من القانون التنظيمي المنظم للمالية، على أن نفقات التسيير بالنسبة لكل وزارة تضمن بابا للموظفين، وبابا للأدوات والنفقات المختلفة.

نفقات التسيير(بمليون درهم)1960196419651967196819721973197719781980
نفقات الموظفين501760،8%387267%856861،6 %1710248%2029960،5 %
نفقات الأدواتوالنفقات المختلفة323739.2191933533338.418480521322839.5

وإذا ما تتبعنا تطور هذه النفقات خلال فترة 1960-1980 سنجد ما يلي: [56]

فمن خلال الجدول نلاحظ، أن نفقات الموظفين في تزايد مستمر، بحيث انتقلت من 5017 مليون درهم خلال الفترة 1960-1964 إلى 20.299 مليون درهم خلال فترة 1978-.1980 أما على الصعيد السنوي فقد انتقلت من 787 مليون درهم سنة 1960 إلى حوالي 7.700 مليون درهم سنة 1980. أي أنها تضاعفت عشر مرات خلال إحدى و عشرين سنة.

وقد شكلت نفقات الموظفين خلال كل المخططات، باستثناء فترة مخطط 1973-1977 نسبة تفوق 60% من مجموع ميزانية التسيير. وحتى بالنسبة لمخطط 1973-1977 الذي لم تسجل فيه إلا نسبة 48%، فهي مع ذلك تضاعفت بنسبة 100% بالنسبة للمخطط الذي سبقه.

وتجدر الإشارة، إلى أن ذلك النوع من النفقات يتميز بعدم المرونة وعدم قابليته للإنخفاض. ذلك أنه رغم الزيادة النسبية في عدد مناصب الموظفين، لازالت العديد من الوزارات تطالب بخلق مناصب جديدة. أضف إلى ذلك مطالب الموظفين بالزيادة في المرتبات، ثم إن سياسة خلق مناصب عمومية تلعب دورا كبيرا في إطار سياسة التشغيل ككل[57].

إن الوضعية المزرية التي مر منها المغرب، دفعت الإدارة إلى التخفيف من برامجها في التوظيف، حيث أحدثت ما بين 1978-1980 أكثر من 28500 وظيفة، مقارنة مع 47800 وظيفة محدثة خلال مرحلة 1975-1978 هدفها تلبية حاجيات التعليم و الدفاع الوطني[58].

وعليه، بلغ عدد الموظفين والأعوان العاملين في الإدارة، بمفهومها الواسع (بما فيها قوات الأمن والمساعدة والدرك والجيش) قرابة 420.000 موظفا سنة 1980 مقابل 273000 سنة 1971، أي بنسبة نمو متوسط سنوي تناهز 5 %. ويعزى هذا الارتفاع في وثيرة التوظيف إلى نمو القطاعات الاجتماعية والأمن[59].

أما عدد الموظفين والأعوان في الجماعات المحلية فقد بلغ 43000 سنة 1979. أما العاملين في المصالح الخارجية للوزارات، فقد بلغ 26400 موظفا وعونا من فئة “أطر مشتركة”و 4880 مساعدا تقنيا و مهندسا.

ومن الجدير بالإشارة، أن 45% من مهندسي التأطير التقني للمصالح الخارجية تعمل في المصالح المركزية بالرباط. في حين 87% من المساعدين التقنيين تعمل في المصالح الخارجية. ونشير أيضا إلى أن من ضمن الأعداد المحصاة للموظفين يوجد 10337 مجندا في إطار الخدمة المدنية (دفعة 1977-1978) وكذا 8496 متعاونا أجنبيا[60].

ويوضح تحليل مستوى التكوين لدى الموظفين، أن الوظائف الإدارية هيمنت عليها المستويات المتوسطة، فضمن الفئة المسماة الأطر المشتركة “والأطر التقنية” المحصاة سنة 1979 تمثل مجموعة التقنيين وأعوان الإشراف 13%، والأعوان المؤهلين 27%، والموظفين غير المؤهلين 52%، بينما الأطر العليا والمهندسون لا تمثل سوى 8%. ومن الجدير بالإشارة أن الموظفين غير الرسميين يشكلون 13% من المجموع الكلي للموظفين وأعوان الإدارة العمومية[61].

وأخيرا تجدر الإشارة إلى أن عدد الوظائف المحدثة في الإدارة العمومية، والتي تدخل في إطار الاستجابة للاحتياجات المرتبطة خصوصا بالتعليم والصحة العمومية والعدل والدفاع الوطني تتوزع خلال المخطط الثلاثي على الشكل التالي:

1978: 40000 وظيفة جديدة.

1979: 044 37 وظيفة جديدة.

1980: 981 47 وظيفة جديدة.

إن تحليل نشاط الوظيفة العمومية، وبالأخص سياسة التوظيف ترتبط بالميزانية العامة التي تمدنا بمؤشرات حول التطور النظري للموظفين بالدولة. وبالتالي فإن الإدارة تلعب دورا مهما في سياسة التوظيف.

تطور اعداد الموظفين في الادارة المغربية:

السنةالعدد الإجمالي لموظفي الدولة
195628.340
196086.062
1967197.759
1968217.787
1969225.552
1970232.087
1971240.670
1972247.264
1973245.493
1974268.882
1975292.274
1976336.384
1977376.369
1978421.251
الوزارة و الإداراتالموظفون الذين تم إحصاؤهم في شهر يوليوز 1979المجموع
غير الرسميونالرسميون والمتمرنون(الإناث)الرسميون و المتمرنون(ذكور+إناث)
الأمانة العامة للحكومة9883457555
العدل2085654915911244
الدفاع الوطني253180566819
المندوبية السامية لقدماء المحاربين84103256340
وزارة الشؤون الجارجية والتعاون1201925431663
البريد والمواصلات14771463927110748
وزارة الثقافة654995751229
وزارة التجهيز والنقل الوطني6529283415210681
وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية3022137167
الوزارة المكلفة بالعلاقة مع البرلمان462630
الفلاحة والإصلاح الزراعي29349131110814032
المالية10771439996311040
الداخلية130294961977499
وزارة التربية الوطنية وتكوين الأطر18601992698972100832
الشغال التكوين المهني57179694751
النقل131011715552865
الشبيبة و الرياضة118279021083290
وزارة الشؤون الاجتماعية والصناعة التقليدية37901319994789
وزارة الإسكان وإعداد التراب الوطني1857364522309
وزارة الشؤون الإدارية4552174219
الصحة العمومية572870341773823466
الطاقة والمعادن219145598817
التجارة والصناعة122156485617
السياحة15738220377
الإعلام40319314491852
التخطيط والتنمية الجهوية36297596958
المجموع3022935310179450209679
التعاون الفرنسي5967
التعاون اللافرنسي2529
الخدمة المدنية 1977 و19781337
المجموع العام228512

إحصاء الموظفين بالإدارات العمومية للدولة بتاريخ فاتح توليوز1979[62]

خاتمة عامة

لقد تأثرث الوظيفة العمومية بالبعد التاريخي، وبالمرجعية الإسلامية وبالحقبة الاستعمارية. ويتجلى ذلك في فترة ما قبل الحماية، حيث هيمنة العلاقات الشخصية على الوظائف نظرا لقوة السلطان، لكن تلك العلاقات الشخصية رغم أهميتها لم تكن كافية لتحقيق الاستقرار داخل البلاد.

أما في عهد الحماية، فقد كان هناك تحول للمعطيات التقليدية، حيث ظهرت إدارة مزدوجة (إدارة المخزن/المديريات الشريفية)، إذ حاولت السلطة الفرنسية تحديثها عبر تقنين العلاقات الوظيفية، ذلك بإصدار نصوص قانونية وتطبيق معايير موضوعية خاصة في مجال التوظيف في تلك الحقبة، مما جعل السلطة الفرنسية تعمل على تحديث الإدارة خدمة لمصالحها. فأقدمت بذلك  على إلغاء العديد من الوزارات الأصلية وخلق بدائل لها، مما أتاح للموظفين الأجانب تقلد وظائف سامية وتقنية، لان الشروط الموضوعية لنيل تلك المناصب كانت لاتتوفر في العناصر الوطنية.

إلى جانب ذلك، فان التعويضات الممنوحة للموظفين والأعوان التابعين لمختلف الإدارات العمومية، ساهمت في جلب الموظفين الأجانب إلى المغرب. إذ عمدت السلطة الفرنسية على إحداث حوافز الغاية منها إغراء الأطر الفرنسية  قصد تدعيم التواجد الفرنسي.

إن ذلك التعدد –وجود موظفين أجانب و موظفين مغاربة- تجلى من خلال ثلاث مستويات:

-المستوى الأول: ظهور ثلاث أنظمة للوظيفة العمومية بالمغرب:

– وظيفة عمومية تقليدية: يتعلق بأعوان المخزن والتي بقيت خاضعة رغم الإصلاح للأعراف؛

– وظيفة عمومية فرنسية: تشكل امتدادا للنظام المعمول به بالبلد المستعمر، ويخضع لها أساسا الموظفون السياسيون المكلفون بالحكم و المراقبة، والقضاة الملحقون بالمغرب؛

– وظيفة عمومية شريفية: وهي مجموع النصوص المتعلقة بالتوظيف بأسلاك الإدارات المغربية المحدثة.

– المستوى الثاني: إن ذلك التعدد قد شمل التشريعات الصادرة والمحدثة للأنظمة الأساسية للموظفين. فالفترة الممتدة ما بين 1913و 1920 قد عرفت إصدار عدة نصوص ذات صبغة عامة وغير مشخصة، تحدد الشروط العامة للتوظيف والترقية و الأجر…والمطبقة على كافة الموظفين المنتمين للإدارة المغربية.

– المستوى الثالث: تواجد أجانب من جنسيات مختلفة عملت الحماية على منحهم تعويضات متميزة. فإلى جانب الموظفين الفرنسيين المنتمين للأطر الفرنسية والملحقين بالمغرب، هناك موظفون فرنسيون معينون في أسلاك الإدارة المغربية، والخاضعون للنصوص المغربية، والمتقاضون أجورهم من ميزانية الدولة الشريفية .


[1] – انبعاث أمة، الجزء الثالث، المطبعة الملكية الرباط،1957  – 1958،  ص: 198 – 202.

[2] – انبعاث أمة، الجزء الرابع، المطبعة الملكية الرباط 1958– 1959، ص: 33 – 35.

[3] – إنبعاث أمة، الجزء 38، المطبعة الملكية الرباط 1993، ص: 448.

[4] – إنبعاث أمة، الجزء 40، المطبعة الملكية الرباط ، 1995، ص: 66 – 68.

[5] – وإذا كان النص الدستوري يدرج ضرورة تقديم الحكومة عند تعيينها لبرنامجها أمام البرلمان، فإن الممارسة العملية أثبت عكس ذلك، حيث إن من أصل 27 حكومة عرفها المغرب، لم تتقدم سوى 14 حكومة بتصريح حول برنامجها أمام البرلمان. ويعزى ذلك الى غياب البرلمان لفترات طويلة، وعدم استرسال التجارب البرلمانية في المغرب، وتبعا لذلك، فإن المرحلة الأولى (دجنبر 1955 – 1962) لم تعرف تقديم أي برنامج حكومي، بينما شهدت المرحلة الثانية (1963 – 1974) تقديم ثلاث برامج حكومية: فالبرنامج الحكومي الأول قدمه أحمد باحنيني في 1964، والثاني قدمه أحمد العراقي 1970،  والثالث محمد كريم العمراني في 1971، بينما ظلت خمس حكومات دون تقديم برامجها. أما خلال المرحلة الثالثة (1975 – 1992) فقد تم تقديم خمس برامج حكومية، ثلاث خلال التجربة البرلمانية الثالثة (1977 – 1983) قدم الأول من طرف أحمد عصمان في 10 نونبر 1977، والثاني من طرف بوعبيد في ماي 1979، والثالث من طرف نفس الوزير الأول في 23 نونبر 1981. وبرنامجان خلال التجربة البرلمانية الرابعة (1984 – 1992 )، قدم الأول من طرف وزير الدولة امحمد باحنيني نيابة عن الوزير الأول بتاريخ 1985، وقدم عزالدين العراقي برنامج حكومته في 1986. وشهدت المرحلة الرابعة،  تقديم ست برامج حكومية إلى غاية 2007 وتميزت هذه البرامج بمنحها الثقة من طرف مجلس النواب.

[6] – عبد القادرالبوفي: تكنولوجيا المعلوميات وتأثيرها على العنصر البشري – الإدارة العمومية المغربية نمودجا-، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2002 – 2003، ص: 167.

[7] – أحمد مخشاني: الإصلاح الإداري بالمغرب على ضوء ميثاق حسن التدبير، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس السويسي الرباط، السنة الجامعية 2000 – 2001، ص: 55.

[8] – ناصر بنحميدوش: الإصلاح الإداري في الخطب والرسائل الملكية يوليوز 1999 – دجنبر 2006 مقاربة تحليلية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 2006 – 2007، ص: 88.

[9] – Conseil National de la jeunesse et de l’avenir: « l’Administration de demain et les attentes des jeunes ». Septième session, Rabat, 21-22 mai 1998, page 36.

[10] – – عبد الله ركانة، موحى وخويا، أحمد بناني: نظام التوظيف بالمغرب، أسسه النظرية، مؤثراته، شروطه، أساليبه، بحث لنيل دبلوم السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الدراسية 1988-1989، ص: 46.

[11] – قانون رقم 05-50 يغيير ويتتمم بموجبه ظهير رقم 1.58.008 صادر في 4 شعبان 1377/ (24 فبراير 1958) بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية عدد 5944، بتاريخ 15 جمادى الاخرة 1432 (19 ماي 2011).

[12] – محمد بلمحجوب: إشكالية التغيير في الوظيفة العمومية بالمغرب، المجلة  المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة 1996، ص: 140.

[13]– رضوان بوجمعة: الوظيفة العمومية على درب التحديث، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى،2003، ص: 53.

[14]– محمد علاوي، عبد الرحيم البخاري: الوظيفة العمومية بين نظام المهنة الدائمة ونظام التشغيل، بحث لنيل دبلوم السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الدراسية 1988-1989، ص: 20.

[15]– الحاج شكرة: التوظيف في النظم الإدارية الحديثة و في الفكر الإداري الإسلامي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 1999-2000، ص: 48.

[16] – بوعلام السنوسي: قانون الوظيفة العمومية التابعة للدولة –الجماعات المحلية- البرلمان- والوظيفة العمومية المؤقتة، مطبعة دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 2008، ص: 35.

[17]-عبد العزيز الرماني: الإصلاح الإداري بالمغرب، أربعون سنة من الوعود والمشاريع، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 38-39 ماي، غشت 2001، من ص 69 إلى ص 87.

[18]– محمد الكشبور: المركز القانوني للموظف في القانون الجنائي والخاص، المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية، عدد 21، 1989، ص: 54.

[19]-عبد الإله فونتير: الوضعية النظامية للأساتذة الباحثين بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال، السنة الجامعية 1992 ، ص: 13.

[20] – Omar Mouddani: l’évolution du processus d’adaptation de la fonction publique marocaine aux fins de développement, édition de la faculté de Rabat, 1984, page 15 .

[21] – بوعلام السنوسي وآخرون، مرجع سابق، ص: 73.

[22] – المملكة المغربية، الديوان الملكي، المندوبية العامة للإنعاش الوطني والتخطيط، التخطيط الثلاثي 1965-1967، ص 194-519.

[23] – و في هذا الصدد تم إصدار ظهير شريف رقم 072-59-1 الصادر بتاريخ 15 محرم 1375 (21 يوليوز 1959) المتعلق بتحديد اختصاصات وزارة التربية الوطنية، الذي نص على أن معادلة الشهادات هي من اختصاص السلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية طبقا لمقتضيات الظهير أعلاه الذي ينص على أن شروط ومسطرة منح هذه المعادلة سيتم تحديدها بناء على مرسوم، و بالفعل فقد صدر هذا المرسوم تحت رقم 0364-59 – 2 بتاريخ 22 غشت 1959 المحدد لشروط  ومسطرة منح هذه المعادلة في فصله الثاني: ” توجه طلبات المعادلة إلى وزارة التربية الوطنية، مكتب التشريعات العامة، وتتخذ المعادلة بموجب قرار يصدره وزير التربية الوطنية، وينشر في الجريدة الرسمية، وتتولى لجنة مختصة دراسة مستوى الشهادة…”

[24]– محمد سيبويه، حسن مناش، عبد الإله التبال: أساليب التوظيف والتنمية الإدارية، بحث لنيل دبلوم السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الدراسية 1986-1987، ص 14. وللمزيد من الاهتمام يرجى العودة إلى:

– نعيمة الجوهري، جميلة شينان: سياسة التوظيف والإصلاح الإداري – دراسة مقارنة-، بحث لنيل دبلوم السلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة، السنة الجامعية 1986-1987.، ص: 44.

[25] – و مما جاء في المنشور المشار إليه أعلاه، الموقع من طرف السيد امحمد بوستة وزير الوظيفة العمومية و الإصلاح الإداري: “لا يخفى عليكم أن الإصلاح الإداري يعتبر ضرورة حيوية لإدارتنا، و أن يكون أيضا إحدى المهام الأساسية للحكومة والحالة هذه، فإن هذا الإصلاح سيكون جزئيا، إذا لم يتم إصلاح الأطر الموجود قيد التنفيذ، ينظم مختلف هذه النصوص المتعلقة بالمكافآت و التعويضات…” المنشور الوزاري بتاريخ 10/9/1960 حول إصلاح تسيير أطر الإدارة، رقم35.

[26] – ومما جاء في المنشور: ” أن التأخير الحاصل في احترام أجل هذا المنشور (11 غشت 1960) سيضر بتنفيذ الإصلاح المقرر من طرف الحكومة، والذي يشكل كما تعلمون إحدى مهامها، وانه فيما يخص وزارة الوظيفة العمومية والإصلاح الإداري، فقد اتخذت كافة التدابير الضرورية الخاصة بها، لتضمن دخول هذا الإصلاح حيز التنفيذ ابتداء من فاتح يناير 1961، ويشكل إلغاء كافة النماذج الاستثنائية للتوظيف بتاريخ 31 دجنبر 1960 أحد هذه التدابير…”

[27] – عبد العزيز الرماني: الإصلاح الإداري بالمغرب، أربعون سنة من الوعود والمشاريع، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 38-39، ماي- غشت 2001، ص: 73.

[28] – مرسوم رقم 345-62-2 بشأن النظام الأساسي الخاص بأسلاك الإدارة المركزية والموظفين المشتركين بالإدارات العمومية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2648 يتاريخ 4 ربيع الأول 1383 (26 يوليوز 1963)، ص: 1781.

[29] – عبد الكريم الحسناوي: تأثير التكوين المستمر على الأداء الفعلي للموظف العمومي – وزاراة الاقتصاد والمالية نموذجا – ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، جامعة الحسن الأول بسطات، السنة الجامعية 2008 – 2009 ،ص: 1.

[30]– محمد قهوي: عوائق الإصلاح السياسي الإداري في اقتصاد الوظيفة العمومية المغربية، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية عدد18 – يناير – مارس 1997، ص 29. للمزيد من الإطلاع يرجى العودة إلى:

Omar Mouddani: l’évolution …. Page 70 /71:

شروط قبول التوظيفالاطار و الدرجة و السلم
ايجاد القراءة و الكتابة و الحساب+مباراة-عون خدمة
نهاية السنة الثامنة اساسي+مباراة+4 سنوات من الخدمةعون تنفيد
– نهاية السنة الثالثة اعدادي + امتحان– او موظف + 4 سنوات من الخدمةكاتب
– كاتب السلم 5+الرتبة 4 امتحان الكفاءة المهنية- كاتب +الرتبة 8 + الاختباركاتب ممتاز
– بكالوريا او معادلة في القانون او شهادة + مباراة- موظف سلم6+ الرتبة 4 + مباراة– محرر
شهادة السلك العادي من المدرسة الوطنية للادارة-الاجازة او ما يعادلها بمباراةمتصرف مساعد
– دبلوم الدراسات العليا او ما يعادلها +(موظف سلم 10 + 4 سنوات من الخدمة + 24 من التكوين)-او بالاختيار متصرف ممتاز سلم 10+10سنوات من الخدمةمتصرف
– متصرف سلم 11الرتبة 7 + 5 سنوات من الخدمةمتصرف ممتاز.

[31] – عبد العزيز الرماني: للحقيقة، مرجع سابق ، ص: 13.

[32] – المرجع أعلاه، نفس الصفحة.

[33] – برنامج حكومة السيد امحمد باحنيني أمام البرلمان بتاريخ 11 يناير 1964.

[34] – عبد العزيز الرماني: للحقيقة، مرجع سابق ، ص: 31.

[35] – المملكة المغربية: الديوان الملكي، المندوبية العامة للإنعاش الوطني والتخطيط، التخطيط الثلاثي (1965-1967).

[36] – نفس المرجع أعلاه.

[37] – محمد يحيا: الدمقراطية و سؤال التنمية الإدارية؟ المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 65 نونبر –دجنبر 2005، ص: 22.

[38] – خطاب جلالة الملك الحسن الثاني في مشكلات التخلف والنمو التي تعترض بلادنا، الثلاثاء 17 ذي الحجة 1384/20 أبريل 1965.

[39]– مرسوم رقم 25 نونبر 2011  بتحديد شروط وكيفيات تنظيم مباريات في المناصب العمومية، ج.ر.ع.6007 بتاريخ  (27 دجنبر 2011)

[40] – على الصعيد الأوروبي تظل المباراة في أغلب الدول، السبيل العادي للتعيين بالوظيفة العمومية، غير أن بعض الدول كإيطاليا تستوحي من النظام الفرنسي في مجال المباراة، في حين تأثرت دول أخرى كبلجيكا وايرلندا بالنظام الإنجليزي.

ويتم الولوج إلى الوظيفة العمومية في المملكة المتحدة مبدئيا مباشرة بعد نهاية الدراسة، ويتم انتقاء سامي الموظفين عن طريق مباراة تنظم من طرف لجنة الخدمة المدنية التي أصبحت تسمى سنة 1991 مكتب الخدمة المدنية، الذي منح شهادات الأهلية الضرورية للتعيين من طرف السلطة الإدارية للمرشح المنتقى.

وبالنسبة للأعوان الآخرين ينظم التوظيف المباشر من طرف الوزارات أو من طرف وكالة التوظيف تحت مراقبة اللجنة، غير أنه ينبغي الإشارة بهذا الخصوص إلى أن التوظيف بالمملكة المتحدة وتقييم الموظفين قد تمت خوصصتها ابتداء من أكتوبر 1997. ويتعلق الأمر بهيئة خصوصية تسمى كابطا(CAPITA) تخص بمجال التوظيف.وقد كان هذا النظام الإنجليزي قد أوحي لبعض الدول الأوروبية كإيرلندا وبلجيكا.

اما النظام البلجيكي فقد استلهم جزئيا فقط من التجربة الإنجليزية، فالكتابة الدائمة للتوظيف هي المسؤولة عن جميع المباريات للتوظيف بإطارات الدولة. ومما ينبغي التذكير به أن التوظيف ببلجيكا يتم عن طريق المباراة أما التعيينات فتجرى حسب الترتيب الذي أفرزته المباراة.

وفيما يخص فرنسا، يضع قانون 13 يوليوز 1983 بمتابة حقوق وواجبات الموظفين، كمبدأ أساسي “أن الموظفين يوظفون عن طريق المباراة عدا إذا نص القانون على خلاف ذلك”. الفصل 16

.أما قانون 11 يناير 1984 المتعلق بالمقتضيات النظامية الخاصة بالوظيفة العمومية للدولة، والتي يتمم القانون السابق فيبدو أنه حاسم بهذا الخصوص سواء من خلال الفصل 19 أو الفصل 4 منه.

[41] – عبد العزيز الرماني: الحقيقة والتاريخ، مرجع سابق، ص: 51.

[42] – مرسوم ملكي رقم 68-62 بتاريخ 19 صفر 1388 (17 مايو 1968) يحدد المقتضيات المطبقة على الموظفين المتمرنين بالإدارة العمومية، ج. ر.ع 2899، بتاريخ 24 صفر 1388 (22 مايو 1968) ص 1051-1052، الذي نص في فصله الأول “يخول صفة موظف متمرن كل شخص وقع تعيينه في وظيفة دائمة، ولم يعلن عن ترسيمه في إحدى الدرجات التسلسلية لأسلاك إدارة الدولة”.

[43] – عبد العزيز الرماني: للحقيقة، مرجع سابق، ص: 57.

[44] – وزارة الشؤون الاقتصادية والتخطيط وتكوين الإطارات، التخطيط الخماسي 1968-1972، الجزء الأول، ص: 110.

[45] – المخطط الخماسي 1968-1972، ص: 108-109.

[46] – أحمد جلولي: دور المقاولات الصغرى والمتوسطة في الحد من معضلة التشغيل بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، السنة الجامعية 2004-2005 ، ص: 28.

[47] – المجاس الوطني للشباب والمستقبل: أية تربية، أي تكوين، أي تشغيل لمغرب الغد؟ نحو ترابط أفضل بين النظام التربوي والنظام الإنتاجي، ص: 28.

[48] – مدني احميدوش: واقع الرواتب والأجور في قطاع الوظيفة العمومية من خلال الميزانية العامة للدولة، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، ماي –يونيو ،عدد 80، سنة 2008، ص: 179.

[49] – كريمة معمري: إشكالية الحركية في قانون الوظيفة العمومية، بحث سلك العادي، المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، السنة الدراسية 1993-1994، ص: 9.

[50] – حسن الصبار: محاولة فهم أزمة مديونية العالم الثالث –حالة المغرب- الحوليات المغربية للاقتصاد، السنة الأولى –خريف 1992 – ص: 10.

[51] – المجلس الوطني للشباب والمستقبل: أي “تربية”، مرجع سابق، ص: 35.

[52] – محمد بلعوشي: سياسة الخوصصة بين برنامج التقويم الهيكلي والانعكاسات المالية على ميزانية الدولة، دراسات حول الخوصصة، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى 2000، ص: 32.

[53] – عبد القادر برادة: المسكوت عنه في المالية العامة، المجلة المغربية للتدقيق والتنمية، عدد 9، سنة 2003، ص: 10.

[54] – محمد البلعوشي، مرجع سابق، ص: 33.

[55] – مدني احميدوش، مرجع سابق، ص: 197.

[56] – إدريسي جناتي الغالي: سياسة الميزانية بالمغرب (1960-1980) ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، السنة الجامعية 1982-1983، ص: 53.

[57] – مرجع ، أعلاه، ص: 53.

[58] – كتابة الدولة في التخطيط والتنمية الجهوية: مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية 1978-1980، الجزء الأول،  ص: 149.

[59] – وزارة التخطيط و التنمية الجهوية: مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية 1981-1985،الجزء الأول ، ص: 257.

[60] – وزارة التخطيط و التنمية الجهوية: مخطط التنمية الاقتصادية و الاجتماعية 1981-1985،الجزء الأول، ص: 257.

[61] – المرجع أعلاه، ص: 257.

[62] – Omar MOUDDANI:  « l’évolution.. » op.cit.p. 173-174-175

الأكثر رواجًا